تخوف خليجي من فكرة إنشاء (كارتيل) لمصدري الأرز في العالم
- عبد الهادي حبتور من جدة - 01/05/1429هـ
أبدى عدد من تجار الأرز في السعودية والخبراء الاقتصاديين تخوفهم من فكرة إنشاء (كارتيل) خاص بالدول المصدرة للأرز التي طرحت أخيرا في تجمع دولي في تايلاند من قبل عدد من الدول المصدرة، مؤكدين أن خطوة من هذا القبيل ستسهم في زيادة الأسعار وتؤدي إلى التحكم في المخزونات العالمية للأرز واحتكارها.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور رجا المرزوقي الخبير الاقتصادي أن فرصة نجاح إنشاء مثل هذا (الكارتيل) تعتمد على جانب العرض، أو عدد الدول المنتجة للأرز إذا كانت تتحكم بما لا يقل عن 70 في المائة من الإنتاج العالمي، فإن هناك إمكانية لنجاحه.
وأضاف المرزوقي "قيام التكتل ليس بالأمر الصعب، لكن العقبة التي ستواجه هذا الكارتيل تتمحور في وضع السياسات الخاصة به، ومنظمة "أوبك" خير دليل على ذلك، ومن وجهة نظري أن التفكير في إنشاء التكتل يأتي في وقت الأزمات فقط، وعندما تستفيد كل دولة بمفردها، تنهار فكرة الكارتيل بعدها".
وأكد المرزوقي أن قيام تكتل لمصدري الأرز سيحقق وضع تنافسي أفضل لهذه الدول أفضل مما هو عليه الأمر حالياً، حيث ستكون الأسعار بطريقة "المحتكر" من خلال تنسيق سياسات الإنتاج.
وتابع الدكتور رجا "لكن الأرز ليس كالنفط فلديه إشكالية بحيث إن أسعاره لو أصبحت مجدية فإن الكثير من الدول سوف تتحول إلى زراعته طمعاً في الأسعار الجديدة، وما يحتاجه الأرز هو مساحة محددة للزراعة، وفي غضون سنة أو سنتين ستنتشر زراعته حول العالم، وهو ما سيزيد من المعروض في السوق ويؤدي إلى انهيار الأسعار على المدى الطويل، بعكس النفط الذي يوجد في أماكن معينة في باطن الأرض، واستخراجه مكلف على الدول وتستغرق عمليات الاستكشاف سنوات طويلة".
وشدد المرزوقي على أن المستهلك العادي هو الخاسر الوحيد فيما لو تم إنشاء (كارتيل) خاص لمصدري الأرز على المدى القصير، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، فوجود تكتل من هذا النوع على المدى المنظور سيرفع الأسعار بشكل كبير ويحتكر السوق العالمية للأرز، أما على المدى الطويل فإن ذلك سيؤدي إلى دخول عارضين جدد للسوق وبالتالي يخفض الأسعار".
من جانبه، أكد علي باهادي مدير مؤسسة باهادي للتجارة أن فكرة إنشاء مثل هذه المنظمة يعني التحكم بأسعار الأرز في مستوى تصاعدي، واحتكار المخزون بناء على سياسات هذه المنظمة، وهو ما سيفضي إلى ارتفاعات جديدة في أسعار الأرز.
إلا أن باهادي استبعد نجاح مثل هذه التكتل في ظل استبعاد الهند وباكستان وقال "بدون شك هذا التكتل لن يكتب له النجاح إذا ما استبعد دولتين مثل الهند وباكستان عن الانضمام إليه، وذلك للثقل الكبير الذي تمثلانه هاتان الدولتان بالنسبة إلى إنتاج الأرز".
وكانت تايلاند أكبر مصدر للأرز في العالم قد قدمت اقتراحاً بإنشاء (كارتيل) يضم إلى جانبها كلا من لاوس، ميانمار، كمبوديا، وفيتنام على أمل أن يمنحهم هذا التجمع سلطات أكبر في التحكم في الأسعار الدولية للأرز.
وأشار المتحدث باسم الحكومية التايلاندية في تصريح له بقوله "رغم أننا مركز العالم للغذاء، إلا أن تأثيرنا في الأسعار محدود، ومع ارتفاع أسعار الوقود إلى هذا الحد، فإننا نستورد وقوداً مكلفاً، بينما نقوم ببيع الأرز بأسعار رخيصة جداًَ، وهو أمر غير عادل ويؤثر في الميزان التجاري لنا".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة خارجية لاوس، إن بلاده ستنظر جدياً في اقتراح تايلاند مؤكداً أن قيام (كارتيل) سيمنح الدول الخمس سلطة المساومة على الأسعار، أما كمبوديا فقد سارعت إلى الترحيب باقتراح تايلاند كونها هي من اقترح إنشاء هذا الكارتيل في الماضي معتبرة ذلك ضرورة لمواجهة أزمة الغذاء العالمية الحالية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الكمبودية "من خلال تشكيل هذه المنظمة، يمكننا منع وقوع حرب أسعار كما يمكننا تبادل معلومات تتعلق بالأمن الغذائي."
إلا أن روبرت زيغلر المدير العام لمعهد بحوث الأرز الدولي استبعد قيام مثل هذه المنظمة قائلاً "الأرز يزرعه ملايين المزارعين في واحد، اثنين، أو ثلاثة هكتارات من الأرض، بينما النفط تقوم بإنتاجه شركات عملاقة في عدد قليل من الدول، لا يمكننا إجراء مقارنة فالفرق كبير".
إلى ذلك اعتبر رئيس جمعية مصدري الأرز التايلاندي أن قيام أي (كارتيل) للأرز لن يفي بالغرض المطلوب، لأنه سيستبعد مصدرين كبارا للأرز مثل الهند وباكستان، مضيفاً أن الحكومات الآسيوية تتحدث عن إنشاء هذا الكارتيل فقط عندما تلوح في الأفق أزمة الأرز.
|