عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2014, 03:15 AM   #3
ميكروديناميك
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 560

 
افتراضي

بحث علمي في معرفة صور البورصة ومضاربتها وبيان حكمها
إعداد العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله نائب رئيس اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء
قدم هذا البحث باسم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

رأى مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الحادية والعشرين المنعقدة في ربيع الأول عام 1403هـ بمدينة الرياض إعداد بحث في موضوع البورصة, فكتب سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إلى معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي يطلب منه وصفاً كاملاً لأسواق المضاربات في الأسواق العالمية (البورصة).
وهذا مقتطفات من خطاب محافظ مؤسسة النقد الذي وصف فيه طريقة مضاربات البورصة وتعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي عليه ثم خلاصة حكم الشيخ على هذه المضاربات, والخطاب طويل ويشمل جميع صور البورصة, وقد اكتفيت ببعض النقول التي تخص المضاربة في سوق الأسهم.

يقول محافظ مؤسسة النقد معرفاً المضاربة:
المضاربة في الشرع: مشاركة يقوم صاحب المال فيها بتقديم التمويل المالي ويقوم المضارَب بإعمال التنظيم والإدارة, ويتم تقسيم الربح بين الشريكين وفق نسب متفق عليها بينهما.
المضاربة في سوق البورصة (تداول الأسهم): البيع والشراء على فروق الأسعار ارتفاعاً وهبوطاً وهو مصطلح متداول بين التجار.

المضاربة:
لقد أثار نشاط المضاربة(1) جدلاً كبيراً حتى في البلدان الغربية بسبب صلته الوثيقة بالقمار, بالرغم من أن المضاربة تعتبر نشاطاً مشروعاً في الغرب, إلا أن هناك عدداً من الكتاب الذين يعتبرون المضاربة مرادفاً للقمار, وتتحمل مسؤولية عدم الاستقرار في أسعار السلع التجارية وأسعار الصرف للعملات الرئيسية.
وبناءاً عليه, فقد وضعت الحكومات والبنوك المركزية والجهات المسؤولة قواعد تنظيمية لتنظيم عمل أسواق المضاربة, للحيلولة دون تلاعب الأفراد والفئات بالأسعار, وذلك لحماية الجمهور من مضار ذلك, وكانت هذه القواعد محدودة الفائدة(2)

فهل المضاربة نوع من القمار؟
بما أن المضارب إنما يستثمر أمواله بتعريضها للخسارة العالية في سبيل تحقيق أرباح عالية لو صدق حدسه, فكأنما هو يراهن على اتجاه الأسعار!!
لقد ناقش الاقتصاديون هذا السؤال, فالبعض يرى أنهما متشابهان من عدة أوجه, فكلاهما يعتمد تحقيق نتائج في المستقبل المجهول, وكلاهما ينطوي على مخاطر الخسارة الكبيرة بغية تحقيق الأرباح الكبيرة(3), بينما يرى البعض الآخر أن هناك فرقاً, وهو بينما يعتمد القمار على خلق مخاطر لا وجود لها بدون القمار تعتمد المضاربة على افتراض وجود مخاطر تجارية في عالم الواقع(4).

من هم المضاربون؟
هم فئة من الناس يرغبون المخاطرة بأموالهم وتعريضها للخسارة العالية في سبيل تحقيق أرباح عالية عن طريق توقع صحيح لاتجاه الأسعار, إما بمحض الصدفة أو بما لديهم من أبحاث أو معرفة بالأسواق ومقدرة على تحليل الاتجاهات بدقة أفضل من غيرهم.

سوق الأسهم:
يوفر سوق الأسهم مجالاً يساعد المدخرين على استثمار مدخراتهم في أصول(هي الأسهم)يمكن تحويلها إلى سيولة نقدية بسهولة عند الحاجة, كما يستطيع الفرد المتاجرة بالأسهم وتحقيق الربح, وذلك بالبيع والشراء في الأوقات التي يراها مناسبة.
وقد ساعدت المضاربة في أسواق الأسهم في تزايد حدة تقلبات الأسعار بسبب الشراء المفرط ,عندما يتوقع ارتفاع الأسعار, أو البيع بسبب توقع انخفاض الأسعار, وغالباً ما يحدث هذا استجابة إلى ما يروج من شائعات, والتي تروج عن قصد أحياناً من قبل المتلاعبين بالأسعار أو المطلعين على أسرار الشركات وتزيد حدة المضاربة كلما توفرت السيولة المالية(5).


يقول محمد أفندي فهمي حسين عن مضار(6) المضاربة في البورصة في كتابه ((الاقتصاد السياسي)):
أن المضاربة لاسيما أذا كانت في الفروق لا تختلف كثيراً عن المقامرة, بل هي مثلها في أكثر الأحوال, غير أن ضررها أبلغ من ضرر المقامرة, فالمضاربة في فرق السعر تسحب الثقة من السوق, وتحدث تأثيراً سيئاً في أخلاق كثيرين, فتستهويهم شيطانهم حتى يقبلوا عليها, ومتى أقبلوا, أدبرت سمعتهم وأصبحوا معرضين في كل آن إلى الإفلاس, وإن استدرجهم الربح في أول الأمر كما هو الحال في المقامرة!!

تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي على الكلام المتقدم حسب الترقيم:
(1) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي: ليس المراد بهذه المضاربة الإسلامية المعروفة عند الفقهاء بل المضاربة بمعنى مصطلح عليه بين التجار وهو أقرب ما يكون إلى المغامرة والمخاطرة.
(2) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي: ذلك لأنها لم تقضي على التلاعب فلم تستقر الأسعار واستمرت المخاطر, فلم تحمي تلك القواعد التنظيمية الجمهور ولا الكثير من التجار من الأخطار والمضاربات فكانت محرمة, وإن كان فيها نشاط الأسواق فمفسدتها تربى على منفعتها.
(3) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي: هذا الذي يشهد له الواقع.
(4) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي: كلاهما يعتمد إيقاع نفسه في مخاطر ويخوض غمارها طمعاً في الكسب من غير وجهه الشرعي.
(5) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي: هذا مثار الضرر الفاحش ومكمن المخاطرة البالغة.
(6) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي: المضار مكمن الخطر.


خلاصة كلام الشيخ عبد الرزاق عفيفي في نهاية هذا البحث العلمي:

معنى بورصة:
أصل معنى بورصة (كيس نقود), ثم استعملت في المكان الذي يجتمع فية تجار مدينة وصيارفتها وسماسرتها تحت رعاية حكومة في ساعات محدودة للمضاربة في السلع التجارية أو الأسواق الآجلة للعملات الأجنبية أو أسواق الأسهم.

السهم:
حصة الشخص تمثل جزء شائعاً من رأس مال شركة أهلية أو هيئة حكومية يستحقها مقابل مبلغ يدفعه للاستثمار في مشروع.

الخلاصة:
أن تقلب الأسعار في هذه الأسواق ارتفاعاً وانخفاضاً مفاجئاً وغير مفاجئ بحدة وغير حدة لا يخضع لمجرد اختلاف حالات العرض والطلب, بل يخضع لعوامل أخرى مفتعلة, بذلك يُعلم ما في أنواع البورصة من غرر فاحش ومخاطرة بالغة وأضرار فادحة قد تنتهي بمن يخوض غمارها من التجار العاديين ومن في حكمهم إلى الإفلاس, وهذا ما لا تقره شريعة الإسلام ولا ترضاه, فإنها شريعة العدل والرحمة والإحسان. انتهى البحث

وقد طبع هذا البحث في كتاب أسمه بورصة الأوراق المالية والضرائب طبعة دار الصميعي للنشر والتوزيع.


فوائد متعلقة بالموضوع

قال جل في علاه { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا *** وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا }
يقول ابن كثير في تفسيره: وقوله {ولا تقتلوا أنفسكم} أي بارتكاب محارم الله, وتعاطي معاصيه, وأكل أموالكم بينكم بالباطل.

وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام, كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه)).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بيع الغرر هو البيع المجهول العاقبة.

وفي السنن عن الحسن بن علي رضي الله عنهما, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((دع ما يريبك إلى مالا يريبك)).

وجاء في الحديث الأخر: ((الإثم ما حاك في القلب وترددت فيه النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس)).

قال سبحانه { قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

قال أيوب السختياني رحمه الله عن أهل الحيل والتحايل:
إنهم ليخادعون الله كأنما يخادعون صبياً, لو كانوا يأتون الأمر على وجهه كان أسهل عليهم.

يقول ابن كثير في تفسيره:
المغضوب عليهم هم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه.
ميكروديناميك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس