![]() |
![]() |
أنظمة الموقع |
![]() |
تداول في الإعلام |
![]() |
للإعلان لديـنا |
![]() |
راسلنا |
![]() |
التسجيل |
![]() |
طلب كود تنشيط العضوية |
![]() |
تنشيط العضوية |
![]() |
استعادة كلمة المرور |
![]() |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
![]() |
#431 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() «أمركة» إيران بالعصا وغصن الزيتون كان بنيتو موسوليني زعيم إيطاليا الفاشية يهدد الديمقراطيات الغربية بخمسة ملايين حربة. ثم ظهر أنها من عيدان السباغيتي (معكرونا). واضطر حليفه هتلر إلى إنقاذه، عندما دُحرت القوات الإيطالية التي غزت ألبانيا واليونان. هل لموسوليني ضريح تذكاري في إيران؟ وإلا لماذا. ومن أين تنطلق هذه الصرخات الهستيرية لجنرالات الجيوش الميليشيوية، مهددة أميركا، بأسلحة سرية فتاكة، تجعلها هباء منثورا؟ هل إيران دولة «حربجية» حقا؟ هُزمت إيران في الحرب العبثية مع عراق صدام. ونصح رفسنجاني الخميني بوقفها، بعدما استهلكت في ثماني سنوات جيلين من الإيرانيين والعرب العراقيين. وسبق للشاه الأمِّي رضا بهلوي أن استسلم بلا مقاومة، للقوات الروسية والبريطانية التي احتلت طهران، خلال الحرب العالمية الثانية، واقتسمت إيران، عقوبة له على حماسته للفاشية الهتلرية. ليس سرا أن إيران الخميني اشترت أسلحة من إسرائيل (1985/ 1986)، في حربها مع العراق. ولم تخض حربا مع الدولة العبرية. إنما أغرت حزبها اللبناني بالتجربة. فقتل 1200 شيعي لبناني (2006). ومات مائة فلسطيني بصواريخ الحزب التي أطلقت، بطريقة عشوائية، على إسرائيل. وخرج رئيس الحزب من مخبئه، ليعلن أن النصر كان «إلهيا»! أُنشئ حزب الله كقوة دفاعية. غير أن إيران تستخدمه اليوم في سوريا، كقوة هجومية. الدفاع ليس كالهجوم. فعاد عدد كبير من المقاتلين محمولين بأكياس مغلقة. وقال حسن نصر الله إنه أرسلهم لإنقاذ السيدة زينب التي لم يمسّ أحد ضريحها بسوء، على مدى 1300 سنة. ثم ندم. فأعلن أنه يقتل السوريين، لينقذ الفلسطينيين. ثم طالب بحكومة لبنانية جديدة تدعم مجهوده الحربي. فرفضت الأحزاب والطوائف توزيره معها. بات الحزب معزولا. وعاجزا. لا يملك عمقا استراتيجيا. ومع استفزازه السنة، وغزوه بيروت، نشأت تنظيمات سنية «جهادية» كالفطر هنا وهناك. ومع تدفق نحو مليون نازح سوري على لبنان، باتت السنّة، للطرافة المأسوية، أغلبية طائفية تفوق الغالبية الشيعية. فمنع الحزب الدولة سرا من السماح للدول المانحة، ببناء أكواخ للنازحين، كي لا يتحولوا إلى لاجئين، كالفلسطينيين، مقيمين لأجل طويل. تاريخيا، فارس حضارة هجومية. في المجوسية الزرادشتية (عبادة النار)، وصلت الجيوش الفارسية إلى اليمن. مصر. المشرق العربي. وحاولت غزو أوروبا. فلاقت هزيمة مريرة أمام الإسكندر المقدوني الذي اخترقها وصولا إلى الهند. أعز الإسلام العرب. كان العرب المسلمون من الوعي، بحيث استعادوا العراق والشام من الهيمنة الفارسية والبيزنطية. لم يكن الإسلام دينا عنصريا. تأسلمت واستعربت الأقوام السامية (الموالي) في البلدين. وكان الانصهار مع عرب الجزيرة الفاتحين كاملا. وأنتج حضارة ثقافية رائعة لم تجد في انفتاحها العقلاني، ما يمنعها عن الترجمة عن اللغات الإغريقية. والفارسية. والهندية. كان الإسلام العربي رحيما. ترك العرب الحرية للشعوب الأجنبية. لم يتأسلم الإسبان. وتأسلم الفرس. والكرد. والأتراك، لكن لم يستعربوا، على الرغم من اختراق اللغة العربية لغاتهم. وظلت اللغة والثقافة العربية مزدهرة، إلى أن سقطت السلطة السياسية من أيدي العرب. كان موقف الفرس من العرب سلبيا. كان الفتح العربي لفارس صدمة نفسية هائلة للنفس الفارسية. وكان استشهاد آل البيت (علي ونجلاه الحسن والحسين) فرصة للفرس لشق الإسلام إلى مذهبين، بفروق واهية بينهما تلغي الحاجة إلى الصراع المذهبي. يقول المؤرخون إن القائد الفارسي الذي استعار اسما عربيا (الطاهر بن الحسين)، وفتح بغداد، وأعمل السيف في عربها، لم يكن أقل وحشية. وهمجية، من هولاكو. الاستقلال في القرن العشرين كان فرصة تاريخية للعرب لتحقيق وحدة لم يعرفها تاريخهم. لكن الاستقلال تمسك بمصالح السيادة المحلية الضيقة. فضاعت الفرصة. ثم ما لبث أن حل تعب المادة بالنسيج الاجتماعي، نتيجة لعوامل كثيرة، في مقدمتها: هزيمة المشروع القومي. أرستقراطية النظام العربي. تسييس الدين. التكاثر البشري العشوائي. كل ذلك أدى إلى ضعف الثقافة. والتربية. واللغة. فبات هوان حياة الإنسان العربي سهلا على الرصاص. والاغتيال. والقتل الجماعي بالتفخيخ بالمتفجرات، باسم الدين. والطائفة. بلا رادع أخلاقي. وإنساني. خرجت القمة الخليجية بلغة كويتية هادئة. ومصالِحة لإيران. تأجل مشروع «الاتحاد» الذي قدمته القيادة السعودية إلى قمة أخرى. اعتذرت عُمان عن عدم قبول الاتحاد، انسجاما مع دورها في الوصل بين أميركا وإيران. وبقيت السياسة الإيرانية على حالها: ابتسامات شاكرة للخليج الذي أنقذت موانئه التجارية إيران من الركوع تماما أمام العقوبات الغربية. و«خط أحمر» رسمه رئيس «روحاني» أمام الثورة السورية. على أية حال، لم تخرج القمة خالية الوفاض. فقد قدمت التنسيق العسكري، على ملف تحويل مجلس «التعاون»، إلى مجلس «اتحاد». العبرة بالتنفيذ. وإقامة الاستراتيجية الدفاعية الخليجية، على سلاح الطيران (السعودية ثاني أقوى دولة جوية في المنطقة). وسلاح الصواريخ. ثم الدبابات الألمانية الخفيفة الحركة على الرمال، وذلك في مواجهة الكثافة البشرية للقوات الإيرانية. بالإضافة إلى التنسيق العسكري، جاء قرار إنشاء مركز للبحوث الاستراتيجية شديد الأهمية. نعم، فالسياسة والإعلام في الخليج بحاجة إلى معرفة أعمق بالتاريخ السياسي العربي الحاضر والغابر، لا سيما بعدما انتقل مركز الثقل السياسي والمادي العربي إلى الخليج، لتزويد الإعلاميين بالمعلومات، كي يأتي التعليق السياسي بعيدا عن التكرار، وأكثر ثراء ودقة في عرض التطورات والتحولات المتسارعة. «العلمو نُورُنْ». باتت مراكز البحوث والدراسات الأميركية تعج بأنصار إسرائيل والباحثين الإيرانيين الأميركيين. هؤلاء الذين ورطوا إدارة بوش بالتضليل. وشجعوها على ضرب العرب بغزو العراق وتسليمه لإيران. هؤلاء يعصرون أدمغتهم للترويج إلى ما أسميه إجراء عملية «ماكياج» لملالي إيران وحزب الله، وتقديمهم كحلفاء لأميركا وإسرائيل. كأنموذج لئيم، أشير إلى تعليق في «نيويورك تايمز» يوم الثلاثاء الماضي طافح بالمعلومات التاريخية غير الصحيحة. ومحاولة النيل من السعودية وأهمية النفط العربي. هل يمكن الثقة بإيران؟ «أمركة» إيران هي اللغة الرائجة اليوم على المسرح السياسي الغربي. صنّاع القرار السياسي والتعليق الإعلامي في الغرب، يراهنون على انتقال إيران من دولة مارقة إلى دولة مؤدبة تتحرك في صميم العلاقات الدولية، بعد تحييدها وتجريدها من مسدسها النووي. لماذا تعثرت مؤقتا المفاوضات بين إيران والغرب؟ الطرفان يتكتمان الحقيقة. أميركا تستعجل استكمال وقف تخصيب اليورانيوم ومنعها من إنتاج البلوتونيوم. في حين انصرفت إيران إلى الإلحاح على الإفراج عن كنزها المالي (مائة مليار دولار) المجمد، بسبب العقوبات، في المصارف الغربية، كحصيلة عقود بيع النفط. إيران بحاجة إلى تمويل أوسع وأسرع للعمليات العسكرية للقضاء على الثورة السورية، وتسديد ديون بشار لروسيا. ولتعويض «حزب الله» عن خسائره البشرية. وأخيرا إعادة تعويم الاقتصاد الإيراني. وتفادي غضب الإيرانيين الذين يرون ثرواتهم ومواردهم تتبدد على المشروع الإيراني الخارجي. في مشروع «أمركة» إيران، تعتمد إدارة أوباما دبلوماسية مزدوجة: الكونغرس يلوح بعصا الردع لفرض مزيد من العقوبات. والبيت الأبيض ووزير الخارجية جون كيري يلوحان بغصن الزيتون، لإغراء الجمهور الإيراني الذي صوَّت لترئيس روحاني، بالتمتع بلذائذ الحلف القديم مع أميركا، والمصالحة واستعادة العلاقة الشاهنشاهية مع إسرائيل. ثمة مساومة طويلة ومعقدة، ليس لاستكمال تحييد إيران نوويا، وللإفراج عن كنزها المالي، وإنما أيضا على مصير سوريا ولبنان: هل تبقيان في عهدة إيران، على أن تستغني عن خدمات بشار الذي لا يمكن الظهور معه في الصورة، لارتفاع عدد ضحاياه؟ وكيف يمكن دق رأس نظامه مع رأس «الائتلاف» المعارض داخل حكومة وفاقية (مستحيلة)؟ جون كيري المكلف بالمساومة يقول إنه «ليس مازوشيا». بمعنى أنه في النهاية ليس مستعدا لحمل عدة قضايا شائكة وملتهبة بقبضة واحدة، ويمشي بها على حبل دبلوماسي في سيرك صاخب. بوتين الشهير بالمغالطة ينصب كمينا «لشركائه» الأَلِدَّاء الأميركيين في جنيف. هو أيضا يريد حصة في التسوية. يقول إنه أنقذ مجلس الأمن (عطَّله بالفيتو). باع أميركا «كراكيب» بشار الكيماوية. وأنقذ السلام من القنبلة النووية الإيرانية! وحمى إسرائيل! ثم يرسل وزيره لافروف إلى طهران، لقبض فاتورة الحساب. |
![]() |
![]() |
![]() |
#432 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() إيران: سبل الصراع وسبل التفاوض بعد توقيع الجمهورية الإسلامية في إيران الاتفاق المؤقت مع الدول الغربية ممثلة في دول «5+1» انتقلت إيران لمرحلة ثانية من الصورة التي تريد إرسالها للعالم بعد تولي الرئيس الإيراني حسن روحاني رئاسة البلاد، وهذه المرحلة هي محاولة فتح حوار مع السعودية ودول الخليج العربي. قام وزير الخارجية محمد ظريف بزيارة أربع دول خليجية هي الكويت وقطر وعمان والإمارات، وحاول إرسال رسائل إيجابية بأن إيران تسعى للتصالح مع دول الخليج. فهل حقا إيران صادقة في هذا التوجه؟ وهل هي تفتش عن حل حقيقي أم عن كسب للوقت وإرسال رسائل إعلامية فقط؟ إن كانت تريد ذلك فلماذا لم تصنع ما صنعته مع الغرب في الاتفاق الأخير حول الملف النووي الإيراني؟ لقد كان باستطاعة إيران وبنفس الطريقة التي تعاملت بها مع الغرب، أن تتعامل مع السعودية ودول الخليج، أي أن تطلب اجتماعات حقيقية وسرية مع هذه الدول لتداول القضايا التي تشكل لب الصراع السياسي معها في المنطقة حتى يصل الطرفان لحلول عملية ومن ثم يجري الإعلان عن اتفاق تاريخي، ولكن إيران لم تفعل. يظهر من قراءة المواقف الإيرانية الأسبوع الماضي أنها اتخذت ثلاث سبل: السبيل الأولى: سبيل ظريف الذي اعتمد التصعيد الإعلامي ليوصل رسائل دولية بأن إيران بكل مسوح الحمل تريد التفاوض مع السعودية ولكن الأخيرة ترفض، ويريد التفاوض مع الإمارات على جزيرة أبو موسى فقط دون طنب الكبرى وطنب الصغرى، ويريد التواصل مع الكويت دون الاعتراف بجرائم إيران فيها منذ محاولة اغتيال الأمير الراحل جابر الأحمد في 1985، وصولا لخلايا التخريب والتجسس، ويريد التواصل مع البحرين على الرغم من كل السياسات العدائية ضدها دون تقديم أي تنازلات أو مراجعات معلنة. السبيل الثانية: السبيل الثقافية التي قد تعبر عن بعض القوى داخل إيران، كما طرح الأستاذ عطاء الله مهاجراني، المحسوب على تيار الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، والذي كتب قائلا: «إن التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية لن يؤدي فقط إلى تناسي العقبات والمشكلات بين البلدين، بل سيؤدي أيضا إلى إحياء القضية الرئيسة، وهي فلسطين» («الشرق الأوسط»، 2 ديسمبر/ كانون الأول) فهل يمكن حقا اعتبار القضية الفلسطينية قضية رئيسة للتقارب بين السعودية وإيران؟ هنا لا بد من استحضار التاريخ لرصد الفرق الظاهر في التعامل تجاه القضية الفلسطينية بين السعودية وإيران، فقد كانت مواقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية تبحث دائما عن مصلحة فلسطين والفلسطينيين منذ اقتراح الملك عبد العزيز ببقاء الفلسطينيين داخل فلسطين وعدم الهجرة ومساعدتهم بالسلاح، وحواره الشهير مع الرئيس الأميركي الأسبق روزفلت، وكذلك مواقف الملك فيصل المعروفة، ومن بعد في مطلع الثمانينات جاء «مشروع فهد» الذي كان متقدما جدا على ما جاء لاحقا في اتفاقية أوسلو، وصولا لمبادرة خادم الحرمين الملك عبد الله التي أصبحت تعرف بمبادرة الجامعة العربية. بالمقابل نجد أن إيران وقيادات الجمهورية الإسلامية سعت دائما لاستغلال القضية الفلسطينية لمصلحة إيران لا لمصلحة فلسطين، فقد كان الخميني في سياق معارضته لنظام الشاه مطلع الستينات «يرغب منذ السنوات الأولى طرح موضوع القضية الفلسطينية»، حسب ما نقل عنه رفسنجاني على الرغم من معارضة بعض العلماء من أنصاره، ثم يعلق رفسنجاني قائلا: «هذا الإصرار يبين بوضوح بعد نظر الإمام، وشمولية رؤيته، ورغبته في أن تمتد المعركة إلى المنطقة ومن ثم إلى العالم» (كتاب حياتي. ص65). إذن فالقضية الفلسطينية كانت سهما في معركة الخميني مع الشاه، وبعد قيام الجمهورية الإسلامية استمر الخميني في استغلال القضية الفلسطينية لأهداف سياسية داخلية وإقليمية، فقد كان وضع القضية الفلسطينية في فكر الخميني يقتصر على كونها أداة في صراعه مع الشاه بناء على مصالح صراعية بحتة تخص الشأن الداخلي الإيراني، بمعنى محاولة الهروب من صراع داخلي بافتعال عامل خارجي يضمن الحشد والتأييد. وقد استمرت إيران في استخدام القضية الفلسطينية بعد الثورة وأثناء حربها مع العراق على طريقة المزايدة الدينية، ثم جاء الاستغلال الأبشع لها مع خامنئي بتوظيفها في خلق وتدعيم ما كان يعرف بمحور الممانعة لشق الصف العربي واختراق الدول العربية. المقصود من عرض الموقف من القضية الفلسطينية هو أخذها كمثال على قضية خلافية يجب التفاوض مع إيران حولها لا كقضية مشتركة يبنى عليها. السبيل الثالثة: سبيل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وذلك في مقابلة له مع قناة «OTV» اللبنانية الثلاثاء الماضي، فقد شن هجوما غير مسبوق في صراحته وحدته على السعودية لأنه - بحسب نصر الله - فإن «إيران منذ سنوات تسعى لفتح الأبواب مع السعودية وللتحاور ولكن كل المحاولات لفتح الأبواب فشلت»، ونسي نصر الله أن حزبه بحد ذاته لا يعدو أن يكون ورما سرطانيا إيرانيا في دولة عربية. وقد تناقض في تلك المقابلة في عدد من المواضيع، ومنها الموقف ممن يسميهم «التكفيريين» ويقصد بهم جماعات العنف السياسي السنية كتنظيم القاعدة وجبهة النصرة و«داعش»، وهو يعلم أن السعودية كانت قائدة ورائدة في حرب تلك الجماعات في الوقت الذي كانت تحظى فيه ذات الجماعات بالرعاية الإيرانية لسنوات، وهي لا تصنع شيئا في سوريا سوى خدمة نظام الأسد ومحاربة الجيش السوري الحر والمشاركة في قتل الشعب السوري. ولكن ما لا يعلمه نصر الله وربما إيران هو أن هذه الجماعات بطبيعتها غير قابلة للترويض، وكما انفجرت في السابق في وجه الدول العربية فلا شيء يمنع أن تنفجر في وجه إيران وحلفائها لاحقا، ثم إن حزبه لم يعد كما كان، أي الأقوى في مساحته الجغرافية داخل لبنان، ذلك أن التمدد العسكري في مساحة جغرافية أكبر كسوريا أضعف قوة الحزب العسكرية والأمنية، نظرا للثغرات التي خلقها، مما سهل اختراق مناطقه الأمنية المحصنة أكثر من مرة بالتفجير والاغتيال، وكان عليه أن يعلم أن الأزمة السورية بعد تدخله عسكريا فيها لن تنتهي إلا في الضاحية الجنوبية. أخيرا، فإن أحدا في السعودية والخليج لا يرفض التفاوض مع إيران، بل العكس صحيح، فالجميع يفضل الحلول الدبلوماسية «إن حسنت النيات» كما هو الموقف السعودي، ومكان التفاوض الحقيقي هو عبر القنوات الدبلوماسية والرسمية والنقاش الصريح والواضح حول كل الملفات الشائكة بين الجهتين وليس وسائل الإعلام والتصريحات الشعاراتية. |
![]() |
![]() |
![]() |
#433 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() بشر الخليج.. وحجره في قمة الكويت الأخيرة لدول الخليج العربية، تحقق المراد في الاستمرار، وهذا بحد ذاته إنجاز. وفي الحقيقة، لا مناص لأي دولة من دول الخليج، بما في ذلك سلطنة عمان، من البقاء ضمن الخيمة الخليجية، فما البديل؟ خيمة الخليج توفر الظل من الهجير، والسقف من المطر، والستر من الشامتين، والعون في نوائب الزمان. بكل حال، فحديث الاتحاد والوحدة الخليجية ليس جديدا، ولا مرتجلا، فهو من صلب النظام المؤسس لمجلس التعاون بإقرار دوله الست، حيث جاء في المادة الرابعة حول الأهداف: «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها». غير أن حديث الاتحاد متشعب، وأصلا لم يكن موضوعا رئيسا على جدول أعمال قمة الكويت.. كان مادة للسخونة الإعلامية، أكثر منه ملفا سياسيا برسم الاستعجال. جرى في قمة الكويت اتخاذ خطوات، في نظري هي أكثر أهمية من إثارة الإعلام حول السجال الخليجي - الخليجي بشأن الاتحاد. في البيان الختامي الأخير تناول لقضية الأمن المائي، وبداية إنشاء مشروع سكة حديد مجلس التعاون، لتشغيله في الوقت المتفق عليه عام 2018. كما وافق المجلس الأعلى للقمة على إنشاء قيادة عسكرية موحدة لدول المجلس، وإنشاء جهاز شرطة خليجية. كل هذا في الحقيقة بناء عملي لسور الاتحاد، عوض السجال الكلامي حوله. غير أن الأهم هو الاستثمار في البشر؛ فالبشر هم هدف التنمية، وهم وسيلة تحقيقها. من أجل ذلك، كان «الأهم» في البيان الختامي، في تقديري، توصيات كهذه: وافق المجلس الأعلى على إنشاء أكاديمية خليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية لدول المجلس، ومقرها دولة الإمارات. وأقر تأسيس برنامج دائم لشباب دول مجلس التعاون بهدف تنمية قدراتهم وتفعيل مساهمتهم في تعزيز روح القيادة لديهم والتعريف بالهوية الخليجية. بناء الإنسان الخليجي، الواثق، المطمئن، العارف، هو قصة القصص، وقضية القضايا. ليت هذه الأكاديمية المزمع تشييدها تولي هذا الجانب تركيزها، فنحن نعاني فقرا هنا. ليت هذه الأكاديمية، الممولة من دول الخليج للبحث «الاستراتيجي»، تكون نواة لخلق نخب من باحثي الخليج، يملكون المهارات والقدرات على تنوير مواطن الخليج، بالعلم، كما تقدم لصانع القرار ذخيرته من المعلومات، وتعميق رؤيته أكثر. حرام أن تكون دول بمستوى دول الخليج، بشبابها المتفتق طاقة، شاحبة من نضارة البحث الاستراتيجي الجاد. ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام فهنيئا هذه الخطوة بالغة الأهمية. يبقى حسن تنفيذها. |
![]() |
![]() |
![]() |
#434 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() وجهة نظر سعودية هناك من يظن، ويقول، إن السعودية خسرت إقليميا، وباتت في أسوأ حالاتها. طبعا هذه وجهة نظر. ولي وجهة نظر أخرى ترى الواقع بصورته الأشمل، لا معركة القلمون السورية، أو مناورات إيران التفاوضية مع الأميركيين. رأيي أن حصاد السنوات الثلاث الماضية جاء بنتائج أكبر مما كان يرجوه السعوديون. ونحن نتحدث عن اليوم، كما هو عليه، أما المستقبل فالله به عليم، لأننا نسكن منطقة رمال متحركة. إلى قبل أربع سنوات، بلغت الأوضاع الإقليمية من السوء درجة أن إيران والعراق وسوريا وتركيا قررت تشكيل جبهة سياسية واقتصادية، عمليا هدفها محاصرة محور السعودية - مصر. وكان نظام بشار الأسد السوري، بالتحالف مع النظام الإيراني، في حالة حرب غير معلنة ضد السعودية في لبنان، وفلسطين، والبحرين. استمرت المعارك، عن بعد، منذ عام 2005، باغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان. وبعد سنوات من مجابهة النشاط العدائي للثنائي الخطير الإيراني - السوري وصلت الأمور إلى درجة سيئة.. إلى درجة اضطر سعد، ابن الحريري، إلى زيارة دمشق والاعتذار مكرها من قاتل أبيه، أي بشار الأسد. وحتى مع هذا التنازل سلمت رئاسة الحكومة لحليف الأسد، مع أن تجمع الحريري هو الفائز في الانتخابات النيابية. وعلى الطرف الآخر من الخريطة، كان هناك حاكم ليبيا القذافي، الذي تآمر لاغتيال العاهل السعودي، واستمر يمول جماعات يمنية فتحت جبهة على حدود السعودية الجنوبية، ويدفع بكرم لمعارضي السعودية. وكانت هناك قطر تقوم بدعم النظام السوري وحزب الله، وكل من قال إنه على عداء مع شقيقتها الكبرى السعودية. اليوم، الصورة مختلفة.. إيران وصلت إلى حد التخلي عن سلاحها النووي، والقبول بالتفاوض مع الأميركيين نتيجة محاصرة صادراتها البترولية ومبادلاتها التجارية، وقد عبر عن الحالة الإيرانية البائسة هاشمي رفسنجاني قائلا: «لقد بلغت إيران حد الاستسلام أو الهزيمة». خذوا حزب الله، الذي كان تنظيما حديديا لا يقهر، وكان بطلا لا يجوز حتى انتقاده، وأمينه العام الذي انتشرت صوره في البقالات وعلى زجاج سيارات الأجرة في الدول السنية، لا الشيعية فقط.. اليوم، أصبح الحزب عدوا مكروها من غالبية العرب، نتيجة مساندته للأسد، ومشاركة ميليشياته حمام الدم ضد الشعب السوري. أما النظام السوري، الذي عجز المجتمع الدولي عن وقف جرائمه في العقد الماضي، فعمليا تهاوى، اليوم هو جنازة تنتظر الدفن. قد لا تولد بدائل جيدة للقذافي والأسد، إنما صارت أعتى الأنظمة وأشرسها من الماضي. وبضعف إيران، والأسد، وحزب الله، ضعف حلفاؤهم، مثل حركتي «حماس» و«الجهاد». اليمن، هو الآخر، جاء إسقاط رئيسه علي عبد الله صالح خبرا مريحا للسعودية. لم يكن عدوا بل كان شوكة في خاصرتها. فقد ظل يتكسب من الخصوم، ويقوم بدور الأجير لكل من اختلف مع الرياض.. صدام العراق، والقذافي، والدوحة، وطهران، بل وحتى «القاعدة» التي تساهل معها ضد السعودية، لولا العصا الأميركية التي رفعت ضده. الخريطة لم تكن دائما خضراء في سنوات الزلزال العربي الثلاث.. فمصر مبارك، الحليف الأهم للسعودية، ذابت سريعا كالملح. وفي هيجان ميدان التحرير قفز الإخوان المسلمون وركبوا حصان الثورة الجامح، رغم أنهم جاءوا الحفلة متأخرين. ولم ينته زمن المعجزات.. فجأة سقط الإخوان الجائعون للحكم، بسبب غبائهم في إدارة دولة كبيرة كمصر، فقد هاج ضدهم الشعب، الذي كانت توقعاته أكبر من قدراتهم، واستولى الجيش على الحكم. سقوط الإخوان هدية من السماء لم تكن حتى في صلوات الرياض! هل نستطيع أن نقول إن الرياح هبت بما تشتهي السفينة السعودية؟ إلى حد كبير، نعم. حتى البحرين التي كادت تسقط، بخطوة سريعة من الرياض جرى الإمساك بها. كما فشلت حركة الإخوان - السلف التغييرية في الكويت. ونجا المغرب الحليف، وكذلك تماسكت المملكة الثالثة، الأردن. باختصار، الخريطة هي كالتالي: سقط أسوأ نظامين معاديين للسعودية، الأسد والقذافي، وجرى إنقاذ مصر من حكم الإخوان، وقزم حزب الله من العالم العربي الفسيح إلى حدود الضاحية، جنوب بيروت، وغادر صالح الحكم في اليمن، وانحنت طهران أمام الأميركيين تنشد المصالحة. طبعا، هذا فصل واحد في تاريخ جديد لم يكتب كله بعد. |
![]() |
![]() |
![]() |
#435 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الطريق إلى المذبحة وأمور أخرى كتب ريتشارد غلاس، الصحافي المعروف، المختص بشؤون الشرق الأوسط، مقالة طويلة في «نيويورك ريفيو أوف بوكس» عن الأوضاع في سوريا، عنوانها «الطريق إلى المذبحة». وفهم أحد زملائه من ذلك أن غلاس يتوقع حصول المذبحة أو الهولوكوست السورية، التي لم تحصل بعد. فردَّ عليه بأن المذبحة حصلت بالفعل، وبأفظع مما حصلت مذابح النازيين ضد اليهود، وحتى مذابح رواندا وبوروندي في التسعينات. فقد اعتذر كثيرون في الحالتين بأنهم لم يعرفوا، واعتذر آخرون بأنهم ما قدّروا الأحجام والأهوال الحقيقية في الحالتين: اليهودية، والهوتو والتوتسي - أما في سوريا فإن حرب الإبادة جرت وتجري تحت سمع العالم وبصره. وتتبجح بالمشاركة فيها روسيا وإيران، كما يتبجح آخرون بالإعراض عن عمل أي شيء إما لتعقيد المسألة أو لأن الإرهاب الإسلامي يقف في وجه الأسد وهو لا يقل عنه شرا وهولا! ثم أقبل بروكس - شأن غلاس- على ذكر الإحصائيات التقديرية لما حصل: نحو مائتي ألف قتيل، ونحو مليون معتقل، وثمانية ملايين مهجَّر بين الداخل والخارج. أما القتلى في فلسطين منذ عام 1948 وحتى حرب غزة عام 2010 فلا يتجاوز عددهم المائة ألف، وهناك نحو مليوني مهجر بين 1948 و1967، ومن الشعوب والجيوش العربية الأخرى هناك أيضا مائة ألف قتيل ونيف، كذلك خلال الفترة من 1948 وإلى حروب إسرائيل الأخرى في لبنان وسوريا وغزة والأردن ومصر. وما كان قصد غلاس وبروكس التقليل من هول ما فعلته إسرائيل، لكنهما أرادا القول إن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني (وإن لم ينحل حتى الآن) فإنه بخسائره البشرية والسياسية أثار من الاهتمام الدولي أكثر بمئات الأضعاف مما أثاره الصراع على السلطة وحرب الإبادة في سوريا! فهل الوضع الدولي بعد الحرب الباردة أكثر سوءا وانقساما مما كان عليه في الحرب بحيث يحدث الاستقطاب الحاصل منذ ثلاث سنوات؟ أم أن فلسطين أكثر أهمية من سوريا؟ أم أن اليهود أهم من السوريين والعرب؟ أم أن العرب أكثر ضعفا واستهدافا؟ لقد سأل ريتشارد غلاس الأسئلة الصحيحة كالعادة. لكنه عاد خائبا بإجابتين: السياسات الأميركية ضعفت وتغيرت، والإرهاب الإسلامي شكك الغرب في إمكان الحصول على بديل صالح لنظام الأسد. وخصوم غلاس لا يقبلون المعذرتين، لكنهم لا يخرجون من «البراديغم» السائد: عدم التدخل العسكري، وإيثار الحل السياسي، الذي لا يرونه هم أنفسهم متاحا أو قريبا! ليس صحيحا بالطبع أن العالم لا تهتم دوله إلا بمصالحها الخاصة. فهناك قضايا إنسانية كبرى أهمها المذابح والمجاعات والأوبئة والزلازل، لا يختلف البشر في العادة على التدخل لمكافحتها. ولا يزال الأميركيون والغربيون بعامة يلومون أنفسهم للتأخر في التدخل بالبوسنة وكوسوفو ورواندا. وقد تدخل الفرنسيون والدوليون أخيرا في نزاعين بأفريقيا على الأقل. ويأسف الجميع للحاصل الآن في ليبيا، بيد أن أحدا منهم غير نادم على الخلاص من القذافي. فلماذا إذن ترك الحبل على غاربه للأسد والإيرانيين لقتل الشعب السوري؟ الاستقطاب الدولي ليس سببا على الإطلاق. فالأميركيون لا يساعدون النظام السوري، لكنهم مثل الروس (وليسوا ضدهم) في إيثار بقاء الأسد في ما يبدو ليس بسبب الإرهاب فقط؛ بل وبسبب تطورات علاقاتهم بإيران. فهم لا يريدون إزعاج الإيرانيين أكثر من اللازم، لأنهم مهتمون بإنهاء النووي، ومهتمون بدور الإيرانيين في العراق ولبنان وأفغانستان. وليسوا بعيدين عن وضع إيران في مواجهة «الإرهاب السني». ثم إنهم أولا وأخيرا يريدون التقدم في محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وهو سلام لا تريده إيران أو أنها لا تزال تستخدم ذلك النزاع ورقة في علاقاتها الإقليمية والدولية. وهكذا فإن أمن الإسرائيليين المهدد من حزب الله وإيران أهم لديهم من حياة السوريين وحرياتهم واستقرارهم. بيد أن هذه الأسباب جميعا ورغم وجاهتها ليست أسبابا كافية. فالعرب والسوريون منهم لا يريدون حربا على إيران، ولا حتى مكافحة برنامجها النووي. أو أن هذين الأمرين ليسا مما يأخذه العرب على أوباما وسياساته. بل يأخذون عليه وعلى بوش من قبله، وعلى إدارتيهما، أنهم عملوا ويعملون بجد كأنما هي مصلحة أميركية خاصة على أن تشاركهم إيران وتركيا في الأرض العربية والأمن والسيادة، إما بغيا أو استضعافا! إن السبب الحقيقي الذي علا على الاعتبارات الإنسانية في نظر العالم الغربي وروسيا والصين والهند هو الاطمئنان إلى غياب العرب، واعتبارهم أسواقا وليس أكثر من ذلك، ليس للسلع فقط، بل وللسلاح أيضا. فقد عمل العرب بأساليب ملائمة وغير ملائمة خلال عقود للتحول إلى قوة بين المحيط والخليج ضامنة للأمن والثروات، ومشاركة في القرار العالمي. وقد حاولت ذلك مصر أولا، ثم حاوله العراق، فانكسر الأمن المصري أمام اعتبارات التفوق الإسرائيلي. ثم انكسر الأمن العربي العراقي أمام اعتبارات المصالح الدولية في الخليج. ومنذ عام 1990 لا يزال العرب يزدادون غيابا أو إمْعانا في الغياب، وبخاصة بعد التمرد الهائل وغير الملائم بالطبع لـ«القاعدة» والجهاديين الآخرين. وفي عام 2003 عندما غزا الأميركيون العراق، ما كان صدام حسين يهدد أحدا، لكن الأميركيين أرادوا الاطمئنان الكامل إلى الغياب العربي، بعد الانكفاء المصري شبه الكامل أيضا! ومنذ عام 2003 وحتى عام 2011 انصرف الأميركيون (ثم دخل معهم الروس) لإقامة الشرق الأوسط الجديد بمشاركة إيران وتركيا وإسرائيل. وقد فعل الإيرانيون خلال هذه المدة أفظع مما فعله صدام، فقد احتلوا العراق وسوريا ولبنان بالعسكر وبالنفوذ السياسي. وعقدوا شبه اتفاق على ذلك مع الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا. فالخليج معزول لكنه آمن ما دام الأميركيون راضين عن ذلك، أو يصبح الإيرانيون سَوط تهديد. أما دول المشرق العربي الأخرى فهي إذا أريد لها أن تستقر فينبغي أن تظل مناطق نفوذ للدول المجاورة، أو تحدث المذابح، وتندفع إيران وإسرائيل وتركيا للحفاظ على الاستقرار أو استعادته بشتّى الوسائل، ومن ضمنها: مكافحة «الإرهاب» السوري ضمن الدولة السورية التي لهم حصة فيها بسبب مزارات آل البيت مثلا! إن المشكلة الحاضرة إذن لدى الجميع هي في الحضور السعودي باعتباره رمزا أو طليعة لعودة الحضور العربي. وهذا قانون في التاريخ مثل الأنابيب المستطرقة. فالحضور العربي ببلاد الشام كان إمداده أو حمايته في مواجهة الغُزاة يأتيان من الجزيرة العربية أو من مصر. ليس الوقت وقت مصارعة الولايات المتحدة (وتابعتها بريطانيا). لكننا نواجه ما دمنا نريد الحضور عربيا أمرين اثنين: أمرا خارجيا هو العدوان الإيراني، وأمرا داخليا هو الانشقاقان داخل الإسلام: الانشقاق الجهادي، والانشقاق الإخواني. أما الهجوم الإيراني فيصارعنا على الأرض والانتماء العربي. وأما الانشقاقان الداخليان فيصارعاننا على شرعية الدين، وشرعية الدولة. وفي سوريا يلتقي الأمران ويشتبكان، ولذا فإن الصراع في سوريا هو صراع على الأرض والانتماء والدين والدولة، ولا بد من الفوز فيه. |
![]() |
![]() |
![]() |
#436 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() إلغاء الشعب.. وإعادة إنتاج الأسد؟ يقترب الثاني والعشرون من يناير بسرعة وليس هناك ما يوحي بأن مؤتمر «جنيف - 2» يمكن ان يعقد بعدما نسف الروس كل اهدافه ووظائفه التي حددت في «جنيف - 1»، وحتى اذا عقد فليس هناك اي أمل في ان يتوصل الى حل سياسي ينهي الكارثة الدموية التي دمرت سوريا وتفيض على دول الجوار وتحديداً لبنان. وهكذا يبدو الاخضر الابرهيمي وكأنه يسهر على طبخة بحص، وخصوصاً في ظل التباعد المتزايد في مواقف الافرقاء جميعاً، ففي حين يزداد النظام تشبثاً بالنظرية المرفوضة قطعاً، اي بقاء الاسد في السلطة يرفض «الائتلاف الوطني» المؤتمر اذا لم يؤد الى اتفاق على حكومة تنتقل لها كل الصلاحيات، وهو ما يدعمه فرنسوا هولاند الذي اعلن ان لا داعي لجنيف اذا لم ينه حكم الاسد. المشكلة الاساسية تكمن حصراً في الموقف الروسي الذي قد ينسف المؤتمر من اساسه، وخصوصاً في ظل سعي موسكو لجعل «جنيف - 2» مناسبة دولية لتكريس ثلاثة امور غاية في الفظاظة والوحشية: 1 - اولاً أن يقوم الاسد بتسليم السلطة للأسد وكأن شيئاً لم يكن! 2 - أن يتحول المؤتمر مناسبة دولية لتبني الحل العسكري الذي يطبقه النظام وتدعمه موسكو من ثلاثة اعوام! 3 - ان تعود المعارضة الى بيت الطاعة الأسدية وتنخرط معه في ما يسمى الحرب على الارهاب! لا ينكر احد ان هناك تنظيمات ارهابية وتكفيرية تسربت لتعمل الآن في سوريا، بعد مرور عامين على المذابح والفظاعات التي تمادى النظام في ارتكابها تحت مظلة الرعاية الروسية وفي ظل التعامي الاميركي الخبيث، الذي لم ير بحور الدماء كما رأى (بعيون اسرائيلية) ترسانة الاسد الكيماوية، لكن من الواضح ان هذه التنظيمات باتت تقاتل المعارضة الى جانب النظام الذي صنعها في الاساس، ويتحدث بعض التقارير الميدانية الاخيرة عن مشاركة ايران في دعم «داعش» مثلا، في اطار السعي الى تصوير المعارضة وكأنها حركة ارهابية، وهو ما يشكل هذا خذفاً كلياً للشعب السوري المذبوح! لم يكن ما اعلنه ميخائيل بوغدانوف من «ان تلميحات الاسد الآن لا تشجع على الحل» اكثر من محاولة لتزحيط المعارضة نحو جنيف (لاحظ كلمة الآن اي عشية المؤتمر)، وبالرغم من هذا سارعت موسكو الى النفي، لكن سيرغي لافروف ذهب أبعد من ذلك عندما اعلن صراحة الرغبة في اعادة انتخاب الاسد بقوله «ان الغرب بدأ يدرك ان بقاء بشار الاسد على رأس السلطة ليس بالأمر الخطر مثلما لو سيطر الارهابيون»، ثم كرر نظريته التي تبناها النظام السوري وهي «ان وظيفة مؤتمر جنيف حشد المجتمع الدولي وراء الحرب على الارهاب في سوريا، ومن الضروري توحيد جهود المعارضة والحكومة لمواجهة القوى المتطرفة»! الائتلاف الوطني رد بالقول ان الجميع يريد محاربة الارهاب لكن المشكلة ان المجتمع الدولي لا يحدد الارهاب بشكل واضح، «عندما لا يرى ان الاسد ارهابي قبل (جبهة النصرة)، وان الارهابي الحقيقي هو الاسد واعوانه من ميليشيا (حزب الله) وابو الفضل العباس التي تديرها ايران». في مقابلة مع وكالة «نوفوستي» قال لافروف الذي لا يرى إلا بعين واحدة انه «في النقاشات الخاصة وحتى في بعض تصريحات شركائنا الغربيين، تبرز فكرة انه في حال وصول الجهاديين والارهابيين الى سدة الحكم فسيطبقون الشريعة وسيذبحون الاقلية ويحرقون الناس»، يأتي هذا في حين كان الاسد يهدم حلب ودرعا على رؤوس المدنيين بالقنابل البرميلية، ولكأن القتل بالسكاكين ارهاب اما القتل الجماعي بمدفعية الميدان وبصواريخ سكود الروسية وبسلاح الطيران وبالكيماوي ليس من الارهاب الذي فتك حتى الآن باكثر بما يقرب من 150الف سوري! مؤتمر جنيف ساقط عندما يسقط مطالب الشعب السوري ويعتبره ارهابياً، وهو مسخرة عندما يريده الروس مناسبة لاعادة انتاج الاسد... ولكن الساقط اكثر بالمعنى السياسي والاخلاقي هو الموقف الاميركي الملتبس والمتراجع، الذي لا يمانع في استمرار المقتلة التي بات ينظر اليها في كواليس المخططين الاستراتيجيين في واشنطن، على انها مدخل مثالي ممتاز لإنزلاق الخصوم الى الرمال الدموية الاسلامية المتحركة. فهي المدخل الايراني الى خطر الفتنة المذهبية او «الحلم الاسرائيلي القديم»، الذي تغرق فيه طهران اكثر فأكثر، بما يزيد من مطواعيتها النووية، وهو المأزق الذي يندفع اليه الروس بعيون مفتوحة بما سيورطهم طويلاً مع كراهية المسلمين ويزيد من مشاكلهم حتى داخل عقر دارهم، وهو ما يريح واشنطن المنصرفة الى الاهتمامات الاسيوية والصينية... ويسعد اسرائيل التي تنام ملء جفونها وإن كان هناك من يصرخ ان القتال الى جانب الاسد الذي ذبح شعبه هو دعم لتيار المقاومة! |
![]() |
![]() |
![]() |
#437 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() إرهاب ببدلة وكرافات! هناك أشكال مختلفة ومتنوعة من ممارسة الإرهاب وكذلك تأييده. وللكنيسة الكاثوليكية سجل غير مشرف عن حقبة تعاون فيها البابا وقتها مع النظام النازي بألمانيا، وهذا التعاون كان بمثابة غطاء ومظلة لاستمرار مذابح ومجاز أدولف هتلر وحزبه النازي ضد الكثيرين في أوروبا، وهي المسألة التي لا تزال هذه الكنيسة تدافع عنها خجلا طوال هذه السنوات التي مضت، بينما كان موقف البابا يوحنا بولس الثاني من الاتحاد السوفياتي موقفا شجاعا، وأخذ موقفا صريحا بعدم مناصرة نظام يقمع شعوبه ويكتم حرياتهم. إذا لم تستطع قول الحق فلا تؤيد الباطل، وهذا تماما ما تفعله الكنيسة المارونية اليوم في لبنان بتأييدها «المبكر» جدا لنظام الأسد واعتباره دعامة للاستقرار في سوريا، وكان لها والأولى أن تصمت بدلا من أن تكون نصيرة للظالم وداعمة بالتالي للإرهاب. الإرهاب له عدة أشكال، فإرهاب الدولة كما هو حاصل في سوريا (وفي إسرائيل أيضا) هو إرهاب غير نمطي وبعيد عن الصورة التقليدية التي درج الإعلام في الغرب والشرق على تكرارها كالاسطوانة المشروخة منذ فترة ليست بالقليلة أبدا، ولا شك أن هذا الدعم من سلطة روحية عليا في المشرق، تمثل فرعا لكنيسة تعتبر الكنيسة الأكبر في العالم، لمجرم ديكتاتور دموي يعطيه الغطاء المعنوي والكفاية الأخلاقية التي تدعمه في مشروعه الحقير بالقضاء على شعبه كما يفعل ويقوم به بشكل همجي وعلى مدار يومي مخلفا أرتالا من القتلى وأضعافا مضاعفة من الجرحى بشكل غير مسبوق. وهو ما يجعل الكنيسة بالتالي شريكة في هذه الجريمة، ومساهمة بشكل مباشر في إرهاب الدولة الذي يقوم به الأسد. الورقة التي استخدمها نظام الأسد المجرم بأنه «حامي الأقليات» و«ضامن بقائها» في المشرق العربي لم يكن ليكتب لها الانتشار بل وحتى إمكانية القبول بالحديث عنها من دون هذا الغطاء «المقنع» من رأس الكنيسة المارونية بلبنان، وهو أمر بالمناسبة يتناقض كلية مع مبدأ وحديث وتصاريح سلفه نصر الله صفير، الذي كان دوما ينادي بضرورة «الخلاص» من نظام الأسد، والكنيسة كانت لها مواقف أخرى مشابهة مع أباطرة وطغاة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، لكنها في كل هذه الحالات كانت تصمت ولا تؤيد الطغاة على عكس الحالة السورية التي كان التأييد الفج فيها للمجرم بشار الأسد من قبل رأس الكنيسة المارونية معيبا ومخجلا للغاية، متغافلا بشكل يدعو للتعجب والدهشة الآلام والجرائم والدماء التي تسبب فيها نظام الأسد أبا عن جد بحق اللبنانيين عموما وبحق الموارنة تحديدا. ليس كل الإرهاب سواء ومتشابها، فمنه من يعيش بين الكهوف ويبدو رث الهيئة ومتربا، وهناك من هو حليق ووجهه يلمع ويرتدي الطقم الباريسي والكرافات الإيطالي وهو يبرق من شدة البريق واللمعان، لكن كليهما له الأثر نفسه وإن كان بأساليب مختلفة، وبالتالي لا بد من الإمعان فيهما معا لأنهما يشاركان في الجريمة نفسها مهما كانت النوايا وكانت التصريحات. إرهاب الكنيسة المارونية ومباركة الكنيسة الكاثوليكية لذلك الأمر بدعم النظام المجرم لبشار الأسد ضد شعبه المظلوم مسألة تستحق أن يطلب لأجلها الصفح والغفران والصلاة لذلك عقودا طويلة جدا من الزمان لأنها أم الخطايا. |
![]() |
![]() |
![]() |
#438 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() أحلام إيران الصدامية ووراثة أميركا في الخليج! يحاول الإيرانيون وراثة مطامع صدام حسين، أو بالأحرى أوهامه، حيال دول «مجلس التعاون الخليجي»، فقد سعى دائما إلى فرض العراق عضوا في المجلس بهدف ابتلاعه والهيمنة عليه. لكن منذ إنشائه عام 1981، حرص المجلس على أن يبقى في إطاره الخليجي، مؤسسة تقوم على التعاون بين أعضائه وتعمل على تعميق وترسيخ تلك المسيرة، التي تهدف في النهاية إلى قيام اتحاد يعكس على الأقل روح الكونفدرالية. كان واضحا منذ البداية أن الغاية الأساسية من قيام المجلس هي توحيد الصف الخليجي بما يعطيه قوة ومنعة، ويجعل منه كتلة وازنة تملك كل المقومات الضرورية لمواجهة الأخطار والتحديات المتزايدة، في منطقة تتقاطع فيها مطامع قوى إقليمية مندفقة ومتهورة، وخصوصا أن الثروة البترولية أججت الشهيات وظهرت دول المجلس كتفاحة يسيل لها اللعاب، في حين تزايدت المطامع الصدامية من جهة والاندفاعات الثورية الإيرانية من جهة ثانية، وهو ما أكد حتمية قيام المجلس كإطار جامع وموحد، يمثل ضرورة حيوية لاكتساب عناصر المنعة والقوة ومواجهة الاستهدافات المتزايدة. رغم كل هذا، لم تكن الحاجة إلى رص الصفوف وتوحيد المواقف ملحة كما هي الآن، غداة سلسلة من التطورات السياسية والاستراتيجية الداهمة، ولهذا بدت قمة مجلس التعاون في الكويت محطة تاريخية على حافة مفترقات إقليمية ودولية مهمة جدا، ذلك أن الاتفاق النووي مع إيران فتح ***** واسعة على احتمالات مقلقة تزامنت مع تحول في الأولويات الاستراتيجية الأميركية واضطراب في الدول العربية بعدما تحول ربيعها لسلسلة من الصراعات الدامية. عشية بدء القمة في الكويت، تعمدت طهران ترتيب جولة خليجية لوزير خارجيتها محمد جواد ظريف، بدت كأنه تهدف إلى تقطيع العصب الخليجي المتحفز لمواجهة الإسقاطات الإقليمية المحتملة للاتفاق النووي، من خلال إثارة عاصفة من النيات الحسنة والإيحاء بضرورة فتح البوابات أمام التعاون مع طهران على قاعدة الثنائية، التي من شأنها إضعاف وحدة النظرة الخليجية إلى الأخطار الإيرانية بعد تاريخ من التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية لمعظم دول مجلس التعاون، التي سجلت سلسلة من العمليات التخريبية الممتدة من البحرين إلى فلسطين ولبنان، مرورا بالعراق والكويت والإمارات والسعودية، وسوريا حيث تنخرط في الحرب إلى جانب النظام. قبل يومين من القمة، شكل «منتدى البحرين» للأمن الإقليمي منبرا لإطلاق رسائل متناقضة إلى الزعماء الخليجيين، فمن جهة ارتفعت تطمينات أميركية وبريطانية لتهدئة القلق المتزايد من «اتفاق الغفلة»، بعدما تبين أن أميركا وإيران انخرطتا منذ فترة في محادثات سرية عقدت في سلطنة عمان عضو مجلس التعاون، من دون أن تبادر واشنطن أو مسقط إلى إطلاع الإخوة والحلفاء على ما يجري، وهو ما عمق الشكوك، ووسع إطار العتب والقلق، ومن جهة ثانية ارتفعت مواقف بدت كأنها عملية دس للقنابل بهدف تفجير القمة وتفكيك عرى مجلس التعاون! الوزيران تشاك هيغل وويليام هيغ، حرصا على تكرار التطمينات للحلفاء الخليجيين بأن الاتفاق مع إيران لن يؤدي إلى التخلي عن الالتزامات حيالهم، ولا يعني قبولا بأي تفعيل للعبث الإيراني بشؤونهم الداخلية، وأن العلاقات الأمنية والسياسية لن تتغير بل ستتعزز، لكن هذا الكلام بدا بلا معنى إزاء قول باراك أوباما أمام مركز سابان في «بروكينغز» إن نسبة نجاح الاتفاق مع إيران لن تتجاوز 50%، وإن الحديث عن تفكيك البرنامج النووي الإيراني ليس واقعيا! الرياح الباردة هبت من عمان عندما وقف يوسف بن علوي ليعلن أن عمان تعارض الاتحاد بين دول مجلس التعاون وأنها لن تمانع في الأمر، لكنها ستنسحب من المجلس إذا قرر التحول إلى اتحاد. في حين كان الأفضل معالجة هذا الموقف تحت الطاولة الخليجية على غرار رعاية المفاوضات الإيرانية - الأميركية، فقد جاء كلامه ردا واضحا على دعوة نزار مدني إلى أن تكون دول الخليج يدا واحدة في مواجهة المخاطر في المنطقة، فالدعوة إلى الاتحاد تعبير عن ضرورة أمنية وسياسية واقتصادية واسترتيجية ملحة، لكن الأمير تركي الفيصل علق بالقول إن من حق عمان التعبير عن رأيها، لكن قيام الاتحاد حتمي، سواء التحقت به الآن أو في المستقبل. ما يزيد من عنصر المفاجأة في الموقف العماني، إحساس البعض بأنه ربما يعكس رغبات إيرانية، ذلك أن حسن روحاني ينظر إلى مجلس التعاون كمؤسسة فاشلة، وهو لا يتوقف عن الرغبة في وراثة أطماع صدام حسين، بل يذكر بأن إيران اقترحت عام 1990 تحالفا إقليميا موسعا يضم العراق وإيران إلى دول مجلس التعاون، بما يعني أن طهران تريد وراثة صدام ومن ثم النفوذ الأميركي بالهيمنة الإقليمية.. لكنه حلم لن يتجاوز أوهام صدام حسين البائدة! |
![]() |
![]() |
![]() |
#439 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الحرب على العرب: تعددت المداخل والمخرج واحد! خلال السنوات العشر الماضية، أي منذ الغزو الأميركي للعراق، دارت وتدور حرب شعواء على العرب: في الأرض والانتماء والسيادة. وتشارك فيها عدة أطراف: بعضها من أجل الثأر والانتقام، وبعضها من أجل الحصول على ما يمكن وما لا يمكن من الغنائم، وبعضها بسبب الخوف والاستضعاف، وبعضها الرابع لأنها تملك أو تتوهم أنها تملك مشروعات بديلة لحاضر العرب ومستقبلهم. أما الطرف الأول، أي طرف الذين يشنون الحرب على العرب من أجل الثأر والانتقام، فتقع على رأسه الولايات المتحدة الأميركية، وعدد من حلفائها الغربيين؛ فقد أوقعت الأصوليات الإسلامية المقاتلة ضررا ما أمكن رأب صدوعه في الهيمنة الأميركية، سواء في هجوم «القاعدة» عليها بأميركا وغيرها، أو في صراعها معها عندما استولت على العراق. وقد قاتلتها الولايات المتحدة وحليفاتها في الحرب العالمية على الإرهاب التي ما تزال مستمرة، كما قاتلتها بالعراق مباشرة، وهي بعد انكسار الهيمنة لهذا السبب ولأسباب أخرى دولية وعالمية، تحاول كل الوقت مقاتلتها بالواسطة من طريق استدراج عروض سواء من نظام بشار الأسد أو من جانب النظام الإيراني. بيد أن الأسلوب الآخر لمصارعة «الإرهابيين الجهاديين» فيتمثل عند الأميركيين (والبريطانيين والألمان) في إشراك أطراف دولية أخرى في تحمل مسؤولية المكافحة، إلى جانب الأسلوب المعتمد من الجميع في اختراق هؤلاء الانتحاريين، وإعادة توجيههم بحيث يقتل بعضهم بعضا، أو يقتلون العرب الآخرين. أما الطرف الثاني في الحملة على العرب، فأبرز جهاته روسيا الاتحادية والصين وإيران. وهذا الطرف يغتنم فرصة الانكسارات الأميركية والغربية ليعيد «التوازن» إلى النظام الدولي وصنع مناطق النفوذ في ديار العرب وغير ديار العرب. وتظهر الولايات المتحدة وبريطانيا انزعاجهما من هذا الضغط الروسي والصيني من جهة، كما تظهران استحسانهما. هما تظهران الاستحسان عندما يتعلق الأمر بضرب العرب في كل مكان بحجة ضرب الإرهاب. لكنهما تظهران انزعاجهما (وتضاف إليهما ألمانيا الاتحادية) عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا أو جورجيا أو كوريا الجنوبية أو اليابان. ولكي يستر الروسي مطامعه بعض الشيء، فإنه لا يكثر التركيز في الإعلام على الملف الأوكراني مثلا، بل يقول في النقاش حول جنيف 2 إن المقصود منه مكافحة الإرهاب (!) والإبقاء على الأسد خشية استيلاء المتطرفين على السلطة بدمشق إذا ذهب الأسد! ويدخل ضمن الطرف الثاني كما سبق القول: إيران وتنظيماتها المسلحة المنتشرة في المنطقة العربية، والأنظمة التي صارت تابعة لها، مثل النظام السوري والعراقي. وهم الإيرانيين (بعد التخلي عن النووي) الإفادة في عدة مسائل: تحويل مناطق نفوذها في العراق وسوريا ولبنان إلى توابع دائمة، والتوظف عند الغرب في مكافحة الإرهاب الإسلامي الذي يخشاه، وطمس الانتماء العربي في دول وبلدان مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، ونشر التشيع المذهبي والسياسي حتى باستخدام قصص الأقليات وضرورات حمايتها، والمزارات الشيعية المقدسة، وقضية فلسطين. وقد قال الأمين العام لحزب الله في خطابيه الأخيرين هذه الأمور كلها: مكافحة التكفيريين والإرهابيين (وهم جميعا عنده من العرب السنة)، وأن الصراع الذي يخوضه في سوريا ولبنان هو صراع «وجودي»، نعم وجودي: أي يكون الشيعة أو لا يكونون! وينسى من جهة ويذكر جماعته من جهة أخرى أنه كان قد قال إنه إنما يقوم بحملاته في سوريا بطلب من الولي الفقيه، وإنه مستعد للذهاب بنفسه إذا اقتضى الأمر، وإنه مستعد لمحاججتنا أمام الله يوم الحساب، في صحة وأحقية ما يقوم به! والطرف الثالث الذي «يهجم» على العرب، هو الطرف الذي يعتقد أنه بذلك يدافع عن نفسه، بحجة أن خوفه من «التكفيريين» يفوق خوفه من الروس والأميركيين والإيرانيين. وعندما نقول إن هذا الطرف «يهجم» على العرب أيضا فنحن لا نعني أنه بالضرورة مثل بشار الأسد يقف في مقدمة الصفوف، بل إنه يبرر بذلك تقربه من إيران وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، وتخليه عن النظر في المآسي النازلة بالإنسان العربي في كل مكان. وإذا كان من بين «المشاركين» في هذا التكتيك عرب يتكاثرون؛ فبينهم أيضا وزير خارجية العراق هوشيار زيباري، الذي يقول إن سوريا ستصير مثل أفغانستان أو الصومال، وينسى أن النموذج الأبرز لما نزل وينزل بالعرب ما نزل بالعراق نفسه. وهو «الحل النهائي» (على طريقة هتلر)، الذي تريده جهات أخرى فاعلة في المسرح الدولي، وفي المعمعة الإقليمية! أما الطرف الرابع المشارك في الحملة على العرب بالوسائل المتاحة، فيتكون من بقايا القوميين (العرب)، وبقايا اليساريين (العرب والدوليين). ويقف على رأس هؤلاء «الأستاذ» (هكذا يسميه المعجبون به) محمد حسنين هيكل. وقد جاء إلى لبنان قبل أيام بدعوة من رئيس وزراء لبنان المستقيل نجيب ميقاتي، وقابل نصر الله مرتين، وافتخر في وسائل الإعلام المصرية ولاحقا بأن خامنئي اتصل به وكذلك بشار الأسد ومحمود عباس. وما هو الموضوع؟ الانتصار لإيران وبشار الأسد في «الصراع الاستراتيجي»! أي صراع استراتيجي؟ وكيف؟ ومن أجل ماذا؟ ضد المملكة العربية السعودية ولا شيء غير! وقد كنا نحاول منذ سنوات أن نفهم هذا التقدير الاستراتيجي العظيم من جانب هيكل عندما كان يخرج على قناة «الجزيرة» ليشيد بالكفاح المقاوم ضد إسرائيل وأميركا. أما الآن والإيرانيون سائرون نحو تحالف مع الولايات المتحدة، ومحادثات تفاهم على المستقبل مع إسرائيل (انظر مقالة صديقه فهمي هويدي في الـ«نيوزويك» الأسبوع الماضي)، ومع ذلك فإن موقفه لم يتغير بل ازداد حماسا (وموضوعية كما قال!) فيتبين أن همه الوحيد منذ وفاة جمال عبد الناصر وحتى اليوم كان وما يزال: العداء للعرب ممثلين بالخليجيين كما يقول أحيانا، وبالمملكة العربية السعودية بالتحديد في كل الأحيان! وما يقوله هيكل ويفعله، وهو الأخطر، أن موقفه هذا ليس موقفا منفردا أو شاذا، بل يشارك فيه معسكر كامل من العجائز والكهول ومن عدة بلدان عربية، تقتصر فضائله منذ قيام حركات التغيير العربية، على زيارة بشار الأسد كل فترة، وإظهار الفرح «لفتوحات» يقوم بها حزب الله والأسد مثل «فتح» بلدة القصير وذبح وتهجير سكانها! هؤلاء الأقلويون أناس انضووا منذ عقود تحت سلطة العسكريات، وتتجه أحقادهم وثرواتهم للانضواء تحت كنف السادة الجدد أو من يعتقدونهم كذلك. ولذلك لن أفاجأ بأن تكون رحلة هيكل المقبلة إلى سوريا أو العرق أو موسكو، ليعلمهم (كما يزعم دائما فهو معلم!) كيف يعقدون جنيف 2 مثلا، وليهنئهم بالبراميل المتفجرة وصواريخ سكود والكيماوي التي اخترعوها خصيصا لإنقاذ السوريين والعراقيين من الإرهاب القاعدي! هذه هي وقائع الحروب على العرب، التي بدأت بغزو العراق، وبلغت ذروتها بالإبادة الجماعية للشعب السوري. وكان حسن نصر الله قد قال في أواخر حرب يوليو (تموز) عام 2006 مع إسرائيل إنه لو عرف أن الأمور ستؤول إلى ما آلت إليه، لما شن تلك الحرب! فهل آن بالنسبة لنا أيضا أوان الندم؟ والجواب كلا. فقد أطبق هؤلاء جميعا على الأمة العربية قبل الثورات، ولا مخرج من الهول الحالي إلا بالإصرار على الخروج الإيراني، وخروج النظامين اللذين تبقيهما إيران على قيد الحياة في العراق وسوريا، أو يضيع المشرق العربي في الحروب والفوضى، باستثناء هيكل وقومييه بالطبع، «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ». |
![]() |
![]() |
![]() |
#440 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() حزب الله والمصائب الثلاث لم يمر خطاب حسن نصر الله في لبنان بلا ردود غاضبة، فمسؤول قوى الأمن الداخلي السابق اللواء أشرف ريفي رفض في تغريدة له على «تويتر» خطاب زعيم حزب الله الأخير، «لغة القرون الوسطى من تهديد وتكفير وتخوين». عادة، هذه لغة حسن نصر الله التي كان ينطق بها ويقيس بها حجم قوة حزبه في الأعوام الماضية، لكنها لم تعد مناسبة للوقت الحاضر، لأن وزن الحزب يتناقص. المصائب لا تأتي فرادى، فقد ابتلي حزب الله بثلاث منها دفعة واحدة، ستؤثر عليه، ليس فقط في الساحتين السياسيتين العربية واللبنانية، بل وحتى داخل المجتمع الشيعي اللبناني. مصيبته الأولى استنزافه بشكل ضخم في سوريا، والثانية ظهور جماعات متطرفة تقارعه على أرضه، فجماعة أحمد الأسير أصبحت مشكلة له ترفض أن تختفي. والثالثة هي الأخطر، أنه أول من سيدفع ثمن المصالحة الأميركية الإيرانية، ضمن اتفاق نهائي يوقع لاحقا. ولهذا كان محقا أحمد الحريري، أمين عام تيار «المستقبل»، عندما نصح نصر الله بأن يتواضع، لأن الأيام المقبلة ستكون أصعب ما مر عليه. فحزبه ينزف دما في سوريا لم ينزف قدره منذ تأسيسه قبل ثلاثة عقود، وأكثر مما فقده في مواجهاته مع إسرائيل الماضية، وخسائره لا تزال مستمرة. وعلى الجبهة الداخلية بلغ التطرف بين السنّة الشماليين مبلغه، وصاروا ينظرون إلى حزب الله نموذجا يريدون تقليده، يريدون تشكيل جماعات مسلحة تملك سلطة السلاح على الأرض. وهذا تطور ليس في صالح حزب الله، ولا حتى في صالح تيار «المستقبل» والسنّة عموما، إنما هي نتيجة طبيعية لتحول حزب الله إلى ميلشيا محلية تفرض وجودها على الغير بالقوة. الشيخ أحمد الأسير، مثيل نصر الله لدى متطرفي السنّة، كان شخصا مجهولا واليوم أصبح رمزا للكثيرين منهم المستعدين لارتكاب أعمال انتحارية في أي اتجاه. الرزية الثالثة قد تكون قاصمة. لن يوقع اتفاق أميركي إيراني إلا وتفكيك حزب الله كتنظيم عسكري قوي سيكون على رأس بنوده. فالولايات المتحدة لن تمضي في اتفاق أمني عسكري وسياسي مع إيران دون موافقة إسرائيل، رغم الخلاف والتبرم الذي يبديه رئيس وزراء إسرائيل. فالاتفاق في أصله، هدفه نزع التهديد الإيراني النووي، وهو تهديد يخص وجود الدولة اليهودية، ولا يمكن أن يتوصل المتفاوضون إلى اتفاق على الضمانات من دون أرضاء الإسرائيليين. ومن المؤكد أنهم سيطالبون برأس حزب الله. فالحزب تاريخيا ولد ضمن الصراع الإيراني الأميركي في بداية الثمانينات، وتقوم القيادة في طهران بتمويله بالكامل ضمن مشروعها العسكري في المنطقة. وما دامت إيران تريد إنهاء حالة العداء مع الولايات المتحدة فلن يسعها الإبقاء على جماعتها المسلحة، وحزب الله تحديدا على رأسها. ويضاف إليه أن انهيار نظام الأسد سيجعل الحزب محاصرا بعد أن كانت سوريا الحامي والوادي له. وبين إنهاك حزب الله في سوريا، ومزاحمة المتطرفين السنّة له، والتضحية الإيرانية به في المفاوضات النووية، من الحكمة على السيد نصر الله أن يتواضع حقا، وينزل من الشجرة التي علق نفسه فوقها. مصلحته، اليوم وغدا، أن يدفع باتجاه لبنان يتسع للجميع مدنيا، وسلميا، لا تملى فيه القرارات بسلطة السلاح، ولا تهدد القوى السياسية المنافسة بخطب ترهيبية تكفيرية من الأقبية. ___________________________________________ خطاب المالكي في كربلاء ضد السنة عاد حديثا نوري المالكي رئيس وزراء العراق، من طهران بعد رحلة استجداء للحصول على الدعم السياسي من طهران للفوز في الانتخابات البرلمانية التي تحل بعد ثلاثة أشهر تقريبا. وفي الأيام الماضية، ذهب رئيس وزراء العراق نوري المالكي إلى مدينة كربلاء، وهناك رفع نبرة خطابه الطائفي ضد السنة. ذهب المالكي إلى هناك للمشاركة في إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين، لكنه حول المناسبة إلى كلمة كريهة مليئة بالتحريض وتهديد المعتصمين في الأنبار، بحجة ملاحقة قادة «القاعدة» وتنظيم داعش الإرهابي! الذي تصدى للمالكي ليس الشخصيات السنية العراقية، بل القيادات الشيعية، أبرزها السيد مقتدى الصدر الذي أصدر بيانا قال فيه: «سمعنا من الأخ المالكي تهديدا ضد التظاهرات الغربية، ولا يجب أن تكون مقدمة لتصفية الحسابات الطائفية مع أهل السنة، بل يجب أن يستهدف الإرهاب فقط». ودعا السيد الصدر المالكي إلى «إحالة مثل هذه الأمور إلى البرلمان للتصويت عليها قبل الإقدام على قرار تفردي، فقد يندم عليه الجميع». ومع أنه أرسل آلافا من جنوده، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الأنبار ذات الغالبية السنية، إلا أن المستهدف بالمعركة هم منافسوه من الزعامات الشيعية؛ فالمالكي يعرف أن حظه في الفوز شبه ضعيف في الانتخابات التي يفترض أن تجري في أنحاء العراق بعد نحو ثلاثة أشهر، ويعتقد أن حظه من خلال التصعيد الطائفي أفضل بتخويف الناخبين الشيعة للتصويت الانتقامي لصالحه. أحد القادة العراقيين الشيعة التقيته قبل فترة قريبة، هو من نبهني إلى أن المالكي مستعد لإشعال حرب طائفية بحثا عن حجة للتكسب الانتخابي، ويخشى أن يقود البلاد إلى ما هو أسوأ، وقال لا يستبعد.. إذا شعر المالكي أن ذلك لن يكفيه للفوز فقد يلجأ إلى تعطيل العملية الانتخابية البرلمانية برمتها، بحجة محاربة الإرهاب، والتمديد لنفسه عامين آخرين. لقد فشل المالكي في إدارة العراق، أمنيا وسياسيا وتنمويا، على الرغم من أنه حصل على امتيازات بعضها جعلته فوق القانون وفوق المحاسبة. هذا الرجل لم يعط الشعب العراقي، شيعته وسنته وبقية فئاته، شيئا يمكن أن ينتخبوه على أساسه. أفرغ الحكومة من وزرائها، وتولى معظم المناصب، وهمش دور البرلمان الرقابي، وهيمن على مؤسسات يفترض أنها مستقلة ورقابية، وشاع الفساد بين كبار موظفيه، وانتهى المواطن العراقي بلا أمن أو أمل في مستقبل أفضل. |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|