الأجهوري الأقدم و«سوا» الأشهر
غياب الأوعية الاستثمارية وكثرة السيولة وراء رواج المساهمات العقارية المتعثرة
عارف العضيلة- القصيم
أدى النجاح الكبير لعملية تصفية "مساهمة جزر البندقية" تحت اشراف عدد من الجهات الحكومية الرسمية الى ارتياح كبير من قبل المواطنين بشكل عام والمساهمين بشكل خاص. واعتبر نجاح تصفية "جزر البندقية" خطوة اولى في طريق تصفية كافة المساهمات المتعثرة، ومرحلة مهمة من مراحل التشريعات القضائية والتنفيذية السعودية في المجال الاستثماري والاقتصادي بشكل عام.
مع ظهور ظاهرة ما عرف بتوظيف الأعمال في عدد من الدول المجاورة وفي ظل الطفرة العقارية والاقتصادية الاولى التي عاشتها المملكة بين عام 1975م- 1984م ظهرت موجة المساهمات العقارية والتي شهدت رواجا كبيرا لعدة أسباب اهمها:
- كثرة السيولة المالية الموجودة لدى المواطنين.
- عدم وجود الاوعية الاستثمارية.
هذه الاسباب شجعت الكثير من ملاك المكاتب العقارية البسيطة الى اعلان فتح مساهمات في اراض خام قد يملكونها وقد لا يملكونها ويتولون تطويرها ثم تباع وبعد خصم ما يسمى مصاريف التطوير والمصاريف الادارية والنثريات تتم التصفية ثم توزع الارباح لكن بعض المشغلين بسوء او بحسن نية لم يقموا بتوزيع الارباح او ما يعرف بتصفية المساهمة وهذا ما عرف باسم "المساهمة المتعثرة".
بحسب الشكل القانوني تحدث عدة تجاوزات مالية في المساهمات العقارية كأن يشتري المشغل وهو غالبا مالك المكتب العقاري الارض الخام ثم يبيعها على المساهمين بسعر أعلى ثم تحدث تجاوزات مالية اخرى في بنود المصاريف الادارية والنثريات.
ويتم التكتم على هذه التجاوزات بسبب عدم وجود محاسب قانوني مستقل للمساهمة وبسبب ارتفاع ارباح التصفية والعائد الربحي على المساهمين وبسبب عدم وجود رقابة رسمية قوية كل هذه العوامل جعلت المساهمين يفضون الطرق عن التجاوزات المالية.
لجنة المساهمات المتعثرة: تعد المساهمة المتعثرة المعروفة باسم "مساهمات الاجهوري" هي اقدم مساهمة متعثرة في المملكة ويتجاوز عمرها الثلاثين عاما ثم تبعتها عدة مساهمات رفعت قضاياها وشكاويها الى عدة جهات رسمية لكنها كانت تحال في النهاية الى لجنة المساهمات المتعثرة للاختصاص.
ورغم ان آخر قضية مساهمة متعثرة كانت عام 1985م وحتى عام 2006م حيث ظهرت من جديد قضية مساهمة متعثرة بالطفرة الثانية إلا ان اي من اللجان لم تتخذ اي اجراء فعلي لحل الاشكاليات لهذه المساهمات واقتصر دورها على الاجراءات الشكلية كتسجيل الاقوال وجمع الخصوم وكتابة المحاضر فقط ويمكن تلخيص اسباب تجمد عمل اللجان لاسباب جوهرية يمكن تلخيصها بالآتي:
- عدم وجود تشريعات تحدد عمل اللجنة وتحدد آليات التعامل مع المساهمات المتعثرة.
- الخلل في النظام الاداري الذي لم يكن يسمح لأي أحد برفع شكوى لديوان المظالم بصفته "المحكمة الدستورية السعودية" الا بعد الحصول على عدة موافقات من جهات حكومية عليا وعليه تم تجميد التعامل مع قضية تصفية المساهمات المتعثرات طوال السنوات الماضية وان كانت تصدر بين الحين والآخر قرارات بايقاف المشغلين لهذه المساهمات دون ان توجد قرارات تحفظ للمساهمين حقوقهم.
الطفرة الثانية: مع ميلاد الطفرة الاقتصادية والعقارية الثانية عام 2003م ظهرت مساهمات عقارية اخرى هذه المرة اخذت الطابع الحديث لم تعد المكاتب العقارية هي التي تديرها بل ظهرت مؤسسات عقارية وظهرت وجوه عقارية جديدة وطرق تسويقية حديثة وتسارعت خطى المشغلين والمساهمين في آن واحد وتعددت المساهمات العقارية وشجع على نموها مجددا ارتفاع مستوى السيولة لدى الشعب وعدم وجود الوعاء الاستثماري الآمن في المملكة فرغم وجود عشرات المساهمات المتعثرة إلا ان الانظمة للمساهمات العقارية لم تغير او تعدل واستغل المشغلون الجدد هذه الثغرات النظامية وباتت الفترة من 2003- 2005م تقرأ بمعدل مساهمة جديدة كل اسبوع عدا المساهمات الخاصة التي لم يعلن عنها.
اشكال جديدة ميزت الطفرة الثانية بوجود عمليات توظيف لاموال جديدة فبوجود الشكل القديم وهو المساهمات العقارية ظهرت مساهمات "سوا" وهي الأشهر في عالم توظيف الاموال السعودية وظهرت مساهمات البورصة وغيرها كثير.
ومع الانفتاح الاعلامي ولتحسن أداء الاجهزة التشريعية والتنفيذية الحكومية في المملكة بحث بشكل جدي ضرورة اعادة حقوق المساهمين وبالبت بشكل سريع بتصفية اي مساهمة متعثرة تحت اشراف عدد من الاجهزة الحكومية ذات العلاقة فكانت البداية بجزر البندقية ومؤخرا اعلن ان الدور سيكون تصفية مساهمات عقارات وتمور المملكة ثم يتم جدولة باقي المساهمات المتعثرة بما فيها مساهمات الاجهوري.
ولعل من أهم ايجابيات قرار تصفية المساهمات المتعثرة تسارع عدد من المشغلين الى اعلان تصفية مساهماتهم بأنفسهم قبل تدخل الجهات الحكومية.
|