عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-2011, 08:02 AM   #2
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
افتراضي

قطاع التأمين.. لم يكسب الثقة بعد

في جلسة ساخنة عقدها مجلس الشورى تمت إعادة مناقشة مستوى الخدمات التي تقدمها شركات التأمين لعملائها ومدى الالتزام بما تنص عليه وثائق التأمين، وفتح أعضاء في المجلس باب النقد مجدداً على عدد من شركات التأمين وذهبوا إلى وصف بعض تلك الشركات بأنها ورقية، وأن الرقابة عليها بدائية جداً. ورغم هذا الوصف الذي يجدّد ويكرّر الملاحظات حول مدى الالتزام ومستوى الخدمة ومنفعة العملاء من تلك الوثائق، فإن الإعادة قد تتضمن الإفادة للجهات المشرفة والمراقبة على الأداء، في حين أن ما أورده بعض الأعضاء في مجلس الشورى هو معبّر عن معاناة كثير من العملاء الذين لا يملكون سوى الشكوى.

إن خدمة التأمين ليست تحصيلاً لأموال وجمعاً لأقساط وإصداراً لوثائق، فهذا كان سائداً قبل تنظيم السوق، وتقضي الأنظمة بالانتقال بالسوق إلى مرحلة جديدة يتم فيها بناء الثقة وربط علاقة وثيقة بين شركات التأمين والعملاء، لكن يبدو أن الذهنية التي أدارت السوق في الشركات سابقاً لا تزال إلى اليوم تؤثر بشكل سلبي في جدية ومصداقية الالتزام نحو العملاء، وبالتأكيد فإن هذا الوضع لا ينطبق على الجميع، فهناك شركات رائدة ولا يصح أن تتضرّر بسبب ممارسات غير نظامية وغير تجارية تتبنّاها بعض الشركات الضعيفة في إمكاناتها المادية والبشرية، أو بعض الشركات التي تريد تحقيق الربح من خلال الإخلال بالالتزامات تجاه العملاء والتهرُّب من أداء حقوقهم عند وقوع الخطر المؤمّن ضده.

وكما كان لأعضاء مجلس الشورى موقف من ضعف الرقابة والإشراف على شركات التأمين، فإن الواقع يؤكد صحة هذه الملاحظة، فالرقابة الأخيرة للقضاء، ومع ذلك فإن قضاء التأمين غير واضح بالشكل الكافي للعملاء وغير فاعل وطريقه صعب وشاق ومكلف، في حين أن أكثر المطالبات بمبالغ زهيدة تشجع بعض الشركات على المماطلة وتدفع العملاء لليأس من الحصول على التعويض أو التفاوض بشأنه، وهذا يشجع على الاستمرار في مسلسل لا ينتهي أبدا بين طرفين، أولهما العملاء الملزمون بالتأمين، والآخر الشركات غير الملزمة قانوناً بالتعويض متى أرادت أن تتهرّب منه وتجعله في حكم الميئوس من تحصيله.

لقد كان موقف البعض من عقود التأمين إعادة ما تم حسمه من قضايا تتعلق بشرعية هذه العقود ومدى خلوها من الغرر والتدليس، حيث تجدّدت آراء سابقة نتيجة ما لمسه البعض من عدم وفاء بعض الشركات بالتزاماتها، وهذا موقف سلبي ولا يتفق مع ضرورة التأمين والحاجة الماسة إليه، ولا يتفق مع نصوص الأنظمة الملزمة بالتأمين، ولا يستجيب للواقع في السوق، وكان الأجدر أن يتم حثّ شركات التأمين على الوفاء بالعقود التي أبرمتها والتذكير بمدى ما يترتب على عدم الوفاء بالعقود من الضرر الذي يلحق بالعملاء، وخصوصا في مجال التأمين الصحي، حيث تكررت شكاوى العملاء ولم يحصل الكثير منهم على حقه في التغطية التأمينية بحسب الوثيقة التي دفع قيمتها للشركة المصدرة لها، وهذا في حد ذاته حرمان للعملاء من حقوقهم تجاه شركات التأمين.

إن ما تضمّنته ملاحظات أعضاء مجلس الشورى حول شركات التأمين وما أبدوه من فكرة ضرورة تشديد الرقابة على أداء شركات التأمين العاملة في السوق السعودي، هو رسالة واضحة إلى الشركات في الدرجة الأولى، فالأداء غير مقبول، وتذمر بعض العملاء وصل حد الاعتقاد بأن ما يدفعونه لا يجدون خدمة مقابلة له، وما يمكن أن تسفر عنه مناقشات المجلس من توصيات مستقبلية قد تؤدي إلى تبني قوانين مشدّدة تجاه شركات التأمين، وقد تفرض إجراءات رقابية جديدة تجعل من العسير أن تعمل تلك الشركات بمرونة عالية، والأخطر من ذلك أن يتبنى المجتمع تصوراً عن عقود التأمين بأنها وسيلة لإثراء الشركات على حساب العملاء.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس