عرض مشاركة واحدة
قديم 28-12-2007, 05:26 AM   #63
سعد الجهلاني
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 52,139

 
افتراضي

أمريكا تقود اقتصاد العالم إلى دوامة الركود

د ب ا - وتشنطن

في الوقت الذي تشير فيه الدلائل والمؤشرات إلى دخول اقتصاد الولايات المتحدة دائرة التباطؤ الحاد وربما الركود العام المقبل فإن السؤال الكبير هو من يستطيع الخروج من هذه فالخبراء الذين روجوا في البداية لمقولة إن اقتصاديات أوروبا واليابان والدول الناشئة يمكن أن تأخذ بيد الاقتصاد العالمي بعيدا عن دوائر الركود والتباطؤ بدأوا الآن يتراجعون عن هذا الرأى مع انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة ويتحدثون عن احتمالات تحوله إلى أزمة اقتصادية عالمية.
والحقيقة أن الأزمة الاقتصادية الراهنة في الولايات المتحدة تتجاوز دوائر المال والأعمال في وول ستريت حيث تدخل الولايات المتحدة العام المقبل سنة الانتخابات الرئاسية في ظل شكوك تحيط بأداء الاقتصاد وصعوبات بالغة تواجه أصحاب المنازل الأمريكيين في سداد أقساط منازلهم في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الديموقراطي الأمريكي إلى استعادة البيت الأبيض بعد ثماني سنوات من سيطرة الحزب الجمهوري عليه من خلال الرئيس جورج بوش. يقول كينيث روجوف الخبير الاقتصادي في جامعة هافارد الأمريكية إن أداء الاقتصاد الكلي ليس هو الأمر المهم بمعنى أن تباطؤ أو تسارع وتيرة نمو الاقتصاد الأمريكي خلال ثلاثة او ستة أشهر مثلا لن يكون العامل المؤثر على أداء الاقتصاد بشكل عام والأهم هو ثقة المستهلكين الأمريكيين في الاقتصاد ورؤيتهم لمستقبله لان الاقتصاد الأمريكي يعتمد على الانفاق الاستهلاكي بشكل أساسي لتحقيق نمو حقيقي.
وأضاف روجوف في مكالمة هاتفية مع وكالة الأنباء الألمانية أن ما يحدث الآن هو "شعور عام بالركود .. واعتقد أننا الآن في مواجهة عامين من تباطؤ النمو بالولايات المتحدة".
وعندما تفجرت أزمة خسائر القروض عالية المخاطر في قطاع التمويل العقاري بالولايات المتحدة في آب/أغسطس الماضي كان تباطؤ الاقتصاد الأمريكي فى عام 2007 قد أصبح أشد مما كان عليه منذ عام.
ثم ازدادت حدة الأزمة في ظل دخول عوامل أخرى ذات تأثير أكبر على الاقتصاد الأمريكي ككل مثل ارتفاع أسعار النفط العالمية إلى مستويات قياسية وظهور بوادر أزمة سيولة نقدية عالمية في ظل تردد الكثير من البنوك في تقديم قروض جديدة بسبب خسائرها الناجمة عن القروض العقارية عالية المخاطر.
وفي أكتوبر الماضي عدل صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن نمو الاقتصادين الأمريكي والعالمي لعام 2008 حيث خفض توقعات النمو الاقتصادية.
ومنذ ذلك الوقت فإن أغلب "الأنباء الاقتصادية أصبحت سيئة" على حد قول سيمون جونسون كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي.
وقد شهدت الشهور الماضية جهودا حثيثة من جانب البنوك المركزية الكبرى في العالم لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية. فقد خفض مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي سعر الفائدة. ثم قام بضخ كميات كبيرة من الأموال السائلة إلى أسواق المال وهي الخطوة التي أقدمت عليها بنوك مركزية كبرى أخرى في العالم بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان المركزي وبنك إنجلترا المركزي بهدف احتواء أزمة السيولة النقدية في النظام المصرفي العالمي.
ويقول جونسون لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ.) إن كل ذلك يشير إلى حجم الصعوبات التي تنتظر الاقتصادين الأمريكي والعالمي العام المقبل.
وعلى مدار عام 2007 تردد الحديث عن قدرة الاقتصادات الناشئة وبخاصة الكبرى منها مثل الاقتصادين الهندي والصيني على الابتعاد عن دائرة التأثير السلبي لتباطؤ الاقتصادات الغنية. وبدا الأمر مقبولا بصورة ما في ظل نجاح تلك الاقتصادات الناشئة في الظهور كقوى شرائية قادرة على الإبقاء على دوران عجلة الاقتصاد العالمي.
ولكن الخبراء يعتقدون أنه من غير المحتمل نجاح عملية "فك الارتباط" بين الاقتصادات الناشئة والاقتصادات الغنية خلال العام المقبل.
يقول صندوق النقد الدولي إن ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع توقعات نمو الاقتصادات فى الدول الغنية يمكن أن يقلص احتمالات نمو الاقتصادات الناشئة.
فرغم كل شيء مازال الاقتصاد الأمريكي يشكل حوالي ربع اقتصاد العالم ومازال المستهلكون الأمريكيون يشكلون السوق الرئيسية للكثير من الاقتصادات مثل اليابان والصين.يقول روجوف إن احتمالات "فك الارتباط ضعيفة ولذلك فإذا تعرض الاقتصاد الأمريكي لتراجع كبير فإن الأمر سيكون مؤلما لكل اقتصادات العالم".
أيضا من الصعب على الاقتصادات الأوروبية الخروج من دائرة التباطؤ في ظل الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي وارتفاع سعر اليورو وارتفاع اسعار الطاقة. لذلك فقد خفضت مؤسسة مورجان ستانلي المصرفية الأمريكية توقعاتها بشأن نمو اقتصادات منطقة اليورو التي تضم 13 دولة من دول الاتحاد الأوروبي خلال العام المقبل من 1.6% إلى 1.2% من إجمالي الناتج المحلي في ضوء توقعاتها بشأن دخول الاقتصاد الأمريكي دائرة "الركود البسيط" خلال العام المقبل.
يشير الخبراء الى تراجع الانفاق الاستهلاكي للأمريكيين خلال العام المقبل بعد أن تراجعت بشدة قيمة ممتلكاتهم من العقارات نتيجة تلاشي قيمة القطاع العقاري منذ الصيف الماضي وبالتالي تراجع قيمة ثروات هؤلاء المستهلكين.
ورغم ذلك فإن بيانات الانفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة خلال نوفمبر الماضي تشير إلى زيادة هذا الانفاق بنسبة 1.1% عن تشرين أول / أكتوبر الماضي بفضل موسم التخفيضات الذي يسبق احتفالات عيد الميلاد.
وتشير الأرقام إلى أن خسائر القطاع المصرفي نتيجة القروض عالية المخاطر في قطاع التمويل العقاري الأمريكي تصل إلى 80 مليار دولار حتى الآن. غير أن جونسون يرى أن الخسائر قد تصل إلى ما يتراوح بين 150 و300 مليار دولار.
ولكن حتى فى حالة حدوث ذلك يظل هناك ضوء في نهاية النفق وهو أن يتم توزيع تلك الخسائر على النظام المصرفي العالمي ككل دون أن تتركز على القطاع المصرفي الأمريكي الأمر الذي يعني أن تكون تلك الخسائر تحت السيطرة تماما. وهذا هو ما يراهن عليه الجميع لتفادي كارثة 2008 الاقتصادية.
سعد الجهلاني غير متواجد حالياً