امتصاص سيولة الاسواق ليست وظيفة هيئة سوق المال
قال ماهر صالح جمال (محلل مالي): لا شك ان الاسواق المالية بالعالم اجمع تمر بأزمة من اسوء الازمات التي لا تتكرر الا كل عقد او عقدين وهي ازمات مالية معتادة باسواق المال لكن تختلف شدتها وعنفها بقدر الاقتصاد وحجم القطاع وانفتاح الاقتصاد الذي تحدث فيه وكون الازمة مرتبطة باهم مجالي استثمار (العقاري، والمالي) في اكبر اقتصاد في العالم ولدرجة اعلان افلاسات وانهيارات في الشركات، يتوقع ان تكون لها آثار قاسية وذات اثر طويل نسبيا على الرغم من كل ما يحدث من محاولات لدعم هذه الاسواق. واوضح جمال بان ما يحدث في سوق الاسهم هو انعكاس لما يلي: توقع المستثمرين لنتائج ارباح ومعدلات نمو الشركات في المستقبل. ونفسيات المستثمرين بالسوق المحلي والهبوط وتراجع قيم التداولات تعطي مرآة لنفسيات المتداولين. وترجمة لمدى جاذبية السوق مع الاسواق الاقليمية والاسواق العالمية. وترجمة لمعدلات المخاطر بالسوق. وبين جمال ان السوق يتحرك باتجاهات هبوط قوية وذلك للاسباب التالية: القلق العالمي من انهيارات القطاع المالي الامريكي. وتراجع اسعار النفط والبتروكيماويات وكثير من السلع مما يدل على ان هناك تصحيحات سعرية بهذه السلع سوف تؤدي الى ذبذبات عالية في اسواق السلع مما يحدث موجات تأثير ذبذبة عالية باسواق الاسهم لان الشركات المدرجة بالاسواق المالية تتأثر باسواق السلع والعملات. ودخول اكبر اقتصاد في العالم في ركود ربما سيؤثر على معدلات النمو العالمي بدرجة تؤثر على معدلات الطلب على السلع والخدمات وبالتالي ضعف الطلب على بعض المنتجات المصدرة من اسواق المنطقة. وعدم تناغم الخطط الداخلية وعدم وضوح الرؤية في من يدير الاقتصاد بالمملكة. وكثافة الادراجات وللاسف كثير منها ادراجات ضارة بالسوق 90% من شركات التأمين قيد التأسيس وتتعرض لخسائر متراكمة كل ربع، شركات اخرى عملاقة لكنها في مراحل التاسيس وكذلك هي تحقق خسائر تأسيس ولو عملنا احصائية للشركات التي تم ادراجها خلال الثلاث سنوات الماضية ربما نجد مالا يقل عن 75% منها يحقق خسائر، وهذا حدث في اسواق اخرى وهي حمى الاكتتابات الاولية. وعدم استقرار بيئة السوق فكل شهرين يتم تعديل في السوق بدءا بتجزئة الاسهم 1 الى 5 وتارة تغيير النظام الآلي والاعلان انه سيكون اكثر قدرة على ضبط التلاعب ثم اعادة هيكلة القطاعات ثم تغيير طريقة احتساب المؤشر وتارة الاعلان عن مالكي 5% فأكثر وتارة تغيير وحدة التغير، صحيح ان هذه تحسينات للسوق لكن من الافضل ان تكون ضمن خطة بحيث يتم التطبيق لحزمة من التعديلات بدلا من الضغط على السوق مع كل تعديل ثم الاعلان فجأة عن اتفاقيات تداول الاجانب عبر اتفاقيات المبادلة. ومعدلات التضخم المرتفعة وما يقابلها من ضعف في قيمة الريال لارتباطه بالدولار والتوقعات بمزيد من الضعف للدولار لتوقع تخفيض نسب الفائدة على الدولار لمحاولات انعاش الاقتصاد الامريكي. وأكد جمال على ان اسواق المال دائما ما تكون ذات مخاطر عالية بسبب حساسيتها للمتغيرات المحيطة بها وتكمن مخاطرها في سرعة الاستجابة لاي تغير ولكي نتجنب الانهيارات فإن من المهم تحقيق ما يلي: سرعة استجابة الجهات المعنية بالسوق وما يحيط به ورفع الشفافية ومن ذلك مثلا في الاعوام 2004 و2005 كانت ترتفع القروض الشخصية التي يتم ضخها في سوق الاسهم فلم تتحرك مؤسسة النقد بتقييد الاقراض الى متأخرا بعد حدوث تضخم كبير في السوق مما تسبب في الانهيار، كذلك الازمة المالية الحالية وجب على البنوك والشركات الاعلان عن مستوى تعرضهم لافلاس ليمان برذر وكذلك بعض تبعات ازمة الرهن العقاري، لكن الحاصل هو ترك السوق للتكهنات والتوقعات وعدم وضوح الاتجاه مما يتسبب في ما نراه على شكل استنزاف متوال، وهذا ما يفسر تراجع اسواقنا بمعدلات اكبر من تراجع اسواق الولايات المتحدة الامريكية نفسها التي ظهرت فيها المشكلة والتي حدثت فيها الافلاسات. كما يجب الزام الشركات بتقارير للافصاح عن اوضاعها المستقبلية والانضباط في مواعيد الافصاح. نمو ارباح الشركات ونمو التوزيعات نظرا لان السوق مهيأ الى معدلات نمو جيدة عندما تستقر معدلات نمو الشركات المدرجة وتظل توقعات النمو مستمرة، كذلك من المهم ان نشير الى ان نسب الارباح الموزعة ونمو هذه التوزيعات يحافظ على اسعار الاسهم وبالتالي يحمي الاسواق من الهبوط الكبير. واعتبر جمال ان ضبط السوق يعني تطبيق الانظمة المقررة بشكل واضح وصريح وحازم مع كل المستثمرين وبكل شفافية اما ما يحدث فهو مخالفات كثيرة ويعلن عنها احيانا ولا يعلن عنها احيانا اخرى، ويتم التعامل مع السوق والمستثمرين بطريقة صعق السوق بتعديلات جديدة لوائح السوق او ادراجات جديدة وهذا لا يخلق بيئة استثمارية مستقرة. واشار جمال الى ان امتصاص سيولة الاسواق ليست وظيفة هيئة سوق المال بل ان هذا له تحركات ضمن السياسات المالية والنقدية وليس عبر ادراج الشركات بالسوق لامتصاص السيولة، صحيح ان ارتفاع معدلات السيولة تهيئ لادراجات جديدة لكن لا تكون هذه الادراجات هدفها امتصاص السيولة. ان ايجاد بيئة اقتصادية منتجة فعالة جاذبة لجميع المستثمرين والمنتجين باسواق الاستثمار والصناعة والتجارة هو ما يخلق الفرص الاكبر لنمو جميع القطاعات
|