عمليات بيع للأفراد في سوق الأسهم بغرض توفير السيولة لمتطلبات العيد
محمد الضبعي من الدمام
توقع اقتصاديون سعوديون استمرار تذبذب أداء مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع الأخير من رمضان، على أن يعاود الارتفاع متجاوزا 6200 نقطة ثم سيهبط، إلا أنه سيحافظ على مستوى 6000 نقطة.
وتوقع الدكتور عبد الوهاب القحطاني أستاذ الإدارة الاستراتيجية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عودة ارتفاع المؤشر بعد استئناف السوق بعد الإجازة في حال صدور بوادر إيجابية لحل أزمة الدين الأمريكي، مرجحا أن يتجاوز المؤشر مستوى 6500 نقطة في الأسابيع الثلاثة من شهر أيلول (سبتمبر) بعد إجازة العيد وقبل نهاية الربع الثالث من هذا العام في حال عودة الثقة بالاقتصاد الأمريكي فيما يخص الديون الأمريكية المتراكمة والتي تهدد نمو الاقتصاد العالمي إذا عجزت الولايات المتحدة عن الوفاء بتسديدها.
وأوضح أن الأيام الأخيرة من أسبوع ما قبل الإجازة ستشهد عمليات بيع كبيرة نتيجة حاجة الكثير من المساهمين للسيولة لمواكبة متطلبات العيد، كما أن هناك قلقا من انعكاسات أزمة الديون الأمريكية وخوفا من أن يبدأ السوق بعد الإجازة بمفاجأة، لافتاً إلى أن صناع السوق وكبار المساهمين سيحرصون على إبقاء السوق عند مستوى مطمئن فوق مستوى 6000 نقطة. وقال إن قطاعي البتروكيماويات والبنوك يقودان حركة السوق كونهما الأكثر تأثيراً على أداء السوق والأكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية الأمريكية المتمثلة في الديون.
وقال القحطاني إن أداء الاقتصاد السعودي يتأثر حتما بحركة الاقتصاد الأمريكي ويلقي ذلك بظله على سوق الأسهم وفي حال تفاقم أزمة الدين الأمريكي سينعكس ذلك سلباً على حركة أداء المؤشر ولن تؤثر إعلانات أرباح الربع الثالث للشركات كثيراً على أداء السوق كون جزء كبير من الأرباح قد تم تحصيله قبل تفاقم الأزمة. وقال إن قطاع البنوك سيكون الأشد تأثراً بالأزمة لأن البنوك تستثمر في سندات وصكوك الحكومة الأمريكية.
وقال القحطاني إن تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته للصين وتأكيده أن الولايات المتحدة قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين لها تأثير إيجابي على أداء الأسواق العالمية وينعكس ذلك إيجاباً على السوق السعودية. وقال إن الولايات المتحدة لديها القدرة على دفع الديون، لكن حلول أزمة الديون تستلزم النوايا الصادقة لدى صناع القرار في الولايات المتحدة والقيام بخطوات إيجابية إضافة لاستعداد الدول الدائنة لإعطاء مهلة زمنية دون تراكم للفوائد. وأوضح القحطاني أن رفع سقف الدين لا يعتبر حلاً في حال لم تقم الولايات المتحدة بالحلول المناسبة بإعادة هيكلة ضرائب الشركات والأثرياء بعيداً عن اللعبة السياسية للحزبين الديمقراطي والجمهوري. وأكد الدكتور القحطاني أن قدرة الولايات المتحدة على سداد ديونها ستعيد الثقة للأسواق العالمية وتساعد على الاستقرار النفسي للمستثمرين محلياً وعالمياً، بل ستقلص أي احتمالية لحروب اقتصادية بين الدول العظمى.
من جانبه، استبعد الدكتور عبد الله الحربي المستشار الاقتصادي وأستاذ المحاسبة بجامعة الملك فهد أن تؤثر المعطيات الاقتصادية العالمية على سوق الأسهم السعودية، مؤكدا أن سوق الأسهم لا تحركها المؤشرات الاقتصادية بل تتقاذفها أهواء المضاربين وأي محاولة استقراء ستضلل المساهمين لأن اتجاه السوق يعكس رغبات سيولة مضاربية ليس لها علاقة بالمعطيات الاقتصادية.
وأوضح أنه من الصعب استقراء السوق بناءً على معطيات اقتصادية حقيقية وإنما تحرك السوق سيولة مضاربية تدخل إلى السوق إذا لم تجد فرصا خارجه وتقوم بالضغط على أسهم معينة وعندما تجد فرص خارج السوق تغادر.
ولفت الحربي إلى أن السوق ينقصها الكثير من الأمور الإدارية والهيكلية والرقابية، مشيرا إلى أن المديرين والقائمين على الشركات المساهمة لا يعيرون مؤشر الأسهم أي اهتمام وهناك فجوة بين مديري ومسؤولي الشركات وبين المساهمين. وقال إن المحلل الاقتصادي المطلع على حقيقة الأمور يعرف أن السوق غير مرتكزة على معطيات اقتصادية حقيقية.
وقال الحربي إن أرباح الشركات ليست محركاً للمؤشر لأن إدارات الشركات تتحكم في أرباحها من خلال ما يعرف بإدارة الأرباح، وليس هناك جهة رقابية على الشركات والأسعار المعلنة لا تعكس حقيقة أداء الشركة ولكنها تعكس رغبة مديري الشركات. وأكد الحربي أن المحللين وخبراء الاقتصاد طالبوا هيئة سوق المال مرارا وتكرارا بتشديد الرقابة وتغيير عقلية مديري الشركات وإقناعهم أنهم ليسوا ملاكا للشركات، بل إن المساهمين هم الملاك الحقيقيون.
واستبعد الحربي أي تأثير حقيقي لانفراج أو تأزم الوضع الاقتصادي العالمي على مؤشر سوق الأسهم السعودية، وقال إن الأحداث الاقتصادية العالمية قد يستخدمها كبار المضاربين لأغراض مضاربية ووسيلة ضغط على السوق، وقال إن المملكة لديها وفرة نقدية بسبب ارتفاع أسعار البترول وارتفاع معدل الإنتاج، وبيّن أنه ما دامت أسعار النفط فوق 90 دولاراً للبرميل ويتجاوز إنتاج المملكة النفطي تسعة ملايين برميل يوميا فإن المملكة في مأمن من الأزمات الاقتصادية على المدى القريب. وأضاف أن متانة الاقتصاد السعودي وصموده أمام الأزمات لا يرجع لسياسات مالية متميزة وإنما هي هبة ربانية وظروف عالمية صعدت بأسعار النفط ليكون ملاذاً آمنا للمملكة من الأزمات والمتغيرات العالمية.
وبين أن عدم تأثر سوق الأسهم السعودية بالمتغيرات العالمية لا يعني عدم تأثر اقتصاد المملكة لأن المملكة جزء من العالم ويتجاوب اقتصادها مع المتغيرات العالمية بعكس سوق الأسهم الذي يحركه المضاربون. وقال إن الأزمة الاقتصادية الأمريكية ستؤدي إلى انخفاض تدريجي في قيمة الدولار وسيؤثر ذلك في المدى البعيد والمتوسط على قيمة استثمارات المملكة.