![]() |
![]() |
أنظمة الموقع |
![]() |
تداول في الإعلام |
![]() |
للإعلان لديـنا |
![]() |
راسلنا |
![]() |
التسجيل |
![]() |
طلب كود تنشيط العضوية |
![]() |
تنشيط العضوية |
![]() |
استعادة كلمة المرور |
![]() |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
![]() |
#211 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() سوريا والقرارات السرية! أقر وزراء خارجية إحدى عشرة دولة في مجموعة أصدقاء سوريا بالدوحة خطة لتقديم مساعدات عسكرية نوعية للجيش السوري الحر من شأنها تحقيق التوازن على الأرض، ودفع بشار الأسد للاستجابة لجهود السلام، إلا أن المشاركين بمؤتمر الدوحة لم يعلنوا عن تفاصيل هذا الدعم! الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، قال بعد المؤتمر، إن الاجتماع اتخذ «قرارات سرية في كيفية التحرك العملي لتغيير الوضع على الأرض في سوريا»، والإشكالية مع «سرية» القرارات هذه أنها ترفع سقف التوقعات، وتمنح الأسد وحلفاءه الفرصة لتضليل الرأي العام، وتحديدا الموالي لهم، فمنذ اندلاع الثورة والأسد يحاول تكريس صورة طائفية عن الثورة، وهو ما نجح فيه للأسف ليس لدى البعض في سوريا، أو الطائفة الشيعية، فقط، بل وحتى بدول الغرب التي ثارت على «جبهة النصرة»، مثلا، بينما كانت ردود فعلها على تدخل إيران وحزب الله، واستخدام الأسلحة الكيماوية، باردة، بل ومستفزة. والواضح الآن أن إيران والأسد، ومعهم الموالون لطهران بالعراق، قد استثمروا مطولا إرهاب 11 سبتمبر (أيلول) في أميركا، وأجادوا في تكريس أن جميع السنة إرهابيون، وهذا ما يتضح اليوم بردود الفعل الغربية حيال جرائم الأسد وإيران وحزب الله في سوريا. وعليه، فمن الصعب تقبل فكرة «قرارات سرية» في معركة رأي عام تمس ديانات، وطوائف، وتيارات، متباينة، كما أن خطورة سرية القرارات هذه أنها ترفع سقف التوقعات، ومن دون بينة واضحة، وخصوصا أن السوريين قد ملوا الوعود طوال العامين الماضيين، حيث كان الغرب، وتحديدا فرنسا وبريطانيا، يطلقون التصريح تلو الآخر من دون فعل شيء ملموس، بينما كانت شحنات الأسلحة الإيرانية والروسية ترسل بتزايد للأسد، حتى وصل الأمر لتدخل حزب الله علنا. ما يجب أن يدركه أصدقاء سوريا، والمعارضة، أن المعركة ليست بالميدان فحسب، بل وفي الإعلام أيضا، وهذا ما أدركه جيدا كل من إيران والأسد الذي يلتقط نظامه كل صغيرة وكبيرة للنيل من سمعة الثورة، وأبسط مثال قصة أكل قلب أحد جنود النظام، والتي لا نعلم مدى حقيقتها، وخصوصا أن أكاذيب نظام الأسد لها أول وليس لها آخر، لكن رأينا كيف تحدث الرئيس الروسي عن تلك الحادثة، ومثله وزير خارجية إيران، والآن وبعد كل ذلك يخرج علينا مؤتمر الدوحة متحدثا عن «قرارات سرية»، وما سيحدث الآن هو أن نظام الأسد وإيران، ومعهم الروس، سيتولون القيام بشرح هذه القرارات السرية كيفما شاءوا، ويشوهون صورة أصدقاء سوريا، إعلاميا، ويستغلونها بعد ذلك دبلوماسيا، ثم يجد أصدقاء الشعب السوري أنفسهم في حالة دفاع ويخرجون مبررين، ونافين! الحقيقة أن مدى، وفاعلية، الدعم المقرر للجيش الحر سيتضح من خلال ما يتم على الأرض، وهذا لن يكون سرا، لكن القلق هو من إعطاء الذرائع للأسد وحلفائه، لتشويه سمعة الثورة والثوار، وما علينا الآن إلا مراقبة كيف سيستغل الأسد وحلفاؤه عبارة «قرارات سرية»! --------------------------------------------------- حزب الله.. قيادة بلاد الشام! على مدى العقدين الماضيين، وأكثر، شغلت إيران وحلفاؤها في محور الممانعة والمقاومة الكاذب المنطقة، وبمساعدة من قبل تنظيم الإخوان المسلمين، حول خطورة القواعد العسكرية الأجنبية بالمنطقة، وهو الشعار الذي تبنته «القاعدة» أيضا من خلال زعيمها أسامة بن لادن، بينما كانت إيران تبني أهم قواعدها العسكرية، حزب الله! ومثلما أن هناك القاعدة الأميركية العسكرية الوسطى في قطر فإن هناك القاعدة الإيرانية الكبرى في لبنان، وكل الوقائع اليوم تقول إن القاعدة الإيرانية هي التي تكسب، ولو كان مكسبا بطعم الهزيمة، وهذه قصة ثانية، لكن الواقع يقول إن إيران، ومن خلال قاعدة حزب الله في لبنان، هي التي تحكم بلاد الشام وتدير أمنه، بل إن قاعدة إيران العسكرية، أي حزب الله، يمتد نفوذها إلى العراق واليمن من خلال دعم الحوثيين بالتدريب وخلافه. حزب الله اليوم هو من يساعد الأسد على البقاء، وهو من يحدد من هم «التكفيريون»، ومن هم العملاء، ومن هم الوطنيون، وها هي الأنباء تتردد عن مشاركة الحزب بالقتال في صيدا بين الجيش اللبناني وجماعة أحمد الأسير. وهذا ليس كل شيء بالطبع، فبحسب ما نشرته صحيفة «الأهرام» المصرية فإن العلاقة بين حماس وحزب الله قد وصلت إلى طريق مسدود، وإن الحزب ينوي طرد حماس من بيروت عقابا لها على مواقفها الأخيرة ضد تدخل حزب الله في سوريا. كل ذلك يظهر ويؤكد ما كتبناه قبل أسبوع هنا عن أن تدخل حزب الله في سوريا وسط العجز الدولي يعني انتصار إيران، واليوم كل الحقائق تؤكد أن قاعدة إيران بالمنطقة، أي حزب الله، هي التي تنتصر وليس القاعدة الأميركية، كما كانوا يخوفوننا، حيث نجحت إيران وحلفاؤها في تجييش الرأي العام العربي ضد القواعد الأميركية، ودورها المزعوم، ونجح كثير من قادة الرأي العام الإسلاميين، كالإخوان المسلمين، في ترويج الفكرة الإيرانية تلك، كما ساهم كثير من القوميين العرب في ترويج نفس الفكرة بدافع الحفاظ على القومية العربية وخلافه، بينما تسنى لإيران أن تدعم أهم قواعدها العسكرية بالمنطقة حزب الله بالمال والسلاح ليكون هو الحاكم لبلاد الشام، وممارسة نفوذ هائل بالعراق، بل إن نفوذ حزب الله بلغ أيضا حد مقدرته على تهريب سجنائه في مصر بعد ثورة 25 يناير ونقلهم إلى الضاحية الجنوبية في بيروت في غضون أيام بسيطة! كل ذلك لا يقول لنا إن انتصار إيران وحزب الله سيطول، بل يقول لنا إن منطقتنا مقبلة على انفجار طائفي خطير سببه تغول إيران، وتردد أميركا، وإهمال العرب، مثقفين وساسة ودولا على مدى سنوات في مواجهة الخطر الإيراني، وكشف حقيقة حزب الله، الذي كنا نحذر منه ونجابه بالتخوين والشتائم. هذا هو الواقع اليوم، ولحماية السلم الاجتماعي في كل منطقتنا فلا مناص من سقوط الأسد، وذلك تجنبا للانفجار الطائفي الكبير الذي سيقضي على مفهوم الدولة بمنطقتنا. |
![]() |
![]() |
![]() |
#212 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() نعم أخطأتم بدعم حزب الله ليس الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر وزير خارجيتها، الوحيد الذي قال: أيدنا حزب الله عندما كان يحارب إسرائيل، والآن صرنا ضده لأنه يحارب الشعب السوري؛ بل كثيرون أيضا يبررون اليوم موقفهم بالأمس بالعذر نفسه. ومع احترامي لما قاله الشيخ حمد، وردده آخرون، نسألهم: كم مرة حارب حزب الله إسرائيل في عقد ونصف؟ مرتان فقط؛ الأولى في عام 1997، والثانية عام 2006. ما عدا ذلك ظلت الجبهة مع إسرائيل محروسة من قبل مقاتلي الحزب. أما السنوات العشر الماضية، فقد كانت معظم بطولات حزب الله إجرامية، سببت زعزعة البلاد وعطلت الحياة السياسية.. فهل كان حزب الله يحارب إسرائيل عندما قتل غيلة رفيق الحريري عام 2005؟ هل كان يحارب إسرائيل عندما استمر عامين متتالين في تنفيذ اغتيالات لخصومه من قيادات لبنان السياسية والإعلامية والعسكرية الذين تجاوز عددهم العشرين، بناء على توجيه من نظام بشار الأسد؟ هل كان يحارب إسرائيل عندما احتل بيروت الغربية، وهجم على جبل لبنان، وقتل نحو سبعين شخصا في 2008؟ هل كان يحارب إسرائيل عندما عطل المصالح العامة، وقطع الطرق، وأثار حالة خوف مستمرة اضطرت معظم قيادات «14 آذار» إلى الاحتماء في فندق «فينسيا» لعدة أشهر خوفا من عصابات حزب الله؟ مرة واحدة واجه حزب الله إسرائيل في عام 2006 في عملية كان هدفها فتح معركة لأهداف إيرانية، لا علاقة لها بفلسطين أو مزارع شبعا، تسببت في تدمير البنية التحتية للبنان. حينها اختبأت ميليشيات الحزب بحجة أنهم في معركة غير متكافئة مع قوة العدو، وسيوفرون قوتهم لمواجهة الإسرائيليين لاحقا. طبعا، الجميع يشهد اليوم أن حزب الله وفر رجاله ليزج بهم في القتال ضد الشعب السوري بشجاعة نادرة، ولم يزج بمثلهم في أي مرة مضت ضد إسرائيل. كثيرون ساندوا حزب الله سياسيا وماليا، حتى عندما كان يرتكب جرائم لا تغتفر، ولأنه تاريخ مضى، فقد كنا نتمنى أن يقفوا اليوم ويعترفوا: «لقد أخطأنا»، أو على الأقل «خدعنا»، بدلا من منح الحزب شهادة لا يستحقها. بسبب المناكفات الإقليمية، بكل أسف، كثيرون دعموا بشار الأسد وحسن نصر الله في وقت كانا فيه يرتكبان جرائم بشعة في حق لبنان والمنطقة، وما كانت مواجهة إسرائيل إلا دعاية منهما لتبرير محاولات الهيمنة على لبنان، والتفرد بقراراته. وكان الحزب شبه الوحيد الذي يملك ترسانة من الأسلحة، وجيشا مدربا، ويرفض الخضوع لسلطة الدولة، زاعما أنها لمواجهة إسرائيل.. وكما ترون؛ أموالكم ودعمكم ينفقه الآن في ارتكاب مذابحه في سوريا اليوم. |
![]() |
![]() |
![]() |
#213 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الحديد الإيراني يفله حديد مثله الكثير منا يردد أن معركة الثورة السورية مع نظام بشار غير متكافئة، مما جعل النظام يتماسك رغم الضربات القوية التي وجهها له الثوار، ولكن القليل يدرك أن الصراع مع آيديولوجية إيران التي يخوض نظام بشار حربا بالوكالة عنها هو أيضا صراع غير متكافئ منذ اندلاع الثورة الإيرانية، والحقائق على الأرض تقول إن الارتباط بين المعركة الآيديولوجية والعسكرية وثيق، فالأولى سبب والثانية نتيجة، الأولى هي الذخيرة والثانية هي البندقية، الأولى الروح والثانية الجسد، ولهذا فالعلمانية الغربية التي فرغت للتو من معركتها مع الكنيسة وتخلصت من سيطرتها لم تستغن عن الكنيسة وإرسالياتها التبشيرية لتكون حصان طروادة مهدت بها الأرض وسهلتها للاستعمار الغربي، الذي جثم على دول العالم الثالث قرونا ثقيلة. حديد الآيديولوجية الإيرانية حين اندلعت ثورة إيران، قابلته كتلة من القطن العربي الآيديولوجي الناعم، فكانت المعركة غير متكافئة، في الصراع الذي احتدم مع إيران بعيد اندلاع الثورة الإيرانية كان صدام حسين ببعثيته المتهالكة خصما آيديولوجيا غير كفؤ في معركته مع إيران، فعلى الجبهة الإيرانية كانت روح دينية متوقدة، وفي الجبهة العراقية كانت مؤتمرات البعث العراقي مليئة بالمسخرة، لدرجة أن عضوا في القيادة القطرية تلاسن مع زميله أمام صدام حسين متهما إياه بأنه يصلي (مقطع الفيديو موجود بالـ«يوتيوب»)!!! ومع أن جيش صدام قد ساندته أميركا عسكريا واستخباراتيا، وفتح له عدد من الدول العربية خزائنها المالية وبلا سقف، فإن إيران تماسكت وتعافت، ثم انطلقت تواصل تنفيذ مخططاتها واستراتيجياتها في العالم السني. وفي لبنان تمدد الأخطبوط الآيديولوجي الإيراني ونهض بالجنوب الشيعي، وراحت إيران تحت سمع وبصر العالم السني تبني لبنة لبنة كيانا آيديولوجيا قويا ومتماسكا من الناحية الاقتصادية والعسكرية، فأسست مع حزب الله لا أقول ميليشيات عسكرية قوية، بل أعدت جيشا احترافيا مدربا، أصبح بعدده الذي يتجاوز السبعين ألفا، وبكل المقاييس، أقوى من الجيش اللبناني، بل يفوق عددا من جيوش الدول في المنطقة، وفي المقابل لم يكن للسنة في لبنان (بسبب هشاشة الباعث الآيديولوجي) في العالم السني من يهتم لميزان القوى في هذا البلد الذي اخترقه كل الدول والتوجهات، ورأينا شاهدا صارخا لهذا الإهمال للسنة في إيران حين اجتاحت ميليشيات حزب الله بسهولة بيروت الغربية ذات الكثافة السكانية السنية العالية، سهولة ذكرتنا باجتياح القوات النازية للنمسا بقيادة هتلر، فلا مقاومة تذكر ولا حتى ميليشيات تحميهم وهم الأكثر عددا. لنتكلم بكل شفافية وصراحة، إيران قادت وتقود العالم الشيعي بكل مهنية واحترافية، ورسمت لآيديولوجيتها استراتيجية ذات مسارين، أحدهما تسويقي والثاني عسكري، والمؤسف أن العالم العربي السني في المقابل كان ولا يزال يعيش صراعا متشنجا بين تياريه الإسلامي والليبرالي، مما جعل عددا من الحكومات العربية تتحسس من كل شيء له علاقة بالدين؛ خوفا من تقوية موقع الإسلاميين، مما أصاب الجبهة الآيديولوجية مع إيران بالهزال، ولو أن الحكومات العربية تصالحت مع مبادئ الشريعة في أنظمتها وقوانينها وتعليمها وإعلامها لحققت انتصارين، الأول على جبهة منافستها مع التيارات الإسلامية، والثاني على جبهة صراعها الخطير مع إيران الذي بلغ ذروته في سوريا. الآيديولوجية الإيرانية حديد.. ولا يفل حديد الآيديولوجية إلا حديد مثله. |
![]() |
![]() |
![]() |
#214 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() «تقسيم» يقود التحرير موجة ميدان التحرير في 2011 قضت على النموذج العسكري في مصر، واليوم تدخل منطقتنا موجة ميدان تقسيم في تركيا التي ستقضي على النموذج الإسلامي في صورته الأبهى التي تطمح الحركات الإسلامية المختلفة لتقليدها. في أول يوم احتل فيه المعترضون على سياسات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الساحة، كتبت على «تويتر» أن نهاية المشروع الإسلامي ترسم اليوم في ميدان تقسيم. في حقبة مواجهة ديكتاتورية العسكر في عام 2011 كان ميدان التحرير يقود مرحلة إنهاء حكم العسكر من مصر إلى اليمن وسوريا، وأصبح التحرير هو أيقونة المرحلة. أصبح ميدان التحرير رمزا حتى لأحداث سبقته، كالقضاء على نظام بن علي في تونس. التحرير أصبح كالعلامة التجارية لرمزية القضاء على حقبة العسكر في الشرق الأوسط. أما تقسيم فهو علامة تجارية جديدة لحقبة جديدة وموجة جديدة، وهي موجة رسم ملامح نهاية الحكم الإسلامي كما يتصوره الداعون إليه من مالي إلى الصومال إلى أفغانستان إلى السودان إلى نظام «الإخوان» في مصر. أهمية ما يحدث في ميدان تقسيم، هو أنه الميدان الذي يهز صورة النموذج الذي يدعو إليه التيار الإسلامي. تقسيم لا يهز المشروع الإسلامي في صوره السيئة في الصومال أو أفغانستان أو السودان، ميدان تقسيم يضرب في مقتل النموذج الإسلامي السياسي في أبهى صوره في تركيا آخر معاقل الخلافة. اليوم تقسيم هو الذي يقود المرحلة وليس التحرير. حركة تمرد المصرية يوم 30 يونيو (حزيران) ستجني ثمار ما حدث ويحدث في تقسيم، ومحمد مرسي و«إخوان مصر» اليوم أصبحوا ضحايا ما يحدث في تقسيم، وهم أيضا ضحايا رجب طيب أردوغان ونظامه الذي كانوا ينظرون إليه على أنه النموذج الذي يسعون إلى تطبيقه في مصر. هزيمة نموذج الإسلام السياسي للحكم في صورته الناصعة في تركيا تعني بالضرورة وبالتبعية نهاية نموذج الإسلام السياسي في صوره السيئة في البلدان المختلفة في العالم الإسلامي. من تقسيم وموجة تقسيم نفهم بشكل مختلف ما حدث في ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر في القاهرة، حيث تظاهر آلاف الإسلاميين مساندة للرئيس الجالس على عرش مصر: الرئيس محمد مرسي. نادرا ما يحدث في العالم أن ينبري المتظاهرون تأييدا لرئيس في سدة الحكم، المظاهرات في الغالب تكون لمعارضة تحتج على نظام الحكم وسياساته، وهذا ليس في مصر فقط، وإنما في العالم كله. الشارع للمعارضة وليس للحكم. أما إذا نزل أهل الحكم إلى الشارع فهم طوعا يتخلون عن مكانتهم كحكام، ويتحولون من تلقاء أنفسهم إلى معارضة. في هذا السياق تكون مظاهرات الإسلاميين هي التي بدأت في نزع الشرعية عن الرئيس وعن النظام. أعرف أن هذه النقطة تحتاج إلى شرح وتوضيح، ولكن الفكرة هي أن خروج الإسلاميين إلى الشارع في ضربة استباقية للمظاهرات التي دعت إليها حركة تمرد، هو في حد ذاته دليل ضعف لا دليل قوة. فالناس تخشى من في الحكم، لأن معه الشرعية، ولكن يبدو وبعد ضربة تقسيم في تركيا، تمكن الارتباك من كل الحركات الإسلامية في المنطقة، إذا عطس نظام أردوغان في تركيا، أصيبت بقية الأنظمة والحركات الإسلامية التي أنتجتها، أصيبت هذه الحركات، بما فيها «إخوان مصر»، بالأنفلونزا. إذن ما كان في ميدان رابعة العدوية من مظاهرات، ليس استعراضا للقوة، كما يصورها بعض الليبراليين، وإنما هو إعلان ضعف ووهن من قبل جماعة الإخوان المسلمين، والحركات التي تدور في فلكها أو خرجت من عباءة «الإخوان» ومنها الجماعة الإسلامية. نظام «الإخوان» يبدو مرتعدا مما سيحدث من مظاهرات مضادة تبدو قوية في يوم 30 يونيو. ومن شاهد حشد المذيع المصري توفيق عكاشة أمام وزارة الدفاع، يدرك أن حشد «تمرد» سيكون فيضانا من البشر، كل المؤشرات تقول إنه سيفوق حشد الإسلاميين في رابعة العدوية. وليس بمستغرب أن يختار تيار الإسلام السياسي، ميدان رابعة العدوية، ومن قبل اختار الساحة أمام جامعة القاهرة؛ وذلك لأن التحرير يفضح الأعداد. فميدان التحرير يبتلع جماهير ميدان رابعة العدوية وجامعة القاهرة مجتمعين. لذا يبدو أن الإسلاميين ولقلة العدد، أرادوا مليونية تلفزيونية من خلال زوم الكاميرا وليس من خلال الأعداد على الأرض. مرة أخرى ما حدث في رابعة العدوية، هو مؤشر ضعف ومحاولة للتغطية على قلة ممن يتبعون التيار الإسلامي في بلد قوامه تسعون مليون نسمة. في ميدان تقسيم قبل يومين طالب المتظاهرون باستقالة رجب طيب أردوغان وانتخابات جديدة في تركيا، مطلب تقسيم باستقالة رجب طيب أردوغان، جاء قبل مطالبة محمد البرادعي الرئيس محمد مرسي بالاستقالة، وهي أول مطالبة علنية من قبل البرادعي للرئيس بالتنحي. في حالة ميدان تقسيم نحن نشهد الانهيار الثاني للنظام العثماني. في بداية القرن العشرين انهارت الخلافة العثمانية ومن يومها والمنطقة غارقة في دماء الإمبراطورية المذبحة. كل حروب المنطقة بما فيها احتلال إسرائيل لفلسطين جاءت نتيجة لهذا النزف الشديد الذي عانت منه الإمبراطورية العثمانية حتى لفظت أنفاسها الأخيرة. انهيار نظام أردوغان هو انهيار الصورة العصرية للخلافة التي يطمح «الإخوان المسلمون» لإقامتها من مصر. مصر الفقيرة لا تقيم خلافة. وليس لديها القدرة أن تفرض نموذجا. ومن هنا يكون تأثير تركيا على مصر أكبر من تأثير مصر على تركيا. قد تنجح «تمرد» في إطاحة حكم «الإخوان»، ولكن تقسيم سيقوض المشروع الإسلامي برمته ومن المنبع وفي أفضل نماذجه. تقسيم هو نوع من المجاز أو الصورة كما البوسفور الذي يقسم إسطنبول إلى جزء أوروبي وآخر آسيوي، وعلى تركيا أن تقرر إلى أي عالم تنتمي. إما إلى أوروبا بما فيها من وضوح في قيم حقوق الإنسان وقضايا البيئة، أو إلى آسيا وإساءة معاملة الأطفال في المصانع. ما يجعل كل ما حدث في تقسيم أساسيا، هو ذلك التأييد الأوروبي الذي يرى في نموذج أردوغان الذي يريد أن يشيد محلات تجارية في المتنفس الأخضر الوحيد تقريبا في إسطنبول نوعا من البربرية المعاصرة. فما يراه إسلاميو الشرق من إبهار في نموذج أردوغان، يراه الغرب نوعا من الرأسمالية البدائية التي لا تتورع في عمل كل شيء وأي شيء من أجل زيادة النمو. نموذج أردوغان كما يبدو من أوروبا هو نموذج الصين وعمالة الأطفال ومحاصرة المتظاهرين بالدبابات في ميدان تيانمين. تقسيم تركيا هو تيانمين الصين. أوروبا والعالم الحر يرى أردوغان بوجهه العثماني العنيف لا بدينه الإسلامي الحنيف. تعاطف الغرب مع المتظاهرين الداعمين لحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة ضد النموذج الأردوغاني، الذي يقطع الشجر من أجل النمو الاقتصادي، يجعل مرسي ونظامه في مأزق. فإذا كان النموذج الأعلى الذي يتطلع إليه «إخوان مصر» قد سقط أخلاقيا في نظر الغرب، فلا بد أن نظام مرسي الأدنى تنظيميا والأقل اعترافا بحقوق الإنسان ساقط لا محالة. «تمرد» تجني ثمار انتصارات تقسيم، وسوف يسقط مرسي بكل تأكيد يوم يسقط أردوغان، إن لم يكن قبله. وهذا هو تقسيم المنطقة الأهم. |
![]() |
![]() |
![]() |
#215 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الفخ الطائفي والتلاحم الوطني تصدرت في صحيفة «واشنطن بوست» صورة لإعلان عزاء في شارع بالعراق لمن لقب بـ«الشهيد البطل»، وهو أحد العراقيين الذين تدفقوا إلى سوريا لمؤازرة النظام السوري. وفي إيران نشرت أخبار وصور لشبان يسجلون أسماءهم في مقرات التعبئة التابعة للحرس الثوري الإيراني للقتال في سوريا مع متطوعين شيعة من دول أخرى، وأما حزب الله - الفيلق الإيراني في لبنان - فقد أعلن أمينه مشاركة عناصره في الحرب، واستخدم بادئ الأمر حجة الدفاع عن مرقد السيدة زينب رضي الله عنها - كما استخدم «قميص عثمان» في مطلع التاريخ الإسلامي - لتأجيج العواطف وتبرير المشاركة الطائفية في الحرب المشتعلة بين نظام مستبد، وثوار يريدون أن تلحق بلادهم بركب دول الربيع العربي المتحررة من الطغيان. وبعد ازدياد أعداد قتلى وجرحى الحزب لم يكن هناك بد من الإعلان الصريح عن دخول المعركة بجانب النظام البعثي ضد من نعتهم بالتكفيريين الذين يقاتلون حليفه البريء المسالم! على الطرف الآخر كانت أخبار مشاركة مقاتلين من السنة لا تتعدى وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل عدم تأييد العلماء الرسميين للمشاركة في الصراعات الخارجية وقصر ذلك على الإغاثة الإنسانية والتبرعات لدعم الثوار، إلى أن أعلن مؤخرا وجوب الجهاد لنصرة شعب سوريا بالنفس والمال والسلاح في مؤتمر «موقف علماء الأمة من القضية السورية» في القاهرة. وهو الأمر الذي سيدفع إلى أول حرب طائفية بهذا الزخم والاصطفاف والعلنية، وقد تمتد ساحة الصراع خارج سوريا لتطال دولا أخرى أولها لبنان إذا نفذ الجيش الحر تهديده بالتعامل مع رأس الأفعى بدل ذيلها وتدمير القواعد والمراكز التي ينطلق منها مقاتلو حزب الله وآلياتهم العسكرية. هذا القتال العربي العربي استخدمت الطائفية لإشعاله فلولاها لكان الأمر مماثلا لما حدث في ليبيا واليمن ومصر وتونس، ثوار يريدون الكرامة والحرية لوطنهم، وهو الأمر الذي أكدته المعارضة التي تشكلت من جميع طوائف المجتمع السورية ومكوناته، ولكن النظام السوري نجح بعد فشل جميع أسلحته في استخدام سلاح الطائفية لوقف انتصارات الثوار، وإدخال الجيش الإيراني في بلده بعناصرهم الرسميين أو بالعناصر العربية الموالية لهم من حزب الله. لطالما ردد حلفاء إيران في المنطقة العربية المتسترون تحت غطاء الممانعة والمقاومة الاتهامات إلى مناوئيهم بالعمالة لأميركا وإسرائيل، في الوقت الذي يستحق فيه هذا الاتهام بجدارة الحليف الإيراني، فهم يقدمون في هذا العصر ما قدمه أسلافهم، الذين لجأ الأوروبيون للتحالف معهم ودعمهم لإشغال الدولة العثمانية، وكان لهم ما أرادوا فأوقف العثمانيون زحفهم نحو أوروبا لطرد الصفويين من المدن التي احتلوها. من مسوغات هذا الاتهام الصمت الغربي عن التدخل الإيراني في اليمن ودول الخليج وغيرها من الدول العربية، والتساهل الأميركي مع توغله في العراق، وقبله لبنان الذي أثمر وجوده هناك عن حزب بلسان عربي وقلب إيراني، لا تجد إسرائيل أفضل منه لتنفيذ مخططاتها كما حصل في 2006، عندما أرادت إعادة لبنان سنوات إلى الوراء وتدمير اقتصاده - الذي شهد تطورا كبيرا بعد إصلاحات رفيق الحريري - فمنحها حزب الله مبرر الهجوم بأسر بضعة جنود. إن العقيدة القومية الإيرانية هي أفضل ما يستغله أعداء المسلمين والعرب لإدخال المنطقة في جو من الصراعات واستنزاف الموارد المالية والبشرية، فهذه العقيدة التي تلبس لبوسا مختلفا في كل عصر لا هم لها سوى التوسع.. في كل العصور، انتهاء بعصر رجال الدين الذي يتبنى منهج تصدير الثورة عبر الاحتلال الطائفي. هذه العقيدة كشف عنها – كما جاء في موقع قناة «العربية» - علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الأسبق في لقاء بمناسبة ذكرى استرجاع مدينة خرمشهر، ذكر فيه أن الخميني قال: «لا يوجد أفضل من شعبنا، ولا حتى شعب رسول الله». وأيضا تمثل في رفض الخميني لاقتراح اسم «الخليج الإسلامي» لحل الخلاف حول تسميته بين العربي والفارسي وإصراره على إبقائه كما كان في عهد الشاه خليجا فارسيا. إطفاء نار الفتنة العربية العربية يكون بنزع الطائفية عنها، والتعامل معها على أنها صراع قومي عربي إيراني، والتفريق كما ذكر علي شريعتي بين التشيع العلوي وأصحابه ومفكريه المخلصين لعروبتهم، والتشيع الصفوي «الشعوبي» المسيس لخدمة مصالح إيران وتوسيع نفوذها في المنطقة. شيعة الخليج كما هم سنته تقع عليهم مسؤولية تجنيب مجتمعاتهم السقوط في هذا الفخ الطائفي، والتلاحم الوطني ضد أي محاولات خارجية تستخدم الطائفة أو الآيديولوجيا كأداة توظيف واستقطاب لتفتيت وحدة الوطن، كما حدث سابقا إبان الحرب العراقية الإيرانية عندما نشأت خلالها ميليشيات في الخليج سمت نفسها حزب الله. ولم تدم طويلا بعد أن استأصلتها القوى الأمنية ورفضها المجتمع. وأختم بقول محمد حسين فضل الله «علينا أن لا نصور أن القضية سنية شيعية، بل هي في كثير من أوجهها سياسية». |
![]() |
![]() |
![]() |
#216 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() جون ستيوارت محافظ (الأقصر) سر الكوميديا «باتع» وسيفها قاطع، ففي اليوم الذي قال لنا فيه المذيع الأميركي الساخر (جون ستيوارت) حين استضافه زميله المصري باسم يوسف في (البرنامج) إن الرئيس المصري محمد مرسي قد اختاره ليكون محافظا للأقصر، وإنه من أجل ذلك أطلق لحيته قليلا ليشابه مظهر أعضاء جماعة الإخوان، قرأنا خبرا كشف فيه قياديون بالجماعة الإسلامية في مصر لـ«الشرق الأوسط» عن قيام المهندس عادل الخياط، محافظ الأقصر الجديد، والمنتمي للجماعة، بتقديم استقالته إلى الرئيس مرسي من منصبه، الذي لم يمض فيه سوى بضعة أيام. المحافظ الجديد ينتمي للجماعة التي نفذت مجزرة شهيرة في (الأقصر) كنز الذهب الآثاري في مصر، هذه الجريمة في 1997 أدت إلى مقتل 58 سائحا، من سويسرا واليابان، وغيرهما، وعدد من المواطنين. قرار الرئيس المصري كان مدهشا، بسبب حساسية محافظ الأقصر، وكون اقتصادها قائما على سياحة الآثار، يفد إلى الأقصر لهذا الغرض كثير من مواطني العالم، من غير العرب غالبا، وأتى القرار في اللحظة التي يعاني فيها الاقتصاد المصري، خصوصا قطاع السياحة الحساس، من فقدان الثقة، وكان الوزير النشط هشام زعزوع، في مهمة شبه مستحيلة للترويج للسياحة في مصر، ليأتي هذا التعيين محبطا له، ما دفعه إلى تقديم استقالته من حكومة قنديل، احتجاجا، رغم رفض رئيس الوزراء قبولها حتى الآن. مفهوم أن يتم استرضاء الحلفاء في السياسة بمنصب أو نفوذ، ولا عيب في هذا في لغة السياسة، لكن الغرابة أتت في طبيعة المكان المعين فيه هذا الشخص، وفي طبيعة الشخص نفسه المنافية لثقافة واحتياجات المكان. أظن أن الأمر ليس كما يتوهم البعض، في تحليل مؤامراتي، خطة إخوانية للإيقاع بالجماعة الإسلامية، وحرق ورقتها، حيث تفشل في تسيير شؤون السياحة في هذه المنطقة، بل هو سوء اختيار، وارتجال، يحكم كثيرا ثقافتنا العربية بشكل عام. نحن نختار على أسس لا علاقة لها بمعايير الجودة والكفاءة، بل بمعايير الثقة بالولاء، أو الرغبة في مصلحة عابرة، ومع الوقت تفقد المناصب قيمتها، وتبتذل عناوين المواقع. جرت العادة على أن تكون طريقة الترضية في العالم العربي بمنصب مستشار وربما سفير، وفي بعض الدول عضو مجلس شيوخ أو أعيان، وتصل رعشة الكرم والسخاء أحيانا إلى تعيين هذا الشخص أو ذاك مسؤولا عن الثقافة، وهو يعادي الثقافة، وعن الإعلام وهو يحقد على الصحافيين والصحافة. كل المواقع السياسية والتنفيذية في الدول العربية، أو جلها، صارت جوائز ترضية وكسب ولاءات. لم يسلم حتى الآن من هذا الكرم الخطير إلا حقول قليلة، منها الطب والبنوك.. وحتى هذه تسرب إليها غاز الفساد. فالج لا تعالج. |
