قال الله تعالى مخاطباً محمداً - صلى الله عليه وسلم -: { واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ . فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ. فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ }
وعلق الشيخ القرني على قصة القرية بقوله : لقد أخذت أخذ عزيز مقتدر ، فضحها الله ، وجعل أشخاصها قردة وخنازير يوم تركوا أمره ونهيه، فهم قرية كانت على الشاطئ مجاورة للبحر ، حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت ، فوقفوا لا يصطادون يوم السبت ، فزاد الله ابتلاءهم ابتلاء ، وامتحن صدقهم وإخلاصهم ، فجعل الأسماك يوم السبت تأتي سابحة إلى الشاطئ ، وفي بقية الأيام لا تكاد تجد سمكة إلا قليلاً ، فانقسم الناس حيال أمر الله - عز وجل - إلى أقسام وهم في كل زمان بهذه الأقسام :
- قسم هم أهل الخبث والخيانة والفجور ، قالوا : نجري جداول وأنهاراً إلى داخل الشاطئ ، فإذا دخلت الأسماك سددنا عليها يوم السبت وأخذناها يوم الأحد ، أعَلَى الله يضحكون ؟ أم على الله يمكرون ؟ يخادعون الله وهو خادعهم .
- وقسم آخر أمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر ، وقال : لا تفعلوا هذا ، بل اتقوا الله ، وخافوا الله ، واحفظوا الله ، فلم يسمع لهذا القسم .
- وقسم آخر : قال اتركوهم . لِمَ تنهونهم ؟ الله سيعذبهم .
فقال الدعاة إلى الخير ، نأمرهم معذرة أمام الله - عز وجل - يوم يجمع الأولين والآخرين ، علهم أن يهتدوا ، فنحن لا نعلم أن الله قد طبع على قلوبهم وقد بدأ أهل الخبث في تنفيذ خطتهم ، وخداعهم ، ومكرهم ، فقام الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر - الذين يثقون بما يعد الله به - قاموا بجعل سور بينهم وبين الفجرة الماكرين ، حتى لا يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل السوء ، وتركوا في الجدار نوافذ ، ليتطلعوا أخبارهم من خلالها ، ليكون لهم في ذلك عبرة .
أما القسم الآخر فسكتوا ، ولم ينكروا ، لكنهم ، رضوا بالمنكر ، والراضي كالفاعل ، ويأتي صباح يوم من أيام الله ، يوم يغضب الله ، ويسخط على أعدائه ، فيمسخ أولئك قردة وخنازير ، وفوجئ الدعاة ، وإذ بالنوافذ ممتلئة خنازير وقردة ، يقولون : من أنت ؟ فيقول الرجل : أنا فلان ، وهو على صورة خنزير ، والمرأة تقول : أنا فلانة ، وهي على صورة خنزير ، وقعوا فيما يغضب الله ، وتركوا الأمر والنهي ، فصاروا قردة وخنازير ، ثم أتى الله بأولئك الذين سكتوا ، وما تكلموا ، أتى الله بهم فأدخلهم في الحظيرة ، فحولهم قردة وخنازير ، هم احتالوا على الله ، لكنهم سكتوا على المنكر ، والراضي كالفاعل ، ولا يظلم ربك أحداً ، أما أولئك الدعاة الآمرون والناهون فسلموا في الدنيا ، ولهم السلام في الأخرى
{ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُون َ} .
اللهم يا مالك الملك يا مجيب الدعاء انجي بلادنا من الربا انجي بلادنا من الرباء
لا حول ولا قوة إلا بالله
|