رسالة وداعية
• حبيبتي... لقد قررت أن أرحل إلى عالم غير عالمك...أن أودع حبك الذي هو كالسيل الهادر... لأتركه على رصيف الزمن الميت الغابر... لا أريد له تاريخاً ... بل جغرافيا من نوع آخر.
• أميرتي... سألفظ ذلك الحب في مزبلة التاريخ من خلال "Delete"... لأرحل عن تلك العينين الساحرتين اللتين ترسلان سهمين قاما بطعن قلبي ...وتمزيق أشلائي...وتشتيت أفكاري... حتى أنني ضيعت طريقي... وتهت في دروبي... ولأبتعد عن تلك الشفتين اللتين ما من أحد ارتشف منهما إلا وأصيب بفيروس حب العاشقين المتيمين ... الذي هو الأخطر من نوعه على كل أنواع البشر.
• إيه... حبيبتي...سأهاجر جغرافياً عن ذلك الحب الملتهب في أحشائي ... لأهرب من ناره المستعرة في عروقي... لأطلق سراحي... عن سجن مورس فيه أبشع أنواع التعذيب مع أشد أشكال الأشغال الشاقة... جاءت بناءً على صدور قراراتك التعسفية الظالمة... لأفك قيدي...وآخذ حريتي.
• آه... حبيبتي... لا... لا... لن أعود إلى ذلك الحب الدفين... بل سآخذ معي عزتي، كرامتي، شموخي، كبريائي... وأهجر مملكتك...إلى أرض الله الواسعة... ولن أسمح لنفسي بعد الآن... بالانخداع...الانحدار... الأسر... في حب لا قدرة لي به/ فيه/عليه... سأستعير معاني قواميس اللغة العربية (الترك... الوداع... الهجر)...لأنفذ بجلدي... وسيتوقف عزف (سيفومونية) ذلك الحب المجنون الساحر الذي أوصلني إلى هذا الطريق المسدود... كما وصلت إليه خارطة طريق الشرق الأوسط بالحل الموعود.
• غاليتي ... سأودعك بقطرات دم ٍ وستارة بيضاء أسدلت على ذلك الحب الذي يعد من الزمن الماضي... لأجلي ظلمة كانت مستديمة عن أحزاني ... وأجعل صفحاتي بيضاء ... وأمزق صفحات ذلك الحب السوداء... لأنها تعد تجسيداً لآلامي... وأقتلع الهوس والذكريات من عقلي الباطن... لأخرج من زنزانة ذلك الحب... بعد أن مدًت إليً يد حبل النجاة لتأخذ بيديً إلى شاطئ بر الأمان.
• عزيزتي... سأثور ... سأتمرد ... سأشجب كل شيء يتعلق بذلك الحب عبر مسيرة الحياة... لأنني فعلاً مللته...انهزمت منه... أصبح كالحجر الأصم جاثماً على صدري... بعد أن أصبحت أحد ضحاياه وما أكثرهم حسب مسيرة الحياة تاريخياً...لأصبح يتيماً من الآن ... وليس متيماً...لأعيش على هامش التاريخ... لأرتاح ... وأريح نفسي من هذا العذاب.
• سيدتي... بعد اليوم، لم أنتظر على شرفة منزلي ذلك الوجه الساحر الآسر... ولن تنظري إلى وجهي بعد ذلك على الإطلاق... وسآخذ شهادة المغادرة من بين يديك على الرحلة رقم (20) إلى جزيرة ... ليست من الآن اسمها جزيرة الحب ... بل هي جزيرة "النسيان"لأقضي فيها شهر الحزن... بل أشهر الأحزان وسنواته... ولأكون بعيداً كل البعد عن مؤثرات ما يسمى بالغرق في بحر غرامك... وبعيداً أكثر ... وأكثر حبيبتي عن فيروسات محيط حبك وأحلامك.
• سأعيش وحيداً في جزيرتي ...أرقص على أنغام ذلك (الفراق...الترك... الهجر)... وليردد لساني (وداعاً أيها الحب)... لكي يكون حبك من طيات الزمان... وصفحات سوداء تطوى مع مرور الأيام... حتى أكون في مأمن منك... ومن جبروتك... وكبريائك.
• سأضع سوراً حصيناً لتلك الجزيرة كي تموت أمامها أحرف غزل حبك... وتنصهر فيها همسات صوتك... ليعمً فيها الصفاء ... النقاء ...لا تمارس فيها أية خضوع ...سيطرة...تفكير خنوع... هوس...لأعيش في جو يكون بعيداً عن جوك...وشم رائحة عطر أنفاسك... عن لحن صوتك... سهمي نظراتك... لأكون في أرض غير أرضك... لأنظر إلى سمـــاء غير سمائك... لأستنشق هواءً غير هوائك...لأهرب هروب المودعين ... لأغترب إلى عالم ثان... ليس فيه مثل هذا الحب... حتى تكون رحلة سعيدة لنفس يراد لها الهدوء والسكون... بعيداً عن الجنون.
• آه وألف آه... حبيبتي ...سأعيش حياة بعد أن قررت الرحيل من استيطان ذلك الحب... لأفر منه فراري من فم الأسد بغية المغادرة المختارة إلى تلك الجزيرة "المحطة" النائية الأخيرة... بعيداً عن مملكتك... وخبث المخالفين فيها/ فيه لقوانين وأنظمة الحب الطاهر النقي.
• حنانيك حبيبتي... الناس أصبحوا ينظرون إليً بين الشامت وبين الراحم ... وكل له نظرته وتحليله الخاص به... الشامت يضحك ويفرح... والراحم يتعاطف وربما يقول "خرج ولم يعد" ذلك المسكين - بعد قراءة هذه الرسالة الوداعية -... فالوداع... الوداع ... بعد أن جف وانتهى الكلام... مع صمت الوداع.
إعداد مغلي الجميع
ابو بدر...فهد88