![]() |
![]() |
![]() |
#217 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() روحاني: جئت بمفتاح وليس بمنجل! عندما قال الرئيس الإيراني المنتخب حسن روحاني إنه جاء بمفتاح وليس بمنجل، كانت هذه هي الرسالة الثانية التي يبعث بها بكل وضوح وقوة، أما الرسالة الأولى التي صدمت السياسيين والشعب على حد سواء، فجاءت خلال المناظرات التلفزيونية عندما قال إنه رجل قانون وليس عقيدا! ويمكننا أن نحدث نوعا من التوازن بين تصريحي روحاني، أي رجل قانون بمفتاح من جهة، وعقيد بمنجل من جهة أخرى. ويعني هذا أن فصلا جديدا من تاريخنا المعاصر قد بدأ، حيث بدأ الإيرانيون بعد ثماني سنوات يرون رئيسهم وهو يتحدث بشكل مهذب وحكيم ولغة معتدلة وأدب ثري وابتسامة عريضة. وحتى أكون أمينا، يجب أن أشير إلى أن الرئيس المنتهية ولايته أحمدي نجاد لم يقم بتدمير السياسة والاقتصاد فحسب، ولكنه قام أيضا بتدمير الثقافة والأخلاق، وكان يتحدث بالعامية وبطريقة غريبة. وهناك رواية للأديب المصري الحائز جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ بعنوان «الحرافيش» تحكي قصة حكم الحرافيش في مصر وتعكس قصة الحكم في الشرق، وأعتقد أن صدام حسين والقذافي كانا من الحرافيش، فلم يكن لدى أي منهما أي مفتاح، ولكنهما كانا يعتمدان على المنجل، وتم اعتقال أو إعدام أو هجرة الملايين من الأبرياء في عهدهما. في الحقيقة، ثمة وجه قبيح آخر للطغيان والاستبداد في الشرق، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وهو وجه الحرافيش. اسمحوا لي أن أقدم لكم مثالا على ذلك. تنفق كل دولة الكثير من وقتها ومالها لتدريب خبرائها حتى يكونوا مؤهلين للمناصب الرفيعة مثل الوزراء والمديرين المرموقين، ولكن عندما تم تعيين أحمدي نجاد رئيسا للبلاد (أعتقد أنه لم يتم انتخابه)، قام بفصل جميع الخبراء من مناصبهم بحجة أنه يسعى لتشكيل مجلس وزراء إسلامي بحت. وبعبارة أخرى، كان هناك منجل كبير في يده قام من خلاله وهو مغمض العينين بتدمير كل شيء وطرد جميع الخبراء من مناصبهم. ونتيجة لذلك، يستخدم الإصلاحيون اليوم عنوانا جديدا للفترة التي قضاها أحمدي نجاد في السلطة وهو «شتاء الثقافة والأخلاق». وعندما سئل روحاني عما إذا كان يعتزم إطاحة جميع أنصار أحمدي نجاد من الحكومة والإدارة، رد قائلا إنه جاء ومعه مفتاح وليس منجلا! والشيء المحزن حقا هو أن معظم اللذين يحكمون بلادنا هم عقداء وليسوا رجال قانون، كما جاءوا وهم يحملون منجلا وليس مفتاحا، وبالتالي لا يمكننا فهمهم ولا تؤدي طريقتهم في الحكم إلى الاستقرار، كما يغيرون من آرائهم ومواقفهم بشكل سريع جدا، ويحدث كل شيء عن طريق الصدفة، لأنه لا يوجد لديهم منطق يحكم الأشياء. وفي الفصل الثاني من كتاب «تراكتتس»، يقول فيتغنشتاين إنه لا يوجد شيء يسمى الصدفة في عالم المنطق. ولكن في عالم الحرافيش لا يتعين علينا أن نندهش حتى عندما نرى جزارا يعمل مكان جراح للقلب! وفي القرآن الكريم، هناك نوعان من الأشجار، الأولى هي الشجرة الطيبة القوية المليئة بالثمار ثابتة الأصل، والثانية هي الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض بسبب ضعفها، ولا يوجد بها أي ثمار ولا أزهار، ولا ظل لها. والآن، نحن نواجه ربيعا من الأمل في إيران، وهو ليس ربيعا عربيا بكل تأكيد، ولكنه انبعاث للأمل والسعادة في إيران. لقد خرج الناس مساء يوم السبت للاحتفال بانتصارهم وكانت الميادين والشوارع مليئة بالأغاني والرقص، وكان أبرز الشعارات التي يرددونها: «موسوي، لقد استعدنا أصواتك». لقد استعادوا أصواتهم بالقانون والتسامح والحكمة، وهذا هو سر مقاومة الإيرانيين وتاريخ بلدنا العريق. إنه لإنجاز عظيم أن يقول الرئيس الجديد حسن روحاني إنه رجل قانون، وليس عقيدا، وإنه جاء بالمفتاح وليس بالمنجل. ولكي أكون أمينا، يتعين علي أن أشير إلى أن هذه الجمل القصيرة قد لخصت تاريخنا الطويل، والتناقض الدائم بين رجل القانون والعقيد، والصراعات التي لا تنتهي بين المفتاح والمنجل. وبالإضافة إلى ذلك، أعتقد أننا نواجه حاليا اثنتين من القراءات المختلفة للإسلام، فمن ناحية، هناك إسلام يتم استخدامه كأداة لتبرير العنف وقتل الأبرياء، وإسلام آخر يمثل نمطا ومنهجا لحياتنا. وتعتمد القراءة الأولى على ثقافة الموت والكراهية، في حين تعتمد الثانية على ثقافة التسامح والحياة. إننا بحاجة الآن وأكثر من أي وقت مضى، سواء في إيران أو في العالم الإسلامي بأسره، لتعريف الإسلام على أنه دين التسامح والحياة. لقد كنا، ولا نزال، في إيران نواجه الإسلاميين الراديكاليين الذين يعتقدون أن هاشمي رفسنجاني وخاتمي وروحاني خونة وعملاء للولايات المتحدة. وأعتقد أن انتصار روحاني في الانتخابات الرئاسية قد صدمهم بشكل كبير، لأن آية الله مصباح الذي يعد زعيم المتطرفين، قد اعترف مؤخرا وهو في العقد التاسع من عمره بأنه بات يدرك الآن أنه لا يمكننا الدفاع عن الإسلام بالقوة. من المستحيل إرسال الناس إلى الجنة بالقوة. وبعبارة أخرى، لقد نجح الحب والأمل في تحطيم المناجل في إيران. |
![]() |
![]() |
![]() |
#218 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() روحاني: المرشح غير المتوقع لتوحيد الصفوف جاء انتخاب رجل الدين المعتدل والوسطي حسن روحاني رئيسا للجمهورية الإسلامية سادس رئيس للبلاد بما يقرب من 51 في المائة من الأصوات، بمثابة الصدمة بالنسبة لكثير من الإيرانيين (وأنا من بينهم). وسيكون لانتصار روحاني المفاجئ كثير من الآثار العملية والرمزية على إيران والإيرانيين، ولعل أهمها هو احتمال الوصول للوحدة السياسية. وتعد هذه الوحدة مهمة للغاية للشعب الإيراني ولحركة الإصلاح وللمرشد الأعلى علي خامنئي وللمجتمع الدولي ككل. ولفترة قصيرة، سوف يفتح هذا الباب أمام إيجاد علاج للجراح السياسية، وهو الشيء الذي يحتاجه المجتمع الإيراني بشدة. والشيء الأهم هو أن السعي من أجل الوحدة يعد بمثابة شيء محوري لخامنئي، الذي يسعى لتصحيح الصورة السياسية المشوهة للجمهورية الإسلامية ووقف الاقتتال الداخلي الواضح بين النخبة السياسية منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009، وهو ما جعل خامنئي يقدم عددا من النداءات السياسية. ونتيجة لتفاقم الأوضاع الإيرانية بسبب سياسة الرئيس أحمدي نجاد التي تعتمد على الإثارة والأزمة الاقتصادية والعقوبات الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني، أصبحت الوحدة في مواجهة كثير من العقبات أمرا بالغ الأهمية من أجل بقاء الجمهورية الإسلامية. ولم تكن الوحدة الحزبية أو الشعبية سمة دائمة ومميزة للمؤسسة السياسية الإيرانية في أي وقت من الأوقات، إذ ظهرت الخلافات بين