أنا إلى ضاقت عليه تفرجت
حجرف الذويبي أمير بني عمر من قبيلة حرب رجل اشتهر بكرمه وشهامته بين قبائل البادية ،
فكان دائما رحمه الله ينفق جميع أمواله من أجل مساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم ، فهو رجل
لايخشى الفقر ولايجزع من إكرام الضيف فإن لم يجد شيئا يذبحه للضيف ذبح شاة أولاده
التي يشربون حليبها أو مطاياه التي يرحل ويتنقل بها
وفي كل مرة يجمعون له جماعته الأموال والأغنام مساعدة له ، ولكنه ينفقها في الكرم
وقضاء حوائج الناس حتى يوم قال أحدهم لماذا لانعطيه درسا لعله يمسك ناقة يركبها
أو شاة يشرب حليبها فاتفق الجميع على هذا الرأي
فققروا أن يتركوه ويرحلوا حتى يعرف حاجته للراحلة التي تحمله
وفعلا تركوه وهو ينظر إليهم ولم يلتفت أحدا منهم عليه وبقى وحيدا في مكانه
فبدأت زوجته تلح عليه وتلومه بحيث لو كان لدية مطايا لرافقهم ولم يتخلف عنهم
فلم ينم حجرف تلك الليلة ، وفي الصباح خرج من بيته مهموما حزينا وقصد مكانا مرتفعا
ينظر ويفكر في حاله التي لاتسر أحد فوقعت عينه على ثعبان أعمى واقف على باب جحره
فاتحا فمه ولايتحرك وإذ بعصفور يقع في فم الثعبان ظنا منه أنه غصن شجرة فالتهمه
الثعبان ودخل جحره ، وحجرف يراقبه فعندما جاء العصر خرج الثعبان وتكرر نفس المشهد،
فعلم حجرف إن الذي رزق هذا الثعبان لن يتركه أبدا ففاضت قريحته بهذه الأبيات الجميلة:
[poem font="Simplified Arabic,5,orange,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://tdwl.net/vb/images/toolbox/backgrounds/21.gif" border="double,6,orange" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يقول ابن عياد وإن بات ساهر=مانيب مسكين همومه تشايله
أنا إلى ضاقت عليه تفرجت = يرزقني اللي ماتعدد فضايله
يرزقني رزاق الحيايا بجحرها = لاخايلة برق ولاهيب حايله
ترى رزق غيري ياملا ماينولني = ورزقي يجي لو كل حي يحايله
جميع ماحشنا ندور به الثنا = وماراح منا عاضنا الله بدايله
نوب نحوش الفود من ديرة العدا=ونخزز اللي ذاهبات عدايله
خز بالأيدي مادفعنا به الثمن = ثمنها الدمي بطارد الخيل سايله
مع لابة فرسان ننطح بهم العدا = كم طامع جانا غنمنا زمايله
نكسب بهم عز وننزل بهم الخطر=ولاهيب قفر رعينا مسايله[/poem]
وبعد أن فرغ من قصيدته ورجع إلى بيته و إذا به محاط برعية إبل ظن انهم ضيوف،
لم يعرف من أين أتت ولم يعرف من أوصلها له وفي الصباح قام وعقلها ورحل عليها
لقبيلته فلما شاهدوه رجال القبيلة تعجبوا كيف أصبح وأمسى بعدهم ولما عرفوا
القصة خجلوا منه ، ولم يعودوا لمعاتبته على إفراطه بالكرم وإن الرزق
من الله سبحانه وتعالى وكل واحد ياخذ رزقه حتى لو منعوه
|