مشروع بترورابغ.. وصندوق العجائب!

[كنزي]

مشروع بترورابغ.. وصندوق العجائب!
نجيب الزامل - 04/01/1429هـ
Najeeb@sahara.com

.. في الطريق إلى رابغ من جدة في السيارة، كنا – الدكتور مقبل الذكير، والأستاذ فضل البوعينين، وأنا- نتجاذب الحديث، وتكلمنا عّما يمكن أن نراه في رابغ، ومدى تأثير معمل التكرير الأكبر من نوعه في العالم في المنطقة.. ولكن الذي أدركناه بعد أن رأيناه كان أكبر.. وسأعود إلى ذلك بعد أن أحدثكم عن موضوع الساعة فيما يخص الاستثمار في هذه الشركة الواعدة.

هي شركتكم، لأنها شركة مطروح جزء منها للملكية العامة، ملكيتكم كلكم، وفيها ستضعون أموالكم، ومع الأموال الأماني. شركة غير ما تسمعون من الشركات والمشاريع العملاقة التي يكتفي المرءُ بقراءة ما كُتب عنها ثم، إن أراد، دعي من أجلها ومضى لشأنه.. لا، هذه الشركة نرجو أن تسهم في تغيير ثقافة الملكية من ناحيتين، ناحية أن كلا منكم له الفرصة ليشارك بمشروع حي، مشروعٌ تقيمه شركتان من مرَدة شركات الدنيا، "أرامكو" و"سوميتومو"، وهما لا يقيمان المشروع ويشرفان على إنجازه قبل نهاية الربع الثالث من هذا العام فحسب، بل يملكانه، ووضع كلا الشريكين خام خبراتهما في المشروع تقنية واستثمارا، فالأمر إذن صار استراتيجيا جدا ليس للشركتين فقط ، بل للدولتين المهمتين في الطاقة والتقنية السعودية واليابان، فالمشروعُ يضع اليابان ممثلة بسوميتومو كأكبر مستثمر أجنبي في البلاد.. وأنت ستملك جزءا من هذا المشروع الاستراتيجي، الذي يحمل وعد النجاح بوضوح قمر منتصف الشهر.
لذا.. مشروعٌ مثل هذا يجب أن يغير نمط ومزاج ونفسية المساهم في سوق المال، فهذه شركة لا للمضاربة، ولا للمقامرة، ولا للصفقات السريعة، لا.. هذه شركة، مع أني لا أضع نفسي خبيرا استثماريا أو ماليا، ولكني بحسي المنطقي، وبقناعتي الوجدانية، وبالدلائل الواقعية، أنصح بقوة أن يكون السهم الذي تشتريه بها ليس سهما لمجرد أن تبيعه، بل أن تتملك بالفعل جزءا من الشركة، وتتمتع بهذه الصفة، ويعني أن يكون سهما ادخاريا، استثمارا لأجل طويل، لصيانة مستقبلك إن كنت ما زلت في طليعة العمر، ولمستقبل عائلتك متى كنت من أصحاب الأُسر.. وأتمنى، كما يقول المثل المصري، أن تضع هذا حلـَقا في أذنك.. من أجلك.
في الطريق كنا نطالع منطقة رابغ، وقراها الصغيرة المتباعدة بحياءٍ على الطريق السريع، ولكن عندما وصلنا إلى موقع مشروع بترورابغ رأينا التاريخَ تحت الصنع.. أمامنا.
هناك ترى التاريخَ التنموي يختصر نفسَهُ أمام ناظرَيْك.. المكان الذي يقوم به المشروعُ المارد كان إلى وقتٍ قصير مجرد عشرين كيلومترا مربعا من أرض سبخة وماء الساحل والسماء، ومعمل تكرير قديم، فإذا الأرضُ تنشق عن غابة من الرافعات الأكبر في الدنيا وصهاريج تسد الأفق، وأنابيب تتلوى في غياهب أحشاء أنابيب أكبر وأعرض.. لتُخرج في النهاية "الإثيلين" و"البروبلين" وهما سيولدان مشتقات، والمشتقات ستزود المواد الأولى لعشرات الصناعات.. السبخةُ الغافية بجوار شاطئ البحر الأحمر من عصور لا نعيها، يجري فوق أرضها، وأنت تقرأ الآن، أربعون ألف بشري.. تجربة كبرى سأشعر بخسارة كبيرة لو لم نسجلها ونوثقها من جوانبها الأنثروبولوجية والديموغرافية والبيئية لأنها قيمٌ مضافة للتجربة الإنسانية، وقد لا تتكرر بذات الظرف والطبيعة والمكان.. إن المشروع أكبر بكثير من كونه مجرد مشروع صناعي ماموثي، إن له تبعات حضرية وإنسانية بمثل المقدار وربما أشد. وهنا أود من الأستاذ إياد عجاج رجل العلاقات المثقف أن يستعد لبرنامج يتواصل به مع الجامعات والباحثين والموثقين والمهتمين بأثر المشاريع في المحيط البشري، لتوضع هذه التجربة الكبرى في خانتها المناسبة في التراكم المعرفي الإنساني، ولنتحرر من حبس عقلية التخطيط في مجرد المشاريع المباشرة إلى دراسات أعمق تتعلق بآثار هذه المشاريع إنسانيا وبيئيا.. ولقد أكد الدكتور عبدالعزيز الداغستاني موضوع البيئة والإنسان في المحاضرة التقنية التي ألقاها المهندس المتفوق قيس عبدالباقي، أحد مديري المشروع الذين انتدبتهم "أرامكو"، وهو يقف على مشروع من مشاريع الدنيا الصناعية بثقة الخبراء الكبار، أكثر من المعلومات الهندسية والتقنية المذهلة في المحاضرة، وهذا لأن الدكتور الداغستاني مهتم بروح الإنسان والبيئة. وأعتقد أن الإدارة العليا سجلت الموضوع باهتمام، مع حرصهم على التأكيد لنا أنهم في كل خطوة ماضية وحاضرة وقادمة ستكون صديقة للبيئة، وهذا ما نرجوه.
كان الأخ سعد فهد الدوسري رئيس الشركة وكبير إدارييها الدوسري الذي لا تفرقه من عشرات الموظفين في بهو الطعام بقميصه وبنطاله البسيطين، ووجدتها فرصة لأعلن أن هذا الرجل ينقل ثقافة وعقلية جديدتين للمنطقة، وهي ثقافة وعقلية الإدارة العملية في "أرامكو"، غير النمط الإداري الاحتفائي والاحتفالي والفخم الحضور، الأمر النمطي في الإدارات العليا المعتاد. فالدوسري وزملاؤه، هم نتاجٌ غير مرئي في المشروع لأنهم سيسهمون في نقل المفهوم الإداري في المنطقة إلى أفق آخر في الإدارة، والتحرر من سطوة الرئاسة الإدارية، إلى رحابة وبساطة عبقرية القيادة الإدارية..فالمديرُ الرئيس يقف فوق رأس المنشأة والناس، إنما المدير القائد يقف وسطهم، بينما هو على رأس المنشأة.. وأقترح، أيضا، أن يؤخذ طلاب الإدارة والمشاريع في الجامعات لموقع المشروع كدرس تطبيقي من أروع الدروس..

لا بد من مواصلة أخرى في هذا الشوط الطويل، في أثر "بترورابغ" في المنطقة وسكانها، وفي النمط الجديد الذي سينشأ في الصناعات الملحقة، وفي المجتمع الإنساني الجديد، وفي التغيير الذي سيلحق بإدارة شركات المقاولات في المنطقة، وفي دخول العقلية اليابانية الإدارية والاستثمارية..

مشروع بترورابغ ليس مجرد مشروع عملاق، ولكنه صندوقٌ أسطوريٌ مليء بالأدراج، وبكل درجٍ المبهرُ من الخفايا.
.. وحتى الآن لم نفتح إلا جزءا من الدرج الأول.

[إستاذ محمد]

موضوع جميل.. بارك الله في الكاتب والناقل .. فلحق يقال .. هذا مشروع للأجيال...

[wayway]

كل التاريخ الذي تتكلم عنه كمستقبل قادم قد يخبو إذا نبظ النفط وغار !


لا شيء أكيد في سوق الأسهم

[طاrq ماsn]

اثنين ابنوك لتغيطة اكتتابها يزوزون فيها الله لايهينهم

لاتطبلون واجد

[المكلوم]

شكراً على هذا النقل الجميل

ونجيب الزامل كاتب وطني من الدرجة الأولى ومثقف حتى النخاع

أرشحه كأفضل كاتب سعودي

[سعودي مبدع]

مشكور على الموضوع الجميل والممتع
وبارك الله فيك

[مصدر مهم]

مقال رائع جدا لهدف نبيل وسامي شكرا شكر ا شكرا من الاعماق وجزاك الله خيرا

[ضميان حبك"]

مقال رائع..........والله يوفقهم

[طالوت 1]

بلاغة وتحليل بارك الله فيك وجزاك خيرا

[رماح2]

بارك الله فيك..................