مشاركة: مفهوم التخصيص !!!
القضايا الأساسية التي يجب معالجتها خلال عمليات التخصيص
أ - الإطار التنظيمي للقطاعات المخصصة
يعتبر وضع الإطار التنظيمي للقطاعات المخصصة من أهم عناصر عمليات التخصيص على الإطلاق ، وخاصة في القطاعات التي تتمتع فيها منشأة واحدة بحقوق امتياز تحتكر بموجبها السوق، أو أنها تسيطر على جزء كبير منه . وتعتبر منشآت التجهيزات الأساسية من أهم المنشآت التي تحتاج للتنظيم .
وتتلخص الأهداف التي تنشأ من أجلها الأطر التنظيمية فيما يلي :
* حماية المستهلكين من احتمال قيام مقدمي الخدمات (المنشآت) ذات الامتيازات الاحتكارية باستغلال الوضع الاحتكاري ، وبالتالي رفع الأسعار أو قلة توفير الخدمة المقدمة أو تدني جودتها.
* حماية المستثمرين بحيث يكون تدخل الحكومة في النشاط ضمن ماهو متفق عليه ولا يكبد المستثمرين أعباء إضافية تؤثر سلباً على عوائدهم ، خصوصاً وأن المستثمرين يوظفون أحياناً استثمارات كبيرة قد تستغرق سنوات طويلة للبدء في الحصول على عائد .
* تشجيع الكفاءة الإنتاجية وتطوير المنافسة بين شركات القطاع المختلفة .
تقوم هيئات التنظيم في العادة بمنح التراخيص لمقدمي الخدمات والتنسيق بينهم والعمل على مراقبة التنفيذ بناء على التراخيص الممنوحة .
هيئات التنظيـم
إن إنشاء هيئات التنظيم يعتبر جزءاً لا يتجزأ من عملية التخصيص ، خاصة في قطاع الخدمات العامة ، وهناك ثلاثة نماذج لهذه الهيئات :
* هيئة تنظيم منفصلة لكل خدمة من خدمات القطاع الواحد مثل : (إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم خدمة الاتصالات وهيئة أخرى مستقلة لتنظيم البريد ... الخ ) .
* هيئة تنظيم واحدة لكل قطاع ، ويعني ذلك إنشاء هيئة تنظيم واحدة لقطاع الطاقة (كهرباء ، غاز) ، وأخرى للنقل (السكك الحديدية ، الطيران ، الطرق البرية ، الملاحة البحرية) .
* هيئة تنظيم لمجموعة من القطاعات كالطاقة والاتصالات والنقل .
ويتم اختيار النموذج المناسب بناء على دراسة متأنية وشاملة لأهداف وإيجابيات وسلبيات كل نموذج ومدى ملاءمته للمملكة ، وتوصي لجنة التخصيص في المجلس الاقتصادي الأعلى باختيار النموذج المناسب بعد استكمال الدراسة من قبل الجهات المعنية .
استقلالية هيئات التنظيم
تعتبر استقلالية هيئات التنظيم من أهم عوامل ضمان نجاحها في القيام بمهمات الفصل والتمييز بين الحقوق والواجبات والمصالح المشتركة ، وحصولها على ثقة جميع الأطراف التي يهمها القطاع من حكومة ومستثمرين ومشغلين ومستهلكين ، وأن تتمتع هذه الهيئات بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال الإداري والمالي .
ب - أسعـار تقديم الخدمات
تختلف أسعار الخدمات في المنشآت العامة حيث أن بعضها معانٌ من قبل الدولة وذلك حسب ضرورة وأهمية الخدمات المقدمة. وحيث لاتوجد آلية واضحة لتحديد أسعار خدمات المنشآت العامة تعكس التكلفة، فإن ذلك يعيق تنفيذ التخصيص خصوصاً من وجهة نظر المستثمرين.
ونظراً لتأثر مستويات أسعار الخدمات العامة بالإعانات الحكومية وخصوصاً بعض الإعانات التي يعتبر وجودها عائقاً أساسياً للتخصيص ، ومصدراً رئيسياً لعدم الكفاءة الاقتصادية، فإن من الضروري وضع أسلوب منظم لتحديد تعرفة الخدمات يراعي التكلفة ، ويؤدي إلى استمرار تقديم الخدمة، وتمويل استثمارات المنشآت المقدمة لها ، ويسمح للدولة بتقديم الدعم اللازم عند الحاجة .
ج - تجهيز وإعـادة هيكلـة القطاعات والمنشآت العامة المراد تخصيصها
عادة ما تثار مسألة إعادة هيكلة المنشآت أو المشاريع العامة المراد تخصيصها قبل تنفيذ عملية التخصيص ، وكقاعدة عامة يفضل أن تترك قضايا إعادة الهيكلة الرئيسية للمالكين الجدد، إلا أنه في بعض الأحيان لايمكن تجنب إعادة الهيكلة ، فقد تكون هناك التزامات كبيرة تنعكس سلباً على قيمة المشروع. ويستدعي الأمر تجزئة المنشأة لتحسين الهيكل العام للقطاع. ويكون التجهيز وإعادة الهيكلة بشكل أساسي نتيجة لواحد أو أكثر من الترتيبات الآتية :
* إعادة الهيكلة المالية: وتشمل إما إضافة أو حذف أصول أو التزامات لغرض تحسين المركز المالي للمنشأة.
* إعادة هيكلة الجهاز الوظيفي: ويشمل ذلك تحويل الموظفين أو العمالة من المنشأة العامة إلى المنشأة المخصصة ، ومعالجة أوضاع هؤلاء الموظفين بناء على دراسة متكاملة وخطة واضحة تضعها المنشأة حسب احتياجاتها المستقبلية .
* إعادة الهيكلة الفنية (التجزئة): تساعد التجزئة بشكل كبير في إنشاء بيئة نظامية فاعلة ، فمثلاً في قطاع الكهرباء قد يكون من الأفضل فصل نشاط التوليد ونشاط النقل ونشاط التوزيع عن بعضها كل على حدة ، كما أن قيمة الأجزاء قد تكون أعلى من قيمة الكل ، ولكن توجد هناك حالات تتطلب دمج المنشآت قبل التخصيص لغرض رفع كفاءتها الإنتاجية.
د - الشركاء الاستراتيجيون
إن حجم القضايا وتعقيدات إجراءات العمل التي تواجه بعض المنشآت والمشاريع العامة المرشحة للتخصيص كبيرة جداً ، وهذا يعني بأن مهمة الإصلاح كبيرة ، وغالباً ماتفوق هذه المهمات إمكانات وصلاحيات الإدارة ، إذ أن ذلك يتطلب تحسين الأداء وتعديل الأسعار وتطوير أساليب تجارية في العمل ، إضافة إلى القدرة على التنافس المحلي والعالمي ، وبالتالي يأتي دور الشريك الاستراتيجي وطنياً كان أم أجنبياً للمشاركة في تقديم رأس المال المطلوب والمشاركة في المخاطرة، وتقديم التقنية المتقدمة والخبرة الإدارية لتحسين الأداء وإيجاد قيمة إضافية ، مما يتطلب أن يكون الشريك الاستراتيجي ذا قدرة مالية ، ولديه الخبرة في إدارة منشآت مماثلة لحجم المنشأة المراد تخصيصها ، وقادراً على توفير عدد كافٍ من الخبراء الإداريين والفنيين ، وأن يكون ذا سمعة طيبة.
هـ - إيجاد المناخ المناسب لنجـاح برنامج التخصيص
يعتمـد نـجاح برنامـج التخصيص على فعالية المناخ الذي يهدف إلى نمو القطاع الخاص ، وهناك ثلاثة جوانب مهمـة لهـذه البيئة وهي : أسواق رأس المال ، وتنمية الموارد البشرية ، والبيئة النظامية.
1- أسـواق رأس المال
يعتبر تطوير السوق المالي أحد أهم السياسات التي سيتم اتباعها من أجل تحقيق بعض أهداف عملية التخصيص ، ومنها توسيع نطاق مشاركة المواطنين في ملكية الأصول المنتجة في المنشآت والمشاريع العامة ، وكذلك تشجيع رأس المال الوطني والأجنبي للاستثمار محلياً .
وتوجد علاقة وطيدة بين التخصيص والسوق المالي ، ففي الوقت الذي يؤدي التخصيص إلى تطوير السوق المالي من خلال جذب الشركات الاستثمارية والمستثمرين لتنويع محافظهم الاستثمارية بأسهم شركات ذات إدارات جيدة ، وفي قطاعات متنوعة ، مثل الاتصالات والكهرباء والأسمنت والبنوك والنقل ، واستقطاب صغار المستثمرين مما سيؤدي إلى إيجاد أدوات استثمارية ذات طابع جماعي ، وإيجاد توازن في السيولة بين البنوك والسوق المالي، وإيجاد فرص لاستثمار أموال مؤسسات التأمينات والتقاعد والمؤسسات المالية الأخرى، فإن وجود سوق مالية متطورة يؤدي إلى إنجاح التخصيص ، وذلك عند اللجوء إلى تخصيص بعض المنشآت عن طريق الاكتتاب العام في السوق المالي الذي يتطلب أن تتوفر فيه مجموعة من المواصفات منها :
* الإطار التنظيمي والقانوني الذي يحمي حقوق المستثمرين ويضع أسس تنظيم السوق بناء على لوائح وتعليمات واضحة ومعلنة .
* البنية التحتية القوية اللازمة لتطوير سوق مالي قوي يتناسب مع الإمكانيات الاقتصادية من حيث الجهاز الإداري الكفء والتجهيزات التقنية اللازمة .
* عددٌ كافٍ مـن الأدوات الاستثمارية بما يسمح بمشاركة كافة أنواع المستثمرين صغاراً وكباراً، مواطنين ومقيمين .
2- تنمية الموارد البشرية
يعتبر وجود موارد بشرية متطورة وذات إنتاجية عالية عاملاً رئيسياً لإنجاح برنامج التخصيص .
وحيث تواجه الموارد البشرية حالياً صعوبة التوظيف بسبب ضعف التأهيل والمنافسة من قبل العمالة الوافدة ، إضافة إلى ما قد ينتج عن التخصيص من عمالة فائضة عن احتياجات المنشآت المراد تخصيصها ، ولأهمية تنمية الموارد البشرية وتطوير قدراتها العملية والتنافسية ، فيتطلب الوضع إلزام المنشآت المراد تخصيصها بإعداد برامج تدريبية مناسبة لإعادة تأهيل العمالة، وتنمية قدراتها العملية ، لمساعدتها على الاحتفاظ بوظائفها في المنشآت المراد تخصيصها ، ومساعدتها في سهولة الحصول على فرص عمل في منشآت وشركات أخرى .
3- البيئة النظامية
تعتبر الأنظمة والإجراءات المتعلقة باستثمارات ونشاط القطاع الخاص ، وكفاءة الأجهزة المختصة بتطبيقها ، وسرعة الحسم في ما ينشأ حولها من منازعات ، من أهم القضايا التي تتطلب المراجعة والتحديث والتكامل ، لغرض تطويرها بما يوفر البيئة المناسبة للقطاع الخاص للعمل بكفاءة وفاعلية ، وذلك لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية ، حيث سيؤدي الوضوح والشفافية في الإجراءات والأنظمة وسهولة تنفيذها إلى طمأنة المستثمر وعدم الحاجة إلى مطالبته للدولة بمزيد من الضمانات التي غالباً ما يشترط توفيرها في ظل عدم وضوح الإجراءات واكتمال الأنظمة .
يتبع
|