نصدر الماء ونمنع الحديد والأسمنت ؟!
راشد محمد الفوزان
منطق مقلوب وغير مفهوم الآن مع ظروف الأزمة المالية , طالبنا بوقف تصدير الحديد والأسمنت حين كانت الأسعار مرتفعة جدا وغير مبررة , وتم وقفها من قبل وزارة التجارة وحتى اليوم , ولكن المفارقة التي لا أستطيع فهمها أو استيعابها أننا نصدر المياه للخارج لدول يجري بها النهر والنهران والأمطار , نعم نحن نصدر المياه في بلاد صحراوية ذات مناخ قاري وتعلمنا ذلك منذ أيام المتوسطة , فلا نهر ولا مطر ولامياه جوفية مؤكدة يعرف إلى متى ستكفي , نصدر الماء بكل أريحية وترحيب وبلا عوائق من أي جهة حكومية , والأغرب أن وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين يشتكي ؟ الوزير يشتكي فالواضح أن ليس لديه أي قرار بهذا الشأن أو سلطة بمنع استنزاف المياه , والوزارة الآن تعاني أشد المعاناة بتوفير المياه في البلاد كلها , وتطالب وتشدد بالترشيد بإعلانات صحفية وتوزيع وسائل ترشيد وجهود مستمرة لا تنتهي , وبكل سهولة نجد الألبان والعصائر والخضار تصدر للخارج وكأن البلاد تغرق من المياه ولا تعرف ماذا تفعل به ؟ ولا تجدي حملات وزارة المياه ولا توسعها بضخ المياه من خلال مشاريع جديدة لأن هناك طرفا آخر يستنزف بلا توقف ولاتسأل عن هل هو مهتم بحفظ المياه الوطنية من ذاته وقراره أم ينتظر قرار منع حكومي لم يأت بعد...
الآن نجد شركات وطنية لديها مصانع تعبئة مياه تتجة للتصدير المياه , أي هي تستنزف المياه الجوفية لدينا وتصدره وهذا موجود ولا أحد يقف أمامه , ولك أن تتخيل نصدر الألبان والخضروات والأعلاف والآن المياه المعبأة في بلاد تعاني أشد الأزمات للمياه , وأزمة يومية ومستقبلية لا يعلم كيف ستكون أثرها , هنا لا أروي قصصا خيالية أو غير عقلانية , نحن فعلا نصدر المياه بأشكال متنوعة من لبن وزبادي وعصير وخضار ومياه معبأة , ونمنع تصدير الأسمنت الذي نملك ميزة نسبية عالية ومصانع ومتوفر بفائض كبير والحديد كذلك وسعر متقلب ويمكن مواجهة أي أزمة بأي وقت بوقف التصدير أن تطلب في حال الارتفاع أو الاستيراد للحديد خصوصا , نحتاج قراءة ديناميكية وسريعة وتنسيقاً بين الجهات الحكومية لمواجهة هذه العقبات والمخاطر التي لا أرى تفاعلا معها , فالماء يصدر ومستمر بلا توقف والوزير المعني يشتكي ولا حول لا قوة له , والأسمنت والحديد ممنوع التصدير وقد يكون الحديد فتح نسبيا , ولكن لازلنا غير فاعلين مع المتغيرات التي أرى أنها خطيرة جدا , فمن يفسر لنا السماح بتصدير المياه في ظل الأزمة الخانقة لدينا وهي خيارات استراتيجية لا بديل لها؟
|