دراسة: البنوك الإسلامية تواجه مخاطر كبيرة في صيغ التمويل
معاوية كنة وعثمان ظهير من الرياض - - 11/11/1429هـ
نجاح المصرفية الإسلامية في الخروج من عين العاصفة الأخيرة، جعلها موضع اهتمام من الجميع، في الوقت الذي ما زالت فيه الأنظمة الأخرى تعاني تبعات الأزمة التي سببها الائتمان، هذا الوضع دفع الكثيرين اليوم للحديث عن المخاطر الائتمانية في العمل المصرفي الإسلامي، وعن القول إن الصيغ الإسلامية أعلى مخاطرة من الإقراض بالفائدة، فهل هذه الأقوال صحيحة؟ وما هو موضع المخاطر الائتمانية في عمل المصارف الإسلامية؟
يرى الدكتور محمد علي القري الخبير في المصرفية الإسلامية أنه يمكن القول إن البنوك الإسلامية بوضعها الحاضر، حيث تمثل الديون الغالبية العظمى من أصول المصرف، تواجه مخاطر أعلى نسبياً من تلك التي تواجهها البنوك التقليدية، لأنها تفتقر إلى طرق معالجة مخاطر الديون ضمن نطاق المباح, وجلي تركز عمل المصارف الإسلامية حالياً في الديون، بمعنى أن إمكانات إدارة المخاطر بالنسبة إليها محدودة، نظراً لتقيدها بأحكام الشريعة في المعاملات المالية.
ويضيف: إلا أننا لا يمكننا أن نقر أن نموذج المصرف الإسلامي يجب أن يواجه معدلاً أعلى من المخاطر، ذلك النموذج الذي لا تشكل الديون فيه إلا جزءا يسيراً من جملة الأصول وتحوي محفظته الاستثمارية أنواع المشاركات وعقود التأجير والمضاربة. إن الإمكانيات المتاحة ضمن نطاق الجواز الشرعي كافية لمواجهة مصادر الخطر.
وعن مبعث تعرض البنك الإسلامي إلى معدل أعلى من المخاطر يقول الدكتور القري إن ذلك يرجع إلى اعتماد هذه البنوك على المرابحة كصيغة وحيدة تقريباً للوساطة المالية، حيث تصل المرابحات إلى ما يزيد على 90 في المائة من العمليات في عدد من البنوك الإسلامية. وحتى تلك التي نجحت في استخدام صيغ أخرى تجد أنها تركز على الصيغ المولدة للديون مثل الاستصناع. ونظراً إلى أن الأصول المالية المتولدة عن المرابحة هي ديون، فإن الإمكانات المتاحة للتعامل معهـا ضمن حدود الجواز الشرعي محدودة.
وعن موضع المخاطر الائتمانية في عمل البنوك الإسلامية يقول: تواجه هذه البنوك المخاطر في أكثر صيغ التمويل التي تعمل بها، فمعلوم أن المرابحة، والاستصناع، وبيع التقسيط هي بيوع آجلة يتولد عنها ديون في دفاتر البنك، والمخاطرة الأساسية فيها هي المخاطر الائتمانية. والسلم يتولد عنه دين سلعي لا نقدي، ولكنه يتضمن أيضا مخاطر ائتمانية. والمضاربة والمشاركة عقد شركة، لا تكون الأموال التي يدفعها البنك إلى عميله ديوناً في ذمته، ولكنها قد تتضمن مخاطر ائتمانية من طريقين: الأول: في حال التعدي أو التقصير، حيث يضمن العامل رأس المال فينقلب إلى دين في ذمته، وعند إنهاء المضاربة والتنضيض والقسمة يصبح نصيب البنك مضموناً على العامل. مثل الدين؛ فكل ذلك يتضمن المخاطر الائتمانية.
والثاني: إذا استخدمت أموال المضاربة أو المشاركة في البيع الآجل في المصارف الإسلامية وهو ما يقع في أكثر المضاربات، فيتحمل رب المال (وهو البنك) مخاطر ائتمانية غير مباشرة، متعلقة بقدرة عملاء المضاربة على التسديد.
وأشارت الدراسة إلى أن الدراسات المقارنة لمخاطر الصيغ الإسلامية بالغة الأهمية، ذلك أنها تساعد على الفهم الصحيح من الناحية الفنية لجوانب العمل المصرفي الإسلامي، لكنه لم يلق حقه من ناحية الدراسات والأبحاث كما يستحق.
|