للتسجيل اضغط هـنـا
أنظمة الموقع تداول في الإعلام للإعلان لديـنا راسلنا التسجيل طلب كود تنشيط العضوية   تنشيط العضوية استعادة كلمة المرور
سوق الاسهم الرئيسية مركز رفع الصور المكتبه الصفحات الاقتصادية دليل مزودي المعلومات مواقع غير مرخص لها
مؤشرات السوق اسعار النفط مؤشرات العالم اعلانات الشركات ملخص السوق أداء السوق
 



العودة   منتديات تداول > المنتديات الإدارية > اســــتراحـة الــــمســاهــمين



إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 28-06-2013, 04:48 PM   #231
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي عــلـي ســالــم

التمثيل بين الكذب والسياسة


عندما تكثر الحكايات وتتعدد حول واقعة محددة، لا يمكن تصديق أي منها. وهو ما ينطبق على واقعة خطف الجنود المصريين في سيناء ثم عودتهم واختفاء الجماعة التي اختطفتهم. لست منشغلا بمعرفة تفاصيل الحكاية ليأسي من إمكانية التعرف على الحقيقة فيها أو حولها، وربما تمر أعوام طويلة قبل أن نعرف الحكاية الحقيقية التي لن يصدقها أحد أيضا بعد أن ضيّع الزمن ملامحها ودهسها بأقدامه الثقيلة. أمر واحد أضاف إلى أحزاني هو أنه لا أحد يدرك تأثير هذا النوع من الحكايات على صحة الجماعة النفسية ومدى ما يحدثه فيها من دمار، هل تذكر عندما كنت طفلا وكذب أمامك أحد الكبار الذين تحترمهم، هل تذكر ما شعرت به من ألم؟

هذا النوع من الحكايات يفقد المصريين «الثقة العامة» اللازمة لتماسك أي مجتمع، لك أن تتصور مجتمعا جاهزا طول الوقت لعدم تصديق أي شيء ، هذا هو في تصوري ما جعل كل الناس تتكلم عن الواقعة بوصفها تمثيلية ليست متقنة. غير أنني سأتناول لقطة واحدة من المشهد رآه المصريون جميعا، وهو رئيس الجمهورية وهو يتقدم من الطائرة الهليكوبتر ثم الجنود العائدون وهم ينزلون منها ثم يصافحهم ويعانقهم مربتا على أكتافهم في ود كبير، لم أتعاطف مع المشهد لتعارضه مع أصول الحكم، رئيس الدولة هو مركز الدائرة الذي لا يدور معها، إنه الجزء الثابت في مكانه، تحتم الأصول في الحكم والسياسة أن يستقبلهم في القصر الجمهوري، رئيس الدولة يستقبل في المطار - وليس تحت الطائرة - رؤساء الدول فقط. غير أن تفكيري ذهب في اتجاه آخر بعد أن قرأت ما كتبه إبراهيم عيسى («التحرير» في 24 مايو/ أيار) وهو مسؤول بالطبع عن صحة ما كتبه «صحيح أنهم نزلوا من الطائرة قبل مجيء الرئيس بساعات، ولكن طلعوا لها مخصوص تاني عشان ينزلوا والرئيس يسلم عليهم»، هنا يكون المشهد قد خرج من عالم السياسة ودخل بغير حق وبغير تصريح أو استئذان عالم التمثيل بما في ذلك من دلالات سيئة.

التمثيل هو الكذب الجميل المشروع عندما يحدث على خشبة المسرح أو أمام الكاميرات في بلاتوه استوديوهات السينما أو ميكروفونات الإذاعة. خارج هذه الدوائر، يكون التمثيل مهما كان نبل النوايا الدافعة إليه وبساطتها، هو خدعة من المستحيل أن تكون جميلة أو مشروعة. وكل مشاريع مصر الفاشلة في العصر الحديث كانت نتيجة للرغبة في إيهام الناس بواقع لا وجود له عجزا عن التعامل مع واقع موجود بالفعل. التمثيل في عالم الفن يعتمد على صدق الممثل في إظهار أحاسيسه الحقيقية طبقا لنص مكتوب على الورق وشخصية مرسومة ذات أبعاد، أما التمثيل بعيدا عن الفن فمن المستحيل أن يكون صدقا مع النفس أو أن يثمر شيئا طيبا.
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-2013, 04:50 PM   #232
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي وفـيــق الـســامــرائــي

هل يمكن تغيير التوازن العسكري في سوريا؟




هذه المرة استخدم سياسيو اجتماع الدوحة الأخير - وأغلبهم مقيدو اليدين - مصطلح «تغيير التوازن العسكري» في سوريا، إقرارا غير مباشر بأن اجتماعاتهم السابقة كانت عقيمة وفق الرؤى العسكرية في مراحل الحرب، على عكس الطرف الآخر، الذي بقي حلفاؤه يتحركون كما تتطلب ضرورات الحرب وليسوا في حاجة لمراجعة المواقف أو للحصول على موافقة هذا الطرف أو ذاك، فكلهم على قلتهم العددية، متفقون على الهدف والوسائل والنتيجة.

لست ميالا إلى الأخذ بما يقال عن أن حزب الله درب ثمانين ألف سوري على قتال المدن. وسواء درب مئات أو آلاف الأشخاص، فالتدريب لا يمثل معضلة لمراكز تدريب الجيش النظامي السوري، والتدريب في الميدان يقدم خبرة كبيرة، عندما تكون كفة الموقف مسيطرا عليها كما هو الوضع في الأسابيع الأخيرة. كما أن تدخل مقاتلي حزب الله لم يكن سرا من البداية، إلا أنه أخذ طابعا معلنا، إيذانا ببدء مرحلة جديدة من العمليات المضادة، تعكس وصول إمدادات كبيرة إلى النظام. ولم يعد النظام يعاني خطر تهديد دمشق أو مناطق الساحل، لأن قوى المعارضة المسلحة لم تحصل على معدات تمكنها من إحداث تغيير أو تطور إيجابي، فبدأت الكفة تميل بشكل لافت لصالح النظام.

معضلة الغرب «المعلنة» هي التخوف من وصول السلاح إلى الجماعات المتشددة، وهذه قصة بقيت مستمرة، فلا هي من المعادلات الممكن السيطرة عليها، ولا هي من المواقف الممكن تجاوزها، كما أن الخلاف بين السياسيين الأميركيين وهيئة الأركان الأميركية بقي مستمرا، فغابت قدرة الرئيس عن اتخاذ قرار حاسم، فما اتخذ من خطوات لا يمثل قرارات مهمة مقارنة بقرارات عن مواقف دولية أخرى. لذلك، بقيت قرارات دول «أصدقاء سوريا» غير ذي جدوى إلى حد كبير، وتدل على أنهم قد يستحضرون حروبا طالت سنين عدة، وليست معاناة السوريين هي الوحيدة في سجل الحروب والشعوب!

وما هو السلاح النوعي المقرر إرساله وأين وصل؟ فالحديث عن النوعي لا يستحق التوقف، فهناك مجابهة يحتفظ بها الطرف المقابل بقوة مدرعة كبيرة وأعداد كبيرة من طائرات القصف والهجوم الأرضي وتشكيلات من طائرات الهليكوبتر الهجومية وكثافة نارية كبيرة. والسلاح المطلوب هو ما يقابل هذه الوسائل والمعدات، بأعداد كبيرة وتقنية حديثة، فضلا عن أسلحة أخرى ذات تأثير معنوي، وكل المؤشرات تدل على أن استيعاب هذه الأسلحة أصبح يتطلب وقتا أطول مما كان عليه قبل بضعة أشهر. أي أن انقلاب المعادلات بشكل سريع لم يعد ضمن الحسابات التي يمكن توقعها.

قوى الفصائل السورية المسلحة تأثرت كثيرا بعمليات النزوح السكاني الكبير، فالعمليات غير النظامية في المناطق المأهولة توفر فرصا للاستمرار والقوة أكثر من المناطق غير المأهولة، لأسباب كثيرة يعرفها الذين خاضوا مثل هذه التجارب. فالشباب الذين يغادرون إلى خارج البلاد يصعب التفكير في تشكيل وحدات قتالية منهم، إلا إذا كان برعاية إقليمية ودولية. خلاف ما يمكن أن يحدث في مناطق الوجود الأصلية، لذا، فإن عمليات النزوح القسري أثرت لصالح النظام بقوة وليس العكس. كما أن ما نسب إلى الرئيس الروسي بوتين من أن عدد المقاتلين من أوروبا وروسيا المتوجهين للقتال ضد النظام بلغ نحو 600 مقاتل يتطلب التوقف، لأن مثل هذا الرقم لا يعني شيئا كبيرا في ساحة حرب مفتوحة سعتها مئات آلاف الكيلومترات. كما أن قرار «المجلس الإسلامي التنسيقي الأعلى» الذي عقد مؤخرا في القاهرة، لن يترك أثرا فعالا يؤدي إلى تدفق «ملايين» المقاتلين كما يتصور البعض، وسيترك آثارا مضادة صعبة على الوضع الإقليمي تتطلب تقييما عمليا هادئا.

الصورة المتشابكة هذه لا تعني أن النظام قد كسب الحرب، أو أن «الجيش الحر» والكتائب المسلحة الأخرى خسروها، بل إن المعاناة السورية تتفاقم، وإن الحل الأمني لا وجود له، والحل العسكري انتقل من إطاره المحلي إلى حرب إقليمية خطيرة. ومع أن المؤشرات والمعطيات تدل على أن الحل لا يزال متروكا في الميدان، فإن الحلول السياسية تتطلب مبادرات من الطراز الجدي الثقيل. وهكذا قُدر للأمة السورية تحمل قدر يفوق حمله كل ما قيل عن تحمل من سبقهم من الشعوب العربية من أرقام، ومعاناة لم نشهد مدى دقتها، فما أصاب سوريا لم يصب غيرها.
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-2013, 04:51 PM   #233
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي راجــح الـخـــوري

ماذا سمع كيري في الرياض؟




في خلال جولته الخليجية أدلى جون كيري بتصريح مستغرب فقال: «إذا لم تقم الولايات المتحدة بشيء وإن لم يفعل العالم شيئا، حينئذ ستصبح سوريا في وضع أسوأ مما هي فيه الآن».

غريب، كان يمكن لغير وزير خارجية أميركا أن يقول هذا الكلام، وخصوصا أن السؤال الأبرز الذي يواجه المسؤولين الأميركيين منذ عامين ونصف هو لماذا لم تقم أميركا بفعل أي شيء لوقف المذبحة في سوريا ولماذا التعامي عن المأساة التي يقول باراك أوباما إنها حصدت حتى الآن مائة ألف قتيل؟

وإذا كان كيري يعي فعلا ما هو السيناريو الأسوأ في سوريا ويقول: إنه يتمثل باحتمال تفكك سوريا واستيلاء متطرفين ومتشددين على الأسلحة الكيماوية وأن تكون لهم حرية استخدامها مجددا ضد الغرب، فإن المثير هو استمرار التغاضي عن الأزمة التي لم تعد تهدد سوريا وحدها بل دول المنطقة بأسرها وخصوصا بعد تدخل إيران العسكري السافر إلى جانب الأسد، إضافة إلى أذرعها أي حزب الله و«عصائب أهل الحق»، وهو ما يرتب تداعيات كارثية أبرزها اثنان:

أولا: إن التغاضي عن الانخراط الإيراني المتزايد في المعارك في سوريا، وخصوصا بعد إعلان المرشد علي خامنئي «أننا لن نترك سوريا تسقط في أيدي الأعداء والمستكبرين»، يهدد بتوسيع إطار الاختراقات الإيرانية على نطاق إقليمي، وفي هذا السياق ظهرت تصريحات وتحليلات توحي بأن دحر المعارضة السورية سيشرع الأبواب غربا للإطباق الإيراني الكامل على لبنان وشرقا للإمساك بالعراق نهائيا وجعله منصة للانقضاض على دول الخليج، بالتوازي مع محاولات لاختراق الوضع اليمني عبر تحريك الحوثيين الذين تلقوا تدريبا وتسليحا متقدما في الفترة الأخيرة، وهو ما دفع وزير الإعلام اليمني علي العمراني إلى القول: «إن التدخل الإيراني في اليمن هو أخطر من (القاعدة)، وإن توجه إيران إلى السيطرة على باب المندب أخطر من حصولها على القنبلة النووية».

وعندما تنشر طهران صور المتطوعين في مقرات التعبئة يسجلون أسماءهم للقتال في «الولاية الإيرانية رقم 35» وتعيد القول: إنها وسعت حدودها الأمنية لتشمل شرق المتوسط، ويكون عنوان التدخل العسكري منع انهيار «جبهة المقاومة» عبر دعم الأسد، يصبح من واجب المسؤولين الأميركيين أن يتحسسوا خطرا يتجاوز كل مخاوفهم (المزعومة؟) عن سيطرة المتشددين في سوريا.

ثانيا: لا يكفي أن يشير كيري إلى المحاذير الخطرة والمدمرة التي تتمثل في اتخاذ الصراع منحى مذهبيا وهو ما ينذر بإشعال فتنة سنية شيعية لن تنحصر داخل حدود سوريا ولبنان والعراق، بل ستشمل المنطقة كلها بما سيشكل زلزالا كارثيا ستكون له تداعيات مدمرة على الاستقرار العالمي ويمكن أن يقوض دورة الاقتصادات الغربية.

وعندما يتهم كيري إيران بتدويل النزاع في سوريا عبر التدخل العسكري ودور حزب الله المتزايد، ثم يشدد على أن أميركا «لا تسعى بالضرورة إلى انتصار مسلحي المعارضة بل تريد الضغط على الأسد لكي يوافق على مفاوضات سلام في جنيف»، فإنه يعطي الضوء الأخضر للإيرانيين للمضي في القتال لمنع انهيار الأسد، الذي سيعني بداية انحسار نفوذهم إلى البر الفارسي بعد ثلاثين عاما من خطط التوسع والتدخلات في الإقليم.

ما سبق أن سمعه الفرنسيون من الأمير سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان قبل أسبوعين لا بد من أن يكون كيري قد سمعه منهما جيدا في الرياض بداية الأسبوع، وخصوصا فيما يتصل بالأخطار المدمرة التي ستنجم من التغاضي عن تدخلات الإيرانيين وتركهم يجتاحون الساحة السورية لينقضوا من بعد على لبنان والعراق وهو ما سيجعلهم يتغولون في تدخلاتهم الإقليمية، التي أطلقت منذ زمن رياح الكراهية المذهبية وأذكت الحساسيات عبر تدخلهم في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، هذا ما يشكل خطرا محدقا يواجه أميركا والدول الغربية المترددة في دعم المعارضة السورية وتتعامى عن مذبحة العصر.

وإذا كانت أميركا تريد التدقيق في كل طلقة رصاص إلى المعارضة السورية متعامية عن السلاح الروسي الثقيل الذي يتدفق على النظام كتدفق المقاتلين بإمرة إيرانية، فإن الوضع في سوريا لم يعد يحتمل رقص واشنطن على قبور السوريين، بالسعي إلى تحقيق نوع من التوازن العسكري في الميدان لكي يقتنع الأسد بالذهاب إلى جنيف للتنحي، لهذا كان الأمير سعود الفيصل جازما عندما أسمعه القول:

«لن نقف مكتوفي الأيدي في مساعدة الشعب السوري، ولا يمكن اعتبار سوريا الآن إلا أرضا محتلة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والدعم اللامحدود بالسلاح الروسي، وهذا أمر خطير لا يمكن السكوت عنه ويتطلب ردا دوليا حازما وسريعا».
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 12:24 PM   #234
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي حـسـيـن شـبـكــشــي

حلب تستغيث!



تجهز قوات الأسد نفسها وهي تستعين بميليشيات حزب الله الإرهابية من لبنان وفرق مسلحة إرهابية من العراق وإيران ومأجورين آخرين من مناطق أخرى. كل ذلك لأجل «المعركة الكبرى»، كما يشار إليها من أتباع النظام في حال وصفهم لمعركة إسقاط مدينة حلب من قبضة الثوار والجيش الحر الذين حرروا حلب من «احتلال» الأسد لها.

نعم سوريا الآن محتلة ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس.

نظام الأسد اليوم أشبه بنظام الخمير الحمر الذي كان يحكم كمبوديا اسما، وإنما واقعيا كان محتلا لها، وتحول الخمير الحمر إلى ميليشيات ضخمة تعيث في البلاد قتلا وتدميرا بقيادة زعيمها بول بوت الذي أبيد على يديه أكثر من مليوني مواطن كانت جماجمهم الشاهد الأكبر على ذلك. واستعان بميليشيات مسلحة مأجورة من فيتنام ولاوس وتايلندا ليعينوه على قمع وسحق شعبه، وها هو نفس المشهد البائس يتكرر الآن في سوريا الحزينة وشعبها الجريح.

الأسد ينفذ مخططا سلطويا بغيضا تحميه طائفية كريهة. سقط «الوجه العلماني» المصطنع والذي كان يتغنى به نظام الأسد أبا وولدا تحت عباءة حزب البعث، وإلا كيف يمكن تفسير «الصدفة» التي جمعت خامنئي والمالكي ونصر الله معا للدفاع المستميت عن نظام الأسد؟ إلا إذا اعتبرناهما بمثابة تجمع لينيني ماركسي اشتراكي شيوعي لا يمت للطائفية والمذهبية المقيتة البغيضة بصلة، وطبعا هذا غير وارد ولا ممكن.

ها هي قوات الشر الإرهابية المحتلة لسوريا تستعد «لغزوة» جديدة على حلب، بعدما اغتصبت القصير ومن بعدها تلكلخ وقتلت المئات من الأبرياء ودمرت المنازل والمتاجر والمساجد والمشافي والمدارس بشكل وحشي وهمجي وجنوني، يذكر كل من قرأ صفحات التاريخ بنفس أسلوب غزاة المغول والتتار الذين كانوا يقومون بعمل نفس الشيء ويطبقون ذات الأسلوب في كل المدن التي يغزونها ويقتحمونها.

والآن هناك التقاط أنفاس وقلق كبير على عروس الشمال وكبرى المدن السورية حلب، النظام يدرك تماما أن خروج حلب عن سيطرته وتحررها من قبضته القمعية المجنونة كان بمثابة الصفعة المدوية على وجهه، أبانت أكاذيبه أن حلب وأهلها مع النظام وفضحت خطابه الإعلامي المضلل وأظهرت حقائق غير ما كان يروج لها دوما، وإنما حلب مثلها مثل غيرها من المدن السوية أعلنت رغبتها الكاملة والصادقة في الخلاص من حكم طاغية دموي عاث في البلاد فسادا وأهان أهلها وذل الناس فيها.

حلب ثقل اقتصادي بامتياز، فهي العمود الفقري لكافة القطاعات الصناعية للبلاد والامتداد التجاري مع أوروبا عن طريق البلد المجاور المهم تركيا وفيها من العمق الحضاري والثقافي والتاريخي لسوريا ما يجعلها ذات أهمية استثنائية ليس فقط للسوريين ولكن للطوائف والأعراق الأخرى من إيطاليين وفرنسيين وأرمن وأتراك ومسيحيين بشتى مذاهبهم.. مدينة بعمق التاريخ وبأهميته، بها من الرموز والآثار الشيء الكثير، فالمسجد الأموي الكبير علامة عظيمة وكذلك قلعة حلب الشامخة وسوقها العثمانية القديمة، أقدم وأكبر الأسواق المغطاة، ولو نطقت كل الحجارة التي اشتهرت بها مباني حلب العريقة لسردت بلا توقف ولا ملل عن المدينة العظيمة وأهميتها. مدينة كتبت اسمها للحضارة الإنسانية وتركت بصمة على كل شيء تميزت به من مشاوٍ إلى فستق إلى حجر وإلى قدود وغير ذلك.

المدينة اليوم تستغيث منذرة ومحذرة وهي ترى جيوش الظلام تحيطها وتستعد للانقضاض عليها. ميليشيات الإرهاب وشبيحة الطغاة يجهزون لإسقاط حلب وتقتيل أهلها كما فعلوا بغيرها، ولا يزال العالم يدرس خيارات العمل وأساليب الرد المناسبة. وعلى الأرض مسألة أخرى؛ هناك «اتفاق» لتمكين الأسد وميليشيات حزب الله الإرهابية بأخذ أكبر حصة للتفاوض في جنيف من موقع أقوى أو هكذا تبدو قراءة المشهد؛ لأن الورقة الأهم في هذه المسألة وهي إسرائيل لديها أكبر «لوبي» في كل من أميركا وروسيا وهي ستفعل المستحيل لإبقاء نظام خدمها وحمى حدودها لأطول فترة ممكنة. بديهي.
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 12:25 PM   #235
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي فـــؤاد مــطـــر

المبادرة الـ«روحانية» المأمولة



للمرء أن يتصور لو أن الفوز في انتخابات الرئاسة الإيرانية يوم الجمعة 14 يونيو (حزيران) 2013 كان من نصيب أحد الأربعة المحلقين في الفضاء المحافظ الشاهر تحذيراته للولايات المتحدة وإنذاراته لإسرائيل، والمتحرش ببعض دول الجوار الرافض أي انسحاب من الجزر الإماراتية الثلاث، الداعم أعماقه الحوثية في اليمن الذي ينشد الاستقرار، الممسك بإرادة القرار في «حزب الله» ومن أجل ذلك ارتأى إقحام عناصر من الحزب في الأزمة السورية متسببا في حدوث ارتباكات داخل المجتمع اللبناني، الأمر الذي حمل رئيس البلاد ميشال سليمان على أن يسجل في حق النظام البشَّاري شكوى كثيرة النعومة ومع ذلك لم يتحمل أقطاب «اللوبي الأسدي» في لبنان هذا التجرؤ من الرئيس فاعتبر أحدهم الشكوى الخفيفة الوطأة والظل معا أنها «فعل خيانة» وارتأى الرئيس وضْع أمر هذه الإهانة في عهدة القضاء.

للمرء أن يتصور لو أن الفوز كان من نصيب أحد هؤلاء (محمد باقر قاليباف. سعيد جليلي. علي أكبر ولايتي. محمد رضائي)، كيف كانت حال التوتر السائدة أصلا في علاقات إيران مع المحيط العربي وبالذات الخليجي وعبْر المحيط مع الولايات المتحدة وأكثرية الدول الأوروبية، ستزداد حدة. وهذا أمر طبيعي استنادا إلى مفردات حفلت بها مواقف الأربعة ومِن ورائهم مراكز القوى الأمنية والعسكرية الذين كانوا يقولون من الكلام ما هو من نوع الكلام الذي طالما سمعوه من الرئيس محمود أحمدي نجاد، ومعظم عبارات ذلك الكلام مثل القذائف.

من هنا فإن فوز حجة الإسلام حسن روحاني هو في حد ذاته لحظة بالغة الأهمية جاءت في الوقت الذي يحتاج الجميع إليها بدءا من الشعب الإيراني المْثقل بتداعيات النهج القائم على اعتماد سياسة غير مستحبة تقوم على التوظيف المذهبي لتحقيق غايات في النفس الإيرانية الطامحة إلى أن تكون باسطة النفوذ مع الوقت على المنطقة، وصولا إلى المجتمع الدولي الذي لا يريد حلا حربيا للطموح الإيراني النووي ويكتفي بالعقوبات عسى ولعل يساعد أصحاب الأمر في النظام الإيراني في إبقاء الحل المشار إليه بعيدا عن الاحتمالات، وبينهما القلق العربي وبالذات الخليجي والمصري الذي طالما أربك معظم المحاولات لتصحيح مسار التعامل.

جاء فوز حجة الإسلام حسن روحاني يشكِّل استراحة تهدئة للنفوس ويشجع على بناء أفكار جديدة كفيلة بترميم علاقات لا تغادر فضاء التوتر والقطيعة والحذر. وعندما أصغى الجميع إلى أقوال روحاني قبل يوم الانتخاب ثم مباشرة بعد إعلان الفوز المبهر فإنهم سجلوا من خلال برقيات تهنئة أو تصريحات ارتياحا للرئيس الخارج فوزه من صناديق اقتراع لم يمسها متدخلون وانتهت أرقاما لم يجرؤ القادرون على تعديلها.

الآن وقد لقي الرئيس المنتخب هذا الترحيب بنسب متفاوتة باستثناء إسرائيل الكارهة التجاوب مع أي تحولات نحو الاعتدال في الخطاب العربي - الإسلامي وهذا ما فعلتْه وما زالت إزاء «مبادرة السلام العربية»، فإن المأمول حدوثه مِن جانب النظام في إيران هو توظيف أجواء الارتياح العربية - الدولية على قاعدة الاعتدال، وهذا في تقديرنا مطلب شعبي شامل وليس فقط ما يتوق إليه الذين اقترعوا للمرشح روحاني. ولولا اعتقاد شرائح عريضة من الإيرانيين المتجردين بأن الفوز سيكون لواحد من المحافظين ومن أجل ذلك لم يشاركوا وفضلوا ملازمة بيوتهم لكان هؤلاء اصطفوا مع الملايين الآخرين ووضعوا ورقة الاعتدال في الصناديق وعندها تكون نسبة فوز روحاني بأكثر من 50.68 في المائة وربما بثلاثين مليون صوت وليس فقط 18.6 مليون.

والتوظيف كما يجوز افتراض مراحله هو بنزع صفات ارتبطت بالثورة الإيرانية ومنها على سبيل المثال لا الحصر أنها في الموضوع اللبناني أحدثت تشققا في الخصوصية ذات الطابع التعددي التي هي ميزات الاستقرار في هذا الوطن الصغير. بل إن التشقق بات يقود إلى أن الشيعة السياسية لا تحقق التطوير والتأهيل اللذين يحتاجهما أبناء الطائفة. على سبيل المثال أيضا إن الثورة الإيرانية جعلت الحذر الخليجي من ارتفاع منسوب تطلعاتها يقترب من درجة العداوة. كما أن انشغال طهران بتحويل المناطق الشيعية في بعض دول الخليج وفي اليمن إلى أوراق ضغط على حكومات تلك الدول زاد من نسبة الحذر ثم بدأت لغة التخاطب تتسم بالحدة التي تؤسس لعداوة، ولنا في تصريحات أشبه بالقذائف الصاروخية الدليل على ما نقول.

ومِن هنا القول إن خطوة جريئة تبدأها إيران الدولة بعدما لم يثمر المشروع الثوري سوى عزلة دولية لإيران ونفور أشقاء منها، وتنطلق من مفاهيم سياسة الاعتدال إزاء المواضيع التي أشرنا إليها ومنها موضوع الجزر الإماراتية الثلاث، كفيلة بتبديد معالم تلك الصفة، ذلك أن حالة هذه الجزر باتت مثل حالة لواء الإسكندرون مع فارق أن الرئيس بشَّار الأسد سلَّم بتركية هذه الأرض يوم كانت العلاقة بينه وبين الرئيس أردوغان في غاية الحلاوة، بينما أهل الحكم في دولة الإمارات ومعهم أشقاؤهم قادة دول مجلس التعاون دائمو التذكير عند إصدار بيانات عن مؤتمراتهم بالجزر والمطالبة بجلاء إيران عنها، لكن الرد دائما جاء بعبارات غير مُستحبة من مسؤولين إيرانيين وزيارات غير أخوية.. بل واستفزازية لهذه الجزر.

ويبقى الموضوع الأهم وهو المتعلق بالحالة السورية التي لا يختلف موقف الثورة الإيرانية من المحنة التي تعيشها سوريا منذ سنتين عن الموقف الروسي مما يعني أن الروس الذين لا يرف لقياداتهم جفن إزاء الدم الذي يراق يوميا والتدمير المتواصل الذي لم تَسلم مدينة منه، هو في قبول استمراره مثل الموقف الإيراني. وإذا كان الروسي المسيحي لا يعنيه المشهد اليومي للفاجعة، فإن الإيراني من واجبه رفْع المصاحف بين المتقاتلين وممارسة الواجب الحق على قاعدة تحديد طبيعة الظلم ونجدة المظلوم في الحد الأقصى وممارسة دور الوسيط في الحد الأدنى. ومع أن هذا لم يحصل مع الأسف وحصل نقيضه بدليل إقحام مقاتلين شيعة من العراق ومن حزب الله في لبنان ومن إيران نفسها في الموضوع السوري، إلاَّ أن الوقت لم يفت ومن قبل أن ينتهي أمر الموضوع السوري في اليد الدولية بدل أن يكون في عهدة الأخ المسلم العربي وغير العربي.

عسى ولعل يأخذ الرئيس حسن روحاني على عاتقه وبالتدرج من الآن وحتى التسلُّم الرسمي للرئاسة مطلع أغسطس (آب) 2013 أي في بداية العشر الأواخر لشهر الصوم المبارك، واجب تصحيح المسار بادئا عهده بمبادرة تتناول ترميم العلاقة مع المجتمع الدولي فلا يكون النووي عنصر تعطيل للتقدم مثل حال كوريا الشمالية. كما تتناول كل الموضوعات التي أشرنا إليها وانعكست ارتباكات على الوضع الاقتصادي للدولة التي خصها الله بثروة النفط لكي تتحول إلى دولة متقدمة تنصرف إلى التنمية تساعد الغير على نحو ما تفعل السعودية ودول الاقتدار المالي العربي وتحقيق الاستقرار، وليس إلى غير الذي حدث ولا يزال. فالثورة الإيرانية ما زالت تمارس القيادة وكأنما لم تبلغ سن التأمل والمراجعة والنقد الذاتي. ومن شأن الأخذ بالمبادرة وتفعيلها تنقية وجه الثورة الإيرانية التي كان مأمولا منها للأمة غير ما حصل من ندوب تراكمت نتيجة تغييب الاعتدال.
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 12:26 PM   #236
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي طـــارق الـحـمـيـــد

المالكي و«الطائفية الحمقاء»!



شن رئيس الوزراء العراقي هجوما حادا ولاذعا على الجميع، وخص مصر بالاسم، دولة ومؤسسات، وكذلك الأزهر الشريف، بسبب ما اعتبره تشددا متزايدا في المنطقة إزاء الأحداث في سوريا. ودعا السيد نوري المالكي الجميع إلى ترك ما سماه «الطائفية الحمقاء»، وطالبهم بالتوجه إلى بناء «على أساس الدستور والمصالح المشتركة ومعرفة الخطورة التي نتعرض لها، وأن ندخل على خط الفتنة مهدئين ومسكنين لها»، محذرا، أي المالكي، من رد الفعل قائلا: «لأننا ما زلنا نسيطر عليه ونمسك بأيدي من يملكون أن يردوا على من يريدون الفتنة، ولنسمع من عقلائكم وحكمائكم ما يجعلنا نستطيع أن نهدئ الآخرين ونخفف من جراحاتهم والكف عن العملية التصعيدية والتوتر»!

ولو صدر مثل هذا الكلام عن مسؤول ليس في بلاده طائفية مقيتة بسبب تركيبة وتصرفات حكومته وحزبه لقلنا ربما هذا منطق مقبول مع بعض من التحفظات، ولو صدر هذا الكلام عن مسؤول لم يقل، ومنذ فترة طويلة، إن الأسد لن يسقط، ولماذا يسقط، لقلنا أيضا إنها نصيحة مقبولة، أما أن تصدر هذه الانتقادات، بل والتهديدات، من السيد المالكي فهذا هو شر البلية فعلا. فالسيد المالكي يحذر من «الطائفية الحمقاء» في سوريا، بينما الميليشيات الشيعية العراقية تقاتل السوريين دفاعا عن الأسد، وبعد إعلان حسن نصر الله عن القتال هناك، والمالكي يحذر ويهدد، بينما الأسلحة الإيرانية تتدفق لسوريا عبر الأجواء العراقية، ووسط تحذيرات دولية للعراق من فعل ذلك. وهذا ليس كل شيء، بل إن المالكي يطالب بالحوار السياسي في سوريا، ورغم وقوع قرابة المائة ألف قتيل سوري على يد قوات الأسد الذي لم يتوانَ عن استخدام الأسلحة الكيماوية، والاستعانة بالإيرانيين، ومرتزقتهم وحلفائهم، للدفاع عن الأسد. ورغم كل ذلك يحذر المالكي من الطائفية، في الوقت الذي يجمع فيه الفرقاء السياسيون بالعراق، ومن جميع الطوائف، على طائفية، وديكتاتورية، نظام المالكي نفسه!

كما يحاضر المالكي اليوم حول خطورة «الطائفية الحمقاء»، بينما الكل يذكر مواقفه إبان التحرك الطائفي الحقيقي في البحرين، ويهاجم المالكي المصريين بعد أن رحب بحكومة الإخوان المصرية ببغداد، وأعرب عن تطابق المواقف معها، لكن اليوم، ورغم كل القتل في سوريا، وبعد أن أصبحت طهران وحلفاؤها يقاتلون علنا دفاعا عن الأسد، فإن المالكي يحذر المنطقة من «الطائفية الحمقاء»! وما لا يدركه المالكي، مثله مثل حسن نصر الله، أن بقاء الأسد ما هو إلا وهم، والحقيقة الوحيدة هي أن المنطقة ستبقى نفس المنطقة بسنتها وشيعتها، وكل مكوناتها، والكاسب الحقيقي هم العقلاء، طال الزمان أم قصر، أما من يرهنون أنفسهم لإيران فهم إلى زوال.

والمفترض إذا كان المالكي مخلصا في تحذيره من «الطائفية الحمقاء»، أن يبادر بنفسه لمنعها في العراق، ويمنع تدفق السلاح والميليشيات الشيعية إلى سوريا، لكنه لن يفعل ذلك بالطبع، والسبب هو الطائفية التي يحذر منها!
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 12:29 PM   #237
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي عــادل درويــش

الجريمة الطائفية: مسؤولية النظام أم الطبقة السياسية؟




سأل طالب عربي في جامعة لندن قبل 52 عاما زملاءه «المصاروة» عما إذا كانوا شيعة أم سنة. تساءل اثنان من الإسكندرية في استغراب «يعني إيه؟».

باستثناء الأزهريين وأكاديميي الفقه وتاريخ العصور الوسطى، لم يكن المصريون، في خمسينات وستينات القرن الماضي، سمعوا بسؤال لا يستوعبونه. أتذكر زملاء المدرسة الابتدائية لا بالأعراق أو المذاهب، بل بالأسماء (ومنها أيضا لا تعرف الديانة)، فالزوجة تتلقب باسم زوجها. أذكر سيفتلانو الإيطالي الذي تحول للإسلام ليتزوج الجارة «أبلة سميحة» فأصبحت مدام زابيتللي (أم سامح زابيتللي)، وتلميذا أبناء عمومته مسلمون، وأبناء خاله يهود، يونانيون أرثوذكس، وآخر بنات خالاته كاثوليك أو عماته روس. وتجد في عائلة واحدة عرقيات وديانات تفوق عدد أصابع اليدين. وكان المصري من أبناء جيلي لا يسأل شخصا عن دينه، فالخليط الثقافي كان اكسير النجاح الاقتصادي كالقاعدة لا الاستثناء، خاصة في المدن الساحلية والصناعية.

لذا جاء مقتل مصريين لأنهم «شيعة» على يد غوغاء في قرية كالصاعقة. فتعريف المفاجأة التي قد تصيبك بالشلل أنها ما وراء تخيلك، حتى في أحلك الكوابيس ظلاما منذ أن سمعت الإسكندرية مدافع النازي التي دحرها جنرال آيرلندي يقود جيشاً بريطانياً بين جنوده ما يزيد على 40 عرقية وديانة مختلفة.

خطورة الفاجعة أنها آخر فصول مهزلة وضعت مصر في قائمة الدول الفاشلة.

تعددت الأسباب، ومنها غياب كفاءة النظام الحاكم من قمته إلى مفصلياته. نظام «يغرق في شبر مَيّه» عند التعامل مع أمور يديرها يوميا مثل خباز أو كمساري ترام مبتسما. النظام يهدر طاقات وإمكانيات الأجهزة في محاولة السيطرة على أمور البلاد لمصلحة الجماعة وحلفائها.

ولعل مهزلة اختيار محافظ للأقصر مرتبط بجماعة إرهابية وراء مذبحة معبد حتشبسوت (مما سبب خسائر اقتصادية باهظة للسياحة فاستقال بعد أيام) هي قمة جبل ثلج الفشل الإداري للنظام العائم في محيط التخبط.

سبب آخر هو الغشاوة على العين الداخلية للمؤسسة السياسية (حكومة، وزعماء أحزاب موالية ومعارضة، ومعلقين وصحافة)، وللعقل الإداري للبلاد. سمعنا علنا ساسة وفقهاء دين يروجون للطائفية ويدعون للجهاد ضد الأديان (والمذاهب الإسلامية) الأخرى، وصمت المؤسسة السياسية الآذان، ولم تقدمهم الحكومة أو المدعي العام للنيابة لانتهاكهم قوانين مصرية (تهديد السلام والأمن العام؛ التحريض على العنف، القذف والتشهير... إلخ) والميثاق العالمي لحقوق الإنسان.

ترى أي المصيبتين أعظم وأكثر هولا؛ عدم وعي الحكومة بأجهزتها، والمؤسسة السياسية، بخطورة هذه الدعوات وخرقها للقانون؟ أم وعيها بالأمر والسكوت عنه؟

ورغم قناعتي، كمؤرخ، بعدم كفاءة الحكومة في إدارة أبسط الأمور بما يلائم أمة في حجم مصر، تاريخيا، وجغرافيا، وبشريا وحضاريا، فإنها لا تتحمل وحدها المسؤولية عن كارثة القتل الهمجي الغوغائي لمصريين يمارسون فروضهم بطريقة تخالف توجهات الحزب الحاكم. عندما تقع جرائم على يد مخبولين، في أي مجتمع متحضر، ينشغل الأكاديميون واخصائيو السلوك الاجتماعي والنفسي في البحث عن الأسباب. وكثيرا ما تلوم الكنيسة، والمؤسسات المحافظة، الألعاب الإلكترونية الحديثة التي تحول أسلحة الفتك إلى لعبة أطفال، أو أفلام هوليوود التي يستخدم فيها البطل العضلات والرصاص قبل العقل. فهناك أسباب أخرى أهمها ما طرأ على الثقافة الديناميكية الاجتماعية للإنسان المصري من تغيير في نصف القرن الأخير، وطغيان ثقافة غريبة لم تنبت في تربة المجتمع المصري فجاءت بأضرار تفوق تأثير أفلام عنف هوليوود على أميركيين صرعوا أطفال المدارس ببنادق الكاوبوي.

فالمصري انشغل لآلاف السنين بالإنتاج الزراعي والمزرعي، كمستثمر نهري للجهد والمعرفة؛ ثم بالبناء والتشييد المعماري خارج مواسم الزراعة، أو في التجمعات الحضرية؛ ثم التصنيع والاستثمار في القرنين الأخيرين منذ نهضة محمد علي. ولم يعانِ المصريون حاجة اقتصادية للهجرة، بل على العكس تدفق المهاجرون من الجهات الأربع (والغزاة والمستوطنون أيضا) على مصر، وانصهروا في الثقافة المصرية المتسامحة المتساهلة الودود. وباستثناءات نادرة، جاءت احتجاجات المصري في شكل النكات الساخرة؛ ونشاطات أوقات الفراغ.. كان اللهو والرقص والمرح والطرب والترفيه خاليا من العنف (بعكس مصارعة الرومان بالسيوف، أو قتل الإسبان للثيران أو صيد الحيوانات).. لم ترق فيها قطرة دم منافس، أو حيوان أو طير. ومنذ الخمسينات تزامنت هجرة المصريين للعمل في الخارج (بفشل نظام يوليو اقتصاديا) وتعرضهم لثقافات مغايرة، مع ظهور الآيديولوجيات المعادية للغير في مصر. بدأت ظواهر الإعجاب بثقافة العنف وتصفيق صناع الرأي العام عندما يصوب نحو الغير، وزينت الصحافة المصرية بالآيديولوجية الناصرية جرائم يعاقب عليها القانون المصري (كخطف الطائرات والاغتيالات، والتفجيرات) كنضال ضد «الأعداء»، بينما مرتكبو «البطولات» غير مصريين في صراعات لا علاقة لها بمصر ومصالحها.

استمر النظام «المنتخب» بعد انتفاضة يناير (كانون الثاني) 2011، في خداع الرأي العام بشعارات مراحل نظام 23 يوليو (تموز) باستهداف «عدو» خارجي وهمي، مغيرا «النضال» إلى «الجهاد»، والمضمون (المخالف للقانون المصري) واحد، ومرتكبو «جهاد» العنف الذي غسل به العقل المصري الجماعي إعجابا في «بلاد بره» هم الآن الجماعة الحاكمة التي وطنته تمصيرا.

المثقفون المصريون وصناع الرأي العام يحملون النظام العاجز عن إدارة أمور البلاد المسؤولية عن العنف، وينسون دورهم لأكثر من قرن كمغلفي العنف ضد أخيهم الإنسان (غير المصري أو غير المسلم) وممتلكاته في ورق البطولة.

وقد تنجح مظاهرة المصريين الكبرى غدا (30 يونيو/ حزيران) في التخلص من النظام غير المؤهل (واحتمال العنف وارد للأسباب أعلاه)، وقد يتدخل الجيش إذا أشهر الجهاز السري للجماعة وحلفاؤها «جهادهم» في وجه المتظاهرين؛ وقد تظهر نسخة «أتاتوركية» مصرية لفرض القانون؛ ولكن هل يتبع هذا النجاح تخلص ثقافي اجتماعي من جرثومة العنف والكراهية التي تغلغلت جذورها في نخاع الشخصية المصرية؟

عندئذ نرى ثورة اللوتس الحقيقية.
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 12:37 PM   #238
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي هــاشـــم صــالــح

ما أحوجنا إلى هيغل عربي!



نحن العرب ضائعون هذه الأيام، حائرون محتارون، ثم بشكل أخص خائفون، مرعوبون. قدرنا أو مصيرنا على كف عفريت. تتقاذفنا الأمواج من كل جانب كـ«القارب السكران» الذي تحدث عنه رامبو في قصيدة عصماء. الانقسامات المذهبية العتيقة جدا تنفجر في وجوهنا من أعماق التاريخ دفعة واحدة فنصاب بالهلع. لا أحد يعرف إلى أين تتجه الأحداث ولا ما هو المجهول الذي ينتظرنا. لا أحد يدلنا على الطريق أو يطمئننا نفسيا على الأقل عن طريق تقديم تفسير مقنع لما يحصل حاليا. إذا كنتم لا تستطيعون منع المجازر أو تغيير الواقع المرعب فعلى الأقل فسروه لنا أو سلطوا عليه الأضواء يا عباقرة العالم العربي! ما سبب كل هذه الحيرة الكبرى والتخبط؟ لا ريب في أنه يوجد عندنا مثقفون مهمون ومحترمون ولكن ليس على مستوى الكارثة الكبرى أو المنعطف التاريخي الهائل الذي نعيشه حاليا. لم نحظ حتى الآن بفلاسفة كبار من وزن ديكارت أو كانط أو هيغل.. فهل عقمت الأمة العربية يا ترى؟ لا أعرف. كان كانط في أواخر أيامه يتوقع ظهور فيلسوف كبير قادر على اكتشاف قوانين التطور التاريخي مثلما اكتشف كيبلر ونيوتن قوانين الطبيعة الفيزيائية والفلكية التي تمسك الكون. والغريب العجيب هو أن هذا الفيلسوف الذي تنبأ به سرعان ما ظهر بعد موته بسنوات معدودات: إنه هيغل! بل إنه ظهر في حياته في الواقع ولكنه لم يعرفه أو لم يتح له التعرف عليه لأنه كان لا يزال صغيرا في السن ولم ينشر شيئا يذكر بعد. ينبغي العلم أن كانط ولد عام 1724 وهيغل عام 1770، وبالتالي تفصل بينهما خمسون سنة تقريبا. وعندما مات كانط عام 1804 لم يكن هيغل قد نشر رائعته الكبرى «فينومينولوجيا الروح»: أي علم تجليات الفكر والوعي والروح عبر التاريخ. لا أحد يعرف ماذا سيكون رد فعله على هذا النجم الجديد الصاعد في سماء الفلسفة الألمانية. ولكن بما أنه شخص طيب في أعماقه فالأرجح أنه كان سيرحب به كل الترحيب ولن يغار منه على الإطلاق كما فعل سارتر مع ميشيل فوكو مثلا. على العكس كان سيشعر بالطمأنينة لأن المفكر الذي حلم به قد ظهر.

عندما أقرأ مقدمة كتابه «فلسفة التاريخ» أو «العقل في التاريخ» أستشعر فورا هيبة اللغة الفلسفية وعظمة الفلاسفة الكبار. أكاد أتخيل هيغل وهو يصعد كرسي الفلسفة في جامعة برلين وكأنه يمتطي صهوة العالم! إنه إمبراطور الفلسفة والفكر مثلما كان نابليون بونابرت إمبراطور الفتوحات والمعارك الحربية. الفكر أيضا معركة! الفكر أيضا فتوحات، صولات وجولات.. من على منصته العالية يبتدئ البروفسور هيغل دروسه بالكلمات التالية: «أيها السادة، إن موضوع هذه المحاضرات هو التاريخ العالمي من وجهة نظر فلسفية».. هكذا راح هيغل يحلق كالنسر فوق التاريخ العالمي كله بدءا من العالم الشرقي وحضارات الصين والهند وفارس ومصر وانتهاء بالعالم الغربي الإغريقي الروماني الجرماني. وبالتالي فلو ظهر هيغل حاليا لربما راح يصفق بكلتا يديه قائلا: «يا إلهي، لقد أصبح العالم العربي كله مختبرا لنظرياتي الفلسفية! إن أحداثه المتلاحقة وانفجاراته تؤكد على صحة طروحاتي الأساسية. العالم العربي يقدم لنا، في هذه اللحظة بالذات، أكبر مادة هائلة للفلسفة والتفلسف. أكاد أرى العالم العربي والإسلامي كله يختلج، يرتعش. أكاد أراه يصطدم بقعره الأسفل، بعمق أعماقه، وهذه علامة خير. أكاد أراه يقترب لكي يبتعد، يتصل لكي ينفصل. إنه يعود إلى الوراء لكي يقفز إلى الأمام. هؤلاء القوم سوف يدخلون التاريخ يوما ما ولكن ليس غدا وإنما بعد غد. ينبغي أن يحلوا مشكلتهم مع أنفسهم أولا. وبعدئذ لكل حادث حديث..».

ولربما فاجأنا هيغل بهذه القنبلة: «وحتى أكبر ضربة إرهابية في التاريخ (أي 11 سبتمبر/ أيلول) لم تحصل إلا لكي يستيقظ المسلمون من غيبوبتهم ويقوموا بمراجعة موروثهم من أوله إلى آخره. هذا هو المغزى الفلسفي العميق لضربة 11 سبتمبر التي تتحكم بالسياسة الدولية حتى اللحظة، وإلا فلا معنى لها على الإطلاق. وهذا هو معنى الانفجارات المذهبية المتلاحقة. ضمن هذا المعنى نفهم عبارة هيغل الشهيرة: «كل ما هو واقعي عقلاني»، بما فيها الحروب الأهلية والفواجع: أي لها ضرورتها الموضوعية المسجلة في أحشاء الواقع. وبالتالي فينبغي علينا أن نمر بكل هذه الأهوال قبل أن نصل إلى بر الأمان. لا يوجد حل آخر. هذا قانون من قوانين فلسفة التاريخ.

وربما أردف هيغل منبها: «آسف أن أقول لكم إن المشكلة المذهبية لن تحل قبل أن تنفجر وتشبع انفجارا. إذا ما كبرت ما بتصغر! ولذا فلا تقلقوا ولا تحزنوا، لا تخافوا ولا ترتعبوا. فالفوضى العارمة التي يشهدها التاريخ العربي والإسلامي كله تخفي وراءها شيئا آخر. إنها الزبد الذي يرغو على السطح. بمعنى أن عذابات الشعوب العربية والإسلامية ليست إلا مرحلة عابرة ولكن إجبارية لكي تصفى الحسابات التاريخية المعلقة أولا، ولكي تنفضح الأنظمة الديكتاتورية بكل أبعادها ثانيا فتفقد مشروعيتها ومصداقيتها تماما. فهذه الديكتاتوريات الأخطبوطية راحت تسيج المجتمع كله بالأسلاك الشائكة متوهمة أنها بذلك قادرة على مواصلة الحكم مليون سنة بعد إخماد روح الشعب تماما. ولكن فلسفة التاريخ تقول لنا إن الحرية تفصح عن وجهها الساطع من خلال انتفاضة الشعب العارمة. فالشعوب لا يمكن خنقها إلى الأبد. عاجلا أو آجلا سوف تنطلق كالمارد الجبار من أجل استرجاع حريتها المصادرة».

هذا ما قد يقوله لنا فيلسوف الألمان بلهجة عربية.. ذلك أن التاريخ بحسب هيغل ليس إلا عبارة عن «التقدم إلى الأمام من خلال الوعي بالحرية». وبشكل من الأشكال ألا يمكن القول إن تصورات هيغل تحققت على أرض الواقع بعد قرنين من موته أو حتى أقل؟ ألم يصبح الاتحاد الأوروبي أكبر فضاء للحريات في العالم؟ ولو فتحت الحدود ألن تهاجر معظم شعوب العالم إلى سويسرا وفرنسا وهولندا وألمانيا وبلجيكا والسويد والنرويج، إلخ؟

لكن هناك فكرة أخرى أساسية سوف يضيفها هيغل، وهي أن الدولة الليبرالية الديمقراطية الموعودة لا يمكن أن تنهض في أرض العرب إلا إذا تجاوزنا اللحظة الأصولية، فهي العدو اللدود لها. وهذه اللحظة لا يمكن تجاوزها إلا بعد أن تحكم ولو لفترة. ضمن هذا المنظور نقول إن اللحظة الأصولية الكبرى التي نعيشها حاليا بعد «الربيع العربي» المجهض والمصادر إخوانيا تقدم لنا أكبر خدمة من دون أن تدري. إن وجودها ضروري جدا لكي يستشعر الجميع خطورة الفهم الخاطئ للدين، ثم بشكل أخص لكي ينتصر التأويل الحضاري للإسلام على التأويل السائد: أي لكي ينتصر إسلام العصر الذهبي. وهذا هو معنى مصطلح هيغل الشهير: «الدور النافع للعامل السلبي في التاريخ». والمقصود فائدة الشر في نهاية المطاف: نعم الشر له فائدة، له وظيفة، وليس عبثا. لولا الشر لما انكشف معنى الخير، ولولا الظلاميات الحالكة لما كان للنور والتنوير أي معنى. فاصبروا أيها العرب، أيها المسلمون. وهنا يكمن أيضا «مكر العقل» في التاريخ. العقل يقود العالم بطريقة ذكية ماكرة ولكن لمصلحة البشرية. كلمة «مكر» مستخدمة هنا بالمعنى الإيجابي النبيل للكلمة لا بالمعنى السلبي الشائع. إنه يعكس الشر ضد ذاته ويستخدمه لمصلحة الخير. إنه يستخدم الظلامية المتطرفة بكل فظائعها وتفجيراتها كفزاعة للتعجيل باستهلال عهد التنوير العربي الإسلامي القادم. فكلما ازدادت غلوا وتطرفا اقتربت لحظته وازداد التوق إليه. وهنا يكمن الرهان الأكبر لما يحصل حاليا في العالم العربي والإسلامي كله.
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 12:39 PM   #239
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي مــشــاري الــذايــدي

حروبنا مسروقة من التاريخ!




لا نشكو من قلة الأخبار المخيفة، بل من كثرتها، والتخمة كالجوع، يضران ولا ينفعان.

الجديد المخيف في هذه الصراعات العربية والإسلامية هو تحولها إلى صراعات «إفناء».

المسار الطائفي (شيعي - سني) يحكم الأزمة، والمنطق الحاكم: إما نحن وإما هم.

كل عاقل لديه شعور طاغ بوجود جو استثنائي حافل بالهول، والإحساس بعالم جديد، عالم لا نعرفه من قبل، أبيحت فيه المحرمات، وقيل فيه ما كان مكتوما.

صيحات طائفية، ورايات كأنها خرجت للتو من قماش التاريخ السحيق، كأن لم تمرّ بنا قرون مديدة تفصلنا عن تلك الحروب التي كانت تخاض على صهوات الجياد وأكوار الإبل.

بدا لي أننا نعيش في خضم القرنين السادس عشر والسابع عشر.

نعيش الآن، مرحلة تشبه مرحلة عبرت العالم قبل 5 قرون تقريبا:

* حرب الثلاثين عاما قامت بين طائفتي البروتستانت والكاثوليك داخل «الأمة» المسيحية الأوروبية بين عامي 1618 و1648. مسرح الحرب كانت الأراضي الألمانية، وقد دخلت أتون هذه الملحمة معظم القوى الأوروبية الموجودة آنذاك.

فتكت الحرب بممالك أوروبا، وهيّجت الشعور الديني لدى كل طائفة، وانتهت هذه الحرب الثلاثينية بمعاهدة وستفاليا 1648 التي كانت «البذرة» لقيام مفهوم الدولة الحديثة. لكن أثر هذه الحرب المدمرة استمر في أوروبا لعدة قرون.

* كلنا قرأنا عن الحروب الهائلة بين الصفويين والعثمانيين، الطرف الأول يمثل الشيعة، والثاني يمثل السنة، تيار الأمة الأغلب، لكن المفارقة أن هذه الحروب كانت متزامنة، تقريبا، لنفس مرحلة الحروب الدينية في أوروبا.

فالحروب الصفوية العثمانية استمرت من سنة 1515 إلى سنة 1639.

* في نفس هذه المرحلة أيضا شهدت المرافئ العربية والإسلامية من الأطلسي إلى المحيط الهندي هجمات برتغالية شرسة، حتى ثغور البحر الأحمر والخليج العربي لم تسلم من هجمات البرتغال، التي كان الطابع الصليبي الديني واضحا فيها، بالإضافة طبعا للطمع الاقتصادي الاستعماري. ويكفي أن نذكر بنجم الحروب البرتغالية وهو (ألفونسو البوكيرك) الذي شن أشهر حروبه على الشواطئ الهندية والشواطئ العربية في البحر الأحمر في 1513. وتوفي وهو في الحملة سنة 1515.

* بل إن أشهر ملك بريطاني وهو (هنري الثامن) وسبب شهرته الأول هو انفصاله عن الكنيسة الكاثوليكية وإنشاء كنيسة وطنية جديدة، لأسباب معقدة، وجد أيضا في نفس المرحلة، حيث إن هنري الثامن حكم سنة 1509 وتوفي 1547.

مفارقة تفرض نفسها، وتشابه مذهل، وكأن هناك أنفاسا للتاريخ يتلقاها الجميع في مرحلة ما، دون اختيار منهم.

فهل نعبر نحن، الآن، نفس تلك المرحلة الرهيبة من التاريخ، وعليه فلا مفر ولا مناص من شرب حنظل التاريخ؟!
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2013, 01:26 PM   #240
عبدالله هادي
أبو بنان
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225

 
افتراضي عـبـد الـرحـمـن الـراشـــد

إسقاط مرسي ليس في صالح المعارضة



تعمدت أن يكون الاستنتاج هو العنوان، حتى أختصر الجهد على المتعجلين من قراء العناوين من دون صبر حتى السطر الأخير، وللذين يقرأون للكاتب بأحكام مسبقة. في مصر، أصبح الرئيس محمد مرسي في ورطة خطيرة، يدركها حتى أتباعه؛ شعبيته في تراجع، والمزيد من المصريين خيبت آمالهم الثورة والحكومة. وبات احتمال سقوط حكم الإخوان واردا، إما في ثورة ثانية من الميدان، وإما بتدخل عسكري.

لكن، على الرغم من سوء إدارة مرسي، فإن إسقاطه - وقد بقيت ثلاث سنوات على رئاسته - سيكون خسارة للنظام الديمقراطي في مصر، وسيؤسس لعهد من الفوضى.

دوافع «التمرد» عليه صحيحة إنما الغاية خاطئة، ولو كان مرسي يحكم دولة ديمقراطية حقيقية لاستدعي للمحاكمة وواجه العزل. رغم هذا فإن إسقاط مرسي اليوم قد يؤذن بعهد مستقبلي سيئ لمصر، في وقت تحتاج البلاد أن تجرب وتخطئ، وتعيد المحاولة حتى يصل المصريون إلى النظام الذي يرتضونه.

إلى اليوم، مرسي لم يتوقف عن إساءة استخدام السلطة في مطاردة خصومه، من إعلاميين ومعارضين، كما كان يفعل الرئيس السابق حسني مبارك، باستثناء أن الرقم أكبر في عهد مرسي! الديمقراطية ليست مجرد صندوق انتخابي وأغلبية أصوات، بل لها استحقاقات ملزمة؛ القضاء المستقل عن الرئاسة، والبرلمان المستقل، والإعلام الحر. مرسي تغول على القضاء، قرر كتابة نظام قضائي جديد، وتشكيل مجلس من قضاة يختارهم، وعين نائبا عاما. عدا عن انتهاكه الصريح أيضا يريد إلغاء الديمقراطية الليبرالية التي جاءت به والإخوان المسلمين للحكم، بعد أن عجز الإخوان عن أخذه بالقوة ثمانين عاما. الإخوان يريدون تحويلها إلى «ديمقراطية إيرانية»، حيث يقرر المرشد من هو صالح للرئاسة ثم يستفتي الناس فيمن اختارهم فقط!

والقضاء هو حجر الرحى. فعندما يتحكم مرسي في اختيار السلطة القضائية يتحكم أيضا في الانتخابات، لأن القضاة هم المشرفون على التصويت والفرز، وهم الذين يحكمون في الطعون والخروقات الانتخابية، وهم الذين يصدقون على نتائجها. باختصار عندما يختار مرسي القضاة يكون قد ضمن الفوز في أي انتخابات، هو وحزبه! لهذا المعارضة مصرة على إسقاطه بالقوة. كذلك، عندما عزل مرسي النائب العام واختار واحدا من عنده أمسك بمفتاح التداعي بيد، والأمن بيد ثانية. من خلاله يستطيع السماح لدعاوى ضد خصومه السياسيين، وبه يمنع الدعاوى الموجهة ضده. المدعي العام قد يستخدم لمطاردة المعارضة، وهذا ما يفعله مرسي الآن بتوجيه تهم لخصومه بالتهرب من الضرائب أو الإساءة للرئيس، وحتى في تلفيق قضايا جنائية بها يستطيع حرمانهم من دخول الانتخابات لاحقا، وبالتالي القضاء على المعارضة.

هل هذا يعني أن مرسي مجبر على السكوت عن القضاء الذي يتهمه بأنه من تركة المخلوع مبارك؟ أبدا، لا. من حق الرئيس أن يطلب تعديل نظام القضاء، وكذلك تغيير من يشاء من القضاة، وكذلك النائب العام، إنما يمكنه ذلك في أحد إطارين؛ إما أن يترك للقضاء مهمة الإصلاح القضائي، أو أن يطرح مشروع الإصلاح القضائي ويشرك فيه كل القوى السياسية بالتساوي مع ممثلي الإخوان. وهذا ما يفعله حاليا رئيس وزراء تركيا أردوغان، عندما قرر تعديل الدستور أشرك كل القوى المنافسة، ولم يمنح حزبه في اللجنة إلا نفس عدد المقاعد مثل بقية الأحزاب الرئيسة.

ومع اهتزاز عرش مرسي، اتضح لأول مرة أنه يمكن إسقاطه، فالأصلح للمعارضة أن تعدل سلوك الرئاسة بالضغط عليه، لا أن تقصيه من الحكم قسرا. ولا يوجد في صلب دستور مصر ما يشرّع إسقاط مرسي، مثل طرح الثقة في الحكومة، أو إجراء استفتاء شعبي حول انتخابات مبكرة.
عبدالله هادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:12 PM. حسب توقيت مدينه الرياض

Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.