عرض مشاركة واحدة
قديم 22-05-2012, 10:30 AM   #2
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
افتراضي

هيئة الاستثمار.. وكشف الحساب!

صالح الشهوان

.. وأخيرا تحرّك مجلس الشورى نحو ما سبق طرحه في هذه الجريدة وغيرها من أن الهيئة العامة للاستثمار أسهمت بإدارتها سياسة جذب الاستثمار الأجنبي في تكديس عمالة مستثمرة تحت ذريعة التراخيص الاستثمارية من نوع النطيحة والمتردية وما أكل السبع، فهي استثمارات هزيلة أو شكلية تحجز التراخيص بمبالغ تثبت بوريقة بنكية لتعود أموالاً مضاعفة من حيث أتت من خلال قدرتها الطفيلية على المزاحمة لمنشآت وطنية صغيرة بالكاد تبحث لها عن موطئ قدم، تعمل على "تطفيشها" من السوق؛ لأنها تعتبر وجودها هنا فرصة انتهازية فتستغل من ناحية ما لديها من حرفية سابقة في نجارة أو خراطة أو حدادة أو دهان أو صيانة وما شابه ذلك، ولأنها من ناحية أخرى على استعداد للعمل بساعات عمل لا سقف لها، فضلاً عن كونها من دون التزامات مجتمعية بعكس حال المواطن، فهذه العمالة تعتبر كل دخل مهما كان حجمه مكسباً بينما تحد الالتزامات المجتمعية على المواطن كالسكن المناسب واحتياجات أخرى من قدرته على القبول بدخل لا يغطي تلك الالتزامات، وبالتالي لا يكون بإمكانه البقاء منافسا للوافد في سوق العمل.

وحسناً فعل مجلس الشورى بطلب تقييم أداء هيئة الاستثمار عن منجزها من قبل جهة محايدة، فهيئة الاستثمار تقول وتعلن على الدوام بالتصريحات ومن موقعها كلاماً براقاً وتقدم صوراً زاهية على تخوم الحلم؛ بينما لا يكاد المواطنون يلمسون إنجازات مميزة، رغم تواتر الحديث بين الحين والآخر عن المراتب المتقدمة بشأن بيئة جاذبة للاستثمار في المملكة، ورغم الطبل والزمر حول مشاريع استثمارية أجنبية كبرى وأخرى استراتيجية وطنية أبرزها المدن الاقتصادية حين كانت ضمن مسؤوليتها المباشرة، وبعد أن أصبحت في مجلس إدارة هيئة هذه المدن مع أن الدولة لم تأل في الإنفاق السخي عليها ودعمها إدارياً ولوجستياً وإنقاذ بعضها بالمليارات الإضافية بعد أن كادت جعجعات العمل تتعطل فيها وليس الإنجاز!

لقد كان الهدف من إنشاء هيئة الاستثمار، أن تكون آلية إجرائية نظامية لجذب استثمارات نوعية تعمّق وتوسّع البنية الإنتاجية الاقتصادية الوطنية وتضخ في الوقت نفسه قوى بشرية وطنية فيها بالتدريب وإلزام التوظيف، إلى جانب الدور الحيوي المطلوب في توطين التقنية الحديثة.. لكن تلك الأهداف الجليلة لم يسفر حصاد التجربة عن نجاح بنسبة ترفع الحرج عن الهيئة ووجاهة النقد الكثير الذي وُجّه لها وأعلنه مجلس الشورى على رؤوس الملأ!!

والسؤال الذي لا ينفك يتردّد هو: لماذا حدث ويحدث هذا؟ هل إن منطلقات الهيئة في إدارة الجذب الاستثماري وقعت في مصيدة الشكليات مثل مؤشر إعداد الترخيص أو مسلسل مؤتمرات التنافسية وأخواتها أو المسميات الإعلانية للمشاريع؟ أم لأن الهيئة تراهن على أساس أن تراكم الكم يجيء بالكيف، عملاً بالمثل الشعبي: "ابدأ بأم شوشة حتى تجيء المنقوشة"، وهو رهان مكلف خطير لو أن الهيئة راودها مثل هذا التفكير وانساقت معه.

من المؤكد أن الصورة عن أعمال ومنجزات هيئة الاستثمار وأقيامها المضافة الفعلية للاقتصاد الوطني غير واضحة ولا معلومة في أذهان المختصين فما بالنا بالجميع.. فقد تحول الاستثمار إما إلى نشاط مقاولاتي وتجاري أو حلبات ترفيهية لمنشآت وخدمات وقد تبخرت الوعود عن آلاف الوظائف بحشود من مختلف السحنات واللغات وألوان العيون، أما القوى الوطنية فقد دخل الحديث عنها نطاق المسكوت عنه!!

وإذا كان مجلس الشورى قد صارحنا، ونحن نعرف، وصارح الهيئة ونظنها أيضا تعرف، في أن نظام الاستثمار بات غطاءً لتحول العمالة إلى مستثمرين أشاوس (رواد حواضن التقنية وعناقيد الصناعة وتنويع القاعدة الاقتصادية) إلى جانب ما سبقت الإشارة إليه من أن جل مَن دخل من ***** الاستثمار إما متطفلون مطفشون أو مقاولاتية وتجار لا تقدم أعمالهم أقياماً مضافة لاقتصادنا الوطني، ولا توطينا للوظائف أما توطين التقنية فنخشى أن يكون قد انطبق عليه قول الشاعر: حديث خرافة يا أم عمرو.. وإذا كان ذلك ليس صحيحاً .. فلتقدم لنا الهيئة كشف حساب .. يسعدني أن أسبقه بخالص التهنئة للأستاذ المهندس عبد اللطيف العثمان الذي تم تعيينه محافظاً جديداً للهيئة العامة للاستثمار متمنياً له وللعاملين معه التوفيق باستثمار أمثل.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس