عرض مشاركة واحدة
قديم 24-09-2007, 10:39 AM   #64
bosaleh
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: May 2005
المشاركات: 21,525

 
افتراضي

أثر انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية في القطاع الزراعي
د. سعد بن عبد الله خليل عيسى - كاتب اقتصادي - - 13/09/1428هـ
قرابة العامين منذ انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، أنتهز مناسبة اليوم الوطني والفرصة الذهبية التي تتيحها لي صحيفة "الاقتصادية" في هذه المناسبة الوطنية المهمة لأرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأتقدم لهم بجزيل الشكر والامتنان أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع المزارعين في المملكة على دعمهم المستمر للقطاع الزراعي والذي كان آخره قبل أيام قلائل بالموافقة على تأسيس الجمعية السعودية للزراعة العضوية ودعمها دعما سخيا بلغ 15 مليون ريال.
كما أنتهز هذه الفرصة للإجابة عن بعض التساؤلات التي تدور في ذهن المواطن سواء كان مسؤولا، منتجا أو مستهلكا عن أثر انضمام المملكة للمنظمة في القطاع الزراعي. وأستشف بعض التساؤلات مما حملته بعض الصحف أو مجالس المواطنين ومنها : هل تأثر الدعم الزراعي المحلي؟ خاصة دعم القمح، التمور، الدواجن، والألبان؟ ماذا عن دعم الشعير المحلي والمستورد؟ ما ذا عن دعم الذرة وفول الصويا؟ وهل تأثر دعمهما؟ ارتفاع أسعار الخضراوات .. ماعلاقته بالانضمام؟ الاستيراد للمنتجات الزراعية (النباتية والحيوانية) وأثر الانضمام فيه؟ جودة المنتجات الزراعية وهل تأثرت نتيجة انضمام المملكة للمنظمة؟
الدعم الزراعي المحلي: كون المناسبة هي اليوم الوطني سوف أبدأ بجهود الدولة - أيدها الله - ودعمها القطاع الزراعي منذ عهد الموحد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، كلنا نذكر توطين البدو الرحل ومنحهم أراضي زراعية بالمجان وإعطاءهم القروض الميسرة من البنك الزراعي المدعومة بالإعانات الزراعية ودون أي فوائد وهذا في حد ذاته ما ميز دعم المملكة للقطاع الزراعي عن غيرها من دول العالم.
والنتيجة استقرار المواطنين في المناطق الريفية والحد من الهجرة للمدينة والتوسع في الإنتاج الزراعي وغير ذلك من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي لا يجهلها مواطن مخلص. تطور الدعم مع تطور القطاع الزراعي حتى وصلت المملكة إلى مستوى الاكتفاء الذاتي في بعض السلع الزراعية خاصة الاستراتيجية التي تلعب دورا كبيرا في الأمن الغذائي الوطني مثل القمح، التمور، والحليب وغيرها مثل بيض المائدة وبعض أنواع الخضار.
وجاء انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وينتج عنه تساؤلات حول الدعم الزراعي، وللتوضيح فإن المملكة عند انضمامها للمنظمة كان التزامها بإجمالي الدعم المباشر البالغ ما يقارب أربعة مليارات ريال سعودي يشمل دعم القمح، الشعير المحلي والمستورد لمربي الماشية. قد يتساءل البعض عن أوجه الدعم الأخرى للدواجن، الألبان والتمور وغيرها، وللتوضيح فإن هناك دعم مباشر لهذه المنتجات وهو مستمر ولن يتأثر نتيجة لانضمام المملكة إلى المنظمة لأن هذا الدعم (ضئيل) أي أنه أقل من (10 في المائة) من قيمة الناتج المحلي الإجمالي لكل سلعة على حدة. أما دعم القمح، الشعير المحلي والشعير المستورد فإنه توجب على المملكة تخفيض هذا الدعم بنسبة (1,3 في المائة) سنويا ولمدة عشر سنوات اعتبارا من عام 2006 – 2015م أي بعد عشر سنوات فإن إجمالي الدعم سوف يكون قرابة ثلاثة مليارا ريال سعودي. وهذه الأرقام توضح عدم تأثر الدعم الحالي للأسباب الآتيه :
دعم القمح تم تخفيضه من 1500 ريال للطن إلى ألف ريال للطن بإرادة سياسية لا علاقة لانضمام المملكة للمنظمة بها إنما لذلك علاقة بترشيد استهلاك المياه والاكتفاء بالكمية التي تغطي الاكتفاء الذاتي من القمح. والمتتبع لأسعار القمح عالميا يلمس أنها تجاوزت السعر الذي تشتري به الدوله القمح من المزارعين. قد يكون في سعر الدعم الحالي ألف ريال للطن فائده للشركات الزراعيه وبعض المزارعين الكبار ذوي الحيازات الكبيره لكن ما ذا عن المزارع الصغير في ظل ارتفاع مدخلات الانتاج؟ هل حسبها صح؟ لا أعتقد ذلك. ما أراه حتى لا يقال عني منظّر .. اذا ما أردنا الاستمرار في الحفاظ على الخزن الاستراتيجي للقمح مليوني طن تقريبا في السنة فإن الدعم بحاجة إلى إعادة نظر لرفعه بين المستوى السابق 1500 ريال للطن والمستوى الحالي ألف ريال للطن بما يضمن تغطية تكاليف المزارع وإعطائه هامشا ربحيا معقولا.
دعم الشعير المحلي الذي كانت تتسلمه الصوامع من المزارع بسعر ألف ريال للطن وتبيعه على مربي الماشيه تم الغاؤه أيضا بإرادة سياسية لها علاقة باستهلاك المياه وليس خضوعا للالتزامات التي ترتبت على عملية الانضمام للمنظمة.
الاستمرار في دعم الشعير المستورد، وزيادة هذا الدعم الى 700 ريال للطن ليصل إجمالي دعم الشعير المستورد إلى ما يقارب أربعة مليارات ريال سعودي في السنة. وهنا لي وقفة اقتصادية وطنية لأننا بذلك ندعم المزارع في أوربا وأستراليا والولايات المتحدة بطريقة غير مباشره في الوقت الذي تطالب فيه الدول النامية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية هذه الدول بتقليص دعمها المباشر لمزارعيها لتحقيق العدالة في المنافسة في الأسواق العالمية. تم الغاء دعم الشعير المحلي والبديل زيادة دعم الشعير المستورد. ماكنت أتمناه هو الاحتفاظ بدعم جزء من احتياجاتنا من الشعير المحلي بما يضمن استخدام طرق ري حديثه تسهم في ترشيد استهلاك المياه. هل استهلاك الشعير من المياه أعلى من استهلاك البرسيم الذي يزرع على مدار العام كما نعلم جميعا؟ ألم يكن من الأفضل عدم زيادة الاستيراد للشعير والاكتفاء بالكميات السابقه وتأمين الاحتياج المتبقي من الانتاج المحلي وبالتالي يذهب جزء من الدعم الذي تقدمه الدوله أيدها الله للمزارع المحلي؟ من وجهة نظر اقتصادية وبمناسبة يومننا الوطني أرى أهمية مراجعة سياسة دعم الشعير المستورد وتوفير مبالغ كبيرة لخزانة الدولة وصرف جزء منها للمزارع المحلي وبالتالي نجبر الدول المنتجة للشعير على تخفيض أسعاره عالميا إذا ما علمنا أننا نستورد نسبة كبيرة جدا من الانتاج العالمي للشعير. والأفضل من ذلك كله هو دراسة إمكانية الاستغناء عن استيراد الشعير كليا والبحث عن بدائل محلية ذات قيمة غذائية أفضل للماشية وبتكلفة أقل.
دعم الاستيراد للشعير أو غيره مثل الذرة التي وصلت إلى 500 ريال للطن لن يجد أي اعتراض من الدول المنتجه لهذا المحصول والأعضاء في منظمة التجارة العالمية .. لماذا؟ لأن مزارعيهم مستفيدون من هذا الدعم وارتفاع الأسعار نتيجة زيادة الطلب من التجار في المملكