عرض مشاركة واحدة
قديم 11-04-2011, 10:43 AM   #2
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
تعجب

ارتفاع الأسعار يلتهم الزيادة في الدخل

هل على المستهلك أن يحمي نفسه من ارتفاع الأسعار أو الرفع المتعمد للأسعار الذي أصبح مصدر قلق دائماً للمواطنين؟ فهناك ارتباط وثيق وغير مبرر بين ما تضيفه الدولة إلى دخل الأفراد والزيادة المصاحبة له في كل مرة، فمنذ أن وقعت أزمة سوق الأسهم تبعتها بعد أشهر قليلة أزمة المال العالمية التي عصفت بالدول الصناعية، وأسقطت عديداً من البنوك والشركات العملاقة التي كانت في منأى عن الإفلاس المالي، وهناك أحداث مصطنعة لرفع الأسعار وتعويض بعض الخسائر، وكأن هناك حاجزا قد انهار فجأة وأصبحنا أمام فرص لزيادة الأسعار، وفي كل شيء تقريبا، ودون أن تعود تلك الأسعار إلى وضعها السابق بأي حال.

إن التعامل مع حق التاجر في رفع الأسعار دون رقابة أو محاسبة يعطي الضوء الأخضر لولادة تضخم كبير غير مرتبط بأي أسباب اقتصادية واضحة، بل هو نهم دائم لتحقيق مزيد من الأرباح في ظل انعدام وجود أي قانون يمنع هذه الظاهرة أو يحد منها، حيث لا يزال مفهومنا للاقتصاد الحر أن تحديد الأسعار متروك للعرض والطلب، وليس دور الجهات الرقابية والإشرافية أن تحدد الأسعار أو تراقبها أو تمنع حدوثها بهذه الصورة التي هي اليوم محل تذمر وشكوى من جميع المواطنين.

لقد كان الارتفاع الأخير في الأسعار متزامنا مع بدء صرف ما أمر به خادم الحرمين الشريفين بدفع راتب شهرين لموظفي القطاع العام، رغم أن تلك الأوامر الملكية تضمنت حث وزارة التجارة على مراقبة الأسواق، وفي ظل هذا التكامل بين زيادة دخل الأفراد، ومنع حدوث تلاعب في الأسعار يعني أن يرصد التجار كل زيادة في دخل الأفراد ومقابلتها بزيادة مماثلة تأكيداً على أن الجشع هو المحرك الرئيس في الأسواق التي تشهد ارتفاعا مطردا، فهل هو قابل للسيطرة عليه؟

نعم، إن ضبط المخالفات والتشهير بالمخالفين هما الوسيلة القانونية الواجب اتخاذها، ويجد هذا الحل تبريره في الأوامر الملكية التي كانت في غاية الوضوح لمنع ارتفاع الأسعار وزيادة عدد وظائف مفتشي وزارة التجارة بما يقارب 500 وظيفة من أجل حماية المستهلك، والسؤال الذي يطرح نفسه: أين دور القطاع الخاص من التفاعل مع الأوامر الملكية ومشاركة الدولة في توفير الحياة الكريمة لأبناء الوطن؟

أما الحلول التي يمكن أن تجد لها طريقا في السنوات المقبلة، فهناك مَن يقترح مراقبة أسعار السلع الأساسية كالأرز والسكر والزيوت والقهوة، وغيرها، في حين هناك مَن يقترح تأسيس جمعيات تعاونية ومنحها ميزات في الأسعار من أجل إحداث توازن في الأسواق وفتح مجالات بديلة للمواطنين الباحثين عن أفضل الأسعار للمواد الغذائية، حيث تكمن المعاناة مع الارتفاع المتواصل في الأسعار.

إن مراقبة الأسواق في غاية الأهمية، فالتضخم يقضم أي زيادة في الدخل، ولم تعد تلك الزيادة سوى حصة مضافة إلى أرصدة التجار في أسواق مفتوحة، وإذا كانت الزيادة في بعض السلع المستوردة لها مبرر، فإن هذا ليس كافيا لمضاعفة الأسعار، كما أن مقدار الزيادة يجب أن يكون مكشوفا لوزارة التجارة، أما الأمر الأسوأ فإن هناك سلعا محلية شملتها الزيادة، وكان التبرير غير مقبول لعدم ارتباط ذلك بكمية الإنتاج العالمي أو زيادة أسعار البترول، فما بالنا ونحن نشهد زيادة في تكاليف التعليم وأقساط المدارس، بل في تكاليف الخدمات المحلية التي لا علاقة لها بما يجري في الأسواق العالمية.

إن علينا التعامل مع الغلاء بصورة أكثر جدية واستخدام القوانين المتوازنة لمنع حدوث تضخم غير مبرر من الناحية الاقتصادية، فهناك مشكلة اقتصادية ذات بُعد اجتماعي، وهي وضع حد أدنى للدخل مع البطالة والغلاء، وهو مثلث سيخلق مشكلات نحن في غنى عنها، فضلا عن التكاليف الباهظة لمواجهتها.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس