تصدير ديون الدولار والعملات الاخرى وأثره على الاسواق الناشئة

[ميكروديناميك]

العالم في مرحلة حرجة ... هكذا يصف المراقبون العالم اليوم المتغيرات الاقتصادية التي حدثت ولازالت تحدث توشك ان ترسم لنا خريطة إقتصادية جديدة كليا تختلف ربما جذريا عن قواعد اللعبة التي عرفها العالم لعقود مضت .
ان البنوك المركزية تمر باسواء سنياريوهات محتملة ومستقبل مظلم فمن مراكز قوه الى مراكز تان تحت وطأة الديون فللأسف لم تفق هذه المصارف على حقيقة الصرف المفرط الا بعد أن اثقلت بالديون وللاسف فان هذه البنوك لم تقدم الى اليوم حلولا يمكن ان تسير بها الى الافضل ،، لقد بدأو بتخفيض قيم العملات ودخل العالم باسره في حرب عملات مخيف في محاولة لتصدير هذه الديون الى خارج محيط هذه البنوك ومع ان حرب العملات مستمر الا انه لن ينجح كما يتوقع الخبراء لان الخلل الحقيقي ليس في العملة فالعملة وحدها لاتخلق الطلب حتى وان كانت عامل منافسة مهم ، لانه سيظل عامل الانتاج هو الحكم في تحويل هذه الديون الى ارباح.
في الحقيقة ان هذه البنوك لم تستسلم بعد وما جرى خلال السنوات الماضية ليس سوى مقدمة لخطة ضخمة تنوى هذه البنوك القيام بها في مستقبل الايام وهو العامل الذي ربما سيكون تأثيره كارثيا على الاقتصاديات الناشئة والذي يصنف إقتصادنا كاحدها.
ان العنوان الاكبر لهذه الخطة هي تصدير الديون الى الاسواق الناشئة وذلك عبر عدة عوامل من اهمها خفض قيمة عملات هذه الاقتصاديات الامر الذي سيضطر هذه الدول الى استبدال العملات بسندات خوفا من انهيار هذه العملات وسنرى خلال السنوات القادمة ربما بيع بالجملة لسندات متعثرة وسنرى اقبال ضخم جدا من الدول الناشئة لتحويل احتياطياتها النقدية الى سندات خوفا من انهيارات مفاجئة للعملات .
طبعا هناك مسلمات لايمكن لنا اليوم ان نتصور غيرها فالنفط يسعر بالدولار وهذا العامل لوحده سيجعل تصدير الديون الى الدول المنتجة للنفط امرا سهلا جدا لان الواقع ان سعر برميل النفط اليوم لم يتغير كثيرا عن مستويات التسعينات مقارنة بانخفاض قيمة الدولار امام العملات الأخرى اليوم ، بل على العكس فإن امريكا اليوم تشتري النفط بأقل من سعره الحقيقي لانها تعيد تصديره بفارق انخفاض العملة وهي بذلك تحقق مكاسب كبيرة لانها تستبدل العملة الضعيفة بسلعه وهذا يعزز العوائد الربحية من عمليات التبادل التجاري .
المسلمات الاخرى ان لايمكن لنا تصور تفكك اليورو خصوصا ان اليورو لم ينشأ من اجل وحدة او تكتل اقتصادي فحسب لانه يجب ان نأخذ بالاعتبار المخاوف الأوربية من التفكك الذي يعيد اوروبا الى التقاتل والتوسعات القطرية والكوارث التي مرت خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية لذلك لن يتفكك اليورو مهما كان الثمن ولكنه للأسف على موعد لانخفاض كبير في قيمته وهو ايضا دخل في حرب العملات وبالتالي ستقوم ايضا الدول الاوربية بتصدير ديونها الى الاسواق الناشئة ايضا طبعا اليابان والصين مستمرين منذ عدة اعوام في خفض عملة بلدانهم لذلك فإن عملية التبادل التجاري للسلع بأنواعها والبضائع هو في حقيقة الامر في منحنى نزولي بسبب خفض قيم العملات المستمر كل ذلك يجري لمعالجة الديون المتضخمة بخفض قيمتها للوصول الى نقطة التعادل .
