عرض مشاركة واحدة
قديم 22-02-2009, 05:59 AM   #151
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

إلى بعض تجارنا الأعزاء.. نرجوكم خفضوا الأسعار!

د. أمين ساعاتي

معروف في علوم الاقتصاد أن الركود الاقتصادي يؤدي بالضرورة إلى هبوط المستوى العام للأسعار، وإذا انخفض المستوى العام للأسعار زاد الطلب، وإذا زاد الطلب يبدأ النشاط الاقتصادي دورة جديدة من دورات الانتعاش.
أمَا إذا لم يصاحب الركود الاقتصادي انخفاض في الأسعار، فإننا لا بد أن نستشعر أن هناك خللاً ما يعتري العمليات الاقتصادية.
ولذلك فإن الركود الاقتصادي الذي بدأ بالفعل يصل إلى مناطق مختلفة من أسواق المملكة، وبدأ بعض التجار يصرحون به ويشكون من أضراره.. كان المفروض أن يقترن بقيام التجار بسلسلة متلاحقة من خفض الأسعار، وبالذات في أسواق المواد الغذائية والملابس ومواد البناء والألبان التي تؤثر في القطاع الأكبر من المجتمع.
ونستطيع القول إننا نتألم جداً لأننا لم نسمع أن تاجراً سعودياً تبنى حملات لخفض الأسعار رغم أن التجار في العالم العربي أخذوا يتسابقون على خفض الأسعار، والجميع يعرف أن من أهم إفرازات الركود الاقتصادي.. الانخفاض في الأسعار الذي وصل إلى كل أسواق العالم، وفي هذه الأيام تنخفض أسعار السلع والخدمات في أسواق الدول الصناعية مع زيادة حدة الأزمة المالية العالمية.
ولذلك لا أجد مبرراً لتمسك بعض التجار في السعودية بأسعار بلغت أعلى معدلاتها حينما وصل سعر برميل النفط إلى 140 دولاراً، وكان المفروض أن يتسابق التجار السعوديون إلى خفض الأسعار، وإذا كان البعض يقول إن التجار اشتروا بأسعار عالية وإن خفض الأسعار يسبب لهم خسائر كبيرة، فإننا نقول لتكن خسارة في عام 2009 أمام أرباح ومكاسب في نصف قرن.
وإذا كنا نطالب بخفض الأسعار، فإننا لا نطالب التجار بخفض الأسعار عشوائياً، بل يجدر أن تأتي حملات خفض الأسعار في إطار خطة هدفها ـ في النهاية ـ انتعاش الأسواق من أجل العودة إلى تحقيق الأرباح، لأن خفض الأسعار ستعقبه زيادة الطلب وتحقيق الانتعاش، ثم الدخول مرة أخرى في مرحلة التوازن والكسب المشروع.
إن خفض الأسعار ليس ضرورة اقتصادية فحسب بل هو ضرورة اجتماعية، وإذا مرت الأيام ولم يبادر التجار بخفض الأسعار فإن النفوس ستمتلئ حقداً على التجار الذين رفعوا الأسعار في ظروف ارتفاعات أسعار النفط, وظلت على ارتفاعاتها حينما انخفضت أسعار النفط.
ولذلك فإن التاجر الذي ليس لديه رؤية هو التاجر الذي تعوقه خريطة خفض الأسعار، أمَا التاجر الذي لديه رؤية فإن خطة خفض الأسعار ستمنحه مزيداً من الثقة في خوض معركة خفض الأسعار.
وإذا كان بعض التجار تعز عليهم المخاطرة وتغيب عنهم الرؤى، فإنه يمكن النظر إلى خفض الأسعار من باب التكافل الاجتماعي الذي حض عليه ديننا الإسلامي الحنيف وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القائل المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، ولا ننسى أن المستهلك الضعيف تحمل الظروف الصعبة، التي جلبت إليه سلسلة متواصلة من ارتفاعات الأسعار طوال عامي 2007 و2008.
ويجب ألا يغرب عن بالنا أن الدخول النفطية ارتفعت بشدة خلال الطفرات النفطية وأن المستفيدين من المواطنين كثرٌ.. إلاَ أن أجور جزء كبير من السكان وأخص بالذات الموظفين في القطاعين العام والخاص ظلت أدنى من المستوى الذي بلغه التضخم في الاقتصاد السعودي، ونعترف بأن الحكومة حاولت دعم الدخل النقدي لهؤلاء المواطنين.. إلاَ أن المحاولات لم تعالج مشكلة انخفاض الدخل الحقيقي للشريحة الأكبر من المواطنين.
ولا شك أن تراجع أسعار النفط الذي تشهده السوق العالمية في هذه الأيام.. خفض من الضغوط التضخمية التي كانت سائدة في عامي 2007 و2008، والمناخ الآن ملائم جداً لكي تشهد الأسواق السعودية حملات خفض الأسعار، وبالذات بالنسبة للسلع الغذائية التي شطحت كثيراً في الأسواق السعودية رغم أن الأسعار في الخارج قد انخفضت بشكل محسوس.
ولا شك أن انخفاض معدل النمو في عام 2009، الذي يقدر بـ 1 في المائة مقارنة بـ 4.2 في المائة في عام 2008 سيساعد على خفض المستوى العام للأسعار، في حين أن القطاعات غير النفطية (القطاعين الحكومي والخاص) ستحافظ على معدلات نمو إيجابية قد تتجاوز 2.5 في المائة مقارنة بـ 4.5 في المائة في عام 2008 و4.8 في المائة في عام 2007، ومن ناحيتها فإن الحكومة قد رفعت حجم الإنفاق في الموازنة العامة للدولة 2009 بما يتجاوز 15.8 في المائة مقارنة بموازنة 2008 وذلك بهدف مواجهة الركود الاقتصادي ودفع مزيد من برامج التنمية إلى التنفيذ.
وإذا كانت جمعية حماية المستهلك قد تحركت وطالبت بحماية المستهلك من ارتفاعات أسعار الأسمنت والسيارات، فإن التحرك كان يجب أن يشمل أسعار المواد الغذائية، لأن أسعار المواد الغذائية هي التي ستصل إلى الشرائح الدنيا من المجتمع، ونحن ـ بهذه المناسبة ـ نطالب الدكتور محمد الحمد رئيس جمعية حماية المستهلك بأن يخاطب رسمياً وزارة التجارة والصناعة والغرف التجارية الصناعية للترتيب مع التجار على خفض الأسعار طالما أن التخفيض لكثير من السلع والخدمات بدأ من بلدان المنشأ، ونطالب رئيس جمعية حماية المستهلك بأن يبعث بخطاب إلى الأمين العام لمجلس حماية المنافسة يناشده فيه ضرورة المساعدة على تنفيذ حملة خفض الأسعار في الأسواق السعودية أسوة بما يحدث الآن في الأسواق العربية والخليجية الشقيقة.
ونطالب بصورة خاصة اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى بأن تعطي موضوع خفض الأسعار في الأسواق السعودية حقه من الاهتمام، وقبل ذلك وبعده أطالب كل رجل أعمال غيور على بلده وأهل بلده بأن يدخل حلبة سباق أوكازيون خفض الأسعار، وسيكون له عند الله ـ قبل البشر ـ الأجر والثواب.
bhkhalaf غير متواجد حالياً