![]() |
![]() |
أنظمة الموقع |
![]() |
تداول في الإعلام |
![]() |
للإعلان لديـنا |
![]() |
راسلنا |
![]() |
التسجيل |
![]() |
طلب كود تنشيط العضوية |
![]() |
تنشيط العضوية |
![]() |
استعادة كلمة المرور |
![]() |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
![]() |
#321 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() انقسام الخليج حول مصر منذ إقصاء الرئيس محمد مرسي في مصر، والخليج منقسم أيضا على نفسه وفي جدل، لا يقل كثيراً عما تشهده الساحة المصرية، خاصة من جانب المحسوبين على الإخوان الذين انتفضوا في أكبر حملة وتظاهرة لهم سياسية وإعلامية. ولأن المنطقة تعيش توترا على كل الصعد فمن الطبيعي ان تصل ارتداداته إلى الخليج المكتظ بالعرب وبالأفكار الواردة من هناك. في الخليج، عادت الحكومات إلى مربعاتها السابقة كما كانت تقف منذ سنوات. المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين في جانب، والحكومة القطرية في جانب آخر! ويمكن قراءة المواقف من بيانات الحكومات والإعلام. وهذا يحدث بعد هدنة قصيرة من التوافق الخليجي على كل شيء تقريبا منذ بدايات الربيع العربي قبل عامين ونصف. بالنسبة لدول مثل السعودية والإمارات، وكذلك الكويت، تعي خطورة الفوضى في بلد مثل مصر، وتعتقد أن الوقوف ضد الوضع القائم قد يجرف مصر نحو الفوضى. والإخوان المسلمون في مصر، كما بدا واضحا خلال الأسابيع القليلة الماضية، مستعدون للسير ميلا إضافيا نحو المواجهة والفوضى بدلا من القبول بدعوات الحوار والتصالح. وهذه الدول الخليجية تعتقد أن دفع مصر نحو الفوضى يعني تهديدها بالتحول الى دولة فاشلة أخرى، مثل ليبيا وسوريا. وسيهدد فشل مصر كل منطقة الشرق الأوسط، ولن تستقر المنطقة لعقود طويلة. بالنسبة لقطر، يصعب علينا فعلا فهم منطقها السياسي لبلد لا يرتبط بها نظاما وايديولوجيا ولا اقتصادا ولا يمثل فيه المصريون عندها إلا أقلية! دعمها إجبار الجيش والقوى المصرية السياسية الأخرى على تبني المطالب الإخوانية عدا عن أنه أمر مستحيل له أيضا مضاعفات خطيرة، وبالتالي دعم الإخوان حاليا يزيدهم تشبثا بمواقفهم ويتسبب في فوضى بالغة الخطورة، فلماذا تفعلها قطر إذا؟! فعلا، فعلا، لا ندري ولا نفهم. تاريخيا، وعلى مدى نحو عشرين عاما قطر دائماً تبنت مواقف معاكسة لبقية شقيقاتها الخليجية، وجميعها انتهت كسياسة فاشلة. فقد منحت مساحة إعلامية لتنظيم القاعدة في التسعينات والسنوات التالية حتى بعد أن استهدف نشاط التنظيم السعودية والولايات المتحدة وبقية العالم. ساندت حزب الله وإيران رغم أن الحزب شارك في اغتيال قيادات لبنانية واحتل بيروت الغربية السنية. ساندت النظام السوري في لبنان، حتى عندما كان يقوم بقتل قيادات «14 آذار» واغتال رفيق الحريري. وتبنت عملية تأهيل نظام الأسد السوري لإصلاح علاقته بالغرب، خاصة في فرنسا! كما ساندت نظام العقيد معمر القذافي حتى عندما تورط في عمليات اغتيال ودعم مقاتلين ضد السعودية. والفاصل الزمني قصير بين السياستين، بالوقوف مع إيران وحزب الله والأسد والقذافي والوقف ضدهم من قبل قطر، بعد قيام الربيع العربي! أنا واثق من أن قطر ستغير سياستها تجاه مصر لاحقا، وستضطر للتعامل مع النظام المصري القائم، لأن مصر أكبر من أن تعاديها أو حتى تتجاهلها أي دولة عربية. الوضع الآن أخطر، لان أيام حسني مبارك كان النظام أقل فعالية وأقل شعورا بالخطر مما هو عليه النظام الحالي الذي يشعر بالقلق والغضب معا. |
![]() |
![]() |
![]() |
#322 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الملك عبد الله ومصر: مواقف تاريخية وخيارات استراتيجية يقود الملك عبد الله بن عبد العزيز موقفاً تاريخياً ورؤية استراتيجية في دعم الدولة المصرية والشعب المصري في خيارهما الواضح للوقوف ضد الإرهاب والفتنة. لقد تتابعت الدول المؤيدة للخطاب الرشيد من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين والأردن وغيرها، وهذا ليس غريباً على سياسة السعودية التي يقودها الملك عبد الله، فهو كان أول من اتخذ موقفاً صارماً تجاه ما جرى في سوريا لم تلبث أن تبعته عليه غالبية دول العالم، وهو اليوم يعيد التحالف الاستراتيجي مع مصر إلى مكانه الصحيح بعد محاولات اختطافها من قبل محاور معادية وجماعات إرهابية. إن العبارات واضحة والموقف حازم، وقد جاء في كلمة الملك: «لقد تابعنا ببالغ الأسى ما يجري في وطننا الثاني جمهورية مصر العربية الشقيقة، من أحداث تسر كل عدو كاره لاستقرار وأمن مصر، وشعبها، وتؤلم في الوقت ذاته كل محب حريص على ثبات ووحدة الصف المصري الذي يتعرض اليوم لكيد الحاقدين في محاولة فاشلة - إن شاء الله - لضرب وحدته واستقراره، من قبل كل جاهل أو غافل أو متعمد عما يحيكه الأعداء». وأضاف: «إنني أهيب برجال مصر والأمتين العربية والإسلامية والشرفاء من العلماء، وأهل الفكر، والوعي، والعقل، والقلم، أن يقفوا وقفة رجل واحد، وقلب واحد، في وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة لها في تاريخ الأمة الإسلامية، والعربية، مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء». وفي إشارة صريحة وموقف قوي يقول: «ليعلم العالم أجمع، بأن المملكة العربية السعودية شعبا وحكومة وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية، في عزمها وقوتها وحقها الشرعي لردع كل عابث أو مضلل لبسطاء الناس من أشقائنا في مصر. وليعلم كل من تدخل في شؤونها الداخلية بأنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذي يدّعون محاربته، آملا منهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان، فمصر الإسلام، والعروبة، والتاريخ المجيد، لن يغيرها قول أو موقف هذا أو ذاك، وأنها قادرة على العبور إلى بر الأمان. يومها سيدرك هؤلاء بأنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم». رحبت مصر بكل أطيافها رئاسة وحكومة وأحزابا وشعبا بهذا الموقف التاريخي، وعلمت بأن السعودية ستظل دائما في مكان الحليف الاستراتيجي الداعم لاستقرار مصر وأمنها ومكانتها الإقليمية والدولية. إن التحالفات الدولية تبنى على المصالح المتبادلة والرؤى المشتركة وليست اتحادا ولا استتباعا وعندما يصبح الحليف ضدا أو مترددا في غالب الملفات الكبرى في المنطقة تصبح إعادة النظر في طبيعة العلاقات حقا مشروعا. إن الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى هي دول عظمى من دون شك وجزء من أهميتها هو أهمية حلفائها على مستوى العالم وفي المنطقة بالذات، ومصر دولة كبرى في المنطقة والسعودية ودول الخليج كذلك، وهذه الدول مجتمعة شديدة الأهمية في التوازنات الدولية ولا ينبغي أن تجد نفسها مضطرة لإعادة حسابات تحالفاتها لأن ذلك سيكون تغيراً استراتيجياً يؤثر على كل مراكز القوى في المنطقة والعالم. إن من الممكن تفهم ردة الفعل الغربية التي تؤيد ما تعتقده «ديمقراطية» بناء على بنيتها الحضارية والسياسية، ولكن أن تتحول ردة الفعل تلك إلى سياسات وقرارات تؤثر سلبا على الدول ذات السيادة كمصر فينبغي لها أن تعرف مقدما حجم الثمن الذي ستتحمله. إن التوجه لمجلس الأمن ليس لعبة وإن كان لجلسة تشاورية انتهت بطلب المصالحة، فإذا اتجهت الولايات المتحدة والدول الغربية لاستصدار أي قرار ضد مصر فسيكون على مصر الدولة التفكير في إعادة صياغة علاقاتها التاريخية مع الولايات المتحدة منذ السبعينات. التوصيف الدقيق لما يجري في مصر هو أن الدولة والشعب يواجهان جماعة إرهابية تغنى مؤسسها في مذكراته بالنازية والفاشية والبلشفية وبزعمائها المجرمين غربيا وهي تقتل المدنيين وتهاجم أقسام الشرطة بالسلاح الحي وتحرق المنشآت العامة والخاصة، ورفضت كل وساطات الحوار والحل السياسي، وتحرق الكنائس ودور العبادة، وتتماهى في مواقفها مع تنظيم القاعدة. ينبغي للولايات المتحدة والدول الغربية أن يستحضروا أنه لم يُهذب التطرف الديني في السياق الحضاري والسياسي الغربي إلا عبر سلسلة طويلة من الصراع الذي كان دمويا في بعض مراحله، وتاريخ الصراع مع الكنيسة حتى وصلت لوضعها الحالي معروف ولا يحتاج لإعادة التذكير. لقد اضطرت الدول الحديثة لمواجهة العنف والتطرف بقوة الدولة حتى يستجيب لمتطلباتها ويتأقلم معها، وكما حدث ذلك في الغرب حدث في دول أخرى كتركيا وسنغافورة وغيرهما، ولم يصل إسلاميو تركيا إلى خطابهم الذي ربما خدع الغرب إلا بعد تلك المواجهات. لقد كان موقف الولايات المتحدة والدول الغربية من الأحزاب النازية والفاشية والبلشفية حازما على المستوى السياسي والفكري، وقد جرت محاصرتها بعد القضاء عليها وملاحقة أتباعها وتشريع وتقنين تجريمها الذي لم يزل ساريا حتى اليوم، هذا فضلا عن «المكارثية» التي ظلت سياسة ثابتة في سياسة الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة، والتي طالت ليس المنتمين لأحزاب شيوعية فحسب، بل بعض المتأثرين فكريا بأفكار اليسار في مؤسسات الدولة وفي الجامعات وغيرها. يعلم الباحثون المتخصصون أن تاريخ جماعة الإخوان مليء بالدماء وواقعها يثبت ذلك أكثر، وتاريخيا ففي لحظة حاسمة من تاريخ الولايات المتحدة كان رافعو شعارات الحذر من الدماء كثرا، ولكن توحيد البلاد واستقرارها ومنع المزيد من الدماء كان هدفا أسمى لرجل اسمه إبراهام لينكولن أطلق عليه البعض لقب «المؤسس الثاني». إن واحدا من تعريفات الدولة هو أنها المخولة باستخدام العنف والقوة، فالدول لا تواجه التهديدات الكبرى باللين والتسامح بل بالحزم، وعنف الإرهاب المدان والمجرّم ينبغي أن يواجه بقوة الدولة التي ليس استخدامها مشروعا فحسب، بل هو واجبها في حماية مواطنيها وأمنها واستقرارها. يتوجب على الدولة المصرية والشعب المصري توحيد الجبهة الداخلية ضد الإرهاب والعنف وإدارة معركتها السياسية والإعلامية بكل احتراف وعقلانية وصولا لبر الأمان وواحة الاستقرار عبر خارطة الطريق المعلنة والتي تحظى بإجماع وطني. أخيرا، فإن كلمة الملك عبد الله تعبر عن حديث العقل والحكمة والمصلحة، وهي مبنية من دون شك على معلومات ومعطيات لا تتوفر لكثيرين، والانحياز للعقل في زمن العواطف يجبر الآخرين على إظهار الاحترام حين تنكشف الغمة وتنقضي الأزمة. |
![]() |
![]() |
![]() |
#323 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الناصر.. عبد الله بن عبد العزيز في ذروة الحملة الإعلامية الغربية على «يقظة» مصر، من تخدير الحكم الإخواني، وفي ذروة الحرب الإعلامية التي تشنها وسائل الإعلام المنخرطة في الدعاية الإخوانية، عن وعي أو بدونه، وفي ذروة اللطم والنواح التركي من السلطان أردوغان.. في ذورة هذا كله، ومجاميع الإخوان ومسلحوهم، يعيثون في ميادين وشوارع مصر. الأميركان وكل الغربيين والأتراك وكل جماعات الأصولية السياسية في العالم ترمي مصر عن قوس، إعلامية وسياسية، واحدة. هنا تظهر معادن الرجال، وجواهر الدول، وحقيقة المواقف، يحصحص الحق، ويذوب الثلج ليظهر المرج، وتسقط كل الأقنعة، وتظهر الانحيازات الحقيقية. هنا كان عبد الله بن عبد العزيز على موعد الزمان والمكان، هنا السعودية. كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أتت برداً وسلاماً على قلوب المصريين، وغماً وهماً على قلوب أنصار هذه الجماعة المتقنة لعبة الدعاية والعمل السري، والحديث بأكثر من لغة ومقام. كلنا شاهدنا هذه الحرب العوان على أمن مصر، وعلى خيارها بالتحول عن خطة الإخوان، التي يبدو يوماً وراء يوم أنها تحظى بدعم الرئيس الأميركي باراك أوباما على طول الخط، لدرجة أنه قطع إجازته فقط ليوبخ مصر الدولة، ويحذر من عنفها، جاهلا أو متجاهلا، إرهاب جماعات الإخوان والمحسوبين عليها من سيناء إلى صعيد مصر مروراً بالإسكندرية والقاهرة. كان الملك عبد الله حاسماً واضحاً وهو يقول: «السعودية وقفت - وتقف مع مصر - ضد الإرهاب، والضلال، والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية». وإن الساكت عن الحق اليوم شيطان أخرس. وشدد خادم الحرمين - من دون اعتبار لترهات الغربيين والإعلام الغربي - «على حق مصر الشرعي في ردع كل عابث، أو مضلل، لبسطاء الناس من أشقائنا في مصر»، لافتاً إلى أن كل «من تدخل في شؤون مصر الداخلية، يوقد نار الفتنة، ويؤيد الإرهاب، الذي يدعي محاربته». خاتماً بثقته أن مصر ستعبر هذه الأزمة بأمان، وعندها - كما قال - سيدرك من خرّب في مصر، أو دافع عمن يخرّب: «أنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم». لاحظ أيها القارئ الكريم، حين تقول الكلمة الملكية عمن يهاجم إجراءات السلطة المصرية ضد الإرهاب والفوضى بأنه: «يوقد نار الفتنة، ويؤيد الإرهاب، الذي يدعي محاربته». استغراب في محله حقاً، كيف تدعي عواصم أوروبا الراكضة خلف واشنطن، السعي لمكافحة الإرهاب، وهي تدعم المناخ والثقافة والجماعات التي توفر البيئة الملائمة لتكاثر فكر هذه الجماعات. للتذكير كان الإرهابي عاصم عبد الماجد يخطب من على منصة رابعة العدوية، وكان محمد الظواهري، القيادي الجهادي، ينشط بحماس لدعم فوضى الإخوان الحالية قبل اعتقاله، ناهيك عن جماعات سيناء الإرهابية، التي وعدنا «السلمي» محمد البلتاجي أنها لن تتوقف حتى يعود مرسي للرئاسة! شكراً لملك الحزم والعقل عبد الله بن عبد العزيز. |
![]() |
![]() |
![]() |
#324 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() السعودية مع مصر ضد الإرهاب والضلال بكلمات واضحة مختصرة قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز: «ليعلم العالم أجمع أن المملكة العربية السعودية شعبا وحكومة وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية» ليرسم بذلك العاهل السعودي خطاً واضحاً لسقف التعامل الدولي، والإقليمي، والعربي مع مصر. بيان العاهل السعودي، التاريخي، جاء ليقول إن هناك من هو مع مصر، وهناك من هو ضدها، وإن السعودية تقف مع مصر والمصريين بكل وضوح، كما أن بيان العاهل السعودي قام بتسمية الأشياء بأسمائها حين وصف ما يحدث في مصر اليوم بالإرهاب والضلال والفتنة. وكان العاهل السعودي أيضاً أكثر وضوحاً، وهذه عادته، حين قال محذراً كل من يتدخل بمصر: «ليعلم كل من تدخل في شؤونها الداخلية أنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذي يدّعون محاربته، آملا منهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان، فمصر الإسلام، والعروبة، والتاريخ المجيد، لن يغيرها قول أو موقف هذا أو ذاك، وإنها قادرة على العبور إلى بر الأمان، يومها سيدرك هؤلاء أنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم». وأهمية خطاب خادم الحرمين الشريفين تكمن في عدة نقاط؛ أهمها ثقل السعودية وما تمثله دينياً وسياسياً واقتصادياً، وكذلك ما تمثله قيمة وثقل العاهل السعودي نفسه عربياً وإسلامياً، ودولياً، كما أن خطاب العاهل السعودي جاء بمثابة مشرط جراح متمكن في عملية بالغة التعقيد، حيث بادر العاهل السعودي إلى رسم الحدود المقبولة، وغير المقبولة، في التعامل مع أحداث مصر اليوم بسبب إرهاب الإخوان المسلمين، وذلك حين أعلن بكل وضوح أن بلاده وقفت وتقف مع مصر والمصريين، محذراً من التدخل في الشأن المصري، ومعتبراً ذلك التدخل بمثابة إيقاد لنار الفتنة، والرسالة هنا واضحة عربياً، وإقليمياً، ودولياً، ولدول بعينها، ولذا شهدنا كيف تحركت دول المنطقة مبارِكة ومؤيدة لخطاب العاهل السعودي الذي شكّل رافعة سياسية لمساندة مصر الدولة، والشعب، مما من شأنه وضع سقف أمام المزايدات التي تقوم بها بعض الدول تجاه مصر. ونقول إن خطاب الملك عبد الله كان بمثابة مشرط الجراح المتمكن في عملية معقدة؛ لأنه عمل على فض الاشتباك في صورة واضحة، لكن هناك من يريد تعقيدها بالتسطيح والتضليل، إذ هناك محاولات لتصوير ما يحدث في مصر على أنه شبيه بما يحدث بسوريا، أو غيرها من دول الربيع العربي، ويعمل على ذلك قوى وأطراف عديدة وواضحة، لا تتوانى عن التزوير والتضليل والتحريض السافر، إلا أن خطاب العاهل السعودي قام بفرز المشهد بكل وضوح، وتسمية الأشياء بأسمائها. موقف العاهل السعودي التاريخي هو موقف زعيم يريد حماية «الدولة» ممن يريد تدميرها، وموقف زعيم يريد تحصين المنطقة ممن يريد استباحتها. خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز خطاب تاريخي، ما قبله شيء، وما بعده شيء آخر تماما. |
![]() |
![]() |
![]() |
#325 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() مثلث استراتيجي جديد في الشرق الأوسط اللعبة التي تحدث في مصر اليوم، لعبة شديدة التعقيد وعالية التكلفة ومخاطرة من اجل جائزة كبرى فيما يعرف بالـ(high stake game) المشهد المصري يجذب إليه وربما يغري الكثيرين في المنطقة والعالم في التدخل في الشأن المصري من قوى عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية أو قوى متوسطة القدرات مثل تركيا أو قطر لصناعة مصر جديدة على هواهم أو ما يتخيلونه قد يعزز من مكانتهم في المنطقة. تحارب على لوحة الشطرنج الإقليمية قوى كثيرة تحاول تحريك قطع الشطرنج لمصلحتها، وبدا المشهد وكأننا نتحدث عن لبنان أو سوريا على الرغم من أن الصورة لم تكن أبدا كذلك. ولما بلغ الوهم مداه وصدق اللاعبون بأن لهم فرصة في مصر ظهر في المشهد لاعب قوي يملك من الثقل المالي والروحي ما يخاطر به على مستقبل مصر، هذا اللاعب الذي رسم قواعد جديدة للعبة الإقليمية على روح مصر هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي ألقى ببيانه الصارم بشأن مصر ووضع خلفه ثقل المملكة الديني والعربي والمالي. رسالة للعالم الاسلامي تصنف الوضع على أنه معركة بين الدولة والإرهاب، من منظور دولة هي الوجهة الروحية لمسلمي العالم أجمعين، فإذا كانت جماعة الإخوان تدعي ملكية الدين في مصر فهناك من هو أقرب منها لروح الدين، ولا ينافسه منافس على ذلك ألا وهي المملكة العربية السعودية. فمن يدعي أنه يتحدث باسم الاسلام، فهذا حديث من قلب بلاد المسلمين ومن مركز انطلاق الدين الحنيف. والرسالة الأخرى للدول التي تفهم الثقل الاقتصادي والجيوبوليتكي، فإنما تتحدث لأكبر دولة نفطية في العالم بثقلها المالي ومن خلفها وقفت دولة مهمة أخرى لا تقل عن المملكة في دورها الاقتصادي العالمي، فدولة الإمارات العربية المتحدة تعد قوة مالية ضاربة. لقد اصطفت القيادة الإماراتية خلف الملك السعودي في رقي دبلوماسي، فلم تصدر سوى بيان قالت فيه انها تقف قلبا وقالبا مع موقف العاهل السعودي تجاه مصر وتبعتهما دول أخرى في المنطقة. لم تسلك الإمارات سلوك الدول الباحثة عن دور التملك، بل وقفت جنبا إلى جنب مع المملكة في موقفها. وهذا هو الفرق بين سلوك دبلوماسي غير حصيف لبعض الدول الباحثة عن الأضواء، وبين دولة واثقة بنفسها لا يعنيها أنها تلعب دور الرجل الثاني أو الأول، وإنما العبرة عندها بفعالية الدور. المهم هو انه وفي ضربة واحدة رسم الملك عبد الله مدعوما بقوة المملكة وقوة الامارات المالية، موقفا عربيا واضحا في عقول قادة العالم فيما يخص الشأن المصري. الحقيقة هي انه رسم مثلث قوة.. مثلثا استراتيجيا جديدا يحرك العالم العربي، يتمثل في المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر بشكلها الجديد وقيادتها الجديدة. ومن هنا رسم الملك ملامح لعبة إقليمية جديدة. فما هي القواعد الجديدة للعبة التي رسمها الأشقاء في المنطقة، وما هو الشكل الاستراتيجي الجديد، وما هي المداخل والمخارج التي حددت ملامح المشهد، قبل ان نتحدث عن مدى فعاليتها وتأثيرها وقدرتها على تخفيف الضغط على مصر وإنقاذ الدولة العربية الأم من تكالب الصغار والكبار عليها؟ أولا، الملك عبد الله في بيانه عرّف ما يحدث في مصر بأنه مواجهة بين الدولة المصرية وقوى الإرهاب، وهذا التعريف في حد ذاته يمثل الإطار الاستراتيجي الحاكم للتحرك في القضية المصرية. اي انه وضع الجميع في العالم أمام مسؤولياتهم بين اختيار الفوضى أو الاستقرار في المنطقة. أهمية هذا التعريف في السياق الإسلامي هو انه لا يوجد من يزايد على بلاد الحرمين الشريفين في الإسلام. الذكاء الدبلوماسي في بيان الملك عبد الله هو ليس رسم إطار فحسب، وإنما تحديد مخرج لمن أراد أن يتراجع عن موقفه. فقد فتح الملك مخرجا للدول الكبرى للتراجع عن مواقفها عندما قال إن هناك من يشارك في عملية ضرب الاستقرار في مصر، إما عن جهل بالوضع نتيجة لنقص المعلومات، أو من هو متآمر. والقارئ العادي يفهم (أو يظن وليس كل الظن إثم) ان الكلام موجه لبعض دول المنطقة. وردات الفعل غير المنضبطة لبعض الساسة بعد البيان السعودي بساعات، توحي بأن الرسالة قد وصلت الى أصحابها. أما الأميركيون والأوروبيون فكانت لهم نافذة الخروج والتراجع واضحة في عبارة «جاهل أو غافل» وفي هذه العبارة عتب ودعوة لمراجعة النفس للابتعاد عن السقوط في فخ المؤامرة على مصر التي تحوكها قوى إقليمية صغيرة أو متوسطة. وظني أن الموقفين الأوروبي والأميركي سيتراجعان أمام الضغط السعودي والإماراتي، بكل ما للإمارات من ثقل مالي عالمي. وقد جاء الغضب التركي السريع بهذه الحدة الانفعالية، لأن الضربة السعودية هي الثانية بعد الضربة الإماراتية المباغتة من خلال تجميد استثمارات مالية بين الإمارات وتركيا. وتجميد هذه التفاعلات المالية كان موقفا نبيلا من دولة الإمارات تجاه الشقيقة مصر، وكان موقفا موجعا بالنسبة لتركيا. وبشكل عام وليس في الأزمة المصرية فقط، وإنما في السورية أيضاً، كان واضحا أن للتحالف السعودي الإماراتي رؤية استراتيجية لمستقبل سورية ما بعد بشار الأسد مخالفة أو مغايرة لموقف التحالف الآخر. إذن تركيا وقطر في ناحية، والإمارات والسعودية في ناحية أخرى من حيث التصور الاستراتيجي للأمن والاستقرار الإقليميين. ومن هنا نعرف إلى من كانت رسالة الملك عبد الله في الجوار القريب. كما يتضح مغزاها للغريب . وتاريخ المملكة في لحظات الجد ونقاط التحول الاستراتيجي، يشهد أنه دائماً عندما تخير المملكة بين مصر وأميركا والغرب عموما، تنحاز السعودية إلى مصر والمنطقة من دون تردد. وكان هذا واضحا في موقف الملك فيصل بن عبد العزيز، رحمه الله، في حرب 1973 فيما عرف يومها باستخدام سلاح النفط، ليجبر الدول الغربية على تغيير مواقفها. موقف الملك عبد الله بن عبد العزيز اليوم على الرغم من أنه ليس في نفس الظروف الدرامية لحرب مشتعلة، إلا أنه لا يختلف كثيرا عن موقف الملك فيصل. موقف حاسم جامع مانع في تعريفه للمشكلة ووسائل التعامل معها. ويجب ألا نخدع أنفسنا ونقول إن الموقف السعودي أو الإماراتي هو شهامة أشقاء وحسب، بل إن هذه الدول هي دول راشدة تعرف معني التحديات الجيوبوليتكية لأمنها واستقرارها، فانهيار الوضع في دولة بحجم مصر له تبعات على الإقليم برمته. والسعودية منذ قيام المملكة تلعب لعبة التوازنات الإقليمية بحرفية عالية، مما جنب هذا البلد الكبير، الكثير من المخاطر التي يتعرض لها البعض. إذن الدول (ورغم اعتزازي كمصري بموقف خادم الحرمين الشريفين) ليست جمعيات خيرية تتخذ مواقف من جانب العطف أو الشفقة، ولكنها تتخذ مواقف تحكمها رؤية، وهذه الرؤية كانت ماثلة للعيان في كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز. لا تهاون في استقرار مصر، لأن في استقرارها استقرارا للإقليم، ولا تراجع عن محاربة قوى الظلامية والإرهاب، وبهذا حدد إطارا أخلاقيا جديدا لطبيعة الصراع في المنطقة. ليست الديمقراطية، وإنما الاستقرار ومجابهة الإرهاب وترويع الآمنين، هي أولوية الحكم في المنطقة بعيدا عن اللعب بالنار وبأمن وسلامة الشعوب. الموقف السعودي تجاه مصر أيضاً له بعد إسلامي لافت لنظر القريب والبعيد، لما للمملكة من مكانة في العالم الإسلامي كحاضنة للحرمين الشريفين. ففي التو واللحظة أدى البيان السعودي إلى عملية فرز مصرية داخلية، فكما جاء الرد من البعض سريعا على كلمة الملك عبد الله، نجد في المقابل الرد الإيجابي في مصر ممثلا في تغير موقف حزب النور السلفي الذي يرى في المملكة مرجعية ومصدر إلهام، مما أدى الى ابتعاد مباشر وسريع للتيار السلفي عن الإخوان في مصر. المملكة ومع دولة الإمارات الشقيقة قررتا حماية قلعة العرب الأخيرة مصر من تكالب القاصي والداني، حماية مصر من عبث الصغار ومخططات الكبار. إن وقفة المملكة مع مصر بهذه الشجاعة والقوة والجرأة في الوقت الذي كان فيه من الممكن لها أن تصدر بيانا يعفيها من اللوم، هو موقف نادر في شجاعته. ولا تقل إشادتي بقيادة المملكة عن إشادتي ومع غالبية الشعب المصري بالدور الإماراتي الجريء والرائد المساند للاستقرار في مصر ضد قوى الإرهاب والتطرف. وقوف الملك عبد الله بن عبد العزيز وشعب المملكة مع مصر، ووقوف الإمارات العربية المتحدة شعبا وقيادة معنا، عطل ما تحوكه بعض الدول لنا. شكرا لكم، فأحيانا لا بد من الحزم السياسي لرسم ملامح مثلث القوة الجديد. |
![]() |
![]() |
![]() |
#326 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() ما يحدث في مصر يقرر مستقبل المنطقة! كانت غريبة ومثيرة للاشمئزاز حفلة البكاء والعويل التي دعا إليها الغرب وشارك فيها، على الديمقراطية في مصر، وكأنها كانت شجرة وارفة مليئة بالثمار وجاء 30 مليون مصري يدعمهم الجيش وقطعوها، فسالت دماؤها على أحضان السياسيين والصحافيين الغربيين، فارتدوا كلهم السواد على ديمقراطية لم يكن الإخوان المسلمون، حسب آيديولوجيتهم، يعترفون بوجودها، أو مارسوها. ثم بدأت التهديدات، وذلك دفاعا عن «الإخوان»، واستمر «الإخوان» في ممارسة ما يتفوقون به، أي استفزاز الأغلبية والجيش في مصر، متأكدين من أن الغرب لن يرى سوى جيش بخوذات ورشاشات، وسيتجاهل عن عمد رجال «الإخوان» وهم يطلقون النار من مآذن المساجد التي حولوا قاعاتها إلى سجون وغرف تعذيب وإذلال. كتبت ماري دييفسكي في صحيفة «إندبندنت» البريطانية، يوم الأحد الماضي: «إن سذاجة (الإخوان) وتقبل الشهادة لعبا دورا في زيادة عدد القتلى، وهذا ليس بعذر». كان «الإخوان» يتطلعون لأن يعاقب الغرب الجيش المصري، هذا هدفهم، فالجيش يعتمد على قرار سياسي واحد، وهناك قيادة تقرر الأمر بإطلاق النار أو عدمه، وبالتالي، وكما توقع «الإخوان»، الذين يعرفون جيدا بأي طريقة يتعاطون مع الغرب، انصب غضب العالم الغربي على قيادة الجيش المصري. قبل أن يقرر الجيش إنهاء اعتصام «الإخوان» في ميداني «رابعة العدوية» و«النهضة»، كان الأوروبيون ينتقدون السياسة الأميركية في مصر، وطريقة تعاملها مع المؤسسة العسكرية هناك، وتفاهمها مع «الإخوان». كان الأوروبيون متأكدين من أن «الإخوان» يحضّرون فعلا لتفتيت الجيش عبر تنظيمهم السري بين صغار الضباط، وعبر الابتزاز بنشاط الجهاديين الذين تربطهم علاقة بهم في سيناء، كما أنهم كانوا خطيرين إقليميا بعلاقتهم القوية مع تركيا، وأيضا بالخطوط المفتوحة مع إيران. وكانت معلومات الأوروبيين أن «الإخوان» المصريين ذاهبون حتى النهاية. وإذا صدقنا نظرية المؤامرة، وقد بدأ كثيرون في العالم العربي يصدقونها، فإن خطة الولايات المتحدة قبل أن تنسحب من الشرق الأوسط (ستكون مكتفية نفطا وغازا مع عام 2015، وتصبح قادرة على التصدير عام 2018) كانت تقضي بتثبيت حكم الإخوان المسلمين، في كل منطقة الشرق الأوسط، حتى عندما تلتفت لتركيز سياستها على الصين وآسيا، تحرك «الإخوان» إذا ما احتاجت إلى ذلك في روسيا والصين، حيث التجمعات المسلمة. كتجربتها السابقة، عندما تدخلت، في إطار «درع الجزيرة»، لإنقاذ البحرين، فحمت تلك الجزيرة من العبث الإيراني، لم تتردد السعودية في الوقوف إلى جانب مصر، لإنقاذ جيشها وحمايتها من مخطط «الإخوان». القرار السعودي لم يكن وليد الساعة؛ فمنذ أكثر من عام والسعودية تتعاون مع دول أخرى لاحتواء الضرر، الذي تسببت به السياسة الخارجية الأميركية. اعتقد «الإخوان» أن الفوز في الانتخابات نهاية العملية السياسية؛ لم يفكروا للحظة أن الناس انتخبوهم لأسباب، فإذا لم تتحقق، فسيسحبون الثقة منهم. انتظر الجيش وقتا حتى شعر بوجود تململ شعبي من تدخلات «الإخوان» في كل أجهزة الدولة، ما عدا «القوت اليومي للفرد المصري». وإذا كان الجيش يريد إقصاء «الإخوان»، فإن الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة كان ذكيا بأن أعطى الشعب الأسئلة جرعة جرعة، عما إذا كان يريد أن يحكمه «الإخوان». ثم كان السيسي واضحا عندما قال للشعب: «أحتاج لتفويضكم ودعمكم». وكان له ما أراد. عندما أطاح الجيش بمرسي من الحكم، كانت مصر على حافة مجاعة. أغلبية الفقراء كانت تعيش فقط، ولأشهر، على رغيف الخبز المدعوم من الدولة، حتى الاستمرار بتوفير الخبز كان في خطر. وعندما ضخت السعودية المال جلبت معها دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت (مبلغ 12 مليار دولار)، فكان هذا كافيا لتجنيب مصر كارثة إنسانية. انشغلت واشنطن بإيجاد طريقة لإنقاذ من اعتقدت أنهم معتدلون، وأنه إذا ما أطيح بهم من الحكم فسيتحولون إلى راديكاليين، لكن «الإخوان» ليسوا بالحركة المعتدلة إطلاقا؛ حاولوا بإحراقهم كنائس الأقباط وأملاكهم بأن يحولوا الصراع إلى صراع مذهبي، لكن المسلمين حموا الكنائس والناس وأصدر السيسي بيانا قال فيه إن الجيش سيعيد بناء كل الكنائس التي أُحرقت. الديمقراطية التي بكى عليها الغرب وعلى مرسي، ليست حكم الأغلبية، بل حماية حقوق الأقليات. مرسي همّش كل الأقليات في مصر؛ من الأقباط إلى الشباب المثقف الذي لا يمكن لأي دولة عصرية أن تزدهر من دونه. وما تعتقده واشنطن ديمقراطية على يد «الإخوان»، كان في الحقيقة «أخونة» مصر، وهذه كانت ستفشل حتما، وتتحول مصر إلى دولة مفككة. الرئيس باراك أوباما ألغى مناورات النجم الساطع (ألغيت عام 2011)، لكن هذه المناورات التزمت بها أميركا منذ عام 1980، عند توقيع اتفاقية السلام، كما التزمت المساعدات العسكرية (البيت الأبيض علق سرا المساعدات العسكرية لمصر). ما أقدمت عليه إدارة أوباما كان إخلالا باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ودعوة صريحة للجيش المصري للبحث عن مصدر آخر. الآن، إذا تخلى الجيش المصري عن اجتثاث الإرهاب في سيناء، لأنه يريد الانصراف لحماية الداخل، ماذا سيكون عليه الوضع في سيناء، وبالتالي انعكاساته على إسرائيل؟! والأخيرة غازلت «الإخوان»، طوال فترة حكمهم، بسبب الوعود التي قطعوها للأميركيين بشأنها، وهي الآن تطلب من واشنطن عدم زعزعة المؤسسة العسكرية المصرية. هاجت واشنطن، وسالت الدماء ما بين وزارتي الدفاع والخارجية؛ الأولى تريد إعطاء المجال للجيش، والثانية مصرّة على التمسك بنتائج الانتخابات. الانتخابات في مصر لم تكن نزيهة، أما الانتخابات التي أوصلت حركة حماس إلى الحكم فكانت نزيهة، لماذا قاطعت واشنطن والعالم «حماس»، وعملت مع دول خليجية على نسف المصالحة التي رعاها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بين «حماس» و«فتح»؟ ألم تصل «حماس» عبر الانتخابات، وما تردده واشنطن بأنه كان على المصريين والجيش الانتظار حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؛ الموعد الذي حدده مرسي لإجراء انتخابات، قد يتطابق مع ما أقدمت عليه حماس في تأجيل الانتخابات منذ 2006، حتى اليوم! ليس مفهوما كيف لا يهتم الغرب برأي أكثر من مليار مسلم، ويهتم فقط بمصير تنظيم ليس حزبا إنما تحول إلى نوع من «مذهب غامض غير شفاف»، إذ من أين كان يأتي الإخوان المسلمون بالمال قبل الثورة وبعدها وأثناء الاعتصامات؟ إذا قررت واشنطن أن لا تتمسك بأهمية مصر؛ الدولة العربية الأكثر كثافة، التي تصل أفريقيا بالعالم العربي وتسيطر على قناة السويس، فقد رفع المصريون في «ميدان التحرير» صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. إن ما يحدث في مصر سيقرر مصير المنطقة، وليس ما يحدث في سوريا. السعودية أنقذت مصر من مخالب «الإخوان» بدعمها المؤسسة العسكرية، ولن يكون هناك حوار داخلي في مصر. تعرف السعودية أن مسؤولية الجيش المصري أبعد من مصر؛ تتضمن إعادة الاستقرار إلى السودان ومواجهة خطر «القاعدة» في ليبيا وسيناء. وتعرف السعودية أن الخطر الأساسي على المنطقة يأتي من «القاعدة» والمتحالفين معها. المقاتلون الإسلاميون من الشركس والشيشان والداغستان تنظر إليهم روسيا كخطر أمني أساسي. يمكن الآن العمل على تهدئة الأوضاع في المنطقة. وهناك حديث عن زيارة سيقوم بها بوتين إلى مصر. في وثائق «ويكيليكس» يتذكر وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس أن بوتين قال له إن الخطر المستقبلي على روسيا هو إيران! الآن، أمام التخبط الغربي، لا بد أن الروس يستعدون للعب أدوار إيجابية كثيرة في الشرق الأوسط، والتحالفات الاستراتيجية المستقبلية قد تبرز بعد مرحلة بشار الأسد. السعودية تريد حماية مصر وسوريا من أن تصبحا دولتين فاشلتين. الموقف السعودي الجديد قد يساهم في تقارب أميركي - روسي، أو يتسبب في تكوين تحالفات جديدة! وعلينا ألا ننسى الصين وحاجتها للنفط الخليجي. |
![]() |
![]() |
![]() |
