اعلان المجموعة السعودية لايتوافق مع مبدأ الشفافية

[المسبار]

منقول من جريدة الرياض عدد الخميس 15/1/1426




مطلوب من «الهيئة» تدعيم الثقة والحفاظ على أموال المساهمين
إعلان «المجموعة السعودية» عن زيادة رأس مالها لا يتوافق مع مبدأ الشفافية ويؤثر على المصداقية




سلطان بن محمد الدويخ
لا تزال هيئة السوق المالية تواجه العديد من المشاكل في إشرافها على السوق المالية، فبالرغم من استبشار صغار المستثمرين والمحللين الماليين لإنشاء الهيئة والدعم الذي وجدته من قبل المسؤولين لممارسة مهامها، إلا أن الأيام التي مرت من عمر الهيئة أثبت ان الهيئة تواجه العديد من المشاكل مما يتوجب الإسراع في حلها.

فقد واجهت الهيئة العديد من الظروف التي تعيق ممارسة مهامها وعجزت عن اعطاء الثقة للمتعاملين في السوق، فمن حادثة تثبيت نسبة حركة سهم الكهرباء التي لم تظهر نتائج التحقيق فيها إلى الآن ويعلم الله وحده إن كانت ستظهر، إلى إعلان شركة سابك بتاريخ 15/1/2005م بخسارتها للدعوى في أمريكا والحكم عليها بدفع مبلغ 1563 مليون ريال، ومن ثم الإعلان الإلحالقي بتاريخ 19/1/2005م بأن الشركة حققت أرباحاً 14274 مليون ريال وذلك بعد اقتطاع المبلغ المحكوم به ضد الشركة... ليأتي بعد ذلك موافقة الهيئة على طلب شركة الاتصالات السعودية على إيقاف تداول سهم الشركة ليوم كامل لأن هناك اجتماعاً لمجلس الإدارة، على الرغم من أن السوق خلق عرفاً وتقليداً بعدم ايقاف أي سهم قبل اجتماع لمجلس إدارة أي شركة إلا إذا كان هناك زيادة لرأس مال الشركة: أما مسألة توزيع الأرباح فإنه لا يتم إيقاف تداول السهم قبل اجتماع مجلس الإدارة.

وأخيراً وليس آخراً، نشر إعلان شركة المجموعة السعودية بتاريخ 2/1/2005م بأن الشركة حققت أرباحاً قدرها 550 مليون ريال.

وأوضح بيان الشركة «انه بالرغم من تحقيق أرباح تعادل 22 ريالاً للسهم، إلا أن مجلس الإدارة وبعد الاطلاع على الخطط المستقبلية للشركة، رأى أهمية الاحتفاظ بسيولة عالية للصرف على مشاريع الشركة القادمة في المراحل الأولى للتنفيذ.. قبل البدء في التمويل الخارجي لتلك المشاريع».

وهذا الإعلان الذي يزعم أنه يتلاءم ومبدأ الشفافية التي يؤكد عليها نظام السوق المالية ولوائحه يفهم منه ما يلي:

٭ ان مجلس الإدارة على علم بتحقيق 550 مليون ريال أرباح.

٭ ان مجلس الإدارة على علم بأن العائد على السهم 22 ريالاً.

٭ ان مجلس الإدارة قرر توزيع 4 ريالات فقط.

٭ ان مجلس الإدارة على علم بالخطط المستقبلية للشركة.

٭ ان مجلس الإدارة يقرر أهمية الاحتفاظ بهذه السيولة.. لماذا؟ وذلك للصرف منها على مشاريع الشركة القادمة في المراحل الأولى للتنفيذ.

وماذا بعد المراحل الأولى؟ هل سيتم رفع رأس المال، لا لأن المبلغ الذي تم توفيره تم صرفه على المشاريع، إذاً ما العمل؟ العمل هو البدء في التمويل الخارجي لتلك المشاريع (الاقتراض).

ويتضح من هذا أن مجلس الإدارة على الرغم من كل ما كان يعلمه بما في ذلك مقدار الأرباح، والخطط المستقبلية، الصرف على المشاريع، إلا أنه استبعد رسملة فائض الأرباح.

وقد يقول قائل ان مجلس إدارة المجموعة السعودية كان يقصد رسملة الفائض من الأرباح في الإعلان عندما قال «رأى أهمية الاحتفاظ بسيولة عالية للصرف على مشاريع الشركة القادمة» فنقول ان هذه لا تعبر مباشرة عن رسملة، وبالتالي تخلق أكثر من معنى لدى الشركاء (حملة الأسهم من المواطنين) وتتنافى ومبدأ الشفافية التي حرص نظام السوق المالية عليها، وأكدتها أحكام اللوائح التنفيذية، وتم تعيين هيئة للسوق لتشرف وتراقب هذه السوق وفق المبادئ الأساسية والمعروفة لأي سوق مالية.. وقد أثر هذا الإعلان على القيمة السوقية للسهم فبعد أن كان يتراوح بين (503 - 515) ريالاً، انخفضت قيمة السهم عند أول تداول إلى 470 ريالاً ثم إلى (461) ريالاً إلى أن لامس الـ (406) ريالات.. مما أدى بالكثير (حملة الأسهم) إلى بيع أسهمهم بخسائر حيث ان هذه القيمة لا تتلاءم مع الربح الموزع الـ 4 ريالات، وإذا كانت الشركة لها مستقبل في هذا القطاع فلن يكون قبل (6) أشهر، وبالتالي نقل استثماراتهم إلى شركات أخرى والعودة بعد ذلك لشراء أسهم المجموعة السعودية.

ولكن، لم يحل يوم السبت بتاريخ 12/2/2005م حتى نزل إعلان الشركة على موقع تداول المتضمن أصدر مجلس إدارة المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي بياناً، أوضح فيه ان المجلس قد قرر التوصية للجمعية العمومية، والمقرر انعقادها في 3/3/1426هـ الموافق 12/4/2005م ما يلي: توزيع أرباح بواقع 4 ريالات للسهم ومنح سهم مجاني لكل سهمين، وذلك بعد الحصول على موافقة الجهات الرسمية.

وقد ترتب على ذلك ارتداد السهم ارتفاعاً بالنسبة في أول ثوان إعادة التداول على السهم (46 ريالاً)، ثم اليوم الذي يليه لا زال السهم يحقق ارتفاعاً وصل به إلى (539) ريالاً.. وبالتالي ما حال من باع بعد إعلان الشركة الأول، ومن اشترى أسهم المجموعة خلال هذه الفترة.. خاصة وأن سهم إحدى الشركات التي تملك في أسهم المجموعة ارتفع خلال تداول يوم الخميس (فترة تداول واحدة) وفترة التداول الأولى ليوم السبت 76 ريالاً.

إن من باع أسهمه من الشركاء بعد الإعلان الأول، إنما وقع ضحية معلومات غير صحيحة صادرة عن مجلس إدارة الشركة - حسب ما يتضح فيما بعد -، خاصة وان الإعلان كان على موقع تداول الرسمي الذي يحظى بمراقبة هيئة السوق المالية.

والمصيبة أن ينزل الإعلان الثاني تلقائياً دون أن تمارس الهيئة شيئاً من اختصاصاتها بمساءلة مجلس إدارة الشركة عن هذه المعلومة المغيبة (زيادة رأس المال).. كان يجب على الهيئة مساءلة مجلس الإدارة، والتأكد من المحافظ التي جمعت في أسهم المجموعة خلال الفترة الواقعة بين الإعلانين.. وهذا ليس تشكيكاً في تلك المحافظ جميعها ولكن من أهم واجبات الهيئة هو التأكد من عدم استغلال المعلومات والبيانات الداخلية.

من ناحية أخرى، لعل من أهم ما تضمنته لائحة سلوكيات السوق الصادرة بقرار مجلس الهيئة ما يلي:

المادة العاشرة: المسؤولية عن البيانات غير الصحيحة:

لأغراض تطبيق المادة السادسة والخمسين من النظام وأحكام هذا الباب:

أ) يكون الشخص مسؤولاً عن الأضرار التي يتعرض لها مدعي الضرر إذا قام ذلك الشخص بتقديم بيان غير صحيح بشأن واقعة جوهرية، وتم تقديم ذلك البيان:

1- لغرض تحقيق ربح أو منفعة تجارية.

2- وبشأن شراء ورقة مالية أو بيعها.

ب) يجب على مدعي الضرر بموجب الفقرة (أ) من هذه المادة أن يثبت:

1- أنه لم يكن يعلم أن البيان كان غير صحيح.

2- وأنه ما كان ليشتري أو يبيع الورقة المالية المعنية، لو علم بعدم صحة البيان، أو أنه ما كان ليشتريها أو يبيعها بالسعر الذي تم به البيع أو الشراء.

3- وأن الشخص الذي صرح بالبيان غير الصحيح كان يعلم، أو كان على دراية بأن هناك احتمالاً كبيراً، بأن البيان كان غير صحيح بشأن واقعة جوهرية.

ج) يكون الشخص مسؤولاً عن الأضرار التي يتعرض لها مدعي الضرر إذا كان ذلك الشخص ملزماً بالتصريح ببيان بمقتضى النظام أو اللوائح التنفيذية، أو قواعد السوق أو مركز الإيداع، واغفل التصريح بذلك البيان شريطة أن:

1- تتعلق دعوى الضرر بشراء ورقة مالية أو بيعها.

2- وأن ما تم اغفاله يتعلق بواقعة جوهرية.

د) يجب على مدعي الضرر بموجب الفقرة (ج) من هذه المادة أن يثبت:

1- أنه لم يكن على علم باغفال البيان.

2- وأنه ما كان ليشتري أو يبيع الورقة المالية المعنية، لو علم مسبقاً باغفال التصريح بالبيان، أو انه ما كان ليشتريها أو يبيعها بالسعر الذي تم به البيع أو الشراء.

وبالتالي أليس مجلس الإدارة ملزماً بالتصريح وقدم في إعلانه الأول بياناً غير صحيح حين اغفل معلومة جوهرية تتعلق بزيادة رأس مال الشركة. عند مقارنة الإعلان الأول بالإعلان الثاني يتضح عدم تطابق المعلومات التي أصدرها مجلس إدارة الشركة وبالتالي عدم المصداقية والشفافية تجاه الشركاء (حملة أسهم الشركة)، حيث إن المجلس كان يعلم، أو كان على دراية بأن هناك احتمالاً كبيراً بأن البيان كان غير صحيح بشأن اغفال زيادة رأس مال الشركة. وكان على مجلس الإدارة أن يضع تحفظاً في الإعلان الأول ينبه فيه إلى أن المجلس يدرس زيادة رأس مال الشركة ولم يتخذ قراراً بذلك وهذا فيه افصاح يتلاءم ومتطلبات النظام (انظر نص الفقرة «ب/3» من المادة العاشرة أعلاه). وفي ضوء هذه الوقائع أليس من واجب الهيئة ممارسة مهامها ومساءلة مجلس الإدارة. كما أن من حق المتضررين المطالبة بالتعويض إذا كان لذلك مقتضى خاصة وأنهم بناء على هذا البيان غير الصحيح باعوا ما يملكون من أسهم.

أليس من واجبات الهيئة هو تطوير السوق المالية وحماية أموال المستثمرين، وبالتالي تدعيم الثقة في السوق المالية. وفي الختام، المتعامل بالأوراق المالية يتخذ قراراته بناء على عوامل المخاطرة على هذا السهم أو ذاك ويتقبل الربح والخسارة على هذا الأساس، لكن أن يخسر المساهم بناء على بيانات غير صحيحة صادرة من ملزم بالتصريح بالبيان الصحيح وتحت إشراف جهة رسمية مفوضة بذلك، فهذا لا يعد من التوقعات المعتادة في السوق المالية وانما تصبح أمام عدم مصداقية وفقدان للثقة.

[k6x6]

حلو جدا ولكن هل يستفيدون