وضوح
لماذا نبكي عليه ؟
مازن السديري *
من طالب نشيط يؤمن بالمبادرات للارتقاء بقسم اللغة العربية إلى موظف بالبلديات تدرج إلى أعلى السلالم الوظيفية في سنوات لا تقل عن اثني عشر عاماً، ثم تحول بعد ذلك إلى رجل أعمال طموح ولكن صبور، ذلك بأنه لا يؤمن بمغارة (علي بابا) الممتلئة بالذهب ولكنه يؤمن أن النجاح يسبق بالعمل والعمل يسبق بالمعرفة خلال زمن يمتصه الصبر، ولكي تمتلك الصبر عليك أن تمتلك قلباً يحب ما تفعل لكي لا تمل مهما طال عليك الزمان.. هذه باختصار كانت فلسفة عبدالله الحقيل - رحمه الله -.
عندما تمتلك المهنية في عملك تترسخ ثقتك بنفسك فتتواضع وتتعرف على الناس من فقير وغني وسيد ومسكين.. لا أعرف كيف كان يستطيع مجاراة ومحاورة ألوان الطيف العديدة من الناس وبأنواع مختلفة من الحوار، من حوار جاد إلى حوار ساخر، كان يجيد تحليل الأمور، كما كان يجيد صنع الطرفة.
نأتي الدنيا ونرحل عنها عرايا من المهد إلى اللحد خلال رحلة العمر تلك نلبس ثياباً متنوعة من السلوك والعادات ونكتسي خلال تلك الرحلة مفاهيم نحاول أن ننميها عبر السنين..
يقولون.. الإنسان خلال رحلة حياته مسيّر غير مخيّر ولكن لا أظن أن رجلاً مثله ولد في بيت من الطين ليكلل بلقب شيخ المصرفيين السعوديين مسيراً، لأن أمثاله من الناس مخيرون يشقون طريقهم دون الاعتماد على أمواج الحظ ولكن بمباركة التوفيق الإلهي.
بعد سنوات من الحياة في أوروبا عدت لكي أهنئه بنجاحي لأنه خالي فوجدت نفسي عدت لأدفنه ولكن ذكريات حياته هي في ذهني ينابيع نور استرشد بها في طرق الحياة المتفرقة المعتمة.. لذلك بكينا عليه.
* مدير صندوق مالي استثماري أوروبي - بروكسل
|