عرض مشاركة واحدة
قديم 26-12-2007, 05:02 AM   #13
يد النجر
فريق المتابعة اليومية - عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 15,043

 
افتراضي

المقال
صراع الأغنياء



خالد عبدالرحمن الطويل
في اجتماعات المؤتمر (الثالث عشر) للدول الأطراف في معاهدة التغير المناخي التابعة للأمم المتحدة "بروتوكول كيوتو" التي عقدت مؤخراً ضمن محاولات التوصل إلى اتفاق عالمي جديد لمحاربة التغييرات المناخية بهدف التصدي للظواهر الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، ظهرت بشكل واضح جوانب كثيرة من الالتباسات التي أفرزتها حالة العولمة الاقتصادية ضمن سياق عام بات يعلم الدمار الذي حل ببيئة الأرض بسبب الانبعاثات الضارة الصادرة من مصانع الدول الصناعية في العالم.
وإذا تركنا جانباً المؤتمر الموازي الذي عقدته منظمات المجتمع المدني المهتمة بحماية البيئة وتلك المظاهرات الصاخبة التي قام بها المهتمين بالبيئة والذين تجمعوا من كافة أنحاء العالم، وإذا تركنا كذلك إشكالية التداخل الذي بات واضحاً بين متطلبات التنمية ومتطلبات البيئة، فانه من الجدير بالملاحظة رفض أكبر المساهمين في تلوث كوكب الأرض وهما الولايات المتحدة الأمريكية والصين للأهداف الصارمة لخفض انبعاث الغازات المطلوب من الدول الغنية تحقيقها بحلول عام 2020م، حيث كررت الولايات المتحدة في هذا المؤتمر الذي عقد في جزيرة (بالي) الإندونيسية موقفها المعتاد وهو رفض التمهيد لمفاوضات جديدة تقود إلى وضع بديل عن "بروتوكول كيوتو" الذي سينتهي العمل به عام 2012م والذي يلزم (37) دولة غنية بخفض الانبعاثات بنسبة (5%) عن مستويات عام 1990م وذلك خلال الفترة بين ( 2008- 2012)، وتبرز الحاجة إلى الوصول إلى اتفاق جديد بحلول عام 2009م لمنح برلمانات الدول ذات العلاقة وقتاً للتصديق عليه بدلاً من "بروتوكول كيوتو" الذي يتضمن عدداً من المبادئ مثل مبدأ المسؤولية المشتركة بين الدول الصناعية والدول النامية، ومبدأ عدم تحمل أي دولة عبئاً أكبر من نصيبها العادل، إضافة إلى عدم التحيز ضد سلع محددة في إطار التجارة الدولية عند تبني السياسات الخاصة بمواجهة التغير المناخي.

وقد بررت الولايات المتحدة موقفها بأنها لن تلتزم بالالتزامات التي سيتمخض عنها المؤتمر وهي تحبذ بدلاً من ذلك (خيارات طوعية) لخفض معدل الانبعاثات الحرارية بدلاً من اتفاق عالمي شامل وملزم، في حين أن الصين التي يتزايد اعتمادها على كافة مصادر الطاقة لتلبية احتياجات اقتصادها المتسارع النمو لا توافق أيضا على وضع أهداف ملزمة لأنها دخلت مرحلة التصنيع وبالتالي فهي بحاجة للنمو الاقتصادي لتلبية الحاجيات الأساسية لشعبها ومكافحة الفقر، في حين كان الاتحاد الأوروبي مؤيداً لوضع نص واضح بشأن تخفيض نسبة الانبعاثات بحيث يتم الالتزام بأهداف محددة من أجل تفادي آثار أكثر سوءا للتغييرات المناخية، مثل المزيد من الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحار والجفاف، والغريب في الأمر هو انه رغم تحول موضوع التغير المناخي إلى ورقة انتخابية أمريكية بعدما رفض الرئيس الأمريكي الحالي بروتوكول (كيوتو)، إلا أن التعامل الأمريكي الرسمي مع الملف أصبح يغلب المصالح التجارية أكثر من المصالح الأرضية التي تواجه الدمار إن استمر الوضع البيئي العالمي على ما هو عليه.

ومن الطريف انه على هامش المؤتمر المشار إليه اجتمعت (17) دولة كل منها تمثل جزيرة أو عدة جزر منتشرة في محيطات الكرة الأرضية قد لا يزيد مجموع سكانها على عدد سكان حي من أحياء مدينة الرياض، وعقدت مؤتمر قمة حضره رؤساء دولها لمناقشة ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيرها على هذه الجزر، نظراً لأن (9) دول من هذه الجزر مهددة بالاختفاء تماماً خلال عشرين عاماً وسط المياه المالحة نتيجة ازدياد معدلات مد مياه البحر بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، في حين أن الجزر الثماني الأخرى لن تختفي تماماً خلال هذه الفترة عن سطح الكرة الأرضية ولكنها ستعاني من اختفاء موانئها والمناطق الأرضية القريبة من شواطئها إذا استمرت مياه البحر بالتمدد على اليابسة.

لا أحد يدري ما هي القرارات التي اتخذها رؤساء هذه الجزر لمواجهة مصيرهم القادم وما هي التوصيات التي تم إقرارها، ولكن من المؤكد أن مياه البحر ستغطي أغلب هذه الجزر إذا استمرت ظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ذوبان الجليد في القطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي بمعدلات أسرع من المعتاد.
يد النجر غير متواجد حالياً