عرض مشاركة واحدة
قديم 29-06-2008, 10:40 AM   #112
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

استثمار زراعي خارجي وبرامج توعية استهلاكية

د. خالد بن محمد الفهيد - - 25/06/1429هـ

العالم بأسره يواجه خلال هذه الفترة أزمة تتمثل في أزمة غذاء انعكست في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، خصوصاً الحبوب، وصلت إلى مستويات قياسية لم يشهدها العالم منذ ربع قرن. وتختلف الأهمية النسبية لهذه الأزمة من دولة لأخرى وذلك حسبما يتوافر من موارد سواء مادية أو بشرية وكذلك الطبيعية وحسن استغلال هذه الموارد أو طريقة تعامل كل دولة مع هذه الأزمة أو التكيف معها. والمنظمات الدولية حذرت من الآثار السلبية وتداعيات هذه الأزمة على دول العالم، خاصة الدول الفقيرة، وما يمكن أن تخلفه من مشكلات على شعوب هذه الدول التي تعاني أصلاً الجوع والفقر وصعوبة تأمين الغذاء، كما تتخوف المنظمات الدولية من أن تسهم هذه الأزمة في حدوث اضطرابات دولية. وحسب البرنامج التابع للأم المتحدة فإن النقص في الحبوب والبقول والزيوت يهدد حياة الملايين في عدد كبير من دول العالم خاصة إفريقيا. وتتوقع تقارير دولية أن يواجه نصف سكان الكرة الأرضية مصاعب غذائية كبيرة خلال الأشهر المقبلة، وما يزيد من المخاوف احتمال قفز هذه الأسعار في العالم على نحو لا يستطيع معه أكثر من مليار نسمة من فقراء آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية شراءها. وأكدت المنظمات الدولية وخبراء الغذاء الحاجة إلى زيادة إنتاج الأغذية عالمياً بصورة ملحة للحد من الارتفاع المتزايد في أسعار الأغذية العالمية الذي قد يزعزع استقرار البلدان النامية. كما طالبوا أن يولي المجتمع الدولي اهتماماً أكبر بالعواقب المحتملة الناتجة عن ارتفاع الأسعار وتدعيم المساعدات المقدمة لتلك البلدان المحتاجة بشدة للمساعدات في إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وآسيا. ويُعزى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى عدد من العوامل منها تضاءل الاحتياطي وتزايد الطلب على الحبوب بشكل كبير في ظل نقص المعروض منها، كما أسهمت التوقعات الخاصة باحتمال حدوث ركود عالمي واستمرار سوء الأحوال الجوية في أجزاء من إفريقيا وآسيا في زيادة ارتفاع الأسعار، إضافة إلى المضاربة في الأسواق وارتفاع أسعار النفط والتوسع في إنتاج الوقود الحيوي، كل تلك المسببات أسهمت في ارتفاع أسعار الأغذية. والسعودية كإحدى أهم الدول اقتصاديا على المستوى العالمي تؤثر وتتأثر شأنها شأن باقي دول العالم تعاني ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية التي تأثر بها السكان في المملكة وأسهمت في ارتفاع تكاليف معيشتهم، وبالتالي ارتفاع معدل التضخم في المملكة نتيجة هذه التغيرات الاقتصادية سواء في الغذاء أو الدواء أو السكن أو مدخلات ومخرجات الصناعة والزراعة. والحكومة تسعى بشكل جدي إلى معالجة ارتفاع أسعار الغذاء من خلال إيجاد الوسائل التي تكفل تأمين السلع الغذائية وزيادة الإنتاج الزراعي داخلياً والاستثمار في القطاع الزراعي خارجياً. كما عملت الدولة على تقديم الدعم لبعض السلع الغذائية الرئيسة سعياً منها لتخفيف العبء على كاهل المواطن والمقيم وتقديم هذه السلع بأسعار مناسبة. وبروز مثل هذه الأزمة يؤكد حقيقة أهمية القطاع الزراعي في المملكة الذي له دور بارز في هذه الأزمة، حيث حقق إنجازات كبيرة خلال العقود الماضية حتى أصبح، بحمد الله، من أهم القطاعات الاقتصادية في المملكة وأن ما تحقق كان نتيجة لتوفيق الله، سبحانه وتعالى، وما تبنته الدولة من سياسات وبرامج تنموية عبر خطط التنمية الزراعية المتعاقبة الهادف إلى تنمية القطاع الزراعي وتطويره وتحقيق الأمن الغذائي. وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى متانة هذا القطاع ودوره الرائد كرافد أساسي للاقتصاد الوطني وأنه من أهم مصادر تنويع الدخل القومي وداعم للأمن الغذائي للمواطنين والمقيمين في المملكة، وكان من نتائج سياسات الدعم المتواصل والتشجيع المستمر لحكومة المملكة للقطاع الزراعي، باستخدام أحدث التقنيات المتاحة في العالم بعد تطويعها لظروف المملكة، الأثر الفاعل في النهضة الزراعية التي تشهدها المملكة اليوم، وبذلك تمكنت المملكة، بفضل من الله، من تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الزراعية الغذائية كالقمح والتمور وبيض المائدة والألبان الطازجة، كما وصلت في إنتاجها من السلع الزراعية الغذائية الأخرى إلى مراحل متقدمة من الاكتفاء الذاتي، وقد انعكس كل ذلك إيجابيا على المستوى الغذائي للمواطنين والمقيمين على حد سواء. وتتوجه المملكة في سياساتها الزراعية في هذه المرحلة إلي تشجيع المزارعين للتركيز على تنويع الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والاستثمار في الصناعات الزراعية التحويلية وتصنيع المعدات والأدوات الزراعية الملائمة للظروف البيئية والمناخية للمملكة وتصنيع مدخلات الإنتاج الزراعي والأسمدة والمبيدات وإنتاج التقاوي المحسنة، وغير ذلك من مدخلات الإنتاج الأخرى.

وما يميز القطاع الزراعي في وقتنا الحاضر أنه تكيف مع التغيرات المختلفة وعلى وجه الخصوص مع شح بعض الموارد الطبيعية وفي مقدمتها مياه الري، ما خلق فرصا استثمارية في المجال الزراعي هدفها الرئيسي ترشيد استخدام مياه الري والتوسع في هذا النوع من الفرص الاستثمارية المقننة مثل زراعة البيوت المحمية ومشاريع الدواجن البياض واللاحم والاستزراع السمكي وكل تلك الحقائق تؤكد أهمية الحفاظ على المكتسبات التنموية التي تحققت في القطاع الزراعي في المملكة وتنميته وتطويره ودعم المستثمرين والخبرات الزراعية في المشاريع الزراعية السعودية داخل أو خارج المملكة وتسخيرها لما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي لتوفير الغذاء وزيادة المعروض منه بمواصفات سعودية. وعلى الرغم من ظهور أزمة الغذاء في بعض دول العالم، إلا أنه، ولله الحمد، فإن المملكة لا تواجه أزمة غذاء في وقتنا الحاضر، بل أزمة ارتفاع في الأسعار وتدل جميع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على اهتمام الدولة بتوفير مصادر آمنة للغذاء لأبناء المملكة سواء من مصادر محلية أو خارجية، وكذلك اهتمامها بالبحث عن البدائل المتاحة كافة لتوفير المواد التموينية في ظل الظروف الحالية خاصة أن هذه الأزمة أصبحت واقعا ملموسا تأثرت به الكثير من الدول، ما حدا بالبعض إلى تركيز سياساته الداخلية والخارجية لتوفير السلع الغذائية والبحث عن تأمين مصادر مأمونة لتوفير السلع التموينية. والمملكة إحدى هذه الدول التي اهتمت بشكل كبير في هذا السياق، فقد اتخذت قرارات استراتيجية تستهدف معالجة ارتفاع أسعار السلع وتحقيق الأمن الغذائي على المديين القصير والبعيد ومحاولة خلق توازن بين قوى العرض والطلب لهذه السلع الضرورية، التي جاءت استكمالا لعدة خطوات سنتها الحكومة على مدى الأشهر الماضية في مواجهة التضخم، وتمثلت في عزمها بناء مخزون استراتيجي للغذاء بتوفير السلع والمواد التموينية وضبط أسعارها محليا سعيا لتخفيف العبء المعيشي على السكان. وتعزيز توجه الجهات المختصة لمراقبة أسعار المواد الغذائية وكبح جماحها، ودراسة إنشاء شركة قابضة بين القطاعين العام والخاص للتطوير والتشغيل والاستثمار الزراعي والحيواني في الدول الأخرى، ووضع آلية لتنظيم التعاقد مع الشركات السعودية المستثمرة في الدول الأخرى لشراء منتجاتها في الوقت نفسه وذلك بعد إجراء المسح الشامل للدول التي تتوافر لديها إمكانات وفرص للاستثمار في القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية، على أن يتم إعداد الاتفاقيات الاستثمارية السعودية الخارجية في القطاعين لتوفير الحوافز والضمانات اللازمة لها مدعومة بالتوسع لتشمل عدة دول. وسيقابل ذلك تحفيز لرجال الأعمال السعوديين للاستثمار الزراعي والحيواني خارجياً، وذلك بتوفير التسهيلات الائتمانية والتمويل الميسر عن طريق صناديق التمويل الحكومية، ولنجاح هذه الاستثمارات لا بد من الاستفادة من التجارب الأخرى والاطلاع على تجارب الشركات العالمية، مثل شركات التنقيب عن النفط التي دارت حول قارات العالم واستطاعت أن تسخر خبرتها لتحقيق أهدافها. ومع هذه الجهود لا بد من كبح جماح الإسراف على موائدنا، خلق برامج تثقيفية لرفع الوعي، وإيجاد برامج غذائية صحية.
bhkhalaf غير متواجد حالياً