هيئة سوق المال ليست عصا سحرية
هيئة سوق المال ليست عصا سحرية
علي المزيد
يضع معظم المتعاملين آمالا عريضة على إشهار هيئة سوق المال السعودية وتختلف آمال هؤلاء فيما بين المحترفين وغيرهم، إذ أن غير المحترفين يتوقعون أن هيئة سوق المال ستمنع هبوط السوق وستحافظ على استقراره، وهذا خطأ جسيم يرتكبه هؤلاء إذ أن هيئة سوق المال هيئة منظمة ومشرفة على تطبيق القوانين في السوق، وليس من عملها التدخل في عملياته اليومية، وحتى لا يتفاجأ هؤلاء نقول لهم إن سوق الأسهم ستهبط وستصعد حتى مع نشوء الهيئة إذ أن عمليات السوق يسيرها المتعاملون وفق قناعتهم، ووفق العوامل والظروف المحيطة بالسوق التي تكون لها قوة الدفع في الهبوط والصعود. ولكن إشهار الهيئة بكل تأكيد سيوحد جهة الإشراف على السوق بدلا من إشراف اللجنة الوزارية السابقة المكونة من ثلاث جهات هي وزارة المالية السعودية، وزارة التجارة والصناعة، ومؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، وهذا يعني مرونة في اتخاذ القرارات وإدراج الشركات على لائحة السوق إلى غير ذلك. ويرى المحترفون أن نظام هيئة سوق المال السعودية اتسم بالمرونة الكافية إذ رسم خطوطا عريضة تنظم عمل الوسطاء، ووضع الورقة المالية، وترك النظام للهيئة حرية الحركة في العمل وفق مقتضيات السوق بآلية لا تحتاج الرجوع للمشرعين أثناء تأدية العمل اليومي، أو تقسيم القيم الاسمية للأسهم، مما يعد تفويضا إيجابيا للهيئة يتيح لها التعامل حسب الحالة السائدة، ووفق النظام ولائحته التنفيذية، وتحديثها وفق ما يستجد. ولعلنا نقترح في هذا السياق أن تنشأ في الهيئة إدارة تسمى إدارة تنفيذ الأنظمة تكون مهمتها معالجة الحالات التي قد تطرأ ولا تتوفر نصوص نظامية تعالجها، وبعد علاج الحالة سواء بالرفض أو القبول تعمم كقاعدة على الحالات اللاحقة بدلا من دراستها كحالات مستقلة، حيث قد تكون الدراسة من مستشار آخر مما قد ينتج عنه رأي مغاير للرأي الأول ويخلق ازدواجية، الهيئة في غنى عنها. ولعل من أهم مميزات نشوء الهيئة أنها ستوفر تمويلا ملائما للشركات والأفراد، فمثلا لنفترض أن شركة «سابك» بحاجة لاقتراض مبلغ «ما» ولنقل مليار ريال أو أكثر فان الشركة ستصدر سندات اقتراض ووفق نسبة فائدة أقل من البنوك، فإذا كانت البنوك تأخذ 5 في المائة مثلا في حالة الإقراض فان السندات ستصدر بفائدة تبلغ 4 في المائة وهذا مناسب للشركات وللأفراد أيضا، فإذا كانت البنوك تعطي الأفراد 3 في المائة على الوديعة فأنهم سيحصلون على 4 في المائة من السند المصدر. يضاف إلى ذلك أن لا حدود للتمويل فإذا كانت البنوك لا تقرض عميلا واحدا أكثر من 25 في المائة من رأس مالها وهو ما يحد من عملية الإقراض الداخلي واللجوء أحيانا لمقرض خارجي، فان سوق المال ستوفر قروضا عبر السندات لا حدود لها، وهي بهذا ستخلق فرص استثمار أكثر آمنا للراغبين بها.
الشرق الاوسط 30/6/2004
|