الفصائل والأحزاب عام 1979، عقب نجاح الثورة الإيرانية التي جمعت عددا لا يحصى من الجماعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وتمكن آية الله الخميني من احتواء مثل هذه الطائفية، ولكن في أعقاب وفاته عام 1989، تصاعدت حدة الصراعات الفئوية، وهو ما ساعد على ظهور حركة الإصلاح. وبعد ذلك، تأرجح البندول السياسي من اتجاه الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي إلى الرئيس المتشدد والمحافظ أحمدي نجاد. وفي عام 2008، أسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها إلى ظهور الحركة الخضراء، وهو ما انتهي بفرض إجراءات سياسية على نطاق واسع، بما في ذلك استمرار اعتقال المرشحين للرئاسة مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وهو ما أدى إلى تحويل الديناميكية التي كان يمكن التحكم فيها إلى حالة من الاستقطاب الشديد. وقد استمرت الحالة السياسية في التدهور منذ عام 2009، وأصبح القمع يخيم على إيران. وأدى تكثيف العقوبات الدولية التي تستمر في خنق الاقتصاد الإيراني الهش بالفعل إلى تفاقم هذه التوترات السياسية والشعبية. في هذا السياق، دعا خامنئي «جميع التوجهات والتيارات السياسية» للاشتراك في الانتخابات الرئاسية. وكانت التوقعات تشير إلى أن (الوحدة) لن تحدث إلا داخل معسكر المحافظين في إيران، أو أن رئيسا سابقا قد يظهر لسد الفجوة الشعبية، واعتقد كثيرون أن أحد المحافظين الموالين للمرشد الأعلى سيكون هو المرشح الرئاسي المثالي. في السيناريو الأول، ثبت أن الوحدة بعيدة كل البعد عن المحافظين الذين لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق على مرشح واحد. في الواقع، تنافس خمسة مرشحين محافظين في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها إيران في الرابع عشر من يونيو (حزيران) الحالي. وفي السيناريو الثاني، تقدم الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني بأوراق ترشحه ثم جرى استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور، وهو ما حطم آمال المعتدلين. ووافق المجلس على المرشح الإصلاحي محمد رضا عارف، وحليف رفسنجاني لفترة طويلة حسن روحاني. وخلال الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، حدث تحول محوري داخل معسكر الإصلاح، إذ انسحب عارف لصالح روحاني، بناء على طلب من الرئيس السابق خاتمي، في الوقت الذي أعلن فيه رفسنجاني وخاتمي عن أن روحاني هو مرشحهما. اختار الإصلاحيون البارزون المشاركة وحث الناخبين الواعين على دعم روحاني عوضا عن مقاطعة الانتخابات كما كان يخشى في البداية. وبالتزامن مع ذلك، عاد الإصلاحيون والمنتمون إلى التيار الوسط المهمشون إلى المشهد السياسي الجديد بفضل اتحادهم. وبانتصار روحاني، أمام الإصلاحيين فرصة فريدة لإعادة إحياء السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية المعتدلة. وأذهل انخراط الإصلاحيين في السياسة بعد انتخابات عام 2009 الشعب الإيراني، فقد اعتقد كثيرون بعد ما حدث عام 2009 أن التصويت سيكون أمرا عديم الجدوى في الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقا. وكشفت استطلاعات الرأي التي أجريت قبيل الانتخابات أن أكثر الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد. تبين أن الأحداث السالف ذكرها مع مناشدة خامنئي للإيرانيين، بمن فيهم معارضو النظام، في اللحظة الأخيرة بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، ضرورية من أجل حشد الناس وحثهم على الانتخاب. في النهاية، جرى تقدير نسبة الذين شاركوا في العملية الانتخابية 72 في المائة وذهلوا عندما وجدوا أنه فُرزت أصواتهم بنزاهة. ويمثل الحماس الشعبي الذي ظهر في شوارع إيران نقطة تحول مهمة بالنسبة إلى الشعب الإيراني. كذلك أذهل فوز روحاني المجتمع الدولي الذي يراقب الوضع في إيران بحذر على الهامش. بعد جولات من المفاوضات الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني والعقوبات القاسية، أصيبت مجموعة الخمسة زائد واحد بإحباط من موقف إيران المتشدد غير القابل للحلول الوسط. مع ذلك يعرض روحاني إمكانية تقديم مرونة أكبر في المفاوضات المستقبلية. ويظل روحاني، مثل كل المرشحين الآخرين، ملتزما بالطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي، لكن تجربته ودفاعه عن فترة عمله كمفاوض في المحادثات النووية منذ عام 2003 إلى 2005 والتي جرى خلالها تعليق تخصيب اليورانيوم يشيران إلى عودته إلى تبني استراتيجيات أكثر اعتدالا. وقدمت الانتخابات إلى خامنئي الوحدة، حيث تجمع بين روحاني، الذي لا يعد محافظا متشددا، وبين المرشد الأعلى علاقة قديمة راسخة. لقد شغل روحاني منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي لمدة 16 عاما منذ عام 1989 حتى عام 2005. كذلك كان عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس الخبراء ومستشارا لكل من رفسنجاني وخاتمي لشؤون الأمن القومي. ولروحاني تاريخ طويل من البراغماتية يستدل عليه من عدة مواقف جديرة بالذكر. كذلك روحاني يتمتع بقدرة على بناء الجسور بين أفراد النخبة السياسية المنقسمين على أنفسهم وذلك بصفته جزءا من النظام. وفي الوقت الذي لا يعد فيه روحاني ترياقا شافيا للجمهورية الإسلامية، ولن ينجح فوزه في محو ما حدث عام 2009، يمثل انتخابه استراحة مؤقتة وفرصة لهذه الدوائر الانتخابية المهمة. الزمن فقط هو الذي سيخبرنا ما إذا كان روحاني سيتمكن من الوفاء بوعوده الانتخابية ومنها تحقيق تقدم اقتصادي وتبني سياسة خارجية منفتحة وزيادة الحرية الاجتماعية واتخاذ نهج معتدل في الملف النووي. وحتى ذلك الحين، منحه احتمال نجاحه في توحيد الصفوف وقتا يحتاجه كثيرا. * أستاذة دراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكينز ومؤلفة Action and Reaction: Women and Politics in the Islamic Republic of Iran «الفعل ورد الفعل: المرأة والسياسة في جمهورية إيران الإسلامية» (بلومزبيري 2011) |
![]() |
![]() |
![]() |
#219 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() هكذا وصل الضباط العلويون إلى السلطة سوريا الخمسينات شجرة وارفة الظلال. حبلى بالآمال. كانت في السياسة موزعة على يمين ويسار. يمين ديمقراطي، يمثله نظام شكري القوتلي، على رؤوس بقايا هَرِمَة. متعبَة، من الجيل القومي العربي الأول الذي استنفد نشوته في تحقيق النصر على الاستعمار. وقعد متربعا على حكم تقليدي، منذ أواسط الأربعينات. لكن بلا أفكار جديدة. وجيل سوري آخر على اليسار. جيل استهوته الآيديولوجيا. أقليته ماركسية ستالينية. يقودها خالد بكداش. زعيم تاريخي أوحد. كردي مستعرب. فصيح في خطابه الشعبوي. ماهر ومجرِّب في دروب السياسة. وتُفْحِمُ نيابته البرلمانية ساسة اليمين واليسار، مستعينا بالأرقام الدقيقة عن بطء الإنجاز الحكومي. لكن أغلبية هذا الجيل السوري الجديد كانت، في الآيديولوجيا، قومية الهوى. مبهورة بشعارها (وحدة. حرية. اشتراكية). ويقودها حزب جديد (البعث). نَحَتَ الشعار مثقفو الحزب الدارسون في أوروبا. ولقنوه، في حوار ديمقراطي حر، لشباب الجامعة والثانويات الذين استهوتهم لعبة السياسة. في زخم هذه الحياة السياسية الصاخبة، أقدم أكرم الحوراني على إجراء تغيير محوري في حركة حزب البعث، بعد اندماجه مع حزبه الاشتراكي، في النصف الأول من الخمسينات. كان هذا الزعيم المحرك اليومي المؤثر في السياسة السورية، منذ أوائل الأربعينات إلى منتصف الستينات، عندما اختفى تماما من اللوحة السياسية العربية، نتيجة للخطأ الفادح الذي ارتكبه. لم يكن الحوراني مثقفا. لكنه كان شديد الإيمان بالاشتراكية، إلى حد تقديمها على مبدأ الوحدة القومية. كان الحوراني نزيه الذمة ماديا. كفؤا في التنظيم الحزبي. عدم براعته في الخطابة، لم يَنَلْ من إجادته المناورة السياسية والإعلامية. فقد كان مخلوقا سياسيا، يتنفس. ويدخن السياسة، على مدار الليل والنهار. كتب الحوراني أهم مذكرات أصدرها سياسي عربي معاصر، لثرائها في التفاصيل. ونشرت «الشرق الأوسط» معظمها في التسعينات. ولعل القارئ يذكر أني تابعت التعليق عليها أسابيع طويلة. مع ذلك، فلم يورد الحوراني الداهية حرفا واحدا، عن دوره غير المباشر، في كارثة وصول عسكر الطائفة العلوية إلى حكم سوريا منذ منتصف الستينات إلى اليوم! بحكم نفوذه في الجيش السوري، بعد سقوط ديكتاتورية صديقه/ عدوه أديب الشيشكلي (1954)، تمكن الحوراني من توظيف أعداد غفيرة، من الشباب العلويين، بعثيين وغير بعثيين، في خدمة الحزب، عبر دفعهم إلى الانخراط في الجيش. ماذا كان هدف الحوراني والقيادة السياسية البعثية (ميشيل عفلق وصلاح البيطار) من عسكرة الطائفة العلوية؟ لم يكن الزعماء الثلاثة من هذه الطائفة. غير أني أكشف هنا سرا، فأقول إن الثلاثة ضاقوا ذرعا بمجتمع سوري محافظ. ووجدوا أن فرض اشتراكيتهم عليه، من خلال أقليتهم الحزبية البرلمانية، أمر يكاد يكون مستحيلا. على عكس الدمشقيَّيْن عفلق والبيطار، فقد كان الحوراني من وسط سوريا (مدينة حماه)، حيث شعر بوطأة الإقطاع على الحياة الريفية التي شكل فيها العلويون فئة الفلاحين الفقراء آنذاك. وإنصافا للرجل، أستطيع أن أقول إنه لم يكن ضد الديمقراطية كليا. لكن بمنطق الزمن الطائفي الراهن، لم يدرك الحوراني، وهو من الطائفة السنية، بل مرتبط بالقرابة مع الأسر السنية الإقطاعية في حماه، أنه سيدمِّر الحياة الديمقراطية الوليدة، بعسكرة طائفة أقلوية صغيرة (8 بالمائة في تقديري الشخصي) متلهفة للتغيير. ولا تعترف طائفتا السنة والشيعة بمذهبها الديني. لماذا غدر الضباط البعثيون العلويون بالحوراني. ثم بعفلق والبيطار؟ الواقع أن الرهان الطائفي العلوي كان، أصلا، على «الحزب السوري القومي» كذراعٍ للوصول إلى السلطة والحكم. ثم حوّلوا الرهان. فركبوا عربة حزب «البعث». كان «البعث» في عروبته أكثر قبولا لدى السوريين، من حزب تجاوز العروبة والإسلام. واعتنق مبادئ الفاشية الأوروبية التي سُحقت في الحرب العالمية الثانية. انتهز ضباط البعث العلويون استقالة زعماء الحزب الثلاثة (الحوراني. البيطار. عفلق) من ناصرية نظام جمال عبد الناصر. فشكلوا خلية سرية باسم (اللجنة العسكرية). وكان الأعضاء الفاعلون فيها ضباطهم الثلاثة: اللواء محمد عمران. المقدم صلاح جديد. النقيب الطيار حافظ الأسد. بادرت اللجنة العسكرية إلى الكيد للحوراني بمكر ظاهر. كانت التهمة أنه أيد نظام الانفصال اليميني الذي فصم الوحدة السورية/ المصرية بالانقلاب عليها (1961). عشت مع أكرم الحوراني الشهر الأخير في حياته السياسية. ظل يذرع بهو صحيفة «الشام» التي أعمل فيها. ولا يضيء ليله سوى بصيص سيجارته المعلقة دائما بشفته. وصدق حدسه. فقد تبع الانقلاب العراقي على نظام عبد الكريم قاسم، انقلاب سوري جاء بالضباط المستقلين. والناصريين. والبعثيين، معا إلى الحكم (1963). مع الظهور العلني لضباط الطائفة العلوية على مسرح السياسة، فر أكرم الحوراني منهيا حياته السياسية. مع غياب الحوراني، راقت لعبة توظيف العسكر في السياسة، لزميليه اللدودين. فقد سارع عفلق إلى إضفاء الشرعية «البعثية» على اللجنة العسكرية العلوية، بعدما قرر هو استيلاء الحزب على السلطة والحكم في سوريا. بل اعتبر صلاح جديد ابنه «الروحي»! أما البيطار الذي كان قد استقال سرا من الحزب، فقد راهن على اللواء العلوي الليبرالي محمد عمران. علوية عمران لم تغفر لليبراليته. فقد اغتيل في عصر الأسد الأب. أين؟ آه! في الجيب السكاني العلوي في أعالي مدينة طرابلس السنية اللبنانية. وأما عفلق فقد فر ملاحقا بحكم إعدام «أنعم» به حافظ الأسد على مؤسس البعث ومفكره الرومانسي، فيما يحتفل هو بتنصيب نفسه محله قائدا للبعث، ورئيسا لسوريا! عرف صلاح جديد كيف يصل مدمرا الخصوم والأصدقاء والرفاق في طريقه. لكنه لم يعرف كيف يحكم. وصل حافظ الأسد. حكم ثلاثين سنة. ثم ورَّثها لابنه. فأحرقها الوريث. وأحرق ودمر سوريا معها. دمر تسييس الجيش. وتخريبه. و«تطييفه» بلدي سوريا. كنت أود تذكير شباب الانتفاضات والثورات العربية، بعدم السماح للأنظمة الجمهورية الجديدة «بأخونة» الجيش. فلا ديمقراطية حقيقية بتحزيب المؤسسات العسكرية والأمنية. سبقني الديك الروسي في قمة آيرلندا. فقد أقنع دجاجات أميركا وأوروبا، بإدراج نصيحته الغالية في بيان القمة، بدعوة السوريين إلى الاحتفاظ بضباط الطائفة والحزب، لمواصلة القتل والتدمير في سوريا! مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة (1970)، أحكم ضباط الطائفة العلوية احتلال الحكم والسلطة. أين كان السوريون؟ كانوا مغيَّبين عن الوعي! فقد أدار ضباط الطائفة عملية الوصول «باسم الشعب»! لكن بحجب الحقائق عنه. كنت بحكم عملي أحد القلَّة من الشهود المستقلين. ولم أكن أدري أني سأروي يوما رواية أمينة تختلف عن الروايات الحزبية، لبعض ما حدث للسوريين خلال غيبتهم عن الوعي. لكن كيف حكم حافظ الأسد؟ كيف أدار معركته مع «الإخوان»؟ لماذا اغتيل صلاح البيطار؟ ماذا حدث لعفلق القابع في قفص صدّام الذهبي. لماذا حدثت مجزرة حماه؟ كيف ورط ضباط الطائفة عبد الناصر في حرب النكسة؟ لعل العمر يسمح بالكلام. بعدما عجزنا نحن القلَّة التي عرفت، عن الكلام وهي في سن الشباب. |
![]() |
![]() |
![]() |