#327 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() السعودية ومصر.. وضع النقاط على الحروف عندما نوَّه التلفزيون المصري، مساء الجمعة الماضي، إلى أنه سوف يذيع بعد قليل، بيانا لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، حول الوضع في مصر، فإن كثيرين توقعوا أن يأتي البيان على نحو ما جاء عليه، من وضوح، وحسم، وتسمية للأشياء بأسمائها الحقيقية، من دون التغطية عليها، أو الدوران حولها. وحقيقة الأمر، أن قوة بيان الملك عبد الله، لم تكن فقط في اللغة القوية، التي جرت صياغته بها، ولا في العبارات الفاصلة، التي جرى عليها، من أول كلمة، إلى آخر حرف فيه، بقدر ما كانت في توقيت صدوره، وهو ما أدى إلى ردود فعل إيجابية كبيرة، صدرت في عدة عواصم بعده بساعات.. لا أكثر! ذلك أننا نذكر جيدا، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، كان قد ألقى بيانا هو الآخر، قبل بيان خادم الحرمين الشريفين بـ24 ساعة، أعلن خلاله إلغاء المناورات العسكرية المشتركة لبلاده، مع القوات المسلحة المصرية!!.. صحيح أن أوباما أدان في البيان نفسه، العنف في مصر، إلا أنه، مع الأسف، لم يشأ أن يحدد في بيانه، أي عنف بالضبط، هو الذي يدينه، ولو أنصف الرئيس الأميركي لكان قد قال للعالم إن الشرطة المصرية تواجه هجوما مسلحا، من جماعات عنف، وإنها كجهاز أمني، لا يمكنها أن تقف وتتفرج، وهي ترى أن هناك عناصر إخوانية تهاجم المنشآت الحيوية في البلاد، بالرصاص الحي! لو أنصف الرئيس أوباما، لقال هذا، ولكان عندئذ، يتكلم عن واقع على الأرض، ولو أنصفت سفيرته في القاهرة، السيدة آن باترسون، لكانت قد أمدت رئيسها بمعلومات دقيقة، وأمينة، عما يجري فعلا، ولكانت قد قالت له، إنه لم يحدث أن بادرت الشرطة المصرية بإطلاق رصاص على أي متظاهر، أو معتصم، وإنها، أي الشرطة المسؤولة عن حفظ الأمن في البلد، لا تبادر باعتداء، ولا تأتي حركتها في هذا الاتجاه، إلا على سبيل رد الفعل، لا الفعل على الإطلاق! إن أي متابع أمين لعملية فض اعتصام الإخوان في ميدان رابعة، وفي ميدان النهضة، التي جرت قبل بيان أوباما، بيوم، وقبل بيان الملك عبد الله، بيومين، يعرف جيدا أن هذا الاعتصام دام في مكانه شهرا ونصف الشهر، وتحديدا من 3 يوليو (تموز)، إلى 14 أغسطس (آب)، حين تقرر فضه، بالقانون، وأن الحكومة المصرية طوال الشهر ونصف الشهر، وجهت عشرات النداءات إلى المعتصمين، بأن يغادروا الميدانين، في أمان وفي سلام، مع تعهد كامل منها بأن أحدا لن يلاحقهم، ولن يطاردهم.. ولكن من دون جدوى! فماذا، إذن، كان على الحكومة أن تفعل، وهي تملك معلومات عن أن التجمع في المكانين، لم يكن سلميا بالمرة، وهو ما تؤكده كميات السلاح التي ضُبطت في الموقعين أثناء وبعد إجلاء المعتصمين عنهما؟!.. ماذا كان عليها أن تفعل؟! وهل تقبل حكومات إنجلترا، أو فرنسا، أو أستراليا، التي استدعت السفراء المصريين لديها، لتستفسر منهم عما جرى خلال عمليات الفض، وعَمن سقطوا قتلى أو مصابين.. هل تقبل أي حكومة منها، أن يقوم اعتصام على أرضها، من نوع ما كان قائما في القاهرة، لشهر ونصف الشهر، ثم تسكت عنه؟! إن ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا ذاته، هو مَنْ قال يوما، بأن أمن بريطانيا، فوق أي حق من حقوق الإنسان.. لقد قالها في مواجهة مظاهرات في بلده، كانت في طريقها، لو تركوها، إلى أن تهدد أمن بلده بكامله، وهو بالضبط ما كان حاصلا مع اعتصامي رابعة والنهضة!.. هل هو حلال لتلك العواصم، وحرام علينا، إذا أرادت حكوماتنا أن تحفظ أمن الوطن، من سلوكيات طائشة، لجماعات عابثة؟! لست أبدا مع إراقة نقطة دم واحدة، من جسد أي إنسان، حتى ولو كان هذا الإنسان عدوا مباشرا لي.. ولكن.. هناك في المقابل أمن أوطان، لا يمكن أن يتحقق إلا إذا واجهت الدول، في هذه الأوطان، عبث البعض، بما يليق به، ويستحقه، من قوة، وجدية، وتطبيق للقانون، لا يمكن أن يحتمل بطبيعته، المساومة، ولا الفصال.. وحين تسلك أي حكومة، هذا الطريق، فالواضح جدا، لكل ذي بصر، أنها تسلكه ضد البعض، لصالح الكل، أو ضد أقلية، لحساب الأغلبية من شعبها. كان هذا كله، وغيره مما يقف معه في صف واحد، واضحا في القاهرة، وضوح شمس أغسطس، طوال أسابيع مضت، ولكن لسبب ما، تعامى عنه البيت الأبيض، وتعامت عنه حكومات في أوروبا، وكأنها لا ترى ما لا يمكن التعامي عنه بأي حال! ولهذا، فقد جاء بيان خادم الحرمين الشريفين في وقته تماما، وجاء ليضع النقاط في الأمر كله، على حروفها، ثم جاء ليعلن أن السعودية، حكومة وشعبا، تدعم مصر، ضد الإرهاب، وضد الضلال، إلى آخر المدى، وهي لا تكتفي بذلك فقط، وإنما تدعو العرب والمسلمين كلهم، إلى بذل الدعم نفسه، لمصر، والمصريين. وعندما يصدر دعم من هذا النوع، من رجل في وزن الملك عبد الله، وعن دولة لها ثقل السعودية عند الأميركيين، وعند الغرب عموما، فإن لنا أن نتخيل حجم تأثيره، ولذلك، لم يكن غريبا، أن تعلن الكويت، والإمارات، والبحرين، والأردن، بعدها بساعات، تقديرها لموقف الملك، ووقوفها معه في المربع نفسه.. ولم يكن غريبا كذلك، أن يكون التقدير العميق، من جانب الدولة المصرية، هو أول رد فعل تجاه موقف المملكة تجاه شقيقتها مصر، وأن يقال، بحق، إن خادم الحرمين الشريفين سوف يدخل التاريخ، من الباب الذي كان قد دخل منه الملك فيصل، يرحمه الله، حين اتخذ موقفا مماثلا، مع القاهرة ودمشق، في حرب 73. |
![]() |
![]() |
![]() |
#328 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() دولة الإخوان «العميقة»! من يعرف ومن لا يعرف، الديمقراطي الحالم، الاستبدادي المطلق، العلماني المحلق، والأصولي المغلق، يعزف بعض من هؤلاء - بعض وليس كل لتنبيه الراصد الإخواني! - على قانون الدعاية الإخوانية، ويموسقون على مقاماته. اخترع جماهير الإخوان هذه الأيام شعارا وضعوه على معرفاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، عبارة عن أربعة أصابع مرفوعة، باللون الأصفر، دلالة على رقم 4 ودلالة على اسم ميدان رابعة العدوية. ميزة هذا الشعار، لي، هي أنه سهّل للمحتار معرفة من يسبحون في بحر الإخوان الآن، وكثير منهم أسماء تبعث على الدهشة، وكما قال لي صديق: شعرت أني أعيش بين أناس لست أعرفهم، كنت أظن أن المنتمي للإخوان، أو المتعاطف معهم من دون انتماء حزبي رسمي، له شارات واضحة، في المظهر أو النشاط، لكن فوجئت بالحابل والنابل، والراجل والراكب، والشجي والخلي، يمشون كما النيام على أقدامهم إلى داعي الإخوان، بعاطفة جياشة، وصمم كامل، وعمى تام، عن رؤية أي جانب آخر من الصورة، غير الإخوانية، في مصر وغيرها، بل وفي عناد صخري، حتى لأصوات «إخوانهم» في مصر من أبناء تيار الصحوة والحركات الإسلامية، وما الهجوم على الكاتب والناشط الإسلامي المصري جمال سلطان، من قِبل رموز صحوية سعودية، إلا مثال على هذا، فقط لأن جمال سلطان خالف الدعاية الإخوانية الكربلائية، وانتقد الإخوان وانعدام مصداقيتهم. جمال سلطان الذي كان صحويو السعودية يصدرون عن رأيه ويبجلونه فيما يقوله عن الحداثة والعلمانية.. لكنها الأهواء، ومقتضيات «النصرة» على طريقة الشاعر الجاهلي في الاصطفاف خلف «غزية» بحق أو بباطل. الإخوان، وأتباعهم، سواء عن وعي أو طمع أو جهل، أكثروا، قبل زوالهم الأخير، من استخدام مصطلح «الدولة العميقة» لنبذ كل من خالفهم في مصر، وتسويغ كل إخفاقاتهم في إدارة الدولة، وتابعهم، بداعي النصرة، كثيرون خارج مصر في مضغ هذا المصطلح.. باختصار مكبسل، وحسب الدارسين، فأساس المصطلح انطلق من تركيا نفسها، تركيا أردوغان.. لكن لندع هذا ونجاري فهم الإخوان لمعنى الدولة العميقة، الذي هو في بعض تعاريفه يعني «دولة داخل الدولة» دولة خفيّة غير محسوسة، لكنها مؤثرة وفاعلة، مثل الهواء لا نشمه ولا نلمسه، لكنه هو الأساس. وفقا لهذا، فالإخوان، المنتمي منهم حزبيا، أو فكريا، لهذه الجماعة، هم «الدولة العميقة» وهم «دولة داخل الدولة»، منهم وزراء سابقون، ومديرو جامعات، بل وإعلاميون، يدّعون الليبرالية، ليست هذه المراوحة بين حالي «التخفي والتجلي» على مستوى بلد واحد، بل على درجة «شبه» عالمية، وإلا فكيف نفسر هذا «النفير» العام لكل من مسّته رائحة التفكير الإخواني، في العالم، لنصرة بديع ومرسي وإخوانهم، وترويج روايتهم، فقط، عما جرى في بر مصر، ومحاربة، أو إهمال، كل رواية أخرى. إن لم تكن هذه مواصفات الدولة العميقة، والخفية، العابرة الحدود، فكيف تكون؟! في الأخير، فتفشي فكر الإخوان، ومشتقاتهم، ليس بسبب قوة هذا الفكر، بل بسبب هشاشة البنيان الثقافي والاجتماعي في ديار المسلمين. |
![]() |
![]() |
![]() |
#329 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() «الإخوان» بين شرعيتهم «الحاكمية» والشرعية الشعبية الحاضر هو الوارث الشرعي للماضي بكل إيجابياته وسلبياته. الماضوي الإيجابي يتمثل بعاملين مصيريين: اكتشاف العرب كونهم أمة. وتقديمهم الإسلام إلى العالم كرسالة أخلاقية وثقافية تنطوي على المساواة المدنية بين المسلمين. الماضوي السلبي تمثل بإغلاق باب الاجتهاد، نتيجة الخوف الشديد على نقاء الإسلام كدين ومذهب. هذا الانغلاق أَوْدَى بقدرة العقل على الإبداع الفكري والعلمي. حركات الإصلاح الديني المبكرة نبهت العرب والمسلمين إلى واقعهم المتردي. ثم أنجب النضال ضد الاستعمار الحديث حركات ديمقراطية ذات تعددية فكرية وسياسية قائمة، على التوفيق بين التراث الديني والأدبي، والثقافات الإنسانية. والقبول بالدولة المدنية الحداثية، كشكل سياسي كانت مهمته توفير فرص اللحاق بالتقدم الحضاري العالمي. في مقابل هذه الثقافة التعددية الإنسانية التي أنتجت أدبا خصبا، نشأت حركات الردة ضدها. وفي مقدمتها الحركتان الإخوانية والخمينية اللتان ارتديتا لباس المذهبية الدينية المتسيسة. وجاهدتا للوصول إلى السلطة. كان الهدف تدمير هذه الازدواجية الحداثية، باتهامها ظلما بالقطيعة والعداء للماضوية الدينية. وهكذا، فالتفسير الفكري والسياسي للصراع بين الانفتاح والانغلاق الذي انقلب دمويا في مصر، يقوم على رفض الشعب المؤمن دينيا قبول السلطانية الحكومية الإخوانية، بعدما اكتشف أنها معادية للشورى وللديمقراطية، وعاجزة عن تحقيق تنمية اقتصادية وتموينية توفر له الحد الأدنى من الحياة الكريمة الآمنة. رد الفعل الآخر والأعمق ضد هذه الحاكمية الإخوانية تجسد في نزول القوى الليبرالية السياسية والثقافية، بما فيها الشباب أصحاب الثورة الحقيقية، إلى الشارع لإقناع «الإخوان» بأن العودة إلى الانغلاق الديني. الثقافي. السياسي، بات مستحيلا. تناقضت أميركا أوباما وأوروبا الغربية مع «العلمانية»، بإلقاء ثقلهما وراء الإسلام السياسي (الإخواني وما شابهه)، كبديل لنظام السبعينات الرئاسي. هذا «الكارت بلانش» الممنوح لحاكمية المرجعية الإخوانية والتركية شجعهما على استعجال تقويض القيم والأُطُر السياسية. الإدارية. الثقافية، لهذه الازدواجية التراثية/ الحداثية. في هذا الصراع بين الديني والسياسي المتواصل منذ الثمانينات، نجح الإسلام السياسي بتقييد المؤسسة الوحيدة التي تملك قوة التدخل، وربما الحسم. جرى تحييد المؤسسة العسكرية في تركيا، والاستيلاء عليها في إيران. باستثناء مصر التي انحازت فيها المؤسسة العسكرية، بعد تردد، إلى الشعب وقواه الشبابية والليبرالية. وأزاحت السلطانية الإخوانية عن الحكم والسلطة. وربما أنقذت في ذلك قيم مصر الحداثية. قد تقول لي، يا قارئي العزيز، أنت تتناقض مع نفسك. لماذا لا تصنف المؤسسة العسكرية الحاكمة في سوريا، كرديف مماثل للمؤسسة العسكرية المصرية؟ الجواب هو في أن عسكر مصر انحازوا بوطنيتهم إلى الشعب. أما في سوريا، وفي غباء منقطع النظير، وضع بشار الأسد الجيش الطائفي ضد الشعب المسالم. هذا الشاب غير الناضج سياسيا. وفكريا، غير واعٍ أيضا لحكم التاريخ عليه، عندما يصنّفه كطاغية حارب شعبه. دمر مدنه. قراه. اقتصاده، لصالح طائفته الحاكمة، ولخدمة قوة أجنبية (إيران). المثقف، إذا لم تشكل ثقافته رأيا وموقفا في الحياة والسياسة، يغدو حاكما مترددا. ضعيفا. هذه مأساة المثقف أوباما الذي يشن حملة ظالمة على الثورة التصحيحية في مصر. حملة مُركزَة أساسًا على المؤسسة العسكرية الوطنية، ورجلها القوي الفريق عبد الفتاح السيسي! البكائية الأورو/ أميركية على انهيار السلطانية الإخوانية تهرق الدموع على حقوق الإنسان «المغتصبة» في مصر. ثم تمسح الدموع بمنديل البكائية الإخوانية على «الحاكمية الشرعية». فقدت هذه الحاكمية الغيبية فرصة ممتازة لرد الكرامة إلى المواطن المصري العادي. بل فاجأته، قبل الانتفاضة الوشيكة، بصيحة منكرة من مكتب الإرشاد: «طز في مصر»! «مكتب الإرشاد» غير المسؤول. وغير المنتخب شعبيا، بل وغير الواعي لعروبة مصر، هو الذي جنى على رجله الحاكم محمد مرسي. فقد أوفده إلى إيران وتركيا، لمفاتحتهما في إقامة محور ديني إقليمي ضد من؟ آه. ضد عروبة الخليج ودوله المدافعة عن عروبة مصر وسوريا! الثورات النبيلة تصفح. لا تقدم الحكام المتعاقبين إلى القضاء باتهام غير جدي وضئيل. هكذا فعل النبي العربي الكريم عندما دخل مكة فاتحا. قال لأهله وقومه الذين حاربوه: «اذهبوا. فأنتم الطلقاء». إذا كان من اتهام جاد لمرسي. فليكن قائما على أساس محاولته إنشاء حلف مضاد لعروبة ومصالح مصر. والسعودية. والخليج. ثم إصدار عفو بالصفح عنه. في زمن الحروب والثورات، يغدو القضاء مجرد «انتقام في ثوب عدل»، كما عنون الراحل المازني تعليقا على محاكمة نورمبرغ للنازيين الألمان المهزومين في حرب عالمية. من هنا، فالصفح عن الإخوان يغدو مغفرة وطنية من القضاء الذي حاربه مرسي والإخوان، مهددين ألوف القضاة بالتسريح. ومهددين قوى الأمن بالأخونة. ومستهينين بكرامة الدولة، بتعيين إخوان لا يملكون الخبرة الإدارية محافظين، بل اختاروا «جهاديا» محافظا للأقصر، حيث «ذبح الجهاديون» قبل توبتهم عن العنف، سياحا أبرياء، كان من الواجب الديني والأخلاقي أن يكونوا آمنين في ضيافة مصر. قبول الحكومة الانتقالية السريع لاستقالة محمد البرادعي، يستند إلى الإيمان بأن لا وقت للتردد في لحظة الحسم. ظن الرجل أن الحسم مع الإخوان المعتصمين في الشارع يحرج موقفه الدولي، متناسيا أنهم حولوا مسجد «رابعة العدوية» إلى منصَّة انطلاق للعنف والتخريب في القاهرة وسائر أنحاء مصر. كان من واجب البرادعي، كنائب للرئيس للشؤون الدولية، أن يقدم إلى العالم شرحا وافيا لـ«خطة الطريق» التي التزم بها الحكم الانتقالي والجيش لاستعادة الديمقراطية. كان عليه أن يعلن أمام الغرب بدء تنفيذ الخطة فورا: تعديل الدستور «الإخواني». تحديد مهل ومواعيد مختصرة لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية. بدلا من أن يدفن رأسه كنعامة في الرمال! نعم، خسر هذا المثقف المتردد فرصه «الرئاسية». وربما مستقبله السياسي. أضاع البرادعي موضع الثقة في ساعة الخطر على مصر. وفقد ثقة حزبه. وثقة عشرات الألوف من أهالي وسكان الأحياء المحيطة بمسجد «رابعة العدوية» الذين طاردوا فلول الإخوان الهاربين. فقد استفزهم تحويل المسجد الجميل إلى خيمة اعتصام تنبعث منه بشاعة القاذورات والروائح الكريهة. فقد نسي الإخوان أن «النظافة من الإيمان». ظاهرة الاعتصام في الشارع معروفة في عواصم العالم الحضاري. باتت تتجاوز التظاهر للاحتجاج السلمي. تحولُ الظاهرة إلى العنف ليس لنسف النظام، إنما نتيجة للمرارة الشبابية إزاء البطالة التي تخيب الأمل في مستقبل مستقر. كان حزب الله أول من نسخ الظاهرة الغربية، معتصما في قلب بيروت. تحولت الخيام إلى مقاهٍ للشيشة. وخلفها برك النفايات والقاذورات. فأسقط حكومة فؤاد السنيورة. وعطل الحركتين التجارية والمرورية. وهاهم الإخوان يستنسخونها بنقلها «الإبداعي» إلى القاهرة. تبقى جملة تحديات كبرى تواجه أطرافا متعددة في هذا الصراع: التحدي للمؤسسة العسكرية المصرية، في المحافظة على وحدتها وانضباطها وراء قيادتها. وفي التحامها بشعبها. وفي التزامها باستعادة ديمقراطيته المخطوفة. لقد اكتشف المصريون كم كانوا مخطئين في سلبيتهم تجاه جيشهم الوطني. ثم التحدي للخليج، في مزيد من التنسيق بين دوله، لدعم ثورة مصر الثانية، والمساهمة في تبديد الضغوط الخارجية التي وصلت إلى حد مطالبة أوباما وأوروبا، بإلغاء حالة الطوارئ لتمكين الإخوان من العبث بأمن وسلامة مصر، وتمزيق سلامها المدني وانسجامها الطائفي. وأيضا التحدي لحماس التي التزمت بالحياد الفلسطيني. فانسحبت من النظام السوري. وعليها الانسحاب من سيناء حيث ازدهرت عبر الأنفاق المظلمة التجارة بالمظلة الواقية «للجهاديين» وتوجيههم ضد أمن الدولة في مصر. فالدولة في مصر دولة تعرف قبائل سيناء أنه لا يمكن العبث بأمنها ووحدتها، منذ سبعة آلاف سنة وسنة. ____________________________________ الحياة على سطح الصفيح الساخن غاب عني اسمه الأول. ولم يبق في ذاكرتي منه سوى اسم أسرته (الأموي). ربما كان وريثا «شرعيا» لأحد خلفاء بني أمية. لكن عجزه عن وقف الاقتتال بين اللبنانيين، كان من عجز الدولة اللبنانية خلال الحرب المدنية. كان الأموي يطل عدة مرات في اليوم من الإذاعة الرسمية المتواضعة، ليبشر سيداتي. سادتي المستمعين اللبنانيين بأن الحرب ستنتهي خلال «يوم.. يومين». ثم يناشد ببراءة المقتتلين في «زواريب» بيروت أن يستحوا.. يخجلوا ويكفّوا عن الاقتتال. وكسب الوسيط «الأموي» العاجز شهرة يحسدها عليه اليوم الوسيط العربي/ الدولي الأخضر الإبراهيمي. بات الأموي موضع تنهيدات الستّات العجائز. والأمهات الثكلى. والآباء المفجوعين، بمقتل 150 ألف لبناني، وخمسين ألف فلسطيني. وسوري. وعرب آخرين. بكائيات الأموي وابتهالاته لم تضع حدا للحرب. فقد استمر لهيبها خمس عشرة سنة. وعاش اللبنانيون خلالها على «تبصيرات» الأموي قارئ الفنجان في النهار. ويسهرون في الليل مع طربوش وقبقاب غوار الطوشة. أضحك دريد لحام آنذاك اللبنانيين. أنساهم أهوال الحرب وهمومها. فقد تقمص شخصية غوار الحقيقية الذي كان آذنا (أوفيس بوي) في مبنى الإذاعة والتلفزيون السوري، من دون أن يستأذنه. واحتفظ لنفسه بحق حبك المكائد مع الساخر الراحل محمد الماغوط. كان هدف مكائد غوار الوجيه حسني البورظان صاحب «حمام الهنا» في المسلسل التلفزيوني الشهير. ورحل المذيع الأموي الطيب القلب. وانفصل دريد عن الماغوط، وانضم من «تحت لتحت» إلى الرئيس «غوار» الطوشة السورية. صمت دريد لحام (81 سنة). لم يقدم فنا يُذكر في الثورة السورية، احتراما لخاله الراحل عبد الله محسن أحد آباء «الحزب السوري القومي» الذي تقاتل ميليشياه اليوم الثوار جنبا إلى جنب مع ميليشيا حسن نصر الله بورظان إيران في سوريا ولبنان. أكتب هذا الثلاثاء على سجيتي ومزاجي. «لم تعد خريطة الربيع العربي تعنيني». همي الوحيد هذه المصائب والكوارث التي أنزلها الخريف بالربيع. أقول للسيدة التي أسكن عندها: «حُبُّكِ خارطتي». قلبي يقفز هلعا عليها، كلما ضبطتها وهي تسير بدلال على إفريز حاجز الشرفة، متسللة إلى بيت الجيران، ربما بحثا عن القط الوسيم الذي رأته في إعلان شهي على الشاشة، وهو يلتهم علبة اللحم المحفوظ. وفي حياتي قطط كثيرة. أنا من أسرة تألف صحبة الحيوانات المنزلية. لكن أبي سرَّح الكلب. واستغنى عن الحصان. وعلق «الجفت» على الحائط. واحتفظ بالخرطوش. فقد كف عن الصيد، منذ أن تزوج وأنجب أطفالا. أما أنا فلم أسرِّح قطتي الشقية الحالية. فقد أودعتْها لديّ خطيبة صديق عزيز خيَّرها بينه وبين القطة التي امتلأ قلبه غيرة منها. عندما كبرت أدخلني أبي مدرسة داخلية. وكنت عندما أعود يوم الخميس، أجد القط الذي ربيته في انتظاري. فهو يغيب في الغابة حولنا طيلة الأسبوع. كيف يعود يوم الخميس بالذات؟! إنه السر بيني وبينه، ولغز القطط التي حيَّرت علماء النفس والحيوان. عبأت عمة لي القط يوما في كيس. وأفلتته في منطقة نائية عن الضاحية التي نقيم فيها. وعاد القط حسب الموعد يوم الخميس، مجتازا غابة. وأنهارا. وجسورا! وفي بيروت الحرب الأهلية، راح جاري يتسلّى بقنص القطط من الشرفة. وعدت يوما لأجد قطتي على باب شقتي، وهي تلفظ أنفاسها برصاص الجار الشهم. وفي باريس السبعينات، ذهبت إلى القنصلية البريطانية للحصول على تأشيرة دخول لي ولقطة في صحبتي. جاءني الدبلوماسي السمين وهو ينوء بحمل كتاب ثقيل. ودعاني بأدب الدبلوماسية، إلى قراءة شروط انتقال حيوانات أوروبا إلى الجزيرة البريطانية. وعرفت أن عليّ أن أُودع القطة «كرنتينا» مطار لندن ستة شهور. لكي تتأكد بريطانيا من خلوها من جراثيم السُعار. تركت القطة في منزلي بباريس، في عهدة زميلة وابنتها الصغيرة. ولما عدت من لندن، أبلغتني أن القطة ماتت تحت عجلات سيارة مسرعة. وما زلت أشعر بوخز الضمير. فقد أودعت حيوانا أليفا لدى من لا يهتم بهذه الكائنات الجميلة التي تملأ حياتنا بهجة. وحبا. ووفاء. شردت الحرب أسرتي الدمشقية. توزع أشقاء وشقيقات لي بين بيروت. عمان. القاهرة. الخليج، مع أبنائهم. رفضت شقيقة مغادرة منزلها. تخرج كل يوم بصحبة كلب شقيقٍ نازح، لتطعم بعض قطط دمشق التي تركها أصحابها الراحلون أو النازحون في الحدائق. تقول لي إن القطط تختبئ. كفّت عن تسلق الأشجار واللعب. وكأنها بالغريزة تتحسَّس مع الناس القلق على المستقبل، وهي تصغي بانتباه إلى هدير الصواريخ والمدافع التي تدك ضواحي دمشق الشرقية. نعم، أكتب هذا الثلاثاء على سجيتي ومزاجي. أتحرك بلا تخطيط بين مواضع شتى. تقول لي، يا عزيزي القارئ، كيف تكتب عن الحيوانات الأليفة. والحرب تمزق المحبة والألفة بين جيران يتساكنون ويتعايشون منذ مئات السنين بسلام. ولا يفرق بينهم 17 دينا. وطائفة. ومذهبا؟! فقد باتوا يعيشون على سطح الصفيح الساخن. أنت تخجلني، يا قارئي العزيز، فكيف أكتب عن الحيوان الأليف، فيما الإنسان العربي لا قيمة لحياته لدى «النظام» و«التنظيم»؟! ماذا يعني أن يُقتل شاب مدني فجأة، لدى أم أو أب كانا يريانه قبل لحظات ممتلئا حياة وشبابا وأملا؟! لا أريد أن أسترسل. أخشى أن أغدو ذلك «الأموي» النبيل الذي خاطب ببراءة السذاجة الذين يقتلون. ويذبحون. ويفخخون. أطلق الإسلام السياسي الذي أوصلته أميركا إلى الحكم في أكثر من بلد عربي، التنظيم «الجهادي» من عقاله. منع الرئيس المخلوع محمد مرسي الجيش من ملاحقة «جهاديي» سيناء، ربما امتثالا لحماس التي تضيِّق على «جهاديي» غزة. وتطلقهم لتجييش بدو سيناء ضد مصر. وأمنها. وجيشها. وشعبها باسم ماذا؟ باسم المقاومة. والممانعة و«الجهاد» ضد إسرائيل! بعد هزيمة المشروع القومي اللاديمقراطي أمام المشروع الصهيوني. هاهو مشروع الإسلام السياسي والإخواني يسجل على نفسه هزيمته أمام المشروع الإسرائيلي. كلا المشروعين بشّر العرب بانهيار إسرائيل غير المنسجمة اجتماعيا من الداخل. أنقذت الديمقراطية النظام الإسرائيلي. وانهار النظام الرئاسي العربي الجديد والقديم بعد تنكرهما للحرية والديمقراطية. الدبلوماسية العربية تقوم بواجبها الروتيني في تدبير شؤون العلاقة الرسمية مع الدولة الأجنبية. غير أننا في أوروبا، مثلا، فنحن بحاجة إلى دبلوماسية شعبية أكثر قربا من جالياتنا العربية، وعدم تركها لغزو مسموم هامس ضد مصر والسعودية، هذه الأيام. فالإخوان «المغتربون» لا يجرؤون على الهجوم علنا من منابر المساجد والمرجعيات التي يسيطرون عليها في الاتحاد الأوروبي. إنما قادرون على الهمس في آذان 23 مليون عربي ومسلم يقطنون الاتحاد. لماذا مصر؟ لأن الجيش التحم بالثورة. وأقصى الإخوان عن الحكم. ولماذا السعودية؟ لأن مليكها وقيادتها السياسية صارحا العرب بأن السعودية ضد الإرهاب. وضد العنف في مصر. وتقدم الدعم المعنوي والمادي لعروبة مصر ونظامها الانتقالي، وللثوار السوريين المعتدلين دينيا وسياسيا. خبراء الدعاية الإعلامية المستأجرون لخدمة النظام السوري أخرجوا بشار الكيماوي وزوجته من المخبأ، لالتقاط صورة تذكارية باسمة مع الأطفال اليتامى، فيما كان القصف الغامض المسموم يودي بحياة أطفال ما زالوا قابعين في أرض المجزرة، لأن آباءهم لا يملكون مالا أو ملجأ آمنا. الفسق الإعلامي لا يرحم. «جهاديو» القاعدة الذين تدفقوا على سوريا من كل حدب وصوب يسومون السوريين سوء العذاب بالتقشف المتزمت الذي لا يعهده السوريون المتمسكون بتسامح المجتمعات العربية المتوسطية المطلة على بحر حضاري. التناقضات العربية هائلة. حزب الله يقول إنه يكافح «التكفيريين» في سوريا. ويمتنع عن الوعد بمقاتلة المحتلين في الجولان. السوريون يشتمون أميركا. ويطالبونها بإنقاذهم من النظام في سوريا. تأسلم الثوار نكاية ببشار. لجأ نصف مليون سوري إلى مصر. اعتصم بعضهم مع الإخوان، من أجل عيون مرسي. تنكروا لأدب الضيافة. مصر لا تملك مالا. لكن وعدت بإرسال أطفالهم إلى مدارسها. وتوسطت لدى منظمات الأمم المتحدة، لمنحهم مرتبات شهرية. حتى أميركا تتناقض مع نفسها. اختار أوباما سيدتين تؤمنان بالتدخل لمصلحة الشعوب المقهورة. إحداهما مديرة لمكتب الأمن الوطني. والأخرى مندوبة له لدى مجلس الأمن الدولي. شكَّ أوباما ببشار الكيماوي. فهدد بالتدخل. الهجوم الصاروخي أو الجوي وشيك. لكن الدخان المتصاعد من قبة البيت الأبيض يوحي بأن أوباما يريد معاقبة بشار الكيماوي. لا إسقاطه. قرأت تعليقا في «نيويورك تايمز» يمتدح أوباما على تردده. وينصحه بترك النظام والتنظيمات لتتقاتل مستنزفة نفسها بنفسها. هل يطبق أوباما مبدأ كيسنجر الذي نصح إدارة ريغان بترك صدام والخميني يستنزفان بلديهما. فمات الخميني متجرعا سم الهزيمة. وسكر صدام بالنصر المزعوم. فاحتل الكويت. وطالب أميركا التي أنقذته بالانسحاب من الخليج. المجتمع العربي مريض بالعنف الديني. قبل قرون قليلة عاشت أوروبا مائة سنة في حروب دينية. زندق الإنجليز جان دارك قديسة فرنسا الكاثوليكية. ثم أحرقوها. كان الرهبان يتهمون القطط بالشر في الحرب. فيلقونها من أعلى المباني. ولم يكن لدى الرهبان وقت للتفريق. كانوا يأمرون بقتل الكاثوليك المؤمنين و«الزنادقة» البروتستانت معا. ثم يتركون إلى السماء مهمة إرسال المؤمنين إلى الجنة. والزنادقة إلى النار. |
![]() |
![]() |
![]() |
#330 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الدور السعودي والخلاف مع واشنطن مقالات انهمرت في الإعلام الأميركي خلال الأيام القليلة الماضية تتجادل حول الدور السعودي في المنطقة، بعد أن كانت في السابق تستنتج أن دورها غائب خارج حدودها. هل نكأها الموقف السعودي الرسمي الصريح المؤيد للتغيير في مصر؟ أم أنها زيارة رئيس الاستخبارات السعودية إلى موسكو، وما شاع حول تطوير العلاقة مع روسيا؟ أم قبله، عندما جرى تغيير قيادة الثورة السورية في مطلع الشهر الماضي، وقيل إن ذلك جهز في المطبخ السعودي؟ طبعا، كل هذه الأحداث تقع في دائرة الجغرافيا السعودية، وليس كثيرا أن يكون لها تأثير، أو حضور، وهناك دول يدها طويلة في هذه الدائرة، من إيران غير العربية، إلى قطر الصغيرة، تفعل الشيء نفسه! وليس كل ما كُتب يستحق النقاش. رأيان متناقضان بعض الشيء في الـ«نيويورك تايمز»؛ الأول لدينيس روس، والثاني لبروس رايدلي، وكلاهما يعرف المنطقة مثل راحة يده. دينيس، الذي عمل نائبا لوزيرة الخارجية وكذلك في الأمن القومي، يثير تساؤلا: «هل سياستنا تجعل السعودية حليفا استراتيجيا في المنطقة لأميركا أم حليفا خطيرا ضدها؟». ثم يضع الأزمة في إطارها بأن السعودية وجدت نفسها بسبب الغياب الأميركي مهدَدة شرقا وغربا. إيران نووية، ومصر إخوانية. فقد اعتلى السلطة «الإخوان المسلمون»، وهم تاريخيا حلفاء إيران. فور تسلمهم السلطة ديمقراطيا مدت السعودية يدها لحكومة الرئيس محمد مرسي، مهنئة، ودعمته بثلاثة مليارات دولار، واستقبلته في جدة بترحاب فاجأ «الإخوان» أنفسهم. لكن مرسي ما لبث أن اتجه إلى إيران، وفتح الباب لأحمدي نجاد، كأول رئيس إيراني يطأ القاهرة منذ ثورة الخميني! في صراع المنطقة، تستطيع الولايات المتحدة تغيير تحالفاتها، كما فعلت في العراق، لكن دول المنطقة لا تملك هذا الترف. وبالنسبة للرياض أصبح الوضع مرعبا، فإيران خامنئي شرقها، ومصر الإخوانية الإيرانيو الهوى غربها، وعراق المالكي الإيراني شمالها. حصار ضد السعودية لم يسبق له مثيل في تاريخ المنطقة! كما أن إفشال الثورة الشعبية في سوريا يعني أيضا تمكين إيران من الهيمنة شبه الكاملة على خريطة المنطقة؛ العراق وسوريا ولبنان وغزة ومصر والسودان، أمر يستحيل أن تستسلم له السعودية مهما سبّب من توتر في علاقاتها مع الولايات المتحدة. دينيس روس الذي يتفهم هذا الجانب، وفق تفسيري له، يعتقد أن الحل ليس في توسيع الخلاف مع الرياض، بل الاستفادة من أفضل ما عند السعوديين، وهو نفوذهم الهائل في المنطقة، والتأثير على العسكر في مصر إيجابيا، بالتحول ديمقراطيا. أما بروس رايدلي، وهو مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية وسبق أن كلفه الرئيس باراك أوباما بمهام رئيسة، فقد كتب بإيجاز شديد أفضل توصيف للعلاقة المتطابقة المتناقضة التي سأكمل الحديث عنها في عمود الغد. _____________________________________ الخلاف السعودي ـ الأميركي حول مصر كلمة الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، قبل أسبوع كانت مثل حجر ألقي في مياه العلاقات مع واشنطن، التي تبدو راكدة.. فقد صرح بعيد نجاحه في إقناع الجانب الفرنسي بتأييد الوضع الجديد في مصر، قائلا إن «الدول العربية لن ترضى مهما كان بأن يتلاعب المجتمع الدولي بمصيرها أو أن يعبث بأمنها واستقرارها، وأتمنى من المجتمع الدولي أن يعي مضامين رسالة خادم الحرمين الشريفين بأن المملكة جادة ولن تتهاون في مساندة الشعب المصري لتحقيق أمنه واستقراره». المعني في تصريحه، من دون أن يسميها بالاسم، هي الولايات المتحدة والدول الغربية، التي ساندت الإخوان المسلمين في مصر، ضد التغيير بعد مظاهرات 30 يونيو (حزيران) الماضي. والإشارات تتكرر في تصريحه؛ «فمصر تعتبر أهم وأكبر دولة عربية ولا يمكن أن تقبل المملكة أن يرتهن مصيرها بناء على تقديرات خاطئة». بروس رايدلي، يشارك دينيس روس، كما أوضحت في مقالي أول من أمس، التحليل نفسه، أنه يوجد خلاف سعودي - أميركي حول التعاطي مع ما يحدث في المنطقة، مثل البحرين ومصر، ويتفقان على أنه مع هذا تبقى السعودية دولة مهمة للولايات المتحدة. ويذكرنا رايدلي بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما، رغم كل ما يجري، فإنه لم يأتِ على ذكر المملكة منتقدا، «مدركا المفارقة، وأهمية الشراكة مع مفتاح قلب العالم الإسلامي». رايدلي يرى الحل في مسارين؛ المتفق عليه مثل محاربة الإرهاب ومحاصرة إيران اقتصاديا، والمختلف حوله مثل دعم التغيير عربيا، ويرى أنه يجب الاستمرار في الاختلاف مع السعودية حول الثانية. أما روس، فيجد في علة العلاقة بين الجانبين ميزة أيضا.. يرى الاستعانة بثقل السعودية ونفوذها لدعم التغيير الإيجابي وليس منعها. الإشكال حول مصر واضح في تصريح الأمير سعود. يوضح أن مصير السعودية مرتبط بعلاقات استراتيجية مع مصر، لذا تخشى أن تقرر الأمور في الدولة الجارة الضغوط الخارجية، الأميركية تحديدا، لفرض حكم «الإخوان» على الشعب المصري رغم مخالفاته. تقدير الأميركيين أن «الإخوان» سيلتزمون بالمنهج الديمقراطي وتداول السلطة، لكن ماذا سيكون مصير المنطقة إن حوّل «الإخوان» مصر، كما فعل الخميني في عام 1979 عندما استولى على كامل الحكم وحول إيران إلى دولة أكثر ديكتاتورية مما كانت عليه وقت الشاه، أو فعلوا ما فعلته حماس عام 2006 عندما دعاها الرئيس الفلسطيني الجديد حينها محمود عباس، إلى المشاركة في الانتخابات، وعندما فازت سلمها الحكومة، لكنها غدرت به وأقامت لنفسها دولة في غزة، تحولت إلى كانتون إيراني يستخدمه الإسرائيليون اليوم ذريعة لتخويف العالم من منح الفلسطينيين دولة مستقلة؟! السؤال الأهم، هل السعودية ضد نظام ديمقراطي في مصر؟ الحقيقة ليس مهماً رأي السعودية، الأهم رأي المصريين.. فهي لا تستطيع، مهما ملكت من نفوذ، أن تغير مجرى الأحداث في مصر، الدولة الأكبر من السعودية. المصريون، بأغلبية فئاتهم كانوا يعبرون صراحة عن غضبهم من أن «الإخوان» بدأوا يأخذون الدولة المصرية في غير ما أقسم الرئيس محمد مرسي على احترامه، إلى نظام شمولي يقصي القوى الأخرى.. كان يقود مصر نحو النموذج الإيراني نفسه، ولو استمر ونجح حينها، فكل ما سيفعله الأميركيون القول: أخطأنا التقدير! كما أخطأ الرئيس الأسبق جيمي كارتر في تقديراته حيال «إيران الخميني». الولايات المتحدة التي تقع على أبعد من خمسة آلاف ميل من مصر تستطيع أن تتعامل مع نظام «الإخوان» بالمهادنة أو بالمواجهة عن بعد، كما تفعل حاليا مع نظام خامنئي.. أما بالنسبة للسعودية، التي تقع قبالتها عبر البحر الأحمر؛ نحو مائتي ميل فقط، فالمسألة مصيرية؛ نظام فاشي إخواني يعني أن السعودية ستصبح محاصرة بإيران من ثلاث جهات. ومن المؤمل أن يتجه المصريون في أقل من عام نحو انتخابات حرة جديدة، عسى أن تشارك فيها كل القوى السياسية، بعد أن يكونوا قد كتبوا نظاما يعبر عن رؤيتهم لمشروع مصر المستقبل. فمصر بصفتها دولة بنظام سياسي مستقر أفضل للسعودية من دفع البلاد، كما كان يفعل «الإخوان»، نحو الإقصاء والاضطرابات فالفوضى وإلى دولة فاشلة أخرى في المنطقة. الانتخابات المقبلة ستكون الرد المصري الناجع ضد الدعاية الإخوانية البكائية على أنها الضحية، فهي لا تزال، رغم دخولها الديمقراطية، عاجزة عن الخروج من عقيدتها الفاشية الدينية. |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|