![]() |
![]() |
أنظمة الموقع |
![]() |
تداول في الإعلام |
![]() |
للإعلان لديـنا |
![]() |
راسلنا |
![]() |
التسجيل |
![]() |
طلب كود تنشيط العضوية |
![]() |
تنشيط العضوية |
![]() |
استعادة كلمة المرور |
![]() |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||
|
![]() |
#381 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() السياسة الاستباقية السعودية: الثابت والمتحول! كيف يمكن قراءة القرار السعودي بالاعتذار عن عدم قبول العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن من زاوية سياسية محضة بعيدا عن التناول الآيديولوجي أو محاولة القفز على استحقاقات القرار السياسية بمحاولة عزله عن ظروف إنتاجه إلى محاولات ربطه بتصورات متوهمة عن السياسة الخارجية السعودية من قبيل الحديث المكرور عن محافظتها وانضباطها.. إلى آخر قائمة المسلمات السياسية، المصكوكة بطريقة أقرب للعقائدية منها إلى فهم طبيعة وحساسية التحديات الآن، وفي المقابل تحويل هذه المبادرة الجديدة والتي تعبر عن تبني «السياسة الاستباقية» إلى ثابت سياسي وليس إلى متحول ظرفي على طريقة تجريم المؤسسات الدولية وتبخيس دورها؟! عدم التمييز بين الثابت والمتحول في عالم السياسة يقود إلى كوارث على مستوى التحليل والممارسة، لا سيما في الأزمنة الموّارة بمعطيات وأحداث لها تأثيرها على طبيعة التوازنات الإقليمية. السياسة الاستباقية السعودية الجديدة، هي رسالة ذات مضمون أخلاقي في توقيت استثنائي بهدف تكثيف كل الاعتراضات التي تعاني منها دول الاعتدال في المنطقة، وعلى رأسها السعودية تجاه قضايا المنطقة وطريقة أداء المجتمع الدولي ومؤسساته من جهة، والقوى المؤثرة فيها من جهة ثانية، وبالطبع على رأسها الولايات المتحدة التي بلغت في مرحلة ما بعد الربيع العربي إلى مستوى جديد غير مسبوق. التحول الجديد الآن هو استبدال فض النزاعات وحل القضايا العربية العالقة والمصيرية على أساس عادل، إلى منطق سياسي جديد وبراغماتي مبني على أسلوب الصفقات والتفاهمات وشرعنة التدخل السيادي للدول، بل والحرب بالوكالة والوقوف ضد إرادة الشعوب. بالطبع، لم تدع السياسة الخارجية السعودية أنها ضمير العالم؛ لذلك فالبعد السياسي حاضر وبقوة إذا ما استعرضنا مقدار الضرر الذي حل بمصالح دول الاعتدال، ومنها السعودية، بسبب الأداء المخيب في التفاوض مع إيران واحترام إرادة الشعب المصري وتجاهل الكارثة الإنسانية التي تحل بالشعب السوري والتقييم الخاطئ للواضع هناك، والذي أدى في نهاية المطاف إلى «جنيف 2» الذي طبخ على عجل وبطريقة تدعو للتساؤل عن من يفاوض من؟ ورغم كل حجم المفاجأة والدهشة التي تعكسها تحليلات السياسيين الغربيين الآن، فإن «السياسة الاستباقية» كانت لها مقدمات تجعل من القرار ذروة تصعيد سياسي بدأ منذ خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة، لا، وقبل ذلك علينا أن نتذكر جيدا النقد الذي قدمه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لأداء المنظمة الدولية على لسان ولي العهد الأمير سلمان قبل أيام. المتحمسون ضد القرار أو المؤملون للتراجع عنه، وهو أمر وارد على الأقل في المتحول السياسي، يتناسون أننا بإزاء واقع جديد باتت المؤسسات الدولية فيها ذات جدوى مقيدة في الملفات التي تتقاطع مع مصالح الدول المؤثرة، وتحديدا الولايات المتحدة وروسيا، وربما كان مؤتمر «جنيف 2» رغم فشله المتوقع وشروط النظام التعجيزية وكل ما يتصل به من مناخات الانتفاع السياسي مع ضمانة أمن إسرائيل يعني فيما يعنيه تجاهل حجم ما آلت إليه كارثة الشعب السوري الذي جرت قولبته كطرف نزاع وليس ضحية نظام دموي. السياسة الاستباقية السعودية رسالة واضحة ضد محاولات تطويق وعزل دول الاعتدال في مقابل تقديم صفقات سياسية كبرى خارج دور مجلس الأمن الذي بات أقرب للهيئة الاستشارية بسبب الاستخدام العبثي للفيتو، كما أنها تضع حدا لكل محاولات إلى صياغة تصورات جيوسياسية للمنطقة تضمن إعادة استقرارها بأطراف تفاوضية منقوصة ينظر لها عادة على أنها متعاونة ولا تستخدم مبدأ الممانعة، كما تفعل إيران لتحقيق أهدافها، وبالتالي فمن الصعب تصور أي تسوية لملف إيران النووي أو الأزمة السورية دون ممانعة تفاوضية مماثلة، وبالطبع فإن ما قدمته دول الاعتدال، وفي مقدمتها السعودية، لمحاولة ترشيد ارتباك الربيع العربي بدءا بالحفاظ على استقرار البحرين، وطرح مبادرة الحل في اليمن، والوقوف مع إرادة الشعب المصري ضد مختطفي ثورته، نتائج تؤكد صعوبة القفز على حجم هذا التأثير أو التهاون في مصير الشعوب العربية لمجرد صفقة تسوية مع إيران، كما أن هذا الإهمال لحجم ودور التأثير هو ترك المنطقة لخيارات كارثية تهدد استقرار المنطقة بالكامل، وهو إما تعزيز نفوذ وهيمنة إيران وحلفائها، وإما تحويل المنطقة إلى منطقة ملتهبة وغير مستقرة تعيث فيها جماعات التطرف المسلح التي ستصعد للواجهة. بالطبع، غني عن القول إن السياسة الاستباقية التي اتخذتها السعودية لا تؤثر على الثابت والمستقر في ذاكرة المجتمع الدولي عن التعاون مع المنظمة وتقدير دورها وشرعيتها، وهو ما يفسر رد الفعل المتعقل حتى من قبل الدول الرافضة للقرار، والتي كانت تؤمل وتراهن على حجم التأثير السعودي من الداخل. رد الفعل المتعقل يستبطن قراءة القرار السعودي على أنه «رفع للعتب»، وليس تحولا استراتيجيا في انتزاع حق دول الاعتدال وثقلها السياسي المستحق في أي عمليات تسوية أو تفاوض تتعلق بمصير المنطقة. |
![]() |
![]() |
![]() |
#382 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() صرخة سعودية في وجه الأوليغارشية الفاسدة! لم يكن في وسع السعودية التي رفض وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة وحتى توزيع نصها على الوفود، أن تقبل عضوية مجلس الأمن، بما يفرض عليها عمليا وبحكم الواقع البائس الذي يتحكم بهذه المؤسسة الدولية، أن تنضم إما إلى جوقة المصفقين لـ«أباطرة الفيتو» الذين يعطلون قيم الشرعية الدولية خدمة لمصالحهم وسياساتهم، وإما أن تعلك المرارة وهي تقف عاجزة عن تغيير هذا الواقع الرديء. قرار الاعتذار السعودي شكل صدمة لدى روسيا التي اعتبرته «غريبا جدا»، وأميركا التي ابتلعته على مضض، لكنه جاء تعبيرا صارخا صريحا وجريئا عن تاريخ من المرارات الدولية التي طالما انتقدت عجز مجلس الأمن وإخضاعه لمصالح الكبار؛ إما عن طريق تعطيله بحق النقض الذي لم يعد يلائم العصر، وإما عن طريق تسخيره لمصالح الحيتان التي تناقض الأهداف التي أنشئت الأمم المتحدة من أجلها! لست في حاجة إلى التذكير بأن عقد الستينات حفل بدعوات دول كثيرة مثل «حركة عدم الانحياز» و«الجامعة العربية» و«منظمة الوحدة الأفريقية» إلى إعادة النظر في آليات عمل مجلس الأمن، فقد وصل الأمر إلى حد المطالبة بنقل الأمم المتحدة من أميركا بهدف رفع الوصاية عنها. ومن الضروري أن نتذكر أن باراك أوباما وصل في 5 سبتمبر (أيلول) إلى «قمة العشرين»، مكررا انتقاد شلل الأمم المتحدة حيال الأزمة السورية، وهذا الكلام سمعناه من البريطانيين والفرنسيين الذين يعترضون على تعطيل التدخل الدولي لوقف المذبحة السورية التي تلوث شرف الأمم المتحدة بالوحل. السعودية أوضحت أنها ليست ضد الإجماع الدولي، ولكنها تريد مثل دول كثيرة، إصلاح مجلس الأمن وجعل مواقفه تعكس القيم التي أنشئت الأمم المتحدة من أجلها، وفي هذا السياق تعمدت التذكير بثلاث قضايا تعامل معها مجلس الأمن بطريقة معيبة وهي: قضية فلسطين التي تبقى دون حل عادل ودائم منذ 65 عاما، رغم عشرات القرارات ذات الصلة الصادرة عن المجلس، والفشل في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل في إشارة إلى إسرائيل وإيران، والسماح المعيب للنظام السوري بقتل شعبه وإحراقه بالكيماوي أمام أعين العالم دون أي عقوبات رادعة، لا بل إن المستر جون كيري لم يتردد في الإشادة بهذا النظام لأنه قبل تسليم ترسانته الكيماوية، ولكأن في مبادئ الأمم المتحدة تقديم الجوائز للقاتل الذي يسلم سلاح الجريمة! قرار الاعتذار السعودي جاء بعد سلسلة من المواقف الصريحة التي انتقدت عجز الشرعية الدولية؛ ففي 10 فبراير (شباط) من العام الماضي قال خادم الحرمين الشريفين في مهرجان الجنادرية: «كنا نعتقد أن الأمم المتحدة تنصف، لكن ما يحدث لا يبشر بالخير.. ثقة العالم بالأمم المتحدة اهتزت، ولا يصح أن تحكم عدة دول العالم. يجب أن يحكم العالم العقل والأخلاق والإنصاف من المعتدي». وفي 6 فبراير الماضي وفي كلمة ولي العهد الأمير سلمان نيابة عنه في القمة الإسلامية في القاهرة، لوح بإدارة الظهر إلى الأمم المتحدة بقوله: «إن مجلس الأمن هو الكيان الدولي المعني بتحقيق الأمن والسلم الدوليين، وإذا فشلنا في جعله يهب لنصرة الأمن والسلم في سوريا وفلسطين فعلينا أن ندير ظهورنا له وعلينا أن نعمل على بناء قدراتنا لحل مشكلاتنا بأنفسنا». إن هذا الكلام يشكل تعبيرا عن تاريخ طويل من الخيبة الدولية من عجز الأمم المتحدة واستغلال الدول الكبرى لها، سواء في خصوماتها أيام الحرب الباردة و«الاستقطاب الثنائي» أو في تفاهماتها تحت الطاولات وعلى حساب الدول الأخرى، وخصوصا في العالم الثالث! يقف ديفيد كاميرون وفرنسوا هولاند في مقدمة الذين ينعون مجلس الأمن ويعتبرون أنه يواجه مأزقا سياسيا وأخلاقيا في سوريا، بسبب الشلل المفروض بالفيتو الروسي - الصيني، لكن شلله مزمن حيال قضية فلسطين وحيال إغراق المنطقة بسلاح الدمار الشامل كما حيال قضايا كثيرة في العالم، ولهذا يشكل الاعتذار السعودي عن قبول عضويته صرخة اعتراض مدوية نيابة عن امتعاض عالمي مزمن من هذا الواقع تدفعنا إلى إعادة طرح الأسئلة المزمنة: هل يجوز أن تستأثر دول أنظمة الأوليغارشية الفاسدة والليبرالية المتوحشة بتفويض مطلق وبقدرة على النقض وتعطيل الشرعية الدولية وإخضاع قواعد الاشتباك الدولية، لمعايير تحددها مصالح بعيدة عن القيم التي تنادي بها الأمم المتحدة، وما قيمة بقاء المنظمة الدولية عندما تتحول إلى أداة للتعامي عن القتل وتشجيعه كما يجري في سوريا، أو لترسيخ العدوان والاحتلال كما يجري في فلسطين، أو للمساعدة على امتلاك أسلحة الدمار الشامل كما حصل في إسرائيل ويحصل في إيران؟ |
![]() |
![]() |
![]() |
#383 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() الفيصل ومواجهة الاستهداف والاستنزاف قال مدير تحرير مجلة «شبيغل» الألمانية لبشار الأسد في بداية مقابلة أجراها معه قبل أسبوعين: كيف يمكنك العيش مع هذه «الجرائم»؟ ألا تحس بالذنب؟ وليس مهما بماذا وكيف أجاب الأسد، فقد كان وكل شركة العلاقات العامة التي اتصلت له بكبار المجلات والصحف الغربية، ووكالات الأنباء، مجرد القبول وظهور الصورة على صفحة الغلاف أو على الشاشة في وقت الذروة، لكي يقال إن شخصه الكريم ما يزال مقبولا رغم الأهوال التي ارتكبها مع الروس والإيرانيين وأتباعهم ضد شعبه وبلاده. لقد كان ينبغي توجيه السؤال - وإن بمعنى وسياق آخر - إلى الشعوب العربية: كيف تحملت وتتحمل الارتكابات والمذابح والاستلابات من الحكام الخالدين، ومن الإيرانيين والإسرائيليين والروس والأميركيين... إلخ؟ نعم، كيف تتشرذم المجتمعات، وتتفكك الدول، ويهلك الأطفال والشيوخ والنساء إما بقذائف وطائرات وكيماويات بشار الأسد أو إسرائيل أو حزب الله أو القذافي أو الرئيس السوداني أو الجهاديين أو هذا الحاكم العراقي أو ذاك، ولا يظنن أحد أن «القتل» يحصل فقط من قذائف الطائرات أو الدبابات أو خلال المظاهرات؛ بل إنه قد يحصل عندما يهرب عشرات الألوف من مكان إلى مكان فيسقطون في البر أو البحر، فيصبح فيهم التعبير المجازي الذي قيل عن المسيح عليه السلام إنه الذي وطئ الموت بالموت! إنه الهول الأعظم بالفعل، الذي يعاني منه العرب جميعا منذ الاستعمارات البريطانية والفرنسية والإيطالية والإسبانية في النصف الأول من القرن العشرين، وإلى الاجتياحات الإسرائيلية والإيرانية والأميركية والروسية في النصف الثاني من القرن العشرين وإلى اليوم! وليت الأمر اقتصر على الغرباء والأجانب والطامحين من الخارج والجوار. لقد تجاوزت الكوارث غير الطبيعية الأعداء الخارجيين إلى سادات الداخل من حكامنا الجمهوريين الخالدين مثل القذافي والأسدين (ما كفانا أسد واحد!) والنميري وغيرهم، وتنظيماتنا المسلحة التي كلفت نفسها، وما كلفناها نحن بالطبع، أعباء مواجهة الأعداء الصهاينة والأميركان، فانتهى بها هذا التحرير العظيم إلى احتلال مدننا واغتيال الناس وقتلهم وشرذمة الدول والمجتمعات، وتارة من أجل «مواجهة العدو» (ومنهم بالطبع أعداء الداخل، أي نحن العرب الذين لا يريدون القتل أو المشاركة فيه!). وطورا من أجل التأديب وتصحيح أدياننا وأخلاقنا! على كل هذه الاستهدافات والاستنزافات ثارت المملكة العربية السعودية، وثار وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل. وهذه الثورة ليست جديدة، بل تمضي لنحو العقدين، وتتصل بالضلال في تحديد الأعداء أو الأصدقاء على حد سواء. فقد رأى الفيصل منذ زمن طويل أن النزاع العراقي - الإيراني، ثم احتلال العراق للكويت، كانا النكسة الثالثة بعد نكبتي فلسطين وكامب ديفيد! وقد دأب منذ التسعينات من القرن الماضي على التنبيه والتحذير، وأنه إن لم نتمكن من الصمود، فيكون علينا في الحد الأدنى حفظا للبلاد ولمستقبل الأجيال، أن لا تدفعنا الخيبة أو الخوف إلى عقد اتفاقيات مخزية تكون قيودا في الأعناق إلى مدة طويلة. وكان هذا رأيه عندما انعقدت اتفاقية أوسلو، رغم أنه رأى فيها جوانب إيجابية. وعندما وقعت أحداث عام 2001 اعتبرها النكسة الرابعة وقال: «كنا نقول للأميركيين إن تفاقم المشكلات دونما حلول، سيؤدي في المدى المتوسط إلى تزايد التشدد والتطرف». وها هو الأمر قد وقع، وصاروا يعدوننا خصومهم، مع أننا الأكثر تضررا من هذا الاستنزاف الذي كان آتيا من جانب الأعداء. وهو الآن يأتي من ثلاث جهات: أبناؤنا الذين يريدون إقامة الخلافة العالمية من جديد، وإخواننا وجيراننا الذين يريدون الإفادة من ضعفنا، وحلفاؤنا الذين يظنون أننا قد غدرنا بهم عندما هوجموا باسم الإسلام ومن جانب شبان ينتسبون إلينا. إنما بربكم قولوا لي ما العلاقة بين قتل الناس بنيويورك وإقامة الخلافة؟ وما العلاقة بين احتلال غزة وبيروت وتحرير فلسطين؟! وعندما مضى الأمير الفيصل لتمثيل المملكة في مؤتمر القمة العربية بمدينة سرت الليبية في ربيع عام 2010 نيابة عن الملك عبد الله بن عبد العزيز، كان السيل - كما يقال - قد بلغ الزبى، كان الإيرانيون يحاولون عقد شراكتهم للمرة الثانية مع الأميركيين. في المرة الأولى دخلوا معا إلى أفغانستان والعراق. وهذه المرة (2010) كان الأميركيون يريدون الانسحاب من العراق واستخلافهم هناك من خلال المالكي. وكانوا يعلنون رضاهم عن بشار الأسد بإعادة السفير الأميركي إلى دمشق. وكان جيفري فيلتمان يتفاوض من أجل ترتيب حكومة لحزب الله بلبنان يترأسها صديقه نجيب ميقاتي. أما من جهة فلسطين فكانت إسرائيل ماضية في زيادة مستوطناتها وفي اعتداد المفاوضات مع الفلسطينيين حسب القرارات الدولية، غير مقبولة. في حين كان أبو مازن منهمكا في تدبير المرتبات لموظفي سلطته المحتلة؛ بينما كانت حماس منهمكة في تجارة الأنفاق، وفي التحرش بالسلطة المصرية لصالح إيران ومحور المقاومة العظيم! وزاد الطين بلة أنه وسط هذه الظروف المفزعة؛ فإن الأمين العام للجامعة العربية آنذاك عمرو موسى، اقترح على قمة سرت حديثا استراتيجيا مع دول الجوار، أي إيران وتركيا! هناك فاض الكيل بالوزير السعودي: وتحدث طويلا عن حالة الخواء الاستراتيجي التي يعاني منها العرب، والتي لا تسمح بدخول مفاوضات تتسم بالندية والجدية مع أي أحد. لقد كانت عندنا مشكلة فلسطين، وعندنا الآن مشكلات العراق ولبنان واليمن، وكلها بسبب التدخل الخارجي. هناك اختلالات في العلائق مع المجتمع الدولي، وهناك اختلالات بالعلائق مع الجوار، وهناك اختلالات بالدواخل العربية بين الفئات الشعبية. ولا بد من سد الخلل بشكل أو بآخر لكي تصبح المحادثات والمفاوضات مجدية! ثم انفجرت حركات التغيير العربية، ومن الداخل أحيانا، ومن الخارج أحيانا أخرى. وتكاثرت الظباء على خراش. فتدخلت المملكة ومعها دول الخليج من أجل استقرار البحرين. وتدخلت من أجل فرض حل في اليمن يحول دون العنف وسفك الدم. وتدخلت دول خليجية لمساعدة الليبيين ضد عنف القذافي. وتدخل السعوديون ودول خليجية أخرى لإعانة الشعب السوري في الدفاع عن نفسه في وجه العدوان الأسدي والإيراني والروسي! وعندما أسقط المصريون حكم «الإخوان»، سارعت دول خليجية على رأسها السعودية لإعانة مصر في الوقوف على قدميها اقتصاديا، ومنع الأميركيين من التدخل في شؤونها. بيد أن هذا كله ما كان أو ما عاد كافيا أمام أهوال السياسات الدولية في المنطقة. فالروس معتدون علنا على الشعب السوري وبحجج سخيفة، ساعة لأنهم يخشون الأصولية، وساعة لأن عندهم ثارات على الأميركان، وساعة لأنهم مهتمون بالغاز على ساحل البحر المتوسط! أما الأميركيون فالمشكلة معهم ليس أنهم ما تدخلوا عسكريا هنا أو هناك: بل لأنهم يتصرفون ببلداننا وأرضنا كأنما هم يملكونها. وساعة مع روسيا، وساعة أخرى مع إيران، وساعة ثالثة مع إسرائيل! لذلك كان لا بد لهذا الغضب السعودي وبعد طول صبر بل تردد أحيانا بسبب ضخامة التحديات، كان لا بد أن يتحول إلى سياسات، وهي سياسات بناءة لأنها تركز على تصحيح آليات عمل النظام العالمي. وهي آليات قديمة ربما كانت مفيدة في الحرب الباردة من أجل التوازن. لكنها ما عادت كذلك اليوم. والعالم كله له مصلحة بهذا التصحيح. لقد طال زمن الاستنزاف، وطالت أزمنة القتل من جانب القريب والبعيد، بحيث داخل الإحباط كلا منا، وما عاد أحد يجرؤ على الأمل أو التفاؤل. وهذا سبب سؤال الكثيرين: وماذا بعد؟ ما بعد إلا الخير، فلنخرج من الأميركيين والروس وغيرهم وغيرهم، وسنكون أفضل بما لا يقاس من الحالة التي نتردى فيها منذ عام 1980. وإذا كان لا بد من الموت، فلماذا لا نموت واقفين؟! |
![]() |
![]() |
![]() |
#384 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() رفض خير من عضوية! من الطبيعي أن يحتفل السعوديون بانتخاب بلادهم عضوا في مجلس الأمن بالأمم المتحدة لأول مرة في تاريخها، ووصف الحدث بأنه مهم واستثنائي في مسيرة الدبلوماسية اللافتة. ولكن الموقف «التاريخي» حقا والذي سيسجل لها هو رفضها للانضمام للمجلس في ظل وجود خلل عظيم في إدارة المسائل السياسية وازدواجية المواقف والمبادئ حيال القضايا الكبرى. فالسعودية التي جعلت الثورة السورية أحد أركان سياستها الخارجية لفترة ليست بالقصيرة، تشكو من وجود «دعم» للقتل المقنن من قبل القوى الرئيسة في مجلس الأمن (روسيا والصين بدعمهما الصريح لنظام بشار الأسد الذي يواصل قتل شعبه بلا رحمة ولا هوادة لفترة ليست بسيطة من الزمن، ومن جهة أخرى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي لا تقدم الدعم العسكري ولا السياسي الكامل والمطلوب «بحسم» المعركة مع الأسد)، وبالتالي كل الأطراف بطريقتها تقوم بإطالة عمر النظام الدموي المجرم، وبالتالي السماح له بالاستمرار في قتل شعبه وتدمير بلاده بأسوأ الوسائل وأكثرها وحشية بشكل لم تعرفه أي بلاد من قبل.. لم يدع وسيلة من وسائل القتل لم يستخدمها. والسعودية ترى أن مجلس الأمن مقصر في القيام بكل واجباته ومسؤولياته التي ائتمنه عليها المجتمع الدولي لصون السلم وحماية الشعوب، وهو بموقفه من الثورة السورية يقف على العكس والنقيض تماما من مواقف مجلس الأمن بحق مآسي البوسنة والهرسك وكوسوفو وليبيا وتيمور الشرقية، وكلها كانت مواقف واضحة وصريحة مال المجتمع الدولي فيها بقوة لحماية الشعوب من القتل والعنف والتطهير العرقي بشتى أنواعه ولمختلف الأسباب. تغير كل ذلك في حال الثورة السورية وتخاذل المجتمع الدولي تماما لنصرة هذا الشعب المظلوم لتتحول الثورة السورية إلى إحدى مآسي العصر الحديث، وأيضا إلى إحدى الكوارث الإنسانية الكبرى بالنظر إلى حجم اللاجئين والقتلى والمشردين والجرحى والمصابين والآثار النفسية المترتبة جراء كل ذلك، ناهيك بالدمار الكامل للبنى التحتية لمعظم المدن السورية الرئيسة بشكل مجنون وموتور. ولكل ذلك، كان الموقف المبادئي والأخلاقي الذي أخذته السعودية برفضها قبول عضوية مجلس الأمن بسبب الموقف الأخلاقي تجاه الشعب السوري ومخاطبة الازدواجية والتناقض في أعمال مجلس الأمن بدلا من الانغماس بـ«الفرحة» التي جاءت بعد الانتخاب، والانشغال بإضافة ذلك كإنجاز يسجل في السيرة الذاتية الطويلة للخارجية السعودية. الخارجية السعودية تكشر عن أنيابها، فهي قررت اتخاذ خطوات كبرى لمساندة قرار الشارع والشعب المصري في ثورته الثانية وانحازت بقوة له، ودعمت ذلك بكل الأدوات المتاحة أمامها، سياسية ودبلوماسية واقتصادية وإعلامية، ونفس الشيء قامت بفعله بحق الثورة السورية، وبذات الأدوات وبشكل قوي جدا لا يمكن إغفاله أبدا. الدبلوماسية السعودية التي عرف عنها الأسلوب الهادئ والعمل من خلف الكواليس بدلا من المواجهة والمجابهة، عاودت إثبات ذلك في خطاب خادم الحرمين الشريفين بالحج، والذي أكد فيه أن السعودية لن تسمح بالتدخلات الخارجية بتحديد مصائر الشعوب العربية والإسلامية ولا إهانة الشعوب لتواصل الخط «الكبير» الذي أقرته لتتصدى وحدها للإرهاب والبطش والعنف بشتى أشكاله وأنواعه، وموقفها الأخير برفض الانضمام لمجلس الأمن كان «مفاجأة» للجميع، فلم يكن أقرب العارفين ببواطن صناعة القرارات الدبلوماسية السعودية يتوقع رد فعل كهذا، وخصوصا أن المجموعة السعودية التي عملت في مندوبية الأمم المتحدة كانت تشتغل بشكل محموم لإنجاز تحقيق عدد كاف من الأصوات للانتخاب، وبعد تحقيق النتائج التي جاءت مؤيدة لدخول المملكة في عضوية مجلس الأمن جاء القرار بالرفض مع توضيح واضح ومقتضب يبين فيها سبب الرفض، ليترك المحللين والساسة في محاولات للفهم والتفسير. الرفض السعودي موقف تاريخي حقيقي سيحسب لها، وهو أهم بكثير من عضوية تنتهي بعد سنتين لا يكون لها قيمة في ظل مجلس يحمي الطغاة بازدواجية في المعايير لا تقبل النقاش في التعاطي مع المسائل. وليست سوريا هي المشكلة الوحيدة هنا، فهناك الملف النووي الإيراني والإسرائيلي وترسانة إسرائيل الكيماوية وأرتال من قرارات الأمم المتحدة التي لم تحترمها إسرائيل. لكل هذا كان يجب على السعودية رفض موقع لن يضيف إليها أي شيء، ولكن رفضه بهذا الشكل زاد من مكانتها في العالم. |
![]() |
![]() |
![]() |
#385 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() شيخوخة مجلس الأمن.. هل لها علاج؟ كشف موقف المملكة العربية السعودية في الامتناع عن شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن، عن خلل جسيم في عمل المؤسسات الدولية المنوط بها حفظ الأمن العالمي، كثيرا ما كان يُتداول بين المختصين والدبلوماسيين، خلف الأبواب المغلقة، دون أن يظهر على السطح. لقد سعت الدول، وخاصة دول العالم الثالث، إلى إصلاح هذا الخلل دون نتيجة تذكر حتى الآن. المتابع لهذا الملف يرى بوضوح كيف أن «النادي الخماسي» عصي على أن يقبل عضوا أو أعضاء جددا فيه، رغم اختلاف الخمسة الكبار أنفسهم مرارا وتكرارا، حسب مصالحهم، على قضايا محورية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. التغيير الوحيد الذي حدث هو إخراج «الصين الوطنية» من شغل مقعد الصين، وإحلال «الصين الشعبية» في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة عام 1972. بعد الوفاق الأميركي الصيني، وكان ذلك الوفاق وقتها على خلفية «عدو مشترك» هو الاتحاد السوفياتي! بعد ذلك لم يفتح هذا النادي الخاص أبوابه لأحد، وقد كانت الجهود تبذل من دول وأشخاص فاعلين في الجمعية العامة لاختراق ذلك الجدار دون جدوى. سبعون عاما تقريبا منذ إنشاء الأمم المتحدة لم تتغير فيها التركيبة الحاكمة، الأمر الذي يذكرنا بسابقتها «عصبة الأمم» التي انهارت بعد سنوات قليلة من إنشائها لأنها لم تستطع أن تساير تغيرات العصر، فهل يحتاج الأمر إلى حرب عالمية جديدة لتغيير هذه التركيبة ذات الطبيعة الاحتكارية! موقف المملكة العربية السعودية، وربما العديد من الدول العربية ودول العالم الثالث التي تشعر بالإحباط جراء «الاتفاق» خلف ظهر جميع الدول بين أقطاب مجلس الأمن لتمرير مصالح مشتركة، والضرب عرض الحائط بمصالح، بل وبأرواح عدد هائل من البشر، كما التضحية بالمبادئ من العدل والخير والمساواة التي تنادي بها تلك الدول علنا. الموقف السعودي أشار إلى قضيتين؛ الأولى تاريخية وهي القضية الفلسطينية، والأخرى حديثة هي الحالة السورية. الأخيرة فاقت كل احتمالات الضمير الحي لأي إنسان، جراء القتل على الهوية والتدمير غير الأخلاقي، لبلد هو من أهم البلدان العربية ومهد إحدى الحضارات الأساس في العالم. القابض على السلطة في دمشق تفوق حتى على توصيات الشرير ميكافيلي، فالأخير لاحظ وجوب «حد أخلاقي أدنى للحاكم تجاه شعبه». ما نشرته جريدة «التايمز» اللندنية يوم السبت الماضي على لسان الطبيب البريطاني الجراح المتطوع في أحد مستشفيات سوريا، أن قناصة الأسد يتراهنون فيما بينهم على استهداف الأمهات الحوامل بالتصويب نحو رؤوس أجنتهن، عمل لا أخلاقي غير مسبوق في كل الصراعات التي عرفتها البشرية يخجل منه حتى ميكافيلي. في الجلسة الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006 - 2007 التي ترأستها مملكة البحرين، انتعشت الآمال لإحياء جهود إصلاح مجلس الأمن، الأمر الذي سكت عنه لمدة ربع قرن كامل كانت الحوارات تدور على استحياء وتقطع منذ الدورة الرابعة والثلاثين عام 1979 التي أدرج فيها الطلب لأول مرة من الجمعية العامة «للعمل على التمثيل العادل في مجلس الأمن» رغم أن القمة العالمية عام 2005 (قمة القادة) أكدت ضرورة التوصل إلى نتيجة في إصلاح مجلس الأمن. الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة انقسمت تقريبا إلى مجموعتين في هذا الأمر؛ الأولى هي التي تسمى بـ«ج أربعةG4»، والتي تضم ألمانيا واليابان والهند والبرازيل، وهي التي ترى أن لها الحق الطبيعي في دخول مجلس الأمن كأعضاء دائمين، لهم كل صلاحيات الأعضاء الخمسة الدائمين ومنها حق الفيتو، خاصة أن الأربعة أصبح لهم ثقل اقتصادي ضخم في الدورة الاقتصادية العالمية، والمجموعة الثانية أصبح لها اسم ملتبس «الاتحاد من أجل التوافق» تتزعمها باكستان وإيطاليا. إيطاليا من جهة تعتقد أن دخول ألمانيا واليابان (اللتين خسرتا الحرب العالمية الثانية) تشبه موقعها في أوروبا، وباكستان تتخوف من دخول غريمتها الهند التي بينها وبينها صراع مكتوم. حراك 2006 - 2007 في الجمعية العامة للأمم المتحدة أنتج فريق عمل يتكون من خمسة سفراء لإعداد تقرير بعد الاجتماع بالدول الأعضاء كافة، والأخذ برأيهم بشكل صريح ومباشر وشفاف. الحضور العربي كان غير مؤثر رغم أن عدد الدول العربية في الجمعية العامة يزيد على العشرين، ورغم أن مصر كانت مرشحة - إن جرى الإصلاح - من قبل الدول الأفريقية، مع دولتين أفريقيتين أخريين لمقعد مقترح لأفريقيا، حيث لا يوجد مقعد دائم لقارة أفريقيا. الاجتماعات الكثيفة وقتها، غاب عنها الجهد العربي المشترك. قدم السفراء الخمسة تقريرا إلى الجمعية العامة بعنوان الطريق إلى الأمام (way forward) الذي اقترح توسيع مجلس الأمن والسبل الممكنة لذلك، وتلاه تقرير آخر لإيضاح بعض الاستفسارات من الدول، ومن ثم صدر قرار من الجمعية العامة لاعتماد التقريرين، والبدء في مرحلة المشاورات بين الدول على أساس ما جاء في هذين التقريرين، ثم توقف الأمر. الصمت المريب من الخمسة الكبار حيال كل هذه التحركات يعني أن أي تعديل يحتاج إلى موافقتهم، لأن التعديل يترتب عليه تغيير في نصوص ميثاق الأمم المتحدة، وما دام أعضاء الجمعية العامة مختلفين وغير قريبين من التوافق فإن الصمت هو أفضل الطرق، وهكذا كان. وبدأت ظاهرة جديدة تبرز على المنبر الدولي. الجمعية العامة تأخذ قرارات جذرية في قضايا عالمية حساسة، وكثير منها بالأغلبية، كما حدث للموضوع الفلسطيني، ولكن مجلس الأمن له رأي آخر. أغلبية دول تمثل معظم سكان الأرض لها رأي ولكنه رأي غير ملزم في القضايا الدولية، ومتى ما توافقت مصالح الخمس الكبيرة، جرى اتخاذ القرار. كانت الولايات المتحدة هي أكثر دولة في مجلس الأمن تستخدم حق النقض، خاصة في أوقات الخلاف بينها وبين الاتحاد السوفياتي السابق، وفي مراحل ضعف الأخير استطاعت الولايات المتحدة وحلفاؤها تمرير الكثير من القرارات الدولية، روسيا اليوم هي التي تستخدم حق الرفض. المعطل هو مصالح الدول والشعوب التي لم يعد كثيرا يقنعها الكلام المنمق حول «الحرية والعدالة والمساواة»، وقد استمرت الدول ذات النفوذ تتجاوز مطالب الحرية والعدالة، متى انسجم ذلك مع مصالح تراها ضرورية! رغم التوافق الدولي (خارج الدول الخمس) على أهمية إصلاح الأمم المتحدة، وعلى رأس الإصلاح إصلاح مجلس الأمن، حيث إن الوضع الراهن غير مقبول لدى الأغلبية الساحقة المكونة للأمم المتحدة، فإن الجمعية العامة تبقى هي فقط «مكلمة» شكلية لا أكثر، ومع تراكم الوثائق والدراسات والبحث عن حلول وسطى، فإن أعضاء مجلس الأمن الخمسة توافقوا ضمنا على أن لا يخرق أحدهم السفينة، وسيظل عمل المجتمع الدولي معطلا وعاجزا عن الحراك في قضايا تراها الشعوب في العالم الثالث حيوية وإنسانية ومفصلية. لقد اقتصر الحديث عن الإصلاح أو على الأقل انتحى إلى الغرف الخلفية منذ عشر سنوات، إلا أن موقف المملكة العربية السعودية قد دفعه اليوم إلى الصدارة من جديد. من المهم القول إن جهودا عربية ومنظمة وجب حشدها من أجل التعاون مع المتضررين من الأمر برمته في القارات الأخرى، إلا أن الحقيقة هي أن الجهد العربي اليوم ما زال باهتا وقليل الفعالية؟ آخر الكلام: إطلاق نظام بشار الأسد مجموعة من النساء والأطفال من المعتقلات، بسبب الصفقة التي جرت لإخراج اللبنانيين التسعة، يعني أن نظام الأسد لا يتورع عن حجز حرية النساء، وهن غير مقاتلات، متحولا من نظام إلى مجموعة إرهابية!! |
![]() |
![]() |
![]() |
#386 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() جنيف 2.. هل سينجح حقا؟ يدور حديث متشعب ومفعم بالشكوك حول مؤتمر جنيف 2 وما إذا كان سينجح. ويبذل الجباران الكبيران الأميركي والروسي جهودا محمومة لجعل عقده مسألة حتمية من دون أن يكون لدى أي منهما الثقة بأنه سينجح إذا ما جرى عقده. في نظر الجبارين، يبدو انعقاد مؤتمر جنيف 2 أمرا قائما بذاته وكأنه منفصل عن أي بيئة سياسية، أو سيتكفل بنقل المسألة السورية من طور الحرب إلى حتمية السلام، بعد أن بلغ احتجاز الوضع السوري حدا صار من الضروري معه القيام بإجراء دولي يساعد على الخروج منه، ما دام تدخل الخارج العسكري مستحيلا ووقف إطلاق النار بين المتصارعين غير ممكن. ثمة عقبتان تقفان أمام نجاح جنيف هما بكل اختصار: الخلافات الأميركية الروسية، وتناقضات مواقف النظام والمعارضة في سوريا. - لن يكون نجاح جنيف ممكنا من دون حد أدنى من تفاهم أميركا وروسيا على حل مقبول لديهما، يكون مقبولا في الوقت ذاته لدى أطراف الصراع السوري. بغير ذلك لن يكون هناك أي معنى لاتفاق السوريين، لأنه سيتعارض حكما مع مصالح أحد الجبارين وسيكون بالتالي مرفوضا منه. في ظل التنافر الأميركي الروسي، سيكون هناك بالضرورة مشكلات لا تقبل الحل بين طرفي المفاوضات السوريين، المتعارضي المواقف والمصالح بدورهما. والحقيقة أن نص جنيف نفسه ملتبس ويجعل الحل صعبا إن لم يكن مستحيلا، لأن مواقف الروس تتعارض معه، بسبب دعمهم غير المشروط لسياسات النظام المتعارضة مع تطبيقه: من وقف إطلاق النار، إلى سحب الجيش من المدن، إلى إطلاق سراح المعتقلين، إلى السماح بالتظاهر السلمي، إلى تشكيل جسم حكومي بصلاحيات كاملة يشرف على الجيش والأمن والقضاء، وأخيرا، إلى إقامة نظام ديمقراطي. يمارس النظام بدعم روسيا سياسات مضادة لما أقره الخمس الكبار في جنيف، فهل يعقل أن يوافق الروس على اتفاق يتعارض مع بقاء نظام ساندوه طيلة ثلاثة أعوام ونيف، ويضع حكم البلاد بين يدي معارضة يعتبرونها أصولية ومعادية لهم؟. بالمقابل، هل سيوافق الأميركيون على اتفاق لا يضمن مصالحهم الشديدة التعقيد والتشعب، لمجرد أن السوريين وافقوا عليه؟. أعتقد أن من السذاجة الإيمان بذلك. - لن يتفق الطرفان السوريان المتصارعان، ما لم يؤمن الطرف الحكومي أنه سيهزم، وينقطع بالتالي الدعم الروسي والإيراني اليومي له، وما لم ير أن من الأفضل له التخلي عن الحكم لصالح تسوية وطنية تنهي الوضع الشاذ المتمثل في تسلط أقلية سياسية وفئوية على الأغلبية الرافضة لسلطتها وحكمها. بالمقابل، ليست المعارضة السياسية والمسلحة موحدة إلى درجة تجعل الاتفاق مع الائتلاف ملزما لجميع أطرافها، حتى إن شاركت هيئة التنسيق والكرد في وفده وتطابقت وجهات نظرهما مع وجهات نظره. هناك اليوم لدى الطرفين المتصارعين قوى وتيارات سترفض بالتأكيد أي اتفاق يجري الوصول إليه بينهما، ستتمكن من مقاومته ومقاتلة من يعقده، لذلك يرجح أن يدخل نجاح مؤتمر جنيف سوريا في طور من الاقتتال يكون أقرب إلى حرب أهلية ستنشب في صفوف المعارضة والموالاة، بدل أن يدشن مرحلة من السلم الأهلي والأمن الوطني. هذه النقطة، فضلا عن اتفاق الجبارين بصفته شرطا لازما لنجاح جنيف، يجب أخذها بعين الاعتبار عند تقويم فرص نجاح جنيف 2 وما سيترتب عليه من نتائج وأوضاع. ولعله من المفيد التذكير بأن تدخلا دوليا مباشرا من نوع ما سيصبح عندئذ حتميا، لتهدئة الأوضاع وضمان تطبيق الاتفاق: المرفوض من أوساط وقوى كثيرة قادرة على تعطيله أو إحباطه. لم أناقش ما إذا كانت المعارضة ستنجح في تشكيل وفد موحد ولديه رأي موحد. وما إذا كان للنظام مصلحة في الذهاب إلى مؤتمر يعني تطبيق بنوده المتفق دوليا عليها نهايته المؤكدة. ولم أناقش أيضا إن كانت مناورات النظام التي وعد بها وليد المعلم ستضع حدا لانعقاده بعد ساعات أو أيام قليلة من انطلاقه، لأن مناورات المعلم ستكون ضرورية لتفادي النتائج الكارثية التي ستترتب على نجاح جنيف وإنقاذ نظام قرر أن الطريقة الوحيدة للبقاء في السلطة هي إبادة شعبه، لكنه سيجد نفسه في المؤتمر أمام مواجهة ممثلين له يطالبون بحقوق يعطيهم إياها جنيف، في التسليم بها نهايته الحتمية. أخيرا، لم أناقش أدوار التنظيمات الإرهابية التي شرعت تفتك بالجيش الحر والمنظمات المدنية والسياسية التي أنتجتها ثورة الحرية، الكافرة في نظرها. هل سينجح جنيف، إن حدث وانعقد حقا؟. أعتقد أنني عرضت بعض المصاعب التي تعترض انعقاده وقدمت ملامح أولية لجواب عن هذا السؤال الذي سيحيرنا قبل المؤتمر، مثلما ستحيرنا بعد فشله!. |
![]() |
![]() |
![]() |
#387 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() هل تنسف معركة القلمون مبررات «جنيف 2»؟ أي المواقف نصدق؟ وهل يمكن الرهان على العهود؟ خلال ساعات كرر الرئيس السوري بشار الأسد كلاما يوحي بأن لا جديد لديه على صعيد إنهاء معاناة الشعب السوري عبر قوله البليغ إنه لا يرى ما يمنع ترشحه مجددا للانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن «جنيف 2» يأتي لتطبيق مقررات «جنيف 1».. وهذا يعني سلطة انتقالية لها دور فاعل ولا مكان لرئيس فعل ما فعله الأسد بشعبه وبلده. في أي دولة في العالم، يستقيل الرئيس - التنفيذي - أحيانا إذا ما قصرت حكومته في التعامل مع كارثة طبيعية أو مع فضيحة أخلاقية لأحد أعضاء الحكومة.. والاستقالات كثيرة في تاريخ الديمقراطيات الأوروبية، ويذكر أنه في بريطانيا كاد هارولد ماكميلان يستقيل مع حكومته بسبب فضيحة وزير دفاع (جون بروفيومو) كان على علاقة مع فتاة هوى كانت في الوقت نفسه على علاقة بمسؤول أمني روسي. القصد أن الرئيس مسؤول - على الأقل - معنويا عما يصيب بلده، أو عن أخطاء وزرائه ومستشاريه، فكيف إذا كان هو من يصدر الأوامر لقصف المدن وإرسال «الشبيحة» لقتل المواطنين وتهجيرهم وتجويعهم وتدمير بيوتهم. لكننا هنا نصل إلى موضوع حساس لا يجوز التقليل من شأنه. هل بشار الأسد حقا في موقع المسؤولية؟ هل هو من يخطط وينسق وينفذ؟ هل هو من يدير المعارك.. وقبلها، يعرف لماذا تخاض؟ جون كيري، شخصيا وعلنا، قال بالأمس إن جيش الأسد ما كان ليصمد لولا دعم مقاتلي «حزب الله» والميليشيات العراقية الشيعية. والقاصي والداني يعرفان دور «الحرس الثوري» الإيراني في القتال الدائر في سوريا، بل إن السيد حسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله»، له تصريح شهير قال فيه - بفخر - إنه يعتز بكونه جنديا في جيش «الولي الفقيه».. مما يعني أنه ينفذ أوامر، وليس - بالتالي - صاحب الكلمة النهائية، في زج ألوف الشبان الشيعة اللبنانيين في معارك العمق السوري. تطورات الأيام الأخيرة تشير إلى معركة جديدة ذات أبعاد استراتيجية خطيرة موكلة إلى «حزب الله» والميليشيات العراقية عبر حدود لبنان الشرقية مع سوريا في منطقة القلمون.. أو سلسلة جبال لبنان الشرقية. الجهة التي تدير معركة نظام الأسد، ومعها استعراضاته الإعلامية، تخطط الآن لتشديد ضغطها على ثوار المعارضة السورية و«الجيش الحر» والقوى الإسلامية التي تدعمه عبر تكثيف الهجوم المستمر على ضواحي دمشق الجنوبية لقطع طرق اتصالها بمنطقة حوران (درعا)، وشن هجوم واسع في الزبداني والقلمون بغرب دمشق وشمال غربها لقطع أي اتصال للثوار مع لبنان. ووفق التقارير الأخيرة جهز «حزب الله» نحو 15 ألف مقاتل لهذه المعركة التي ستكون لها، إذا قيض له كسبها، تداعيات في غاية الخطورة على الجيوب السكانية السنية المحاصرة في شمال شرقي لبنان. النشاط الدبلوماسي - بما فيه «مؤتمر لندن» أمس، وجولة المفاوض الدولي الأخضر الإبراهيمي - يسير خطوة بخطوة مع تحضيرات نظام دمشق وأسياده لفرض واقع ميداني على الأرض. وكان الأسد قد شكك صراحة بالأمس في إمكانية انعقاد «جنيف 2».. وفي توصله إلى أي نتائج ملموسة إذا عقد! وهذا الوضع الضبابي لا يمكن أن يشجع أي جهة حريصة على نهاية حقيقية لمحنة الشعب السوري. إصرار واشنطن على القول بأنه لا حل عسكريا للأزمة.. تفسره طهران وموسكو وبكين ودمشق بأن واشنطن حريصة على «صفقة».. على غرار صفقة موضوع السلاح الكيماوي. وبناء عليه، تتحول الأزمة برمتها إلى مساومة على ثمن في «بازار»، وترضيات هنا وهناك على حساب مصير شعب وسيادة دولة ما عادت عمليا موجودة. في المقابل، مطلوب من المعارضة السورية - الفعلية الحقيقية - التي لا تتفق فيما بينها إلا على مطلب إنهاء النظام، أن تأتي إلى جنيف من دون شروط! لقد كررت قوى المعارضة منذ اندلعت الثورة الشعبية السلمية، في حينه، على أنها لا تريد أكثر من ذهاب الأسد وأعوانه المتورطين في القمع.. ولا تسعى مطلقا إلى تدمير بنية الدولة أو اجتثاث مؤسساتها. غير أن المجتمع الدولي، ممثلا بـ«أصدقاء» الأسد و«أصدقاء» سوريا المزعومين، تجاوز هذا الطلب وسمح للأسد ومحركيه وداعميه بتحويل النزاع إلى مجازر ضد المدنيين، ومن ثم أسس لنشوء بيئة حاضنة للقوى الجهادية والتكفيرية. هذه الجماعات التي غدت الآن «ذريعة» المجتمع الدولي للإحجام عن الحسم، لم يطل بها المقام حتى توترت علاقتها ببيئتها الحاضنة في أماكن عدة من شمال سوريا وشرقها. والواقع أنه لولا قمع النظام ولعبه بصورة مفضوحة بالورقة الطائفية المذهبية لكانت الجماعات المذكورة خسرت كثيرا من الدعم في مناطق كثيرة أخرى من البلاد، بما فيها دمشق. ميوعة الموقف الدولي، إذا استمرت، ستعطي طهران «الضوء الأخضر» لبدء معركة القلمون. ومن ثم، التعجيل بتنفيذ «سيناريو» الفرز الميداني الطائفي في لبنان، الذي هو الخاصرة الرخوة لسوريا، والسند الطائفي الرابط الجاهز لـ«سوريا الغربية» في حال سار مخطط التقسيم وفق رغبات بعض اللاعبين الإقليميين والدوليين. وإذا قسمت سوريا بالفعل، فلن تبقى هناك محظورات. لا لبنان بتوازنه الهش يستطيع أن «ينأى بنفسه» عن الواقع الجيو سياسي الجديد، ولا الأردن والعراق يمكن أن يتجاوزا التداعيات العقائدية والعصبية للفرز الطائفي. بل لا إسرائيل ولا تركيا ستتمكنان إلى ما لا نهاية من تحمل تبعات تغيير خارطة المنطقة وإهداء التشدد المذهبي زمام المبادرة. في هذه الفترة فإن الثقة بجدية المقاربات الدولية، وبالأخص المقاربة الأميركية، متواضعة جدا في أوساط السوريين أولا، وعلى مستوى العالم العربي ثانيا. وإذا كان للدبلوماسية العربية اللباقة الكافية لتحاشي تسمية الحقائق بأسمائها، سيكون من الحكمة تحاشي المجتمع الدولي مواصلة الهروب إلى الأمام. إسرائيل مرتاحة للاستقطاب التناحري السني الشيعي، وروسيا سعيدة بـ«مستنقع» المتشددين القوقازيين وإحراج أنقرة، وطهران مستفيدة من عرض عضلاتها وتقديمها أوراق اعتمادها إلى واشنطن بوصفها جزءا ضامنا للحل و«حليفا» موثوقا ومسؤولا إقليميا. أما المجتمع الدولي.. فيبدو منشغلا بمن سيفوز بـ«نوبل السلام» في العام المقبل! |
![]() |
![]() |
![]() |
#388 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() اعتراف خطير! كشفت مصادر أميركية، قريبة من مطابخ صنع القرار وعارفة بما يجري فيه، وقائع مذهلة تتصل بتصرفات الرئيس أوباما خلال التعاطي مع مأساة سوريا، وبموقف كبير مستشاريه ومدير البيت الأبيض التنفيذي من السياسات التي يجب اتباعها فيها. فالرئيس أوباما، الذي بدأ عهده بخطب بليغة عن حقوق البشر والمصالحة بين أميركا والعالم الإسلامي، يتابع خلال الاجتماعات الخاصة بسوريا ما هو مكتوب على «آيباده»، ويتلهى بالرسائل التي تصله على حسابه الشخصي في الـ«فيس بوك»، متجاهلا ما يقال حول سوريا، ناهيك عن المشاركة في رسم مواقف إدارته حيال كارثة سوريا الكبرى. هذا الموقف الذي يتخذه الرئيس الأميركي من مأساة إنسانية مرعبة نجد تفسيره في ما قاله نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق ومدير البيت الأبيض التنفيذي الحالي، وملخصه أن الصراع في سوريا يجب أن يستمر، بما أن الولايات المتحدة نجحت في جر إيران وتابعها حزب الله إليه، ومن المبكر إيقاف ما يلحقه بها وبأتباعها وعملائها اللبنانيين من خسائر، ويتيحه لواشنطن من آفاق تتصل بتوسيع وتعميق الورطة الإيرانية - الروسية، من دون نسيان واقعة مهمة هي أنه لم يكلف أميركا وإسرائيل قرشا واحدا، ولم يتسبب حتى الآن في مقتل أو إزعاج جندي واحد من جيشيهما، رغم أنه يحقق لهما كل ما يريدانه استراتيجيا في المنطقة العربية، ويضع مفاتيح مستقبلها في أيديهما. ربما كان من حسنات الأميركيين أنهم لا يخفون شيئا من أفكارهم ومشاعرهم حيال الأشخاص والأحداث، ويتعاملون مع غيرهم بقدر من الاستهتار يقارب الازدراء، ويعترفون بين حين وآخر، ومن دون أي مواربة، بما يفعلونه أو يخططون له. ومع أنهم يحاولون دوما منع الآخرين من رؤية حقائق سياساتهم ووقائعها في قضايا ومسائل معينة، فإنهم يبادرون إلى الإفصاح عن بعض خفاياها بمجرد أن يشعروا بوجود ضرورة لذلك. من المعروف أن أميركا حاولت في بداية الثورة الظهور بمظهر من يستميت دفاعا عن حقوق الشعب السوري ومصالحه، لكن إعلاناتها الأخيرة تقول بوضوح إن ما أدلت به من تفوهات ضد النظام كان مجرد ألفاظ وكلمات، وأن غرضها كان تقطيع الوقت والضحك على ذقون السوريين حيثما وجدوا، وإيهامهم بأنها تريد إسقاط الأسد وتحقيق الديمقراطية في بلادهم، بينما هي لا تريد ولا تفكر في شيء من ذلك، وتحصر جهدها في إدارة صراعهم مع الأسدية باعتباره أزمة وحسب عليها استدراج خصومها إليها، لتصفي حساباتها معهم بدماء السوريين. هذه الحقيقة كانت معروفة لكل مراقب نزيه منذ بدء الثورة. وقد عبرت مرات كثيرة عنها في ما كتبت، وقلت إن أميركا تنتهج سياسة تجعلها الرابح الوحيد من الصراع المحتدم داخل سوريا وخارجها، وإن وقائع سياستها تؤكد رغبتها في إدامة هذا الصراع وتوريط خصومها فيه والتحكم في مواقفهم: من روسيا إلى إيران فالعالم العربي والدول الإقليمية المختلفة. واليوم، يقول مسؤول أميركي رفيع جدا إن بلاده مسؤولة عن استمرار المأساة، التي لو أرادت لوضعت حدا لها من دون أن يتمكن أحد من مقاومتها، والدليل: مسارعة الروس إلى الانزواء جانيا وإعلانهم أنهم لن يخوضوا الحرب من أجل الأسد ونظامه، بمجرد أن وصلت بعض القطع البحرية الأميركية إلى شرق المتوسط خلال أزمة الكيماوي، ومسارعة نظام دمشق إلى تسليم سلاحه إلى إسرائيل، بعد ساعات من مطالبة رئيسها شيمعون بيريس بذلك. أما الدليل الآخر فهو رفض واشنطن طلبات قدمناها لها بعرض غزو حزب الله لسوريا على مجلس الأمن، حتى عندما ذكرناها بأنها اعتبرت حزب الله منظمة إرهابية، منذ عام 1995! يعترف مستشار أوباما بأن لأميركا مصلحة استراتيجية في استمرار الصراع على سوريا وفيها، مكذبا بذلك الترهات السخيفة التي تحدثت عن انسحاب أميركا من الشرق الأوسط، وتراجع دورها فيه وتركه للروس والإيرانيين، ومبينا أن كل ما فعلته إدارته كان بتخطيط وتدبير، وأنه لم يستنفد أغراضه بعد، ومن الخطأ العمل على إنهائه قبل أن تصل الأمور إلى ما تبتغيه من أهداف بخصوص إيران وروسيا وحزب الله والمالكي وربما بلدان أخرى. أين يمكن أن نضع هذه الاعترافات من «جنيف» ومسعى انعقاده؟ هل تتسلى أميركا به كما تسلت بالسوريين، بينما كانت تصارع خصومها بأبرد دم عرفه البشر على أرضهم؟ وهل هي جادة حقا في الوصول إلى حل سياسي يرضيهم وينهي مأساتهم؟ وإذا كانت جادة فلماذا تضيع وقتها ووقتنا في «جنيف»، مع أنها تستطيع فرض حل خلال ساعات، من دون أن تدخل في مماحكات مع الروس والإيرانيين، ومفاوضات مع مجرم يرفض السلام جملة وتفصيلا؟ أخيرا، هل سيكون «جنيف» مناسبة لإدامة صراع يستنزف الجميع، عدا أميركا وإسرائيل، يضمر فرصا جدية لكبح ثورة تطالب بنظام ديمقراطي ممنوع إسرائيليا، ولمزيد من تدمير دولة ومجتمع سوريا، التي تقول دلائل كثيرة إن واشنطن لا تخشى بقاء الأصولية فيها، لأن من شأن ذلك دفع الصراعات المتشعبة والعاتية عليها إلى حدود الجنون؟! |
![]() |
![]() |
![]() |
#389 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() المشروع السياسي وراء «جنيف 2» يجب ألا تتغيبوا عن «جنيف 2»، لأننا سنناقش فيه مسائل الحكم والجيش والأمن في سوريا الانتقالية. هذه نصيحة رئيس الدائرة السياسية في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان للمعارضة السورية التي أصبحت تحت ضغوط شديدة بعدم المشاركة. بعكس ذلك، يقول فيلتمان، وهو من أكثر السياسيين دراية بالتفاصيل السورية، إن أهمية المؤتمر المقبل أنه سيقرر شكل سوريا الجديدة؛ فيه ستناقش الصلاحيات التنفيذية الكاملة للهيئة الحاكمة الانتقالية في سوريا، والتي على مؤتمر «جنيف 2» أن يؤسسها، مثل: لمن ستكون السلطة على الجيش والقوى الأمنية. المؤتمر هدفه إطلاق عملية سياسية بقيادة سوريا «ليس لإدارة الوضع القائم، بل للوصول إلى سوريا جديدة»، كما قال فيلتمان للزميلة «الحياة». بالنسبة لرئاسة الائتلاف ومعظم الأعضاء يدركون أن الغياب سيمكن فقط النظام السوري من كسب المعركة السياسية، وسيكون من الصعب لاحقا تصحيح الهياكل التي يتم الاتفاق عليها. وهذه القيادات السورية المعارضة تواجه حملة شديدة من أطراف في المعارضة تتعمد إحراجها واتهامها حتى لا تشارك، نتيجة التنافس السياسي بينها داخل المعارضة، وليس فعلا عن قناعة بأن المؤتمر عملية مرفوضة. وقد استخدموا لهذا الغرض أسلحة التخوين الكلامية التي شاعت أخيرا، وبعضهم لجأ إلى التشكيك بحقهم في المشاركة دون تفويض! وهناك فريق غاضب ويائس لا يريد المشاركة في أي عملية سياسية لكنه في الوقت نفسه لا يطرح البديل الذي هو قادر على إنتاجه. في مؤتمر لندن سعت المعارضة إلى إلزام الأطراف الرئيسية بوضع حد زمني من ثلاثة أشهر لمثل هذه العملية السياسية حتى لا يحولها الخصوم، مثل الروس، إلى لعبة وقت لا تنتهي، لكن الطرف الأميركي لم يكن راغبا في تقييد نفسه بزمن محدد. حتى مع هذا الإخفاق تستطيع المعارضة الانسحاب متى ما اعتقدت أن الوقت طال بلا طائل، أو أنها رأت أن مسار المفاوضات لاحقا لا يصب في مصلحة الشعب السوري وتوقعاته. وإذا كانت المعارضة لم تحصل على ضمانات قبل الجلوس على الطاولة فإنها قد كسبت أن المؤتمرين قد أقروا بأحقية الائتلاف في تمثيل المعارضة، بوصفه من يمثل «أساس وقلب» المعارضة، وقطعوا بذلك الطريق على دكاكين المعارضة الوهمية التي اخترعها النظام السوري وسعى الإيرانيون للترويج لها. لكن لن يكون الطريق سهلا، خاصة أن النية في إعادة تركيبة ائتلاف المعارضة بإدخال جماعات معارضة مسلحة لتعزيز وضعه كممثل لكل القوى على الأرض. وما يقوله فيلتمان صحيح من حيث ضرورة المشاركة وعدم ترك هذه المناسبة التي تجتمع فيها قوى العالم الكبرى لإقرار مصير سوريا وهم بعيدون عنها، لكن أيضا على المعارضة أن تدفع القوى الموالية لها، مثل الدول الخليجية، برفع الدعم العسكري حتى لا تمر الأشهر المقبلة بانتصارات لجيش الأسد تعزز وضعه التفاوضي. الوضع على الأرض سيلعب دورا مهما خلال فترة المفاوضات، وما قاله الرئيس بشار الأسد من أنه سيرشح نفسه للانتخابات يعني أنه ينوي مضاعفة نشاطه القتالي، وهو الذي لاحظناه لاحقا. |
![]() |
![]() |
![]() |
#390 |
أبو بنان
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 19,225
|
![]() أصدقاء سوريا في المربع الأول! على الرغم من انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا في لندن، إلا أن الواضح هو أننا ما زلنا في المربع الأول، على المستوى الدولي، حيث لا يزال الحديث حول ضرورة توحيد المعارضة، ولا يزال الأسد يؤكد أنه سيترشح في الانتخابات القادمة، كما لا يزال الجدال مستمرا حول جدوى حضور إيران لمؤتمر «جنيف 2» من عدمه. كل ذلك يعني أن الإشكالية تجاه التعامل مع الأزمة السورية ما زالت نفسها، والتي تتلخص في غياب الرؤيا والقيادة الدولية، فما تعانيه المعارضة اليوم هو نفس ما كانت تعانيه منذ اندلاع الثورة، حيث لا دعم دوليا حقيقيا على مستوى التسليح، وانعدام التعامل الجاد مع جرائم الأسد، وآخرها مجزرة الكيماوي، التي لم ينتج عنها أي عقوبات دولية حقيقية، بحق الأسد، سواء عبر مجلس الأمن، أو من خلال المجتمع الدولي، وبعد كل ذلك تتم مطالبة المعارضة بالحضور إلى «جنيف2» ودون ضمان رحيل الأسد، وهو ما يعرض المعارضة للانهيار ككل، حيث ستفقد مصداقيتها إن فعلت ذلك، وستبدو وكأنها شريكة للأسد! وبالنسبة للنقاش حول جدوى حضور إيران لمؤتمر «جنيف2» من عدمه فإنه أمر محير فعلا، فبدلا من أن يطلب من إيران، على الأقل، سحب ميليشيات حزب الله من الأراضي السورية، ووقف قتالها دفاعا عن الأسد، يتم الحديث عن دعوة إيران لـ«جنيف2»، وهو ما يعني منح طهران صلاحيات، ونفوذ، في سوريا لا تستحقه، وليس هناك ما يبرره، والمنطق السياسي الاستراتيجي، والذي يخدم الجميع، يقول إنه من مصلحة المنطقة وأمنها سقوط نظام الأسد لقطع يد إيران بالمنطقة، وليس تسليمها سوريا بعد أن تم تسليمها العراق، خصوصا وأن إيران جزء من الأزمة في سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن، وحتى البحرين، فكيف تدعى إلى المؤتمر الدولي الخاص بسوريا؟ هل لتقوم طهران بتتويج تدخلاتها غير الشرعية هناك من خلال الفوز بحصة من الكعكة السورية، هذا إذا بقي في سوريا كعكة أصلا؟ ولذا فإن كل ذلك يقول إننا لازلنا في المربع الأول سياسيا على المستوى الدولي، لأن هناك أزمة قيادة بالمجتمع الدولي، وهناك الرئيس الأميركي الذي لا يريد فعل شيء مؤثر، مما يعوق كل الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا، لفعل شيء ملموس، وإلى اليوم فإنه لا أحد يطلب من المجتمع الدولي إرسال جيوش وطائرات، بل لا يزال المطلب الرئيس هو ضرورة تزويد المعارضة السورية، وتحديدا الجيش الحر، بالسلاح النوعي ليس لدحر الأسد وحسب، بل ولكسر شوكة المتطرفين في سوريا أيضا، والذين سيكونون هم والأسد المستفيدين الوحيدين من التقاعس الدولي. والقصة ليست كما يقول وزير الخارجية البريطاني بأنه يخشى أن ينتهي الحال بالسوريين للاختيار بين الأسد أو المتطرفين، بل إنها أسوأ، حيث بات الخيار اليوم أمام السوريين، والمجتمع الدولي، هو خيار الكيان السوري أو اللا كيان، والسبب بالطبع هو التقاعس الدولي الذي لا يزال في المربع الأول للأسف. |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
|
|