ذلك يعني لنا ان ناتج الدول الناشئة ببساطة سيقوم بتسديد هذه الديون وهذا امر ربما يعيه الاقتصاديين والمراقبين لمجريات الازمة المالية العالمية والسؤال المهم هل اقتصادنا مؤهل للتعامل مع هذا الحدث وهل يوجد اجراءات احترازية او خطة ما ؟
الذي يظهر لنا الى اليوم انه لا يوجد شيء معلن يمكننا الاستناد اليه ،لان ما يجري هو زيادة توسعية في انتاج النفط بشكل مفرط وزيادة التحوط النقدي في عملة واحدة بناء على الثقة المفرطة ايضا بإقتصاد هذه العملة وهو ما ينطبق عليه وصف( تخبطات) .
ان الانتاج المفرط للنفط وان كان له اثره لزيادة المكانة الاقتصادية للدول الا انه يجب ان يكون له سقف يتوجب التوقف عنده خصوصا اننا اليوم نقوم بالتوسع بتكلفة عالية جدا ونزيد من حجم الاقتراض على حساب متوسط سعري معرض للانهيار في أي وقت ومربوط ايضا بعملة تنخفض قيمتها يوميا وهو امر سيزيد فعلا من خطر زيادة العجز عن سداد ديون هذا التوسع وبالتالي انهيار هذه المؤسسات النفطية ليس بسبب شح الموارد بل بسبب العجز في ميزان المدفوعات .
زيادة الاحتياطيات النقدية جيد على المستوى البعيد لكنه حتما يسير بقيمته الى الاسفل وليس باليسير ابدا العودة به مجددا بالقيم التي تم شرائه بها .
اليوم يمر اقتصادنا بمنعطف حرج جدا لأنه اليوم بات منكشفا اكثر امام هذه الاحداث السيئة فالحقيقة اننا في ذروة جميع المعدلات والقادم هو انخفاض لهذه المعدلات وللأسف لقد فشلت تجربتنا بسياسة اقتصاد السوق بل على العكس تحولت هذه السياسة الى منفذ للقراصنة (الدول الفقيرة) للإستيلاء على مواردنا المالية ، للأسف الخطط التوسعيه ضخمه الى درجة انه لا يمكن عملها وهو سبب عجز المعروض الذي يرفع معدلات التضخم اليوم بسبب اللامنهجية واللامنطقية في الخطط التوسعيه.
ويمكننا الوصول الى اننا في مستقبل الايام على موعد بالدخول في مرحلة ركود حقيقي ربما لم يمر مثله او لاول مره في تاريخ الاقتصاد السعودي (مرحلة ركود ) ربما سيظهر في البداية على شكل انخافضات في الطلب الامر الذي سيتحول وخلال اشهر ربما الى توقف تام في الطلب وهو ماستظهر معه معالجات المعروض من خلال خفض الاسعار ثم الوصول الى قناعة انعدام الطلب وبالتالي ستبدأ الانشطة الاقتصادية الطرفيه بالتوقف عن تقديم خدماتها وطبعا لايوجد هيكل تنظيمي مركزي في سوقنا يمكن ان يقدم حلول ناجعه او على الاقل يستشعر المشكله لذلك ستستمر السلسلة في الانهيار وسنرى المسؤول يظهر مجددا ويقول نحن نؤمن بإقتصاد السوق .
الحقيقه ان مرحلة الركود هذه ستكون تبعاتها الاقتصادية كارثيه ان لم يوجد تيقظ حقيقي لها وذلك بالعمل على الحلول اللازمة لرفع كفاءة الاقتصاد المحلي والتحول فعلا الى استغلال امثل للاحتياطيات النقدية من خلال دعم التنوع الاقتصادي وليس المقصود زيادة الناتج القومي من خلال التنوع بل المقصود رفع كفائة هذا التنوع لأنه فعلا موجود يحتاج فقط الى زيادة دراسة وبحث ودعم طبعا انا اقول هذا الكلام وانا اعلم يقينا انه لن يحصل شيء من ذلك بل سنستمر على نفس المنهج وامامنا مرحلة كبيرة لا اعرف في الحقيقة عمرها لكن اعرف ان كل شيء سيتأثر فعلا خلال الاعوام القادمة.

[حسان بن النعمان]

يرفع ...رفع الله قدر كاتبه