هدية العام
السبت, 27 ديسمبر 2008
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
ميزانية هذا العام تضمنت تخصيص أكثر من 122 مليار ريال للتعليم والتدريب بمستوياته المختلفة أي أكثر من ربع الميزانية. هو مبلغ غير مسبوق في تاريخ المملكة. ولو قُسم هذا المبلغ على عدد سكان المملكة المستهدفين ببرامج التعليم والتدريب (الذين لن يزيدوا بأي حال عن عشرة ملايين نسمة)، فإن ذلك يعني تخصيص أكثر من 12 ألف ريال لكل منهم في المعدل، أي بمعدل ألف ريال شهرياً.
طبعاً يشمل الرقم المهول رواتب الألوف من المعلمين والمعلمات والمدربين والمدربات وأعضاء هيئة التدريس من الجنسين والأطقم الإدارية والفنية المساعدة إضافة إلى مشاريع البناء والتشييد وبرامج التدريب وغيرها.
المال وحده مهما كثر لا يحقق الأهداف المرجوة مع أنه من أكثر الوسائل فعالية وأكثرها أثراً، لكن تظل قضية التعليم مرتبطة بإرادة التغيير والتحسين والتطوير، أكثر من ارتباطها بالمال وحده.
قضية التعليم أكثر ارتباطاً بثقافة البلد وبالتفكير والسائد في البلد، وبمدى جدية مواطن ذلك البلد. والثقافة كذلك مرتبطة بمدى التجانس الذي تتميز به فئات المجتمع المختلفة، فدولة مثل الولايات المتحدة فيها خليط عجيب من الثقافات والجنسيات والأعراق في حين تتوحد هذه الثقافات في دول مثل الدنمارك أو السويد أو سنغافورة أو كوريا. في الولايات المتحدة معاناة من المستوى العام للطلبة في التعليم العام مقارنة بنظرائهم في الدول ذات الثقافات الموحدة، خاصة إذا كان المستوى مرتبطاً بمبادئ الرياضيات والعلوم.
ومع كل الثناء العاطر الذي يستحقه ولي الأمر حفظه الله لاعتماد هذه المبالغ الكبيرة لتعليم وتدريب أبنائنا وبناتنا، تظل على عاتق الجهات المعنية مسؤولية ضخمة نحو تحقيق الأهداف المرجوة ولو مرحلياً، فعلى صعيد التعليم العام مثلاً لا زلنا في مؤخرة الصفوف بالنسبة لعدد كبير من دول العالم (قرابة 50 دولة) في مادتي الرياضيات والعلوم وحتى هذا العام كان المستوى متواضعاً جداً ويستحق وقفات كثيرة طويلة.
وكذلك على مستوى التعليم الجامعي، ولو إن الحال أحسن، لكنه في حاجة هو الآخر إلى وقفات أطول وأكثر.
|