بعد أن بلغ سعر جالون البنزين 4 دولارات
الولايات المتحدة تتهيأ لنقلة نوعية في التعامل مع الصناعة النفطية
http://www.aleqt.com/nwsthpic/132884.jpg
"الاقتصادية" -
من واشنطن -
25/06/1429هـ
بدأ سعر جالون الوقود الذي وصل في الولايات المتحدة إلى أربعة دولارات، يلقي بظلاله على المشهد السياسي ويقوم بتحريك مواقف مختلف اللاعبين على المسرح، والالتفات إلى الداخل بعد فترة طويلة ركزت فيها واشنطن على دفع الدول المنتجة، خاصة السعودية، على زيادة إمداداتها للسوق، الأمر الذي يؤذن بفتح الباب أمام متغيرات يمكن أن تطال الساحة النفطية وتنعكس على الوضع الجيوسياسي.
وليس أفضل من ذلك خطوة الرئيس الأمريكي جورج بوش إعادة طرح موضوع فتح المناطق التي كان التنقيب ممنوعا فيها أمام الشركات، والأكثر إثارة أن الوضع الحالي في السوق النفطية قد يدفع إلى تقارب بين واشنطن وهافانا على خلفية أن الأخيرة تتجه إلى أن تنضم إلى نادي الدول المصدرة للنفط، والولايات المتحدة العطشى إلى الإمدادات تقبع على بعد 50 ميلا فقط.
نقطة الانطلاق جاءت من المرشح الجمهوري جون ماكين، الذي اختار عاصمة الصناعة النفطية هيوستن ليلقي خطابا يطالب فيه برفع الحظر الموضوع على التنقيب في بعض المناطق الفيدرالية لأسباب بيئية وغيرها. بعدها بيوم ردد الدعوة بوش في خطاب قصير له في حديقة البيت الأبيض تحدى فيه الديمقراطيين الذي يسيطرون على الكونجرس أن يعيدوا النظر في مواقفهم مهددا إياهم بأن يستعدوا في غياب تبنيهم لسياسته أن يشرحوا للجمهور لماذا وصل جالون الوقود إلى أربعة دولارات.
الحظر المشار إليه يتعلق بإجراءين، أحدهما فرضه الكونجرس قبل قرابة عقدين من الزمان، والثاني للمفارقة عبارة عن أمر تنفيذي أصدره الرئيس الأسبق جورج بوش الأب. ونظريا يمكن للرئيس الحالي بوش الابن إلغاء الحظر الذي أصدره والده، لكن يقول إنه يود من الكونجرس أن يتحرك بداية حتى تتكامل الخطوتان معا.
لكن الديمقراطيين ردوا بسرعة موضحين أن خطوة بوش ينبغي النظر إليها في إطار الحملة الانتخابية لمعاونة المرشح الجمهوري ماكين، لأنها لن تؤثر في سعر بيع الجالون للمستهلك في المستقبل القريب، وأن الشركات تضع أيديها على مساحات كبيرة من الأراضي لم تستغلها طوال الأعوام الماضية، علما أنها تقطف أرباحا قياسية.
ويرى مراقبون لتطورات الأوضاع في الصناعة النفطية، أن اقتراح بوش سيصطدم بواقع الاختناق الذي تعانيه الصناعة في مختلف مجالات القوى البشرية، بل والآلات مثلما هو الحال مع السفن المجهزة بصورة خاصة بحفارات ذات قدرة على العمل في المياه العميقة، وهذه إحدى أوجه الأزمة التي تعانيها الصناعة حاليا. ويظهر هذا في أن تكلفة تأجير حفارة تعمل في المياه العميقة قفزت إلى 600 ألف دولار في اليوم في الوقت الحالي من 150 ألفا قبل ست سنوات، ولهذا فليس مستغربا أن يصطدم من يريد تأجير حفارة تعمل تحت الماء بحقيقة أن كل السفن محجوزة لمدة خمس سنوات مقبلة.
ولخصت افتتاحية في صحيفة "نيويورك تايمز" الرأي المعارض بقولها إن ما طرحه بوش يعتبر أسوأ من فكرة سخيفة، إذ تتبع نهجا مضللا لن يؤثر بصورة واضحة أو سريعة على المستهلك.
من ناحية أخرى فإن حقيقة الوضع الذي تمر به السوق النفطية، ووجود زعيم جديد في كوبا هو راؤول كاسترو، وانتخاب رئيس جديد في الولايات المتحدة في الخريف المقبل، أصبحت عوامل دافعة باتجاه حدوث تغيير درامي في السياسة الأمريكية تجاه كوبا التي ظلت تتحرك بدوافع جماعات الضغط المؤثرة للمنفيين الكوبيين.
فالعام المقبل يتوقع له أن يشهد بداية التنقيب عن النفط، خاصة والدراسات التي أجريت تتحدث عن احتياطيات تبلغ خمسة مليارات برميل من النفط الخام إلى عشرة تريليونات قدم مكعب من الغاز الطبيعي، الأمر الذي يمكن أن يؤهل كوبا للانضمام إلى نادي الدول المصدرة للنفط بحجم يصل إلى 525 ألف برميل، علما أن حجم استهلاكها المحلي يصل إلى 145 ألفا، الأمر الذي يوفر ما يزيد على 300 ألف برميل يوميا للتصدير، وليس هناك أنسب من السوق الأمريكية وشركاتها ذات القدرات التقنية العالية للعمل في هذا المجال.
على أن خطوة مثل هذه ستصطدم باللوبي القوي الذي تمكن ومنذ عام 1962 من إصدار العديد من التشريعات والقوانين التي تحظر التعاون مع كوبا، والتي لم تضعف بمرور الزمن.