التعليم عن بعد استثمار لميزانية الفرد وتخفيف لمصروفات التعليم
تحقيق: هيفاء الهلالي:
عندما نتابع تطور التعليم منذ نشوئه نجد أن هناك نوعيات مختلفة من التعليم ظهرت بصورة حديثة حالياً هي في الواقع نتاج تدرجات مختلفة لمفاهيم تعليمية متنوعة كما في وجود التعليم المفتوح بصورته الحالية والذي يعد افراز نظام التعليم بالمراسلة ونظام تعليم الانتساب إلا ان تقنيات التعليم المفتوح ساهمت في تغيير الأفكار النمطية للتعليم واخراج أجيال تناسب معطيات العصر وتخدم ثورة العولمة ليكون هناك اندماج كامل مع تقنيات العصر ومواكبة تامة لآخر التطورات في مجال الوسائل السمعية والبصرية التي تخدم المتعلم حيث يتواجد ليتجاوز التعليم المفتوح حدود الزمان والمكان والعمر ومدى التفرغ للعلم ليكون مصمماً وفقاً لحالة الفرد المتعلم وظروف حياته، فما المدى الاقتصادي العائد على المتعلم والتعليم والميزانية العامة لقطاع التعليم بصفة عامة من الالتحاق بما يسمى بالتعليم المفتوح؟ ما هي الفائدة التعليمية والاجتماعية العائدة على الطلبة والطالبات لالتصاقهم بهذه النوعية من التعليم عن بعد من وجهة نظر المربين والمختصين.
التكلفة المادية
لم تعد مصروفات التعليم الخاصة بكل أسرة تعكس قيمة الدفتر والأقلام بل أصبحت هناك مصروفات خاصة بالمظهر الخارجي للطلبة والطالبات ومصروفات الغذاء المدرسي ومصروفات المواصلات والحفلات المدرسية والتبرعات فأصبح المتعلم الواحد يشكل عبئاً على الأسرة فما هو الحال لتلك الأسر التي تضم عدة أفراد متعلمين من الطلبة والطالبات.
وتضيف هبة اليامي معلمة علم اجتماع حصلت على الشهادة عبر نظام الانتساب "بأن هناك الكثير من الأسر وليس فقط تلك العالية الدخل بل حتى المتوسطة الدخل ممن يسعون إلى التحاق أبنائهم وبناتهم بالمدارس الأهلية والخاصة وخصوصاً في المرحلة الثانوية رغبة منهم في حصول الأبناء على معدل مرتفع في المرحلة الثانوية لكي يتمكنوا من الدخول للجامعة وفي القسم المرغوب ضمن دوامة التقديرات واختبارات القدرات ولو جمعت أجور المدارس الأهلية الخاصة لشكلت ميزانية التعليم المفتوح وربما زاد الكثير، فالتعليم المفتوح والذي يعتمد في مبادئه وسياسته اسلوب التعليم عن بعد يوظف وسائط لنقل الفرص التعليمية إلى مكان وجود المتعلم مراعياً بذلك مدى تفرغه للدراسة المنتظمة والحضور في الحرم الجامعي وإعفائه من المواصلات بهرجة المصاريف الشكلية على الهيئة الخارجية والمنافسة في عروض الأزياء على الجانبين سواء للبنين أو البنات مما يوفر المال لخدمة العلم ويقلل من مصروفات المكافآت الجامعية التي تهدر على بعض الطلبة الذين يلتحقون بالجامعات للحصول على الشهادة كواجهة اجتماعية، فلابد أن تكون هناك توعية تامة بالتعليم المفتوح الذي يرسخ قاعدة التعلم من رغبة في العلم وليس لارضاء الأسرة والمجتمع، فالرغبة في العلم مع تعدد أنشطة هذا النوع من التعليم يزيد من الفائدة المرجوة من وراء التعليم ويزيد فرص التوظيف لكفاءات استفادت من وسائل التعليم المفتوح وخدماته بأفضل صورة ممكنة.
تغذية الطموحات
من أهم الشروط المطلوبة في التعامل عن بعد أو التعليم المفتوح هو القدرة على الاستمرار في التعليم والاستفادة من التعليم المباشر وتنفيذ الواجبات والأنشطة التي تتطلبها الدراسة واجتياز الاختبارات والامتحانات التي تنظمها الجامعة وهي نقطة ضرورية تدرج ضمن التوعية العامة والشاملة لمفاهيم الأسر لإدراك الأهمية في وضع ميزانية متوافقة لتعليم الأبناء ولحل العديد من المشكلات التعليمية والناتجة عن توفر التخصص المطلوب حسب النسبة أو حسب التفرغ الدراسي والذي قد يعارض العمر أو العمل ومن هنا تتضح الفروق بين نظام التعليم التقليدي ونظام التعليم المفتوح أو عن بعد والذي يعتمد على توفير كافة سبل التعليم للمتعلم ويعتبر أكثر مرونة.
وحول هذه النقطة تؤكد أروى الصالح طالبة في جامعة الملك عبدالعزيز قسم اللغة الانجليزية حيث يستطيع طلبة الجامعة العربية المفتوحة اختيار الفرع والقسم المطلوب فهنا تتوفر تحقيق رغبة الطلبة وتساعد على التواصل مع نوعية المجال المرغوب فيه حتى ان لم يكن موجوداً في نفس المدينة بجانب توافر اللقاءات المباشر والمتمثلة في اللقاءات الفردية والجماعية والمحادثة الالكترونية والمؤتمرات الالكترونية بعيداً عن نظم التعليم التقليدي المقيدة بالتفاعل المباشر والاستخدام المحدود للتقنيات الحديثة، كما أن هناك امكانية الحصول على شهادات الماجستير والدكتوراة في المعلوماتية من أرقى وأعرق الجامعات العربية والعالمية عبر التعلم عن بعد وهناك مجالات مختلفة قد لا تتواجد في الجامعات العادية ولكنها تتوفر عبر التعليم عن بعد وبصورة مقننة وتوفر فرص التعليم في مجالات نادرة ويساعد ذلك على انتاج طلبة قادرين على الالتحاق في الوظائف التي تحتاج تخصصات نادرة للقضاء على استقدام قوى وظيفية خارجية وتوفير كافة شواغر العمل لأبناء الوطن. فهنا تغذية للطموح المبرمج مع العصر وسرعة الوصول إلى الاستفادة في المجال المقترح بعد التخرج مع تغذية العقول بكل ما يستجد من تقنيات حديثة لتوصيل المعلومات وسرعة الاستفادة منها بالإضافة إلى تنمية الاعتماد على النفس والثقة بالذات من قبل المتعلمين إضافة إلى التخفيف من أعباء التعليم الملقاة على عاتق الدولة لطموحات الشباب غير المحدودة وهذا يساهم بشكل كبير على توجيه كافة خبرات المراحل الدراسية السابقة من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية لاستثمار الميزانية السابقة المصروفة عليهم في الانتاجية وليس في استلام المكافآت الجامعية وصرفها على طلبة يطالبون بالرواتب الشهرية من وراء وظائف دون توظيف حقيقي للمعلومات السابقة ودون مد يد الدعم للوطن عبر توظيف عقولهم والاستفادة في رفع اقتصاديات الوطن عبر عقول منتجة، ودور الوالدين هنا لا يقل أهمية عن توعية وزارة التربية والتعليم لطلبة وطالبات المراحل التعليمية المختلفة لأهمية التعليم المفتوح كفرصة لبدايات جديدة وليس للعلم حدود مقتصر بتقدير أو نسبة!! وان هناك فرصاً لاستكمال التعليم بصورة أخرى حديثة ومفيدة.
حميمية التعليم
تؤكد ريم حمزة أستاذ علم النفس على أن مؤسسات التعليم المفتوح لا تشترط التفرغ للدراسة ومتابعة التحصيل ولا الانتظام في الحضور اليومي وهذا يعطي مساحة من الراحة في التعليم ويجعل ممارسة التعلم بحرية ونقل نظام التعليم إلى الطالب دون تواجد الطالب في مجال يضطره إلى التباين مع غيره من حيث القدرات والاهتمامات بل توظف وسائط عديدة لنقل الفرص التعليمية إلى مكان وجود المتعلم وتنسجم مع خصائصه النفسية وسماته وظروفه كما أن وجود المتعلم في أجوائه الخاصة يتيح له فرصة الراحة التامة وسط أجوائه العائلية وخصوصياته المحيطة وضمن الملابس المريحة والمناسبة له فيكون التركيز على مادة التعليم أكثر بمؤازرة الأسرة ضمن تقنيات حديثة أسهمت في إثراء التربية والتعليم بحيث انعكس المحتوى وعمق طبيعة التفاعل مع المتعلم وهذا بدوره انعكس على نتائج التعليم المفتوح أو التعليم عن بعد مما يؤكد على أن هذا النظام التعليمي عرف من خلال أشكال عديدة امتازت بأجواء الألفة وعرفت بمصطلحات عديدة منها الدراسة المنزلية، الدراسة المستقلة، والدراسات الخارجية والتعليم بالمراسلة والتعليم الموزع.
|