#220 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() روحاني رئيسا: وسياسة «حسن النوايا» قصيرة الأمد تتسم صناعة القرارات على المستوى الاستراتيجي في إيران بخصوصية كبيرة، وقبل أن نأخذ بعين الاعتبار مواقف وتصريحات الرئيس الجديد في حساباتنا الاستراتيجية علينا أولا التيقن من موقع رئيس الجمهورية في سلم صناعة القرارات الرئيسة في النظام الإيراني. ونقول ذلك لأن حسن النوايا بمفرده ليس كافيا لتحسين العلاقات الخليجية - الإيرانية، والكلام المنمق في الحديث لن يمثل أكثر من تمويه لممارسات ومواقف غير عقلانية اعتدناها لسياسة عدوانية تستمر إيران في انتهاجها منذ سنوات. في النظام الإيراني، رئيس الجمهورية لا يمثل إلا جزءا صغيرا من معادلة السلطة، وفي حالات كثيرة لا يعد إلا لاعبا هامشيا، وخصوصا في آلية اتخاذ القرارات الاستراتيجية والأمنية، فمؤسسة المرشد الأعلى إلى جانب مؤسسة الحرس الثوري الإيراني وأجهزة المخابرات هي التي تتولى تحديد السياسة الفعلية في المجالات الأمنية والاستراتيجية، وتترك لرئيس الجمهورية دور المبرر والملمع للممارسات العدوانية التي تنفذها الجمهورية الإسلامية باعتماد أسلوب الخطابات المنمقة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. هذا ما اعتدناه خلال السنوات الماضية، أما اليوم فكلنا أمل أن تكون للرئيس الجديد سلطة حقيقية إلى جانب «حسن نواياه» التي عبر عنها لتغيير السلوك الشاذ لمؤسسات دولته، فهوة انعدام الثقة أعمق إلى درجة أصبح معها من الصعب الإيمان بعوامل التفاؤل بمفردها. ما قاله روحاني خلال حملته الانتخابية، وكرره بعد فوزه حول ضرورة تحسين العلاقات الخليجية – الإيرانية، يمثل بادرة طيبة من «حسن النوايا»، ولكن الرئيس الجديد لم يوضح الأسلوب الذي سيتبناه لتحقيق هذا الهدف، ولأن كرة تحسين العلاقات موجودة اليوم في الملعب الإيراني فعلى إيران أن تأخذ زمام المبادرة لتحريك هذه الكرة بالاتجاه الصحيح، ولا خلاف حول هذا الأمر، فدول الخليج العربية لم تتدخل مطلقا في الشؤون الداخلية لإيران، ولم توجه تهديدات علنية أو مبطنة لها، ولم تستخدم الورقة الطائفية لزعزعة أمن واستقرار الجمهورية الإسلامية، في حين لم تدخر طهران جهدا في توظيف جميع الأدوات لتهديد أمن واستقرار الدول الخليجية، من هذا المنطلق نود أن نقول للرئيس الجديد إننا سمعنا كلمات «حسن النوايا» وقد أطربتنا، ولكن زمن العيش على كلماتكم الجميلة قد ولى، فهوة الثقة بيننا أكبر من أن تطمرها كلمات تتردد هنا وهناك. جاء في أول تصريح صحافي للرئيس روحاني حول العلاقات السعودية – الإيرانية، أنه كان مسرورا جدا لأن أول اتفاقية أمنية وقعها هو شخصيا عندما كان يعمل في مجلس الأمن القومي الإيراني. كانت الاتفاقية الأمنية السعودية – الإيرانية لعام 1998م، وهنا نود أن نسأل الرئيس روحاني: ماذا كان مصير ذلك الإنجاز الذي أدخل كل ذلك السرور عليك؟، إن ما آلت إليه تلك الاتفاقية هو مجرد حبر على ورق، فقد قاد سلوك القيادات الإيرانية المتلاحقة إلى تفريغ هذه الاتفاقية الأمنية من مضمونها، ومن ثم هدمت مبدأ «حسن النوايا»، وبالعودة إلى التصريح فقد قال روحاني إن «أولوية السياسة الخارجية الإيرانية هي إرساء علاقات ودية مع جميع دول الجوار عملا بمبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل»، مؤكدا أن تحسين العلاقات الإيرانية - السعودية يعد واحدا من أهم أولوياته، وهنا نعيد تأكيد شكوكنا، وعسى أن نكون من الخاطئين، حول مقدرة الرئيس الجديد على إحداث التغيرات الجذرية المطلوبة لتحسين العلاقات الخليجية - الإيرانية بشكل حقيقي ومستديم، ولأن حسن روحاني شخصية مثقفة وتحمل عناصر الكياسة الدبلوماسية، فإن التغيير الذي رمى إليه، نرى أنه لن يكون بإدخال أدب الخطاب الدبلوماسي في مخاطبة دول الخليج العربية، في حين أنه لن يبرح مواقف القيادة الإيرانية المتصلبة والمكابرة التي كانت المصدر الأساسي لجميع مشكلاتنا مع جمهورية إيران الإسلامية. لذا فإن أكثر ما نخشاه، وما نرجو ألا نراه، هو ألا يتعدى حديث «حسن النوايا» في ممارسات الرئيس الجديد المستقبلية، وألا يتجاوز الأمر تغيير وجوه وشخصيات وتبديل كلمات بأخرى وتحوير أساليب المخاطبة، وليس تغييرا جوهريا في صلب السياسات الإيرانية، فنحن مع الرئيس روحاني إن سار صادقا وعازما على تغيير نهج ومضمون العلاقات الخليجية - الإيرانية، ونحن معه للعمل على إعادة جسور الثقة وعلاقات الجوار الحسن، ونحن معه في إدراك أهمية إعادة علاقات الود والثقة بين إيران وجاراتها العربية. لكن أمام ما ذكره حول الموقف الإيراني تجاه الأزمة السورية الذي أشار فيه إلى شرعية النظام السوري القائم ووجوب استمرار الرئيس الأسد وتأكيده من موقعة كرئيس منتخب لإيران أن الحكومة الموجودة حاليا في سوريا يجب أن تبقى حتى الانتخابات المقبلة عام 2014م، ورفض أي تدخل خارجي في الشأن السوري مع عدم اعتبار تدخل حزب الله العسكري في الأزمة السورية «تدخلا خارجيا»، يجعلنا محبطين من توقع أن يحدث أي تغيير يستحق الاهتمام في عهد الرئيس الجديد، ولا قيمة أو أهمية لحديثه المتكرر حول «حسن الجوار والاحترام المتبادل». ورغم أن الملف السوري هو الأكثر أهمية وحساسية، فإن علاقات انعدام الثقة بين إيران وجاراتها الخليجية لا يمكن اختزاله في الموقف المتعارض من الملف السوري فقط. فالسياسة التدخلية الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة تعد مصدر قلق لدول الخليج العربية، ثم إن توظيف إيران للورقة الطائفية لدعم مصالحها السياسية والاستراتيجية لا يقل ضررا عن الملفات الأخرى، ويجب ألا نتغافل عن خطورة الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني، ورغم أن هذا الملف ذو طبيعة وبعد دوليين فإن الدول الخليجية تعد من أكثر الدول الإقليمية قلقا من تبعات تطوير إيران لقدراتها النووية، وتجاوزها لالتزاماتها الدولية في الشأن، لذا فإن مصداقية الوعود الإيرانية تحت إدارة الرئيس الجديد السيد روحاني سيجري اختبارها على أصعدة متعددة ومختلفة وملفات معقدة. ونود التحذير من موجة التفاؤل المفرط التي قد ينجرف فيها بعض المواطنين العرب، وربما أيضا بعض القيادات العربية بعد انتخاب رئيس إيراني يوصف بالاعتدال المفترض، وربما بالعقلانية، وقد يُوظَّف هذان العنصران، أي الاعتدال والعقلانية، في تسوية الخلافات الإيرانية - الغربية لا غير، كوسيلة لرفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، والتي تهدد اقتصاد البلاد وشرعية النظام الحاكم بشكل خطير، وفي المقابل علينا ألا نصاب بالدهشة أو الاستغراب، إن اكتشفنا استمرار توظيف سياسة التصلب والمكابرة في إدارة العلاقات الإيرانية - الخليجية، رغم الكلمات العذبة التي تفوه بها الرئيس الإيراني الجديد الذي نرحب بأمانيه الطيبة، ونشجعه على تنفيذها ونرد على تحيته بمثلها، وهذا ما قامت به فعلا القيادات الخليجية والعربية خلال الأيام القليلة الماضية. ولكننا نقف لننتظر الخطوات العملية على أرض الواقع دونما أن نغرق في أوهام الوعود والتمنيات. * رئيس مركز الخليج للأبحاث |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|