الإيثانول وقود طويل الأمد .. أم تقليعة عابرة؟
- بيتر جيست من لندن - 22/02/1429هـ
عندما أعلن الرئيس جورج بوش في كانون الثاني (يناير) الماضي، أن حكومته ترى الاستخدام المتزايد للإيثانول كآلية تسهم جزئياً في فك ارتباط اقتصاد بلاده المعتمدة على النفط المستورد، فإن ذلك شكل علامة بارزة على طريق تطوير نوع من الوقود يمر بفترة نهضة.
بالنسبة للمستثمرين يعني ذلك العودة إلى الاستثمار الرئيسي، الذي يسعى إلى استغلال مزيج معقد من الاتجاهات الاجتماعية واتجاهات السوق. طفرة الوقود الحيوي ليست تقليعة، وفقاً لجيفرى كوجيبرز المدير المشارك لمنتجات السلع والخدمات لدى شركة سى. إم. أي جروب، إذ يقول: يتم إنتاج الإيثانول منذ فترة طويلة، ويبدو كأنه عندما باتت أنواع الوقود الأخرى غالية، عاد الناس إلى الطرق القديمة لإنتاج الوقود عن طريق تخمير المنتجات الزراعية.
وشهدت المحاصيل الرئيسة التي تستخدم في إنتاج الإيثانول ـ وإلى حد كبير الذرة الصفراء في الولايات المتحدة والسكر في أمريكا الجنوبية ـ نمواً هائلاً، مع ارتفاع معدلات نمو الأولى لأعلى مستوى منذ 12 عاما خلال العام الحالي، والأخرى كمحصول هو الأفضل أداءاً لعام 2008. ويتبع الفحم الذي يستخدم في أوروبا لإنتاج الإيثانول منحنى مماثلاً، مثلما هو الحال مع السلع المستخدمة في إنتاج الديزل الحيوي:
فول الصويا، زيت الكانولا، وزيت النخيل. غير إن العلاقات بين الوقود ومخزونات الغذاء تعد عنصر تذكير لاحتمال نشوء النزاعات حول استغلال الأراضي الزراعية، لا سيما في المناطق التي تعاني نقص الغذاء.
وفي الوقت الذي يتوافر فيه معروض ضخم من السكر في الوقت الراهن، إلا أن نمو الطلب الحالي يشير إلى أنها لن تستمر إلى ما بعد الجزء الأول من العقد المقبل.
وطبقاً لنائب الرئيس لدى "ستاندارد آن بورز" ستيف جولدين، فإن نيل فرصة النفاذ إلى الوقود الحيوي يعني النفاذ إلى الاتجاهات الرئيسة العالمية الهائلة لتدقيق الموارد، والذي يواصل حديثه قائلاً: ما يميز هذه الاتجاهات هو أنها تعبر الحدود الجغرافية والتصنيفات الصناعية، وبالتالي من أجل إبقاء هذه الاتجاهات ضمن منتج استثماري ما، فإنك تحتاج إلى أدوات جديدة ومتطورة. أما المناهج القديمة مثل التدقيق عن طريق المنطقة أو الرمز(الكود) الصناعي فلم تعد كافيه لبناء محفظة.
وبالنسبة لمستثمر مؤسساتي أو فرد، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان يتعين النفاذ إلى هذه الاتجاهات بطريقة سلبية أم إيجابية. وتنتج "ستاندارد آن بورز" مؤشرات رئيسة، وتشمل مؤشر للطاقة العالمية النظيفة، الذي يستخدم "نظاما عنقوديا" ذا أبعاد متعددة، يهدف إلى تصنيف الشركات حسب مستوى انكشافها لسوق الوقود الحيوي. وهناك عدة منتجات من بينها جلوبال كليين انرجى ETF لاستغلال النمو الهائل الذي يحدث على نطاق القطاعات المرتبطة بالطاقة الخضراء، وتوفر عملية الانفتاح على سوق الوقود الحيوي.
ويعتقد جولدين بأن المنتجات المهيكلة والشهادات – ستكون الآلية المهيمنة للنفاذ إلى الأفكار الرئيسة. وكان العديد من مديري الأصول قد احترقوا بنيران فورة نشاط الاستثمار الرئيس القوية السابقة، إبان طفرة "الدوت كوم". ويضيف: الآن مع بروز الاهتمام بالاستثمار الرئيس، فإنهم يترددون في إطلاق المنتجات نتيجة لما حدث في المرة السابقة.
أولئك الذين يبحثون إما عن المقامرة في طفرة الوقود الحيوي أو اغتنام الفرص الهائلة المتوافرة على نطاق جميع المجالات ذات العلاقة، ربما يبحثون عن الاستثمار المباشر في المنصة أي الأراضي الزراعية. غير أن تطوير المنتجات المؤسسة على الأراضي، مثل ائتمان استثمار العقارات الزراعية، قد يكون بمثابة نقطة نفاذ أكثر سهولة، وفقا لهنري بوشير، مساعد كبير مسؤول الاستثمار لدى "ساراسين آند بارتزز"، التي تدير نحو ستة مليارات دولار عبر صناديقها الرئيسة.
وكذلك هناك إمكانات مقدرة في الرهان على النظام والتقنية، كما يقول بوشير. المنتجات الوليدة مثل الإيثانول السليولوزي، الذي يمكن إنتاجه بتأثير الأنزيم (الخميرة) من الأجزاء غير الصالحة للأكل من المحاصيل الزراعية، أو الشركات التي تتعامل مع النباتات التي يمكن زراعتها في الأراضي الزراعية الهامشية أو غير المستغلة، يمكن أن تقع في مشكلات الاستدامة التي يمكن أن تؤثر سلبا في عمليات الدعم والاستثمار في المستقبل. ويعتقد بوشير أن ذلك يمكن أن يشكل مقامرة لمدة خمسة أعوام، بينما تنال نظم الدعم والإعانة المبرر المنطقي عالميا، ويستطيع العلم اللحاق بالنمو.
وفي غضون ذلك، فإن الجدل الدائر حول استدامة الوقود الحيوي سيستمر. وتظهر تحاليل دور حياة "المرحلة الأولى" من الوقود الحيوي، بأن ميزاتها الخضراء ليست مؤكدة بدرجة كبيرة. وأبانت الاضطرابات التي اندلعت في المكسيك بسبب أسعار دقيق الذرة العالية العام الماضي، الآثار الاجتماعية التي تفرزها عملية تحويل المكاسب إلى استثمارات أكثر ربحية، وفسرت على نطاق واسع كنتيجة مباشرة للشهية المتزايدة للإيثانول في الولايات المتحدة.
ويعكف الاتحاد الأوروبي حاليا على مراجعة الأهداف التي وضعها بشأن الوقود الحيوي، في أعقاب الانتقادات لعملية إزالة الغابات التي تتسبب فيها زراعة نخيل الزيت لتصنيع الديزل الحيوي في جنوب شرقي آسيا. ويظل الاستثمار المستثمر متأثرا بشكل أساسي بأسعار النفط العالية حاليا. وكما يشير بروشير، فإن تأثير المناخ نفسه يعد معضلة. لقد شاهدنا حالات الجفاف في أستراليا وتكساس والصين. ومع أنه من الصعوبة قياس حجم هذا التأثير، لكننا نشاهد حاليا تأثيرات الأوضاع المناخية على الزراعة.
|