![]() |
![]() |
أنظمة الموقع |
![]() |
تداول في الإعلام |
![]() |
للإعلان لديـنا |
![]() |
راسلنا |
![]() |
التسجيل |
![]() |
طلب كود تنشيط العضوية |
![]() |
تنشيط العضوية |
![]() |
استعادة كلمة المرور |
![]() |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
![]() |
#241 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() اليوم.. يكرم الشعب أو يهان هذا العصر لا يعرف المنجمين، كل ما نستطيعه هو التحديق في لوحة الحاضر ومحاولة التعرف على طبيعة العلاقة بين ألوانها وما يمكن أن تنتج عنه من صورة كلية، أي واقع جديد بلغة السياسة. القوات المسلحة المصرية تنتشر الآن في طول البلاد وعرضها بعد أن نشرت تشكيلاتها لحماية كل المنشآت الحيوية، ملايين البشر نزلوا إلى ميادين القاهرة، وأخذوا طريقهم إلى قصر الاتحادية وأماكن أخرى، الهدف المعلن هو مطالبة رئيس الدولة بقبول عمل انتخابات رئاسية مبكرة بأمل أن يفشل فيها ولديهم كل الأسباب التي تدعم هذا الأمل. غير أن رئيس الدولة وجماعته، من المستحيل أن يوافقا على هذا الطلب. لأنهما يعرفان جيدا أن النزول عن سدة الحكم، تحتم السير في طريق ينتهي بسجن طرة ثم الدخول في معمعة المحاكمات التي لا تنتهي، وأنه حتى الأمل في أحكام براءة، ستقف لها بالمرصاد تلك الجملة الشهيرة «ما لم يكن مطلوبا أو محبوسا على ذمة قضية أخرى»، ستكون هناك دائما قضية أخرى. أوضح الألوان في الصورة هو الشرعية، شرعية الحكم، هي علاقة تعاقدية، الطرف الأول فيها هو الشعب الذي اختار الرئيس ليحكمه لمدة أربعة أعوام، وهو عقد - كما يعتقد الطرف الثاني - ليس قابلا للإلغاء، غير أن الطرف الأول يرى أن العقد مفسوخ من تلقاء نفسه لعدم وصول البضاعة المطلوبة والمتعاقد عليها إلى الشعب وهي العيش والحرية والكرامة الإنسانية. المدهش والمثير، أن نظام الحكم نفسه هو أول من قام بضرب شرعيته في مقتل وذلك عندما تمت محاصرة مبنى المحكمة الدستورية العليا. من حاصروا مبنى المحكمة وروعوا القضاة لم يأتوا من الفضاء الخارجي. أنا أعتقد أن اللاوعي الجمعي للمصريين في تلك اللحظات اتخذ القرار بانعدام شرعية النظام، وأن ما يعطي النظام الحق في محاصرة أكثر الرموز شرعية في العصر الحديث، هو ذاته ما يعطي للشعب الحق في محاصرة النظام وإلغاء تعاقده معه. عندما تسقط الشرعيات، ستوجد إلى الأبد شرعية القوة مع كل احترامي للجملة الشهيرة لفيلسوف الحكم الإنجليزي جيمس ستيوارت مل «القوة لا تنتج حقا شرعيا».. بعيدا عن النفاق السياسي وخداع الذات، كانت القوة هي الوسيلة الوحيدة لاستعادة الشرعية في مكان تنكر فيه أصحابه للشرعية وأهانوها. والقوة الوحيدة القادرة على استعادة الشرعية في مصر هي القوات المسلحة ورجالها الذين قيل عنهم إن رجالها من ذهب. غير أنه على أصحاب هذه المقولة أن يعرفوا أن الرجال الذين صيغوا من الذهب لن يعملوا لحساب هؤلاء المصنوعين من الصفيح. القوة تكتسب شرعيتها من طبيعة الطريق الذي ستمشى فيه. عندما تمشى في طريق العدل والنزاهة العقلية والخلقية والوضوح والصدق مع الذات والغير، ستفوق شرعيتها كل شرعيات الدنيا. وفي كل الأحوال، ومهما يحدث، العدالة لها اسم واحد هو العدالة. لا يوجد ما يسمى العدالة الثورية أو العدالة الانتقالية، هناك العدالة فقط. العدالة ليست في حاجة إلى إضافات أو مكسبات طعم.. على الثوار أن يعرفوا ذلك. لا مفر من أن يكون أصحاب القوة هم المسؤولين عن الشرعية، إنه الواجب كما يفرضه الشرف الإنساني. اليوم مساء ستعرف أنت وأعرف أنا مدى ما في هذا التحليل من صحة وخطأ.. |
![]() |
![]() |
![]() |
#242 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() لا أنقذ مصر ولا نفسه ولا الجماعة! أيا كانت تداعيات الأحداث في مصر اليوم، فإنه مثلما كتب التاريخ أن الرئيس السابق محمد حسني مبارك لم ينجح في إنقاذ مصر ونفسه وحزبه، فإن التاريخ أيضا سيكتب أن الرئيس الحالي الدكتور محمد مرسي لم يستطع إنقاذ مصر ولا نفسه ولا جماعة الإخوان المسلمين. خطاب الرئيس الأخير، والمطول، كان كارثة سياسية، حيث وحّد خصومه، وخسر القلقين المحايدين، خصوصا حينما هاجم الرئيس الجميع باستثناء العسكر، وهذا أمر متوقع، وخصوصا أن الجيش، تحسبا لمظاهرات اليوم، قام بما يشبه تنفيذ البيان رقم 1 من دون إعلانه، حيث انتشر الجيش بشكل لافت مع تأكيده على الانحياز للشعب، وهو ما لم يفعله الجيش في 25 يناير (كانون الثاني) 2011 إلا بعد فترة من المعالجات الخاطئة لنظام مبارك وحزبه، وتصاعد الأمور حينها. وبالنسبة لخطاب الرئيس الأخير، فإنه لم يوحد صفوف الخصوم السياسيين فحسب، بل وحد أيضا المؤسسات ضده، وضد جماعته، حيث لم يقدم الرئيس حلولا أو تنازلات، كما لم يستطع فتح آفاق سياسية، بل إنه عقّد الأمور أكثر. وأيا كانت أحداث اليوم، فالواضح أن الرئيس قد فوّت الفرصة لإنقاذ مصر ونفسه وجماعته عندما أضاع عاما كاملا بلا جهد حقيقي لجمع الخصوم إلى كلمة سواء، أو حتى الحفاظ على تحالفاتهم ولو مع السلفيين، مثلا، كما لم يفلح الإخوان في طمأنة رجل الشارع الذي منحهم صوته، بل إن الإخوان كانوا يرتكبون الخطأ تلو الآخر، ويتغولون على المؤسسات من الأزهر الشريف للقضاء، ومن الاقتصاد للإعلام، هذا فضلا عن قصة القصص وهي كتابة الدستور، وطريقة تمريره، وما تبعها من أحداث، وكل ذلك توافق مع تردٍ في مستوى المعيشة شعره المواطن العادي من دون أن يلمس جهودا جادة لتحسين الأوضاع، فالإخوان كانوا شرهين في الاستيلاء على السلطات، وبسط نفوذهم على كل مفاصل الدولة، وهذا خطأ قاتل حيث شعر المصريون أن ما يفعله الإخوان يعني أنهم لن يتركوا الحكم مهما حدث! وعليه، فقد أضاع الإخوان، وقبلهم الرئيس، كل الفرص لطمأنة الجميع، واعتبارهم شركاء، كما أضاعوا فرصة تحقيق منجز حقيقي، وعرّضوا السلم الاجتماعي للخطر، وفشلوا في حقن الدماء، وها هم الإخوان اليوم يواجهون شارعا يغلي ومنقسما، وجيشا متأهبا، ودولة على شفا انهيار اقتصادي، ورغم كل ذلك نجد الإخوان مستمرين بحشد مريديهم بدلا من السعي لنزع الفتيل، ونجد الرئيس يواصل إضاعة الفرص الممكنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه سواء لمصر، أو نفسه، أو حتى جماعته، وأفضل ما يمكن أن يفعله الرئيس الآن هو الدعوة لانتخابات مبكرة، وقبل فوات الأوان، فقد يفعلها، مثلا، بعد أسبوع ويكون الوقت قد تأخر، فأسبوع في السياسة يعد وقتا طويلا، كما يقال. ولذا، فالواضح الآن هو أن التاريخ سيكتب أن الرئيس المصري لم ينقذ بلاده ولا نفسه ولا جماعته التي ستدفع ثمنا باهظا في حال سقط الرئيس، ليس في مصر وحدها، فمثلما كان الصعود الإخواني بالمنطقة جماعيا، فإن السقوط سيكون جماعيا كذلك. |
![]() |
![]() |
![]() |
#243 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() سياسة النظام وتغييرات الخريطة السكانية تؤكد نظرة سريعة إلى الخريطة السكانية في سوريا، حدوث تغييرات وتبدلات خطيرة فيها مقارنة بما كان عليه الوضع قبل انطلاقة ثورة السوريين على نظامهم في مارس (آذار) من عام 2011. والأساس في التغييرات التي أصابت الخريطة السكانية السورية هي عمليات الهجرة والتهجير في المستويين الداخلي والخارجي، والمحصلة في الحالتين أصابت أكثر من ثمانية ملايين نسمة، نحو نصفهم في الداخل ومثلهم في بلدان الجوار أو الأبعد منها، والعدد الإجمالي للمهاجرين والمهجرين يزيد على ثلث سكان سوريا. ورغم مركزية المتغير السابق في الخريطة السكانية السورية، فإن ثمة متغيرات أخرى حدثت، من بينها التبدل الحاصل في التوزع العام للسكان على المناطق ما بين المدن والأرياف، وفي التغييرات التي أصابت الخصائص العامة للسكان من حيث التبدلات المتصلة بالعمر والعمل والدخل والتعليم والصحة وغيرها، وكلها شهدت تغييرات جوهرية، ولها دلالات عامة، وإن كان من الصعب إيراد الأرقام والنسب الدالة على هذه المتغيرات بسبب ما آلت إليه الأوضاع في سوريا من غياب لمؤسسات الإحصاء والبحث، وعدم توافر العوامل المساعدة للقيام بذلك. وحدوث التغييرات السابقة على واقع السكان السوريين، كانت له انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية على الواقع الراهن، وسوف تكون له تأثيرات مستقبلية كبيرة على سوريا والسوريين، تمتد إلى عشرات السنين في تأثيرها على الدولة والمجتمع. وبطبيعة الحال، لا يمكن رؤية تلك الانعكاسات بعيدا عن سياسة النظام وممارساته خلال العامين ونصف العام من عمر الثورة، وأثرها في وصول الخريطة السكانية إلى وضعها الراهن نتيجة سياسة وممارسات القوة والإرهاب والتدمير التي تواصلت في مختلف الأنحاء السورية. لقد كان الهدف الأول للنظام في بداية الثورة، هو إسكات المظاهرات ووقف حركة الاحتجاجات، وكانت الوسيلة الأولى التي بدأت في درعا، وامتدت إلى بقية المناطق ذات طابع مزدوج، حدها الأول إطلاق النار على المتظاهرين قتلا وجرحا، والحد الثاني كان شن عمليات الاعتقال ضد الناشطين في الحراك المدني والسياسي. غير أن هذه الوسيلة، لم تحقق النتائج المطلوبة، وهو ما جعل الأجهزة الأمنية والعسكرية، إضافة إلى عصابات الشبيحة التي جرى تنظيمها على عجل، تطور سياساتها وممارساتها، فانتقلت بوسائل إرهابها من التخصيص إلى التعميم، بمعنى تجاوز استهداف المتظاهرين والمحتجين والناشطين على تنوعهم، وتوجيه القمع والإرهاب إلى المناطق الناشطة بغض النظر عمن يمكن أن تصيبه آلة القمع في قتلها وجرحها واعتقالها الأشخاص وفي تدمير الممتلكات، وهكذا أخذت تظهر الهجمات على أحياء في المدن ومثلها ضد القرى التي تشهد فعاليات ضد النظام، عبر حصارها ثم الدخول إليها وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي، ومنظم الأهداف في بعض فعالياته بحيث يصيب أشخاصا بعينهم، بينما تجري عمليات اعتقال مماثلة تزاوج بين الاعتقال العشوائي والمقصود، وكله يترافق مع تدمير وإحراق ما أمكن من ممتلكات، بينها بيوت ومحال تجارية، بهدف ترويع السكان وإخافتهم. ولأن هذه الممارسات لم تمنع تواصل الأنشطة المناهضة للنظام، فقد أضيف إليها ارتكاب جرائم السرقة والنهب والاعتداء على الأعراض، مما صعّد مخاوف سكان المناطق المستهدفة، ودفع المزيد من سكانها للمغادرة إلى مناطق أخرى، الأمر الذي أسس للحراك السكاني الذي بات أهم ملامح الخريطة السكانية في سوريا. لقد طورت هذه السياسة وما رافقها من ممارسات تعززت بعمليات القصف المدفعي والصاروخي وبالأسلحة الكيماوية، أهداف النظام في إعادة تركيب خريطة الصراع الدائر. فهي وفرت في البداية فرصة قتل واعتقال الناشطين والعمل للتأثير بصورة سلبية على الحواضن الاجتماعية للثورة، ثم أضافت إلى ما سبق، العمل على نشر الذعر والخوف وخلق صعوبات العيش، ثم طورتها في العمل من أجل تهجير السكان سواء باتجاه مناطق سورية أخرى أو إلى الدول المجاورة، وفي كل الأحوال فإن عملية التهجير، كانت تحقق للنظام جملة من الأهداف، أبرزها تغيير البيئة العامة للمهاجرين الذين كانوا يتركون كل شيء خلفهم من بيوت وممتلكات ووسائل الكسب والعيش، محاولين النجاة بأنفسهم من القتل والاعتقال الذي كان يفوق سابقه بكثير. ولم يكن تدمير البنى الحاضنة لحركة التظاهر والاحتجاج وخلق إشكالات ومشاكل للمنتمين إلى هذه الحاضنة باقتلاعهم من بيئاتهم هو الهدف الوحيد، إنما كان إلى جانبه هدف مركزي آخر، وهو إلقاء ثقل هؤلاء على مناطق أخرى، وإشغال النشطاء فيها بمشاكل القادمين واحتياجاتهم، الأمر الذي جعل المناطق الأخرى تخرج من حركة التظاهر والاحتجاج، وتدخل في مجال الإغاثة لتأمين سكن وغذاء ودواء لعشرات آلاف الأشخاص، الذين أخذت أعدادهم تتزايد بصورة المتواليات الهندسية. ولم يكن هذا الحال شأن نشطاء الداخل السوري فحسب، وإنما امتد إلى حال النشطاء في دول الجوار في الأردن ولبنان وتركيا، حيث وصل عدد اللاجئين إلى نحو ثلاثة ملايين شخص، ومثلهم في الداخل أو أكثر من ذلك بقليل. خلاصة القول، إن سياسة النظام وممارساته الدموية غيرت الأوضاع السكانية على الأرض، ونقلت الحراك المدني في غالبه من النضال في مواجهة النظام إلى مهمة معالجة آثار ممارسات الدم في تهجير وإفقار السوريين وخلق ظروف شديدة القسوة تجعلهم أعجز عن الاستمرار في الصراع مع النظام من أجل إسقاطه وبناء نظام ديمقراطي يوفر العدالة والمساواة والكرامة للسوريين، وهي المهمة التي ما زالت أغلبية السوريين تعمل باتجاه إنجازها رغم كل الظروف الصعبة والمعقدة. |
![]() |
![]() |
![]() |
#244 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() هل سوريا «مصيدة الذباب»؟ منذ اشتداد المعارك قبل عام، تحولت سوريا إلى أكبر حرب في التاريخ المعاصر بين متطرفي السنة والشيعة، وحرب مفتوحة بين إيران ودول الخليج، ولا يزال الوضع كذلك. ومنذ ذلك الحين، ترددت طروحات مختلفة حول أسباب تخاذل الغرب، وتحديدا الولايات المتحدة، على الرغم من أنها كانت فرصة نادرة التقت فيها رغبة الطرفين؛ رغبة غالبية الشعب السوري الكاره لنظام الأسد، ورغبة الغرب منذ عقود في هزيمة إيران وحلفائها، مثل نظام الأسد في سوريا. لكن مر عامان، ومات مائة ألف إنسان، والحرب مستمرة. الغرب اكتفى بـ«إسهال» من التصريحات المنددة، وبتقديم القليل من العون العسكري. من الطروحات التي راجت «مصيدة الذباب» ضد الإرهاب؛ نظرية تدعي أن حرب سوريا مثل قالب السكر، تُركت حتى تغري أسوأ المتطرفين الإسلاميين؛ سنة وشيعة، ليأتوا من أنحاء العالم ويتقاتلوا هناك. وهكذا اصطف سنّة «القاعدة»، من «جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، ضد شيعة «حزب الله» و«عصائب الحق» العراقية و«فيلق القدس» الإيراني. «مصيدة الذباب» تلائم خيال الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة، وسبق أن شاعت في بداية غزو العراق؛ بأن الغزو مصيدة لإغراء «القاعدة» بالقتال على أرض بعيدة عن الولايات المتحدة. طبعا لا منطق فيها، لأن عدد قتلى الأميركيين في العراق فاق قتلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية. إنما الغياب الأميركي غير المألوف أثار كثيرا من التكهنات، لأن الأميركيين عادة حاضرون ومؤثرون في اشتباكات المنطقة؛ فهم من رجح كفة صدام حسين في حرب الثماني سنوات ضد إيران. وفي أسبوعين، طردوا قوات صدام من الكويت. وبحرب ضخمة، قضوا على قيادة «القاعدة» في منطقة الشرق الأوسط. في المقابل، أخفق الأميركيون أمام إرهاب النظام الإيراني الذي انتشر مثل الوباء، منذ أول عملية نوعية لحزب الله، نفذت تحت اسم «الجهاد الإسلامي» في بيروت عام 1983، استهدفت مقر المارينز، وقتل فيها 241 شخصا، إلى تفجير الخبر في السعودية عام 1996، الذي راح فيه 16 أميركيا، وعمليتين في الأرجنتين، والعديد في أوروبا وآسيا، ومن خطف طائرات إلى اغتيال دبلوماسيين. تقريبا كلها كانت تدار من قبل إيران. على خطى «حزب الله» نفسها، سار تنظيم «القاعدة» ضد مصالح وأهداف غربية. الآن في سوريا تتقاتل هذه الجماعات لأول مرة بعد أن كانت متحالفة. فإذا كان صحيحا أن قالب السكر السوري جذب آلاف المتطرفين يقتلون بعضهم بعضا، فمن الخطأ الشنيع أن يراهن أحد على أن تقاتلهم في سوريا سيقضي على التطرف وتنظيماته، بل العكس هو الصحيح؛ يتوالدون مثل الذباب. لقد تسبب ترك المأساة السورية الإنسانية تدمى عامين ونصف العام تقريبا، في توسيع دائرة العنف والتطرف، وأحيا من جديد تنظيمات ضعفت، وبدأت تذبل مثل «القاعدة»، ونشطت جماعات محاصرة مثل «حزب الله» و«فيلق القدس». ولأن المال والرجال أرخص شيء في منطقة الشرق الأوسط، فإن الأزمة ستتعاظم حتى تصبح أكبر خطر إرهابي على العالم، وستصبح سوريا بؤرة أعظم مما شهدناه في أفغانستان ولبنان والصومال واليمن مجتمعة. وحتى لا يزيد عدد الذباب ويتوالد، على العالم أن يساند الفريق المعتدل، مثل الجيش الحر والائتلاف، ليكون نواة دولة سورية مستقبلية مسؤولة، حديثة ومعتدلة، تنقذ الشعب السوري من مأساته المروعة، وتحرس العالم من تبعات حروب المتطرفين مستقبلا. |
![]() |
![]() |
![]() |
#245 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() السعودية وأميركا: البناء والمشاركة والاستباقية الأحداث الكاشفة لا تخرج مرة واحدة، والرؤى المصيبة لا تتجلى دفعة كاملة، ولكنها تأتي رويدا لمن يبتغيها ويترصدها ويحرص عليها، إن ما تعيشه سوريا اليوم هو حدث ضخم بموازين التاريخ واستثنائي بمعايير السياسة ومؤلم بمقاييس الإنسانية. يبدو أن التاريخ مثل البشر يشعر بالملل من رتابة الأحداث وركود المتغيرات التي هي ماؤه وغذاؤه فينتفض، وانتفاضة التاريخ تعبر عن نفسها بأحداث جسام ومتغيرات كبرى قادرة على إجبار الجميع على الوقوف والتأمل، فمقل ومستكثر، وعلى استنباط النتائج فمصيب ومخطئ. وفي رتابة التاريخ وانتفاضته فإن طموحات البشر لا تتوقف وصراعات المصالح لا تني وخلافات الخصوم لا تكل. تحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري في لقائه بالعاملين في القنصلية الأميركية بمدينة جدة السعودية الأسبوع الماضي حديثا مهما عن العلاقة بالمملكة العربية السعودية قائلا: «تظل العلاقة مع السعودية واحدة من أهم العلاقات (سوبر إمبورتانت). إنها ليست فقط بسبب الموارد، ولكن لأن السعودية ظلت تقوم بدور القيادة المفيدة، خصوصا في البناء والمشاركة والاستباقية. وأظهرت مبادرات نحو بعض التحديات المحيرة التي نواجهها»، وأضاف «هذه البصيرة وهذه الحكمة وهذا النوع من القيادة هو الذي نحن في حاجة إليه. خاصة في الآونة الأخيرة». إن العلاقات السعودية - الأميركية هي علاقات استراتيجية أسس لها الملك عبد العزيز والرئيس فرانكلين روزفلت منذ لقائهما الشهير عام 1945 في البحيرات المرة بقناة السويس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي علاقات لم تزل تتطور وتنمو بعدهما، وما عبر عنه كيري من بصيرة وحكمة القيادة السعودية كان قد صنع مثله روزفلت بتصريحه في الكونغرس في مارس (آذار) من ذلك العام بقوله: «لقد وعيت عن مشكلة المسلمين ومشكلة اليهود في حديث دام خمس دقائق مع ابن سعود أكثر مما كنت أستطيع معرفته بتبادل ثلاثين أو أربعين رسالة». («الوجيز» للزركلي ص271). روج خصوم السعودية من محترفي التضليل اليساري والقومي ورموز الإسلام السياسي قبل وصولهم لسدة الحكم، أن علاقات السعودية بالولايات المتحدة هي علاقات تبعية لا علاقات ندية، وقارئ تاريخ هذه العلاقات يكتشف حجم الكذب والتضليل الذي ينطوي عليه هذا التحليل، وما حديث الواقع اليوم تجاه الأوضاع في سوريا الذي علق عليه كيري بقوله: «السعودية ظلت تقوم بدور القيادة المفيدة، خصوصا في البناء والمشاركة والاستباقية» إلا مثال ضمن أمثلة كثيرة، فقد كان موقف السعودية واضحا منذ البداية في دعم الشعب السوري ضد النظام الشرس لبشار الأسد في خطاب الملك عبد الله الشهير، وكما كانت السعودية سباقة فقد كانت فاعلة على الأرض، وحين كانت الولايات المتحدة تحجم عن دعم الشعب السوري لمخاوف تسيطر عليها كانت السعودية تقدم كافة أشكال الدعم السياسي والإنساني والعسكري كما صرح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، ولئن كانت الإدارة الأميركية محتارة تجاه الأوضاع في سوريا - كما عبر كيري - فقد كانت السعودية مبادرة. وفي الخلفية التاريخية القريبة فقد كان موقف السعودية رافضا للدخول الأميركي للعراق في 2003 وعبر الفيصل بأنه لم يكن سوى تقديم العراق على طبق من ذهب لإيران. من جهة أخرى وجراء الشحن الطائفي الذي تقوده الجمهورية الإسلامية في إيران من خلال استغلال الطائفية و«التشيع» تحديدا مظلة تحرك تحتها أطماعها في النفوذ والهيمنة على العرب، فقد كان عجيبا حديث رجل إيران في العراق السيد نوري المالكي رئيس الوزراء حين قال متسائلا: «ما هذا الذي يجري في سوريا؟ لماذا هذا التحشيد؟ لماذا هذه العلانية؟ يقولون اقتلوهم، وماذا تنتظرون؟» وهو انتقد تدخل الأزهر الشريف تجاه الأزمة السورية. هذا الحديث من السيد المالكي يحتوي على مغالطات متراكمة، فكل الأخبار الموثقة من صحافيين محايدين تؤكد أن ثمة ميليشيات شيعية مسلحة تخرج تحت سمع المالكي وبصره من العراق باتجاه سوريا وتشارك في قتل الشعب السوري تحت شعارات طائفية فاقعة اللون وصارخة التطرف، بل إن وزير خارجيته هوشيار زيباري أكد هذا الأمر بنفسه قائلا: «لا أنكر أن ثمة مقاتلين شيعة عراقيين يقاتلون في سوريا»، وليس لائقا بزعيم يتبنى خطابا طائفيا وهو منحاز للدولة الفارسية المعادية للعرب أن يقدم نصائح إنسانية أو سياسية هو أول مناقضيها. نعم في حديث السيد المالكي ما يجب التوقف عنده وهو انخراط رجال الدين والمؤسسات الدينية في معارك سياسية، وهو أمر تفشى مع الربيع الأصولي في الجمهوريات العربية المنتفضة وزاد حدة واستقطابا حتى للمؤسسات الدينية الأكثر رصانة في السعودية ومصر بعد السياسات الطائفية الصارخة التي دخلتها إيران وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية وبعض الحوثيين في سوريا. إن الانتقال من «الأولويات الأصولية» بعد الربيع الأصولي إلى «الأولويات الطائفية» بعد الأزمة السورية هو انتقال يؤكد المنحى الانحداري الذي وقعت المنطقة في براثنه منذ ما يزيد على عامين ونصف - كما نبه كاتب هذه السطور سابقا - ولسوء الحظ فهو منحى آخذ في المزيد من الانحدار. الطائفية كانت فتنة نائمة أيقظتها إيران بحسبانها سلاحها للنصر وجسرها للنفوذ ولكن مارد الطائفية حين انطلق من عقاله بات يهدد حلفاء إيران والمحسوبين عليها في المنطقة، فهي خسرت كثيرا من التيارات والمثقفين الذين كانوا يساندون سياساتها في المنطقة، وهي ستجر الويلات على المنتمين لطائفتها خارج حدودها فقد ألقت بهم في أتون حرب لا يمكن لهم أن ينتصروا فيها بحال، وقد يصدق على بعضهم قول الشاعر: لم أكن من جناتها علم الله وإني بحرّها اليوم صالي. إن المنطق الطائفي والمفردات الطائفية والفتاوى الطائفية ستصبغ المقبل من الأيام بلونها، وستخرج خبثها كأبشع ما يكون الخبث، وسينفخ في كير الفتنة مثقفون وإعلاميون ورجال دين، والأخطر من هذا أن ضخامة الأحداث وحرارة الدماء ستخرج بعض العقلاء من رصانتهم وستجرف بعض الحكماء عن حكمتهم وسيكون الرهان على قلة قليلة تكون قادرة على فرز المشهد والتفريق بين الصراعات السياسية وما يختلط بها من أبعاد طائفية. إن نصرة الشعب السوري بكل سبيل هي فرض إنساني قبل أن تكون واجبا سياسيا للتصدي لمشروع إيران المعادي للدول العربية والمعتدي على سوريا، وحين تقود السعودية مثل هذا التوجه فإنها تزن بميزان الذهب تحركها بين نصرة مستحقة للمظلوم وقطع الطريق على جماعات الإرهاب. |
![]() |
![]() |
![]() |
#246 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() حماسة كيري تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط سواء تمكن من إعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى، أو فشل في نهاية المطاف كما فشل كثيرون من قبله، لا يستطيع أحد أن ينكر أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري بذل قصارى جهده في هذا الصدد. وخلال رحلته الحالية التي تعد الخامسة له للمنطقة منذ توليه منصب وزير الخارجية في شهر فبراير (شباط) الماضي، التقى كيري بعد ظهر الجمعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد اللقاء الأول الذي استمر لمدة 15 ساعة في محادثات ماراثونية امتدت حتى منتصف الليل. وخلال الفترة بين الاجتماعين مع نتنياهو، انتقل كيري عبر الضفة الغربية إلى العاصمة الأردنية عمان، والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقام الأردنيون بإعادته إلى القدس مرة أخرى في طائرة هليكوبتر عسكرية. وقال كيري لنتنياهو بابتسامة أمام الكاميرات: «قريبا جدا». وجلس الزعيمان على نفس المقاعد في نفس الجناح في فندق «ديفيد سيتادل» بالقدس، وتصافحا بنفس الطريقة، مع اختلاف ربطات العنق. ويوم السبت، يعتزم كيري العودة إلى عمان لعقد اجتماع آخر مع عباس، وفقا لمسؤول بارز بوزارة الخارجية الأميركية. وخلال الأسبوع الماضي، ناضل كيري مع الحلفاء العرب فيما يتعلق بسوريا، ودخل في مشاورات فيما يتعلق بمفاوضات محتملة مع حركة طالبان الأفغانية، وأدلى بدلوه في الجدل الدائر بشأن إدوارد سنودن. ولكن الشيء الواضح هو أن عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية هي المحرك الأساسي لهذه الرحلة، ففي هذا المكان، بحسب أصدقاء وزملاء وبعض من المستفيدين من حماسته، خاض كيري تجربة كبيرة في السياسة الخارجية والعلاقات والدروس السياسية. وأعلن كيري عن خطط لبرنامج بقيمة 4 مليارات دولار يهدف لمساعدة الاقتصاد الفلسطيني، كما انضم لوزير الدفاع تشاك هيغل في تعيين الجنرال المتقاعد جون ألين، قائد القوات الأميركية السابق في أفغانستان، مبعوثا خاص للقضايا الأمنية الإسرائيلية. ويعتقد كيري أن نهجه الذي لا يقاوم - المتمثل في مزيج من الأمن والضمانات الدبلوماسية، بالإضافة إلى الاقتراحات الاقتصادية - سيكون جذابا لكلا الطرفين. وقاوم الإسرائيليون والفلسطينيون إغراءات مماثلة من قبل الكثير من وزراء الخارجية السابقين على مدى عقود. ويلقي بعض الساخرين بنظراتهم على العاطفة الكبيرة التي يبديها كيري، ويتساءلون عما إذا كان يعيش في عالم افتراضي بعد خسارته للانتخابات الرئاسية عام 2004. وبينما يرعى الرئيس أوباما عملية السلام بكل قوة، لم يركز البيت الأبيض كثيرا على الجهود التي يبذلها كيري في هذا السياق. ومع ذلك، أشار مسؤول رفيع في الحكومة الأميركية، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إلى أن أوباما هو الذي أعطى كيري الضوء الأخضر للمضي قدما. ورغم عدم ضمان النجاح، قال أوباما في مؤتمر صحافي في عمان في شهر مارس (آذار) الماضي: «ما أستطيع أن أؤكده هو أننا سنبذل مزيدا من الجهد. ما أستطيع أن أؤكده هو أن وزير الخارجية جون كيري سوف يقضي قدرا كبيرا من الوقت في مناقشات مع الطرفين». ومن بين الأشياء التي تجعل كيري يعتقد أن الأمر مختلف هذه المرة هو إلحاح الوضع، في ضوء الأزمات التي تجتاح المنطقة، وحالة الملل التي تنتاب المجتمع الدولي لما بات ينظر إليه على أنه تعنت كبير من جانب إسرائيل، علاوة على عدم قدرة الفلسطينيين على عدم تنظيم الوضع السياسي والاقتصادي الداخلي، وهو ما جعل كيري يحذر مرارا من أن «النافذة تغلق» أمام إجراء محادثات ذات معنى. ويملك كيري ثقة كبيرة في جدوى طاقته ومهاراته الخاصة خلال اللقاءات الدبلوماسية وجها لوجه مع المسؤولين، كما يملك خبرة كبيرة في السياسة، ولديه علاقات كبيرة مع معظم اللاعبين الأساسيين في منطقة الشرق الأوسط بفضل العقود التي عمل خلالها في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بما في ذلك أربع سنوات كرئيس للجنة خلال ولاية أوباما الأولى. ويقول السياسيون الإسرائيليون، بغض النظر عن وجهة نظرهم في أي مفاوضات محتملة، إن كيري يتعامل مع إسرائيل باحترام وتفاهم، وإنه يتخذ الموقف الصحيح. تنطوي خطة كيري على الكثير من الجهود السابقة، حيث يقوم جزء كبير منها على المبادرة العربية لعام 2002 التي تضمن أمن إسرائيل وتحمل وعدا بوجود علاقات دبلوماسية وتقدم حلا للقضية الشائكة المتعلقة بحقوق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم. عرض كيري خطته الخاصة ببرنامج تكلفته 4 مليارات دولار لدعم الاقتصاد الفلسطيني خلال خطابه في منتدى الاقتصاد العالمي في شهر مايو (أيار) بالأردن. واستعان بشخصيات قيادية في عالم الأعمال الأميركي من أجل وضع نماذج للنمو الاقتصادي في فلسطين والإقليم تستفيد منها إسرائيل والأردن وفلسطين. وقال دبلوماسي أميركي رفيع المستوى، له باع طويل في إرساء دعائم السلام في المنطقة، إن تحمس كيري أثار إعجابه ويأمل أن يتمكن من الحفاظ عليه في مواجهة الاختلافات الكبيرة. ويواجه كل من عباس ونتنياهو تحديات سياسية داخلية، لكن لم يظهر بعد أي دليل على رغبتهما في القيام بما يتطلبه التوصل إلى حل طويل المدى. مع ذلك ورغم الشكوك التي تثيرها التجربة يبدو أن بعض الأطراف الإقليمية الفاعلة أصبحت متحمسة لمحاولات كيري. * خدمة «واشنطن بوست» |
![]() |
![]() |
![]() |
#247 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() أين علماء السنة والشيعة؟! نحن نعيش حقبة يتعرض فيها الإسلام والمسلمون لموجة مدمرة على يد أهله نتيجة لتفسيرات غريبة للإسلام والأفعال غير المسؤولة لبعض المسلمين، وهو ما يجعلنا نموذجا واضحا لما تقصده الآية الكريمة «يخربون بيوتهم بأيديهم» (سورة الحشر: 2). ومن المحزن أن نرى هذه الأمثلة تتكرر في كل مكان: في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا ولبنان، وأخيرا في مصر. انظر إلى العالم الإسلامي، مسلمون يقتل بعضهم بعضا باسم الإسلام. من ناحية أخرى، يشهد الإسلام وبعض الدول الإسلامية نهضة، ولعل تركيا وماليزيا أبرز الأمثلة على ذلك، وفي المقابل، نرى العرب مغرقين في آمالهم بنتائج الربيع العربي. هذه بالفعل قضية محيرة، فهناك جانب مشرق تماما، وهناك جانب آخر معتم تماما. هذه المعضلة تذكرني بالفصل العاشر من كتاب آرنولد توينبي «محاكمة الحضارة»، والذي يشرح فيه أفكاره بشأن العلاقة بين الإسلام والغرب والمستقبل، وقد نشرت نسخة الكتاب الذي أمتلكه عام 1948. يقول توينبي في كتابه: «الوحدة الإسلامية نائمة، ولكن علينا أن نتوقع إمكانية أن يستيقظ النائم. تلك الدعوة قد تكون لها آثار نفسية لا تحصى في استحضار الروح المتشددة من الإسلام - حتى وإن طالت نومتها كأهل الكهف - لأنها قد توقظ أصداء العصر البطولي. ففي حقبتين تاريخيتين كان الإسلام الرمز الذي تمكن من خلال مجتمع شرقي من الانتصار على غزاته من الغرب. كانت الأولى في عهد الخلفاء الراشدين الذين حرروا سوريا ومصر من السيطرة اليونانية التي حكمتها لأكثر مما يقرب من ألف سنة. والثانية في عهد نور الدين زنكي وصلاح الدين، والمماليك الذين تمكنوا من صد حملات الصليبيين والمغول. وإذا كانت الحالة الراهنة للبشرية تتعجل حربا عرقية، فقد يتحرك الإسلام ليلعب دوره التاريخي مرة أخرى. وأتمنى أن لا يحدث». «محاكمة الحضارة». وبعبارة أخرى، فبناء على نظرية توينبي، تحولت الحرب إلى داخل العالم الإسلامي. وبالعودة إلى التاريخ المعاصر قد يتساءل البعض منا عمن أنشأ حركة طالبان و«القاعدة» في الأساس؟ فكما نعرف كانت طالبان و«القاعدة» ركيزتين أساسيتين في النموذج الجديد للعالم الإسلامي. ولم يكن احتلال أفغانستان وقتل أسامة بن لادن - على الرغم من الشكوك بشأن مقتله - مؤشرا على بداية نهاية طالبان و«القاعدة»، فقد أدى أيضا إلى نموها وتوسعها إلى دول أخرى، كالعراق واليمن ولبنان وسوريا. وللإنصاف، فقد فضلت أميركا وإسرائيل في محاولتهما لتشويه صورة الإسلام من خلال حوادث مثل قطع رؤوس أبرياء باسم الإسلام، بقاء استمرار «القاعدة» في العالم الإسلامي. وتلك مشكلة مهمة، ماذا ينبغي علينا أن نفعل؟ كيف، ومن أي زاوية يمكننا أن نجد ونتعامل مع جذور المشكلة؟ هذا سؤال جوهري ينبغي علينا التعامل معه. على الصعيد الشخصي، أعتقد أن دور العلماء في هذا الإطار يمكن أن يكون إما بناء وإما مدمرا. فعلى سبيل المثال، يمكن رؤية السلوك المدمر عندما يصدر عالم فتوى بأن الشيعة ليسوا بمسلمين وأنهم كفار. الحقيقة أن هذه الفتوى يمكن اعتبارها سببا رئيسا في قتل الشيعة في مصر وسوريا. ومما لا شك فيه أن الأفراد الذين قتلوا بعضهم البعض يعتقدون أنهم بذلك يتقربون إلى الله وأنهم سيدخلون الجنة. الفتنة الكبرى كانت السبب الرئيس وراء كل عمليات القتل في العالم الإسلامي. رغم تحذير القرآن الكريم من الفتنة: «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة». (الأنفال: 25) هل يمكننا أن نتخيل فتنة أكبر من قتل مسلمين أبرياء، سنة أو شيعة، أو أقباطا؟ أعتقد أن مراكز الشريعة الإسلامية الرئيسة والأزهر الشريف وفي المملكة العربية السعودية، والنجف وقم، تتحمل مسؤولية كبيرة في منع وإنهاء هذه الكارثة. كخطوة أولى، ينبغي علينا أن نتقبل وجود مذاهب إسلامية مختلفة، وقبول كل من السنة والشيعة بفروعها المختلفة. وقد ركز الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر الجديد، على هذه المسألة بالذات في أول خطاب له بوصفه أمير قطر، حيث قال: «نحن مسلمون وعرب نحترم التنوع في المذاهب، ونحترم كل الديانات في بلداننا وخارجها، وكعرب نرفض تقسيم المجتمعات العربية على أساس طائفي ومذهبي؛ ذلك لأن هذا يمس بحصانتها الاجتماعية والاقتصادية ويمنع تحديثها وتطورها على أساس المواطنة بغض النظر عن الدين والطائفة، ولأن هذا الانقسام يسمح لقوى خارجية بالتدخل في القضايا الداخلية العربية وتحقيق نفوذ فيها، بغض النظر عن الدين والطائفة، ولأن هذا الانقسام يسمح لقوى خارجية بالتدخل في القضايا الداخلية العربية وتحقيق نفوذ فيها». وأعتقد أن علينا أن نقبل التعددية في كل الدول العربية، فكلنا أصحاب هدف مشترك. في البداية ينبغي علينا أن نقر ونحترم قيم وعقائد الآخر. فعلى سبيل المثال، بناء على مدرسة أهل السنة فهم يحترمون كل أصحاب النبي، ونحن كشيعة نحترم هذه الفكرة. الأمر الثاني، في إيران، على سبيل المثال، يعيش ملايين السنة في بلدنا، لذا من المنطقي أن نحترمهم. وأعتقد أنه ينبغي على آيات الله في النجف، وخصوصا آية الله العظمى السيستاني، أحد أبرز آيات الله في العالم الشيعي وفي قم أيضا، نشر بيان يحرمون فيه الاساءة إلى الصحابة وأم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها. ولحسن الحظ فقد أدان آية الله خامنئي مرارا وصراحة في كلمته، التعرض بالإساءة لصحابة النبي. وأمر بهدم مسجد أبو لؤلؤة في كاشان. وعندما كتب صديقي رشيد الخيون مقالا عن مسجد أبو لؤلؤة، ربما لم يكن يعلم أن المسجد لم يعد قائما في إيران بعد. (رشيد الخيون: ضد الطائفية، ص 188). نحن بحاجة أكثر من ذي قبل إلى علماء الخير لا علماء السوء، كما يقول الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين»، وبحاجة إلى علماء خير مثل الشيخ شلتوت، وآية الله العظمى بروجردي، والعلامة كاشف الغطاء ومن هم على شاكلتهم. وعندما قال الشيخ القرضاوي إننا بحاجة إلى تسليف الصوفية، وتصويف السلفية، تلقيت كلماته بسرور كبير وكتبت مقالا في «الشرق الأوسط» حينئذ. وقد كان للشيخ شلتوت فتوى معروفة بشأن الشيعة، جاء فيها: «مذهب الجعفرية، المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية، مذهب يجوز التعبد به شرعا». كانت تلك خطوة عظيمة للأمام في حل المفاهيم الخاطئة بين الشيعة والسنة. ولا تنسوا أن كل علماء التطرف سنة وشيعة، هم عناصر الفتنة في أيدي أعدائنا المشتركين. يقول ربنا «ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا». (البقرة: 286). ويقول الغزالي في «إحياء علوم الدين»، ص 22: «هيهات هيهات، قد ندرس علم الدين بتلبيس علماء السوء، فالله تعالى المستعان وإليه الملاذ، في أن يعيذنا من هذا الغرور الذي يسخط الرحمن ويضحك الشيطان». |
![]() |
![]() |
![]() |
#248 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() إيران من النجادية إلى الروحانية توالت برقيات الترحيب والتهنئة للرئيس الإيراني الجديد الدكتور حسن روحاني من دول الخليج العربية معبرة في مجملها عن رغبة دول الخليج في تحسين العلاقات مع الجارة الشمالية وإقامة علاقات تعاون، وقد أعلن روحاني أن من أولويات إيران تحسين العلاقات مع دول الجوار بعد أن شهدت العلاقات الخليجية - الإيرانية خلال ولاية الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد فتورا واضحا، نتيجة لسعيه بمشروع الهيمنة الإيراني، فهل يتوقع حدوث تغيير جذري أو حتى جزئي في سياسة إيران الروحانية تجاه الملفات الساخنة المهمة كالملف الخليجي؟ وهل ستتغير استراتيجية إيران للهيمنة وسياستها تجاه جيرانها وفق السوابق الإيرانية في التدخل في شؤون الدول الخليجية؟ تتحرك إيران في المشهد الخليجي المعقد وفق رؤية تزاوج العقيدة بالتاريخ، وتمزج المصالح السياسية بالتوجهات المذهبية، فإذا تعارضت إحداهما أو تصادمت كانت الغلبة للمصالح السياسية على الدوام في ظل سياسة خارجية تجملها التقية السياسية، ففي فصل السياسة الخارجية من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنص المادة 154 على أن «جمهورية إيران الإسلامية تقوم بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أي نقطة من العالم»، أي التدخل في شؤون الدول الأخرى بنص دستوري صريح. لقد وظفت جمهورية إيران بعد ثورة الخميني عام 1979 فكرة «ولاية الفقيه» بدعوى نيابة الإمام المهدي في عصر الغيبة الكبرى لنصرة المستضعفين والمظلومين، فأصبحت حاضنة ومصدرة لمذهبها، وعملت على نقل ثقل المرجعية من نجف العراق إلى قم إيران. ووفق نظرية «ولاية الفقيه» أنشأت التنظيمات الداخلية والخارجية لتصدير الثورة وفق استراتيجية واضحة عملت القيادات الإيرانية على تنفيذها، سواء تحت عنوان «المحافظون» أو «الإصلاحيون». لقد دأبت دول الخليج على التعامل مع إيران وفق مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإلى حل القضايا العالقة بالطرق السلمية والحوار، كقضية الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، وفي المقابل تنظر إيران لدول الجوار العربية نظرة دونية تترجمها بسياسات التدخل في الشأن العربي والخليجي والتصريحات الاستفزازية، فطهران تزرع الخلايا التجسسية في دول الخليج، وتجاهر بذلك على لسان مسؤوليها، وتستمر بإثارة القلاقل الطائفية. تغذيها نشوة النجاحات في العراق في ظل خطاب سياسي مشحون بحس التفوق على دول الخليج العربية. إن الإشكالية التي تواجه دول الخليج العربية هي أن ثمة أطماعا إيرانية بلا مواربة بادعاءات ضد البحرين واستفزازات في جزر الإمارات المحتلة: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والتدخلات الإيرانية مستمرة، وأطماعها في الخليج والمنطقة العربية واضحة، والمشروع الإيراني لا يقبل حسن النيات. فقد عملت طهران على استغلال المطالبات بالإصلاحات وتوظيف المشكلات الداخلية خدمة للمشروع الإيراني، ومحاولة اقتباس تجربة الصعود السياسي للشيعة في العراق لتعميمها على الدول الإسلامية، وفي مقدمتها دول الخليج، فجاء دخول قوات درع الجزيرة البحرين بطلب من حكومتها انطلاقا من وحدة المصير المشترك، وترابط أمن دول مجلس التعاون وفي الوقت المناسب لصد المشروع الإيراني، وإجراء أمنيا جماعيا لدول الخليج. رغم الجلبة الإعلامية بأن الرئيس الإيراني المنتخب «حسن روحاني» ينتمي للتيار الإصلاحي، فإن الاختلاف البيِّن بين الإصلاحيين والمحافظين اختلاف في الأسلوب والتكتيكات؛ فالاستراتيجية الإيرانية ثابتة، ولكن تختلف وتتفاوت تكتيكات التيار الأول الناعمة عن تكتيكات المحافظين التصادمية لتنفيذ مشروع الهيمنة الإيراني، وأبلغ دليل على ذلك فترتا رئاسة الرئيسين الأسبقين هاشمي رفسنجاني ومن بعد الرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي «الإصلاحيين»، حيث تعززت الاستراتيجية الإيرانية. اليوم دول الخليج بحاجة ماسة لإعادة ترتيب أوراقها ولتوحيد سياساتها، فالمصلحة العليا واحدة، والمشروع الإيراني أوضح ما يكون، والتصريحات والسياسات الإيرانية خلال العقد الماضي حولت الظنون إلى حقائق، وأصبحت التطلعات الإيرانية حقيقة تدعمها الوثائق والتطورات على الأرض. تحتاج دول الخليج لتغيير استراتيجيتها وبشكل جذري في التعامل مع إيران، فيجب أن تكون مواقف الدول الخليجية من السياسات الإيرانية واضحة لا تحتمل التأويل ولا المجاملات السياسية؛ فالمواقف الرمادية تخدم الأجندة الإيرانية، وساهمت في تقوية الخطاب السياسي الإيراني المعادي لدول الخليج. على الدول الخليجية أن تتخلى عن ازدواجية الخطاب والمواقف تجاه طهران، وفي ذات الوقت لا يمكن الانقياد لتصريحات كلامية؛ فالفعل هو الفيصل وليس الكلمات الدبلوماسية، وأن تعاد صياغة المواد الخاصة بالسياسة الخارجية في الدستور الإيراني وفق مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وإلا فلا مكان لحسن النيات والأوهام. إن أمن الخليج واستقرار دوله على المحك. المنطقة تمر بمرحلة مخاض سياسي توجب مراجعة المواقف والسياسات، ودراسة الخيارات بشكل جماعي حتى لا يأتي يوم تقول فيه دول الخليج «ألا أكلت يوم أكل الثور الأبيض». * كاتبة وإعلامية إماراتية |
![]() |
![]() |
![]() |
#249 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() «النووي» الإيراني وموقف المثقف العربي منذ قيامها في عام 1979 لا يكف النظام الفقهي الحاكم في طهران عن قلب الحقائق، وخرق النواميس الدولية، والقيام بمغامرات عبثية يمينا ويسارا بحيث فقد ثقة المجتمع الدولي ودول الجوار، وبات التشكيك في سياساته هو السمة الغالبة. ومن هنا فإنه من الصعب على أي مراقب أو متابع أو صانع قرار أن يصدق أن طموحاته لجهة امتلاك التقنية النووية هدفها سلمي، ويتمثل في توليد الطاقة السلمية فحسب، وليس الانتقال في مرحلة لاحقة من الاستخدام السلمي للطاقة النووية إلى الاستخدام العسكري. صحيح أن دولا كثيرة في العالم كاليابان وألمانيا وفرنسا تعتمد على المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة، خصوصا أن طنا واحدا من اليورانيوم بإمكانه أن ينتج طاقة تعادل الطاقة المنتجة من ملايين البراميل من النفط، أضف إلى ذلك أن هذه الطاقة لا تؤدي إلى تلوث البيئة كما تفعل الطاقة المنتجة من الفحم أو النفط، لكن هذه الدول ليست كإيران التي تملك مخزونا هائلا من النفط والغاز الطبيعي، وبالتالي تستطيع أن تستخدم هذين الموردين في توليد الكهرباء بتكلفة لا تتعدى 20 في المائة من تكلفة الكهرباء النووية. وبمعنى آخر فإن إيران ليست لديها دوافع منطقية لإنفاق بلايين الدولارات على مشاريع نووية مكلفة وخطيرة بهدف «تنويع الموارد الوطنية للطاقة للمحافظة على ارتفاع معدلات النمو» كما تزعم، خاصة أن معظم منشآتها النووية مقامة بعيدا عن مراكز التجمعات السكانية الكبيرة من تلك التي يفترض أن تولد لها تلك المنشآت الكهرباء. غير أن الصحيح أيضا هو أن النظام الإيراني لا يملك مصداقية كي يثق المجتمع الدولي ودول الجوار بسلمية مشروعه النووي، وذلك استنادا إلى سوابق هذا النظام في زعزعة الأمن والاستقرار في محيطه الإقليمي، وسياساته المعلنة حول تصدير الثورة إلى الجوار، وسعيه الدائم إلى توسعة نفوذه الإقليمي بامتلاك أدوات القوة والتهديد بها. ومن ناحية أخرى لا يمكن الثقة في قدرة الإيرانيين على تصميم مفاعلات جيدة وقادرة على الوفاء بمتطلبات السلامة والرقابة والتحكم المتعارف عليها دوليا، فقدراتهم العلمية والتقنية في هذا المجال متخلفة بأشواط عن مثيلاتها السوفياتية التي لم تستطع – رغم كل ما كان يقال عن عظمتها – أن تتحاشى كارثة تشرنوبل في عام 1986. وهكذا فإن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية محقة في قلقها من البرنامج النووي الإيراني، خصوصا في ظل رجحان ميزان القوة العسكرية لصالح إيران بسبب عدد سكانها الكبير ومساحتها الشاسعة ومواردها المتنوعة، ناهيك عن احتمالات تعرض المفاعلات النووية الإيرانية لكوارث طبيعية (مثل الزلزال الذي ضرب مدينة بوشهر هذا العام وكاد يتسبب في كارثة إشعاعية لولا عناية الله) قد تؤدي إلى تلوث مياه بحيرة الخليج التي هي مصدر مياه الشرب الوحيد لشعوب دول الخليج العربية. لكن ما يراه عرب الخليج خطرا محدقا بهم لا يراه كذلك بعض العرب الآخرين. فالعديد من المثقفين والمفكرين العرب المؤدلجين ممن حاورتهم في بعض المؤتمرات والمنتديات ذات الصلة بالموضوع يرون عدم وجود مبرر حقيقي لمخاوفنا وقلقنا في الخليج من النووي الإيراني، بل يسخرون منها، ويشيدون في المقابل بطموحات إيران النووية، زاعمين أنها تمثل ذخرا للأمتين العربية والإسلامية وعامل توازن وردع لإسرائيل فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني. ومثل هذا الكلام العاطفي السقيم سمعنا ما يشبهه يوم أن فجرت باكستان قنبلتها النووية، حيث راحت جهات رسمية وغير رسمية تطبل لها وتصفها بالقنبلة الإسلامية التي ستحرر القدس، لتكتشف سريعا أن إسلام آباد لجأت رسميا إلى نزع صفة «الإسلامية» عن قنبلتها، وإلى الإعلان صراحة أنها موجهة لخدمة مصالحها القومية الذاتية في ما يتعلق بنزاعها مع الهند. والأغرب من هذا أن هؤلاء - ومعظمهم من القوميين الذين كانوا يهاجمون إيران – هم الآن في صدارة من ينافح اليوم عن النووي الإيراني، غير مكترث البتة بما يشكله من مخاطر على حاضر ومستقبل أشقائهم من عرب الخليج ممن سيكونون أول ضحايا أي تسرب إشعاعي للمفاعلات الإيرانية. أما الطامة الكبرى فتتمثل في ما تردده جماعة ضمن هذه الجوقة، التي ما زالت تبني مواقفها على العواطف المجردة من المنطق والشعارات الفضفاضة الغبية، من أن تمسك زعماء إيران ببرنامجهم النووي وذودهم عنه وتحملهم للعقوبات الدولية «المجحفة»، وتصعيدهم للهجتهم من حين إلى آخر، هو بهدف طرح مبادرة سلمية لملف بلادهم النووي في نهاية المطاف تقضي بإغلاقه نهائيا «مقابل إزالة إسرائيل لمنشآتها النووية وإيقاف برامجها العلمية ذات الصلة». وأعتقد أنهم ربما ذهبوا إلى القول إنه «مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة»، هذا على الرغم من أن طهران لم يترشح عنها في أي مناسبة ما يؤشر إلى ذلك، بل ظلت تكرر على لسان كبار مسؤوليها وقادة حرسها الثوري أنه لا رجعة عن خططها النووية. |
![]() |
![]() |
![]() |
#250 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الصراع السوري وأوهام الحسم العسكري! حين يغدو المشهد السوري مثقلا بالفتك والدمار، ويصبح السلاح صاحب الكلمة الفصل، تطغى أخبار المعارك، بهزائمها وانتصاراتها، على كل اهتمام، وتغدو حافزا لشحن الصراع وتعزيز لغة العنف، ولا يخفف من وطأة هذا الخيار وآلامه، الادعاء بأن ما يجري هو جهد استباقي من قبل النظام لتحصيل مكانة جديدة تؤهله لفرض اشتراطاته على الرغبة الدولية في حل سياسي، أو كمحاولة اضطرارية من قبل المعارضة المسلحة لتعديل توازنات القوى كي تجبر النظام وحلفاءه على فتح باب المرحلة الانتقالية العتيدة. هو أمر مؤسف ومقلق، أن يفضي منطق الحرب، إلى انحسار الدور السياسي للمعارضة السورية أمام تقدم المكون العسكري، وقادته لا ينفكون عن تكرار أوهامهم عن حسم عسكري سريع في حال مدوا بالأسلحة أو جرى تحييد الطيران الحربي، أمام نظام لم تفارقه الأوهام ذاتها عن قدرته على سحق الثورة بما يملكه من وسائل القهر، واعتاد مع كل محطة تحقق فيها الآلة القمعية بعض التقدم، أن ينعش هذه الأوهام ويكرر لازمته، بأن الأزمة توشك على الانتهاء وبأن ما تواجهه البلاد سيغدو في وقت قريب من الماضي. وعليه، يصعب على المرء فهم الطريقة التي تنظر فيها السلطة إلى النتائج، وكيف تخلص إلى أن خيارها الحربي يؤدي الغرض وينجح، وتعجب بعد أكثر من عامين من تجريب مختلف أصناف الأسلحة ومن عجز صريح عن كسر موازين القوى واستعادة السيطرة على أكثر من نصف مساحة البلاد، وبعد الخسائر الجسيمة التي منيت بها، وتراجع القدرة العمومية على إدارة مؤسسات الدولة، تعجب من استمرار الأوهام بإمكانية الحسم ونجاعة منطق كسر العظم، ومن تكرار القول بأن «القصة خلصت»، والإيحاء للآخرين بالانتصار وبعودة الأمور كما كانت، بينما الواضح أن الواقع يسير نحو الأسوأ، ونحو المزيد من التعقيد، والمزيد من احتدام الصراع، واستنزاف ما تبقى من قوة المجتمع وثرواته. ليس سهلا على العقل إدراج ما حصل ويحصل في البلاد تحت عنوان الانتصار، فليس من معنى لكلمة انتصار في المشهد السوري اليوم إلا إذا جرى اختصاره فيما تخلفه قوة قمعية هائلة من دمار وفتك في المدن والمناطق المتمردة، وإلا إذا فهم بنجاح الممارسات السلطوية الموغلة في العنف والاستفزازات الطائفية في عسكرة الثورة واستجرار ردود فعل من الطبيعة ذاتها، وتاليا محاصرة المبادرات السياسية ووأد مختلف الجهود لإعادة بناء الوجه المدني للثورة، وليس من معنى لكلمة انتصار إلا إذا كان غرضه التعريف بأعداد ما فتئت تتزايد من الضحايا والجرحى والمفقودين ومن المشردين والمهجرين واللاجئين، وربما لتعزيز الروح المعنوية لأنصار النظام باقتراب ساعة الخلاص، وبضرورة بذل كل الجهود من أجلها، وبغير المعاني السابقة يضحك المرء على نفسه إذا نظر إلى الوقائع والحقائق الراهنة واعتبرها انتصارا، ما يشجع على طرح السؤال عن جدوى استمرار هذا العنف والتنكيل المعمم، وهل حقا لم ير النظام نتائج ذلك؟ وأين تفضي هذه الطريق؟! يعتقد الكثيرون أنه مجرد وهم الرهان على الحسم العسكري وعلى دور المعالجة العنيفة في منح السلطة أو المعارضة فرصة الانتصار، ويعتقدون أيضا أنه من المحال، بعد أكثر من عامين من العجز وانحسار السيطرة، أن ينجح النظام بأي وسيلة، ومهما يكن دعم حلفائه، في تعديل موازين القوى بصورة نوعية، بل يرجحون أن يقود الاستمرار في هذا الخيار إلى حرب أهلية مديدة مع ما قد يرافق ذلك من تكلفة بشرية ومادية باهظة، ثم يخلصون إلى أنه ليس ثمة إمكانية متاحة أمام السلطة بعد ما ارتكبته، وبعد الشروخ العميقة التي حدثت لإعادة بناء الثقة وإدارة مجتمع واقتصاد وسياسة، وتاليا لاستعادة دورها العمومي في قيادة المجتمع. المسألة التي لم يدركها النظام أو لا يريد إدراكها أن ما يسمى انتصارا على الشعب هو أكبر هزيمة للوطن، وأن كلمة انتصار ليست سوى الوجه الآخر لانكسار المجتمع وتدميره، والقصد أن منطق القوة والغلبة والعنف لم يعد يستطيع إعادة مناخات الرعب والإرهاب للاستئثار بالسلطة والثروة، ولإخضاع المجتمع من جديد، ولحكم شعب منكوب لم يبق عنده ما يخسره سوى حالة القهر والخنوع التي يعيشها. لن تعود سوريا إلى ما كانت عليه قبل مارس (آذار) 2011. لغة السلاح والعنف لن تمنح المتحاربين أي فرصة للحسم.. سيبقى الصراع مستعرا ومكتظا بالضحايا وكأنه يدور في حلقة جحيم مفرغة طالما لم يتحقق التغيير السياسي وينَل الناس حقوقهم.. هي عبارات يتداولها الجميع كحقائق لا تقبل التأويل، ويبقى السؤال عن الطريق الأجدى كي تختصر دورة الآلام ويصل السوريون إلى مجتمع الحرية والعدالة والمساواة. _________________________________ المحنة السورية والإرادة الدولية! يتفق الكثيرون على أن المجتمع الدولي يستطيع إن أراد وبما يملكه من قوة ونفوذ فرض حل يوقف دوامة العنف في سورية، ويتفقون أيضاً على صعوبة حصول موقف عالمي موحد ينعكس بخطة جدية لإخماد هذه البؤرة من التوتر، والقصد أن الوقت لن يتأخر حتى يصل مؤتمر جنيف 2 إلى طريق مسدودة، كاشفاً حقيقة لا تحتمل التأويل في الخصوصية السورية، بأن باب الحلول السياسية مغلق بسبب غياب إرادة أممية حازمة تجبر أطراف الصراع على ترك ميدان الحرب والالتفات نحو المعالجات السلمية، وخاصة النظام، الذي لا يزال يعتقد بإمكانية تحقيق الانتصار، ويخوض معركته كمعركة وجود وإفناء للآخر. وإذا تجنبنا التحليل التآمري عن تواطؤ خفي أو تقاسم للأدوار بين الأطراف الدولية الفاعلة لتطويع الثورة السورية، فثمة ما يصح اعتباره توافقاً موضوعياً بينها جوهره عدم تعجل حسم الصراع وإدارته بالنقاط لا بالضربة القاضية، من دون اعتبار لما يخلفه من ضحايا ودمار وآلام، وعليه لن تسمح روسيا وإيران بهزيمة النظام، لكن الغرب لن يسمح في المقابل بانتصاره. خلافات المعارضة السورية وتفككها والتخوف من اليوم التالي لسقوط النظام، وخصوصية الصراع السوري ومخاطر ارتباطه العضوي مع محور نفوذ في المنطقة، ثم الخشية ليس من التنظيمات الجهادية المتطرفة فحسب، بل من كل حركات الإسلام السياسي التي بدأت تظهر سمات ديكتاتورية مقلقة بعد وصولها إلى السلطة، وإذا أضفنا حاجة الغرب لاستثمار الساحة السورية في استنزاف خصومه وإضعافهم، كروسيا وإيران، ولتصفية الحساب مع تنظيم القاعدة وأشقائه من الجماعات التي بدأت تتسلل إلى بلاد الشام لنصرة أهلها، وأضفنا أيضاً حسابات الأمن الاسرائيلي التي تحتل مركز الاهتمام الغربي، والرغبة المضمرة عند البعض بأن تكون الثورة السورية المحطة الأخيرة لقطار الربيع العربي ودرساً بليغاً يلقن للشعوب عن الثمن الفادح الذي يتوجب دفعه لقاء مطالبتها بالتغيير والحرية والكرامة، يمكن أن نقف عند أهم العوامل التي تعيق التوصل إلى وحدة الموقف الأممي من الصراع السوري، وتفسر استمرار سلبية الدول الغربية وتسليمهم بدور مفتاحي لموسكو كشفت عنه سياستهم لأكثر من عامين من عمر الثورة وكرسته قمة الثمانية الكبار في بيانها الختامي، وأكدته التصريحات المتكررة عن عدم وجود نية التدخل العسكري، ونكثها الوعود ولمرات حول دعم المعارضة وحماية المدنيين، وزيف التهديدات الغربية بعقاب رادع في حال تكرار المجازر أو تزايد أعداد اللاجئين أو استخدام السلاح الكيماوي. واستدراكاً، طالما يطمئن النظام السوري لدعم حلفائه ولعطالة المجتمع الدولي ويتوهم بأن خياره الأمني والعسكري لا يزال مجدياً، فلا قيمة عنده لأية مؤتمرات دولية أو مبادرات سياسية، وهاهو يوظف نتائج معركة القصير في حمص والانخراط المباشر لقوات حزب الله وبعض الميليشيا العراقية من أجل بعث الروح في هذا الخيار بعد أن جرب على أشده ولزمن طويل ولم ينجح في سحق الاحتجاجات أو الحد من قدرة الثورة على التجدد، وهاهو أيضاً يستثمر إلى الحد الأقصى بعض الممارسات العدوانية والطائفية التي تتباهى بها جماعات متطرفة من المعارضة المسلحة كي يزيد من مخاوف الغرب عن تحول البلاد إلى مجتمع طالبان جديد وإلى منصة انطلاق للتنظيمات الجهادية. لكن مع ما تشهده هجمات ما بعد القصير من صد وانكسار ووضوح عزيمة لا تلين لدى الحراك الثوري وإصرار على الاستمرار مهما تكن التضحيات، ومع تكاثر حالات التهرب من المسؤولية وتخلخل مرتكزات السلطة، ومع وضع اقتصادي مرشح لمزيد من التدهور في ظل انهيار أهم القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية وتدهور قيمة الليرة السورية التي خسرت حتى الآن أكثر من 70 % من قيمتها، وأيضاً مع تزايد الحرج الأخلاقي من التوغل السلطوي المفزع في العنف وما يخلفه من مشاهد للضحايا والدمار وأعداد ما فتئت تتزايد من المشردين والمنكوبين، ومع انكشاف مزاج شعبي ايراني يميل نحو الاعتدال بعد انتخاب روحاني رئيساً، والأهم مع تنامي مخاطر امتداد الصراع الى بلدان الجوار بسبب تداخل المكونات الاثنية والطائفية، وتهديده استقرار المنطقة والأمن الاسرائيلي، يمكن توقع تبدل في الموقف الدولي قد يتمخض أخيراً عن إرادة أممية حازمة لوقف العنف وفرض الحل السياسي فرضاً على الجميع. والحال لم يشهد التاريخ بؤرة صراع دموي عرفت هذا الاستهتار الدولي المخزي بالأرواح التي تزهق كما الحالة السورية، والأنكى حين يجري ذلك في ظل ثورة الاتصالات ومشاهد مروعة تصل إلى كل بيت وتكشف للجميع محنة إنسانية يعجز اللسان عن عرضها ووصفها، فإلى متى تبقى سورية أسيرة هذا المصير المرعب، وإلى متى يبدو العالم، عرباً وعجماً، غير مكترث، وكأنه بحكوماته وشعوبه يتعيش على أنات الضحايا والمعذبين؟! |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|