احياناً ... وعاء من ذهب .. من الفضائيات إلى الطروحات (( مص العظم )) !
احياناً ... وعاء من ذهب
عبدالعزيز السويد صحيفة الحياة - 06/05/08/
كتب الكثير حول استثمار فضائيات للتصويت المدفوع، وقيل ما قيل عن استغلال المجتمع السعودي. وُصف المصوتون بالسذاجة والمستغلون بالابتزاز، وغالباً ما يرمى الحجر الكبير على الخارج في حين ترمى أحجار صغيرة في الداخل.
بدأت بالفضائي لأنه الأكثر ظهوراً للعامة، لكن حال «مص العظم» تلك وتشكيل الثروات حدثت وتحدث بصور شتى، ما يشير إلى ان المجتمع السعودي وعاء مالي تغرف منه الكثير من الجهات.
ولأنني اعتقد ان اصل الخلل من الداخل، آتي – هنا - بأمثلة:
لعل طرح شركات للاكتتاب اكبر مثال على التعامل غير الراشد مع السوق السعودية واحترام مجتمعها.
مررنا بتجارب لا تحمي سوقاً تتكون في معظمها من شرائح وسطى أو اقل، بدعوى ان الوعي الاستثماري قضية فردية! طرحت شركات وتطرح، فيحصل ملاكها على اعلى من قيمتها، كاملة، في مقابل طرح 30 في المئة منها، جرى ويجري هذا بتراخيص رسمية.
الفارق بين هذا وشركات توظيف الأموال الوهمية ان الأخيرة تقدم موقتاً ارباحاً مرتفعة، لكن طرح نسبة ضئيلة من رأسمال شركات للاكتتاب وبعلاوة إصدار مبالغ فيها بموافقة هيئة سوق المال، تحول إلى أمر عادي، إن الوعي الاستثماري، لدى الأفراد، الذي دائماً ما يتهم بالقصور يستند عليه هنا من جهات رسمية.
البنوك أيضاً تستغل هذا الوعاء المالي، تطفئ خسائرها الخارجية وديوناً معدومة من سيولته، وهي المتحكم الأكبر بالقروض والخدمات على طريقتها الفظة.
لذلك ليس مستغرباً ان تقوم الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» بإصدار صكوك لتجميع السيولة، انه شكل جديد من أشكال «الغرف» المالي.
لماذا أقول هذا؟
أليست شركة سابك «صرحاً» وطنياً؟
بلى فهي تستفيد من اللقيم الرخيص، وترفع أسعار الحديد في الداخل وتستمر بتصديره! بلى هي من الصروح، لكنها اصدرت صكوكاً وطرحتها للعموم بسعر متغير بنقاط أساس عدة تضاف إلى سعر السايبر (سعر الإقراض بين البنوك) علماً أن سعر السايبر هذه الأيام لا يتخطى 2 في المئة، في حين أنها في العام الماضي اقترضت من بنوك أميركية وعالمية لغرض تمويل صفقة البلاستيك بسعر فائدة ثابت يزيد على 9 في المئة!
ذهبت إلى الخارج وهو يشكو من شح السيولة وأزمة الرهن العقاري، في حين كان الوعاء المالي المحلي، آنذاك، مترعاً بالسيولة، وكان من الممكن طرح ما يطرح الآن في وقت مبكر بسعر مجزٍ والحصول على الأموال اللازمة، وتحقيق جملة فوائد لـ «سابك» وللمجتمع، بدلاً من تقديمه على طبق من فائدة مرتفعة عبر المحيط... وتقديم الفتات للداخل.
وإلا، ماذا سيستفيد صغار المستثمرين من مثل هذا الطرح منخفض العوائد والسيولة.
إن الصورة متشابهة، من الفضائيات إلى الطروحات مع اختلاف التفاصيل، والسبب أن هذا الوعاء يعتبره البعض «جداراً قصيراً». إذا كانت لديك القدرة.. تلفت يميناً ويساراً وارفع ثوبك «واطمر»... ستسقط في وعاء من ذهب.
موضوع في الصميم سلمت يمينك .
|