بلغت 1.3 تريليون ريال مسجلة قفزة كبيرة مقارنة بـ 619 ملياراً قبل 3 سنوات
خبراء: احتياطيات المملكة النقدية تقلل من تأثرها بالأزمة المالية العالمية
الرياض: شجاع الوازعي
أكد خبراء اقتصاديون أن حجم الاحتياطات النقدية في المملكة والبالغة 1.3 تريليون ريال يقلل من تأثرها بالأزمة المالية العالمية ويعزز مكانتها ضمن أكبر المراكز المالية في العالم من حيث الاحتياطيات .
واستبعدوا مجددا تأثر الاقتصاد الوطني بتداعيات الأزمة العالمية، في ظل ارتفاع حجم الاحتياطات النقدية بنسبة كبيرة مقارنة بما كانت عليه قبل نحو 3 سنوات.
وأكد نائب محافظ مؤسسة النقد محمد الجاسر الأسبوع الماضي في منتدى اقتصادي بدبي أن احتياطيات البنك المركزي البالغة 1.3 تريليون ريال من النقد الأجنبي موجودة في أصول دولية سائلة جدا وآمنة جدا وتواجه أدنى قدر من المخاطر .
وقال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين لـ"الوطن" إن الاحتياطات النقدية هي الضمانة بعد الله سبحانه وتعالى إذا ما شحت الموارد وتغيرت الظروف، وأضاف "الإدارة الحكيمة هي التي تستطيع أن توازن بين متطلبات التنمية، والنفقات الثابتة، وبين بناء الاحتياطات لمواجهة الظروف".
وأشار إلى أنه مهما ازدهرت الإيرادات، واستقرت الأوضاع فلا مناص من بناء مخزون الاحتياطات الاستراتيجية، مضيفا "الظروف لا تبقى على حالها، كما أن الإيرادات لا يمكن المراهنة على بقائها عند مستوياتها الطبيعية، إضافة إلى أن التخطيط الإستراتيجي يضع في الحسبان إمكانية التغير المفاجئ في العوامل السياسية و الأمنية والاقتصادية مما يؤدي إلى التأثير المباشر على خطط التنمية، ومعدل الإنفاق الحكومي".
وقال"الاحتياطات العامة كانت عند مستوى 619 مليار ريال تقريبا في عام 2005 ثم قفزت إلى 1.3 تريليون ريال، مضيفا أن حجم الاحتياطات النقدية الضخمة قاد المملكة لاحتلال أحد المراكز المتقدمة عالميا، وهو أمر لم يأت صدفة وإنما نتاج تخطيط مالي دقيق قاده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز".
وتابع "على الرغم من الفوائض المالية الضخمة خلال السنوات الماضية إلا أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبتوفيق الله أولا، ثم بحكمته كان حريصا على بناء الاحتياطات النقدية، وتخصيص جزء من فوائض الميزانيات الماضية لهذا الغرض، تحوطا لمتغيرات الأمور المستقبلية".
وأوضح البوعينين أنه كان هناك مخطط استراتيجي لاستثمار الفوائض المالية وتوزيعها بين 3 أبواب رئيسة هي: سداد الدين العام، وبناء الاحتياطات النقدية، وإكمال مشروعات التنمية الملحة التي لم تتضمنها ميزانية العام نفسه.
وقال"وفق هذه الاستراتيجية الناجحة تمكنت السعودية من بناء احتياطاتها النقدية الضخمة لتحتل أحد المراكز المتقدمة عالميا في حجم الاحتياطات النقدية".
وذكر أن زيادة الاحتياطات النقدية تعطي الدولة قوة، وثباتاً في مواجهة الظروف، وتساعدها في مواصلة برامجها التنموية حتى في أحلك الظروف، مضيفا "لعلنا نشير إلى الأزمة العالمية الحالية التي عصفت بأسعار النفط، وأدت إلى دخول العالم مرحلة الركود المخيف، وهي دون أدنى شك مرحلة عصيبة إلا أن الدول التي تمتلك مخزوناً نقدياً استراتيجي يمكن لها التكيف مع المرحلة الجديدة وحتى بداية فترة الانتعاش المتوقعة بنهاية عام 2009".
وأكد البوعينين أنه لا يمكن الفصل بين بناء الاحتياطات وسداد الدين العام، فالأول يحقق للدولة رصيدا استراتيجيا يساعدها في مواجهة الظروف الحرجة، أما الثاني (سداد الدين العام) فهو يخفف من الأعباء المالية والالتزامات الواجب سدادها في وقتها المحدد، مشيرا إلى أنه بذلك يمكن القول إن استراتيجية الملك عبدالله المالية كانت تقوم على محوري سداد الدين العام، الذي لم يتبق منه إلا النذر اليسير، وبناء الاحتياطات النقدية بهدف رفع معدلات الملاءة المالية.
وأضاف"زيادة الاحتياطات النقدية بصورة لافتة تعني أن القيادة السعودية الحكيمة تضع نصب عينها مصلحة الوطن والمواطن، وأنها توازن بين متطلبات التنمية الآنية، والاحتياجات المستقبلية التي تستدعي بناء الاحتياطات النقدية".
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي الدكتور وديع أحمد كابلي أنه كون المملكة هي أكبر منتج ومصدر للبترول في العالم اليوم فإنها تعد أيضا أكبر دولة من حيث حجم الاحتياطيات البترولية أيضا، موضحا أنها تأتي في المرتبة الـ 17 من حيث حجم الناتج الوطني، وفي المرتبة الـ 10 من حيث حجم التجارة الخارجية.
وقال كابلي"المملكة اليوم وفي ظل الأزمة المالية العالمية تقف قوية في وسط عالم مضطرب اقتصاديا ومالياً رغم كل الظروف غير المواتية"، وتابع "لقد تعلمت المملكة من التجارب السابقة أن أسعار البترول متذبذبة ولا يمكن الاعتماد عليها، ولذلك حرصت على تكوين احتياطات كافية في وقت الرخاء لاستعمالها في وقت الشدة والندرة".
وأضاف:"المملكة تملك الآن احتياطات ضخمة، مؤكدا على أن هذه الاحتياطيات ستساعد المملكة علي تخطي الأزمة المالية العالمية بأقل قدر من الخسائر بالرغم من تخوف الناس على الوضع المالي للملكة والذي تعكسه تحركات سوق الأسهم المحلية خوفا من المستقبل المجهول، ولعدم معرفتهم الكاملة بحجم تلك الاحتياطيات المالية.
وقال كابلي "لقد جاءت تلك التقديرات من جهات عالمية محايدة يعتمد على تقديراتها بشيء كبير من الدقة والموضوعية ، ونأمل أن تستعمل تلك الاحتياطيات في المستقبل لما فيه خير الاقتصاد الوطني خاصة والاقتصاد العالمي عامة للمساهمة في إخراج العالم من أزمته الحالية التي نرجو ألا تطول".
من جهة أخرى أكد الخبير الاقتصادي فهد المشاري لـ"الوطن" أن ارتفاع الاحتياطي النقدي للمملكة، يعزز من فرصة عدم تأثرها بشكل مباشر بالأزمة المالية العالمية.
وأكد المشاري أن المشاريع التنموية والاقتصادية التي تمت الموافقة عليها من ذي قبل من المتوقع استمرار إنشائها في ظل الأزمة العالمية التي تمر بها دول العالم، موضحا أن هذا الاستمرار يعتمد في الأساس على الاحتياطي النقدي العالي لدى المملكة.