انتقادات لتركيز السياسات الاقتصادية في جهة واحدة... ومطالبة بمركز يقدم الإحصاءات الصحيحة ...
اقتصاديون يحذّرون من تأثيرات سلبية للتصريحات المتضاربة حول التضخم
جدة - منى المنجومي الحياة - 05/05/08//
انتقد اقتصاديون تضارب تصريحات المسؤولين الاقتصاديين بشأن معدلات التضخم في السعودية، وحذروا من التداعيات الخطرة لتلك التصريحات وتأثيراتها في الاستثمار في البلاد.
وقال الاقتصاديون لـ «الحياة» إنه بما أن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي يمثل ثقلاً اقتصادياً في البلاد، وتصريحاته تحظى باهتمام كبير في الأوساط الاقتصادية العالمية والمحلية، فإن من المفترض تحري الدقة في إطلاق التوقعات المتعلقة بالمتغيرات الاقتصادية في البلاد، مشيرين إلى أهمية وجود مركز رصد متخصص لدعم المسؤولين بالمعلومة الصحيحة. وقال عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالله دحلان لـ «الحياة»: «إن من المؤسف أن السياسة الاقتصادية لدينا تقوم بها وزارات معينة ومؤسسات، وهي التي تعمل على قياس معدلات التضخم لدينا، خصوصاً أن قياس مثل هذه الأمور من المفترض أن يُوكل لمجلس الاقتصاد الأعلى، الذي تشارك فيه مجموعة كبيرة من الوزارات المعنية بهذا الشأن».
وأضاف: «وبما أن القرارات الاقتصادية متعلقة بالريال السعودي وسعر الفائدة، وكذلك عملية ارتباطه بالدولار، وهي أمور تحكمها مؤسسة النقد السعودي ووزارة المالية، فإن موضوع السياسات الاقتصادية يظل اجتهاداً لجهة واحدة، خصوصاً أننا لمسنا في السنوات الأخيرة وجود تضخم كبير، يخالف ما كان متوقعاً حدوثه بشكل متدرج».
وقال: «تعدد التصريحات من محافظ مؤسسة النقد يربك المخططين الاقتصاديين، خصوصاً أنه يعد أحد الأشخاص المؤثرين جداً حينما يتحدث عن التضخم». وأضاف: «عدم وجود تحليل دقيق، وتباين التصريحات يجعلان الأمر مقلقاً لدى الاقتصاديين»، مؤكداً أن تصريحات المسؤولين الخاصة بتوقعات نسب التضخم كانت متناقضة.
وقال: «قيل إن التضخم سيرتفع إلى 5 في المئة، وبعد ذلك بفترة زمنية صرح أحد المسؤولين بأنه سيرتفع إلى 8 في المئة».
وأضاف: «هنالك من توقع انخفاضه في النصف الثاني من العام، على رغم أن جميع التوقعات تؤكد أن التضخم مشكلة عالمية، ولكن ما يحدث لدينا في السعودية هو ارتفاع في معدلاته بنسب كبيرة، نتيجة لعدد من العوامل، منها ارتباطه بالدولار، وأسعار النفط، وحجم الإنفاق الحكومي وضبط الأسعار». وقال: «إن التصريحات الأخيرة بارتفاع مستوى التضخم إلى 10 في المئة، سيؤثر سلباً في المشاريع المستقبلية، إضافة إلى التأثيرات السلبية في الخطط الداخلية للتنمية العقارية والصناعية والزراعية وغيرها، خصوصاً أنها نسبة مرتفعة، ولها تأثيرات سلبية ضخمة في شريحة كبيرة من المواطنين، وبخاصة أفراد الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود».
وانتقد عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة ومعتمدة من مجلس الاقتصاد الأعلى نستطيع السير عليها، وقال دحلان: «نحن دائماً نستمع إلى تصريحات مسؤولين بنسب، ولكن من دون تحليل دقيق لأسباب وجود التضخم، سواء ارتفاع معدلاته أم انخفاضها». وحول توقعاته المستقبلية لمعدلات التضخم قال دحلان: «لا أتوقع وجود انحراف سلبي تنخفض فيه نسب التضخم، ولكن أتوقع الاستقرار في حال وجود خطط مُحكمة، ونمو بسيط في نسب التضخم لدينا».
وأوضح أن المشكلة الرئيسية لدينا كدولة مصدرة للنفط، عدم وجود تقارب في نسب ارتفاع أسعار النفط، ونسب دخل الفرد خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى ارتفاع مستوى التضخم لدينا بمعدلات كبيرة، وقال: «لا بد من أن ينعكس ارتفاع أسعار النفط المتزايدة على دخل الفرد السعودي». أما الخبير الاقتصادي الدكتور محمد شمس فأكد لـ «الحياة» أن تصريحات مسؤول كبير يكون لها أثر كبير، وقال: «إن ارتفاع معدلات التضخم يعني تقليل حجم الادخار وقيمة مدخرات المستثمرين والمستهلكين، وهذا يؤدي إلى انخفاض معدلات الاستثمار».
وأضاف: «كما أن عملية التأرجح والتذبذب في البيانات والتصريحات تؤدي إلى فقدان الثقة بالاستثمار السعودي، سواء من المستثمرين الأجانب أم المحليين، خصوصاً ان السعودية تحرص في الوقت الراهن على جذب الاستثمارات الأجنبية».
وأشار إلى أن التصريحات الأخيرة التي أشارت إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى 10 في المئة، ستعمل على انخفاض سعر الفائدة الفعلي، ما يؤدي إلى رفع سعر الفائدة الاسمي من المصارف المحلية، وهذا عامل مهم في انخفاض الاستثمار والاستهلاك على حد سواء. وقال: «لا بد لمحافظ مؤسسة النقد وهو من يقود السياسة النقدية للسعودية من الحذر الكبير جداً في التصريحات النقدية لما لها من آثار سلبية على الاقتصاد السعودي». ولفت إلى أن التفاوت في تصريحات المحافظ منذ بداية العام الحالي يؤكد عدم وجود قاعدة إحصاء دقيقة يبني عليها المحافظ توقعاته، وقال: «لا بد من وجود مراكز دراسات وإحصاءات تعمل على تقديم المعلومات الصحيحة عن الوضع الاقتصادي لدينا». وقال: «إن تصريحات محافظ مؤسسة النقد تُؤخذ في الاعتبار، خصوصاً أنها يُبنى عليها عدد من المشاريع والفرص الاستثمارية.
|