عرض مشاركة واحدة
قديم 29-12-2008, 07:45 AM   #101
فهد88
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2004
المشاركات: 13,429

 
افتراضي

وجهة نظر اقتصادية - الصناديق السيادية تتجه الى قطاعات تنافسية

سفن بهرندت الحياة - 29/12/08//

ارتأى مديرو صناديق الثروة السيادية أن يغيّروا استراتيجياتهم الاستثمارية، مع انهيار الأسواق المالية العالمية الواحدة تلو الأخرى وسعي المستثمرين الى سيولة وأصول أكثر أماناً. فصناديق الثروة السيادية التي تحاكي صناديق الاستثمار المباشر تسعى تقليدياً إلى زيادة ما تدرّه استثماراتها الدولية، من عائدات معدّلة في ضوء الأخطار. لكن، في أعقاب التباطؤ الاقتصادي الحالي، بدأت هذه الصناديق تولي اهتماماً خاصاً بالاستثمارات الاستراتيجية. وراحت تتملك حصصاً في قطاعات تزيد اقتصاداتها الوطنية تنافسية.

وخلال الأسبوعين المنصرمين، خطا المستثمرون خطوات ثابتة إلى أمام تدعيماً لمراكزهم الاستراتيجية. مثلاً، دخلت «شركة الاستثمارات البترولية الدولية» (ايبيك) التي تدير استثمارات أبو ظبي الخارجية في قطاعي النفط والبتروكيماويات، في صفقة فاقت قيمتها بليون دولار لتملك حصة نسبتها 17.6 في المئة في شركة «أويل سيرش» التي تشغّل الحقول المنتجة للنفط والغاز في بابوا غينيا الجديدة. واشترت حصة تبلغ 70 في المئة في شركة «فيروستال» الألمانية التي تصمّم محطات النفط والبتروكيماويات. ورصدت مبلغاً مقداره 1.63 بليون دولار لشراء 71 في المئة في شركة «آبار» الرائدة في الاستثمار في الطاقة التي اشترت بدورها المصرف السويسري الخاص التابع لمجموعة «أي آي جي» لقاء 254 مليون دولار.

أما «مبادلة للتنمية»، وهي الذراع الاستثمارية الاخرى المملوكة لحكومة أبو ظبي، فوضعت نصب عينيها شركة «فينميكانيكا» الإيطالية الرائدة في صناعة الطيران وانضمت إلى قائمة مقدمي العروض المهتمين بشراء مطار «غاتويك» اللندني بعدما طرحته شركة «بي أي أي» البريطانية للمطارات للبيع. أضف إلى ذلك المشاريع التي تنفِّذها الشركة بالتعاون مع «جنرال إلكتريك» التي تزوّد صناعة الطيران العالمية بمحركات الطائرات، والروابط التي تقيمها مع «إي أي دي إس» الأوروبية الرائدة في تصنيع الطائرات، ناهيك عن مكانتها في إنتاج الألمنيوم. ويتبين أن «مبادلة» تتجه الى تحويل صناعة الطيران في أبو ظبي إلى مركز عالمي ريادي.

ورفع «جهاز قطر للاستثمار» الحكومي حصّته في مصرف «كريدي سويس» السويسري حتى كادت تلامس 10 في المئة من أسهمه. ويعتزم الجهاز تملك حصة نسبتها 12.7 في المئة في المصرف البريطاني «باركليز» بعدما عانى الأمرّين ليرفع رأس ماله. أضف إلى ذلك الحصص التي يملكها في بورصة لندن.

ولا يوفّر هذا التحول الاستراتيجي الكويت التي انحدرت بورصتها المالية 30 في المئة هذه السنة. فقد أبرمت شركة «صناعة الكيماويات البترولية» الكويتية عقداً مع شركة «داو كيميكال» الأميركية لتطوير مشروع مشترك بكلفة 17.4 بليون دولار، لحفز صناعة البتروكيماويات في البلاد.

وبعيداً من دول الخليج العربي، تنشط ليبيا في تملّك حصص في شركات في الخارج. ورفعت حصتها في مصرف «يونيكريديت» الإيطالي إلى أكثر من أربعة في المئة، وعقدت العزم على شراء حصة نسبتها 10 في المئة في شركة «ايني» الإيطالية للنفط والغاز. وأفادت مصادر بأنها تملّكت فرع مصرف «كاوبثينج» الأيسلندي المتعثر في اللوكسمبورغ.

يتناقض هذا التوجه الجديد في شكل صارخ مع حمّى الشراء التي اجتاحت صناديق الثروة السيادية في قطاع الخدمات المالية، في ما بات يوصف بـ «موجات استحواذ مضاربية»، قلصت إلى حد كبير قيمة بعض من أكبر الصناديق السيادية. فالمصرف الأميركي «مورغان ستانلي» الذي فاجأ العالم قبل 18 شهراً حين توقع أن تنمو صناديق الثروة السيادية إلى 12 تريليون دولار بحلول العام 2015، عاد ليراجع هذا الرقم محدّداً الهدف الواقعي عند 9.7 تريليون دولار، لافتاً إلى أن حصص الصناديق السيادية تراجعت عالمياً بين 18 في المئة و25 في المئة هذه السنة.

وفي ظل الخسائر التي تتكبدها هذه الاستثمارات، يُفترض بصناديق الثروة السيادية أن توائم بين استثماراتها والأهداف المؤثرة التي ارتضتها السياسة الاقتصادية لدولها.

كيف سينعكس هذا الأمر في الأشهر الـ 12 إلى 18 المقبلة على صناديق الثروة السيادية ونشاطها الاستثماري في المستقبل؟

لعل صناديق الثروة السيادية ستتجنب تملك الأسهم معتمدة على القيم السوقية الجذابة دون سواها، وستلتزم الحذر الشديد وتقوّم الفرص المتاحة لتتملك حصصاً في شركات تَعِد بأن تزيد من تنافسية اقتصاداتها الوطنية.

وماذا عن المديرين التنفيذيين الغربيين للشركات الذين يبحثون عن مستثمرين؟ ستكون لديهم قصة مُقنعة يروونها، قصة يدوّي صداها لدى المستثمرين العرب ذوي التطلعات الاستراتيجية.

* باحث مشارك في «مركز كارنيغي للشرق الأوسط» - بيروت
فهد88 غير متواجد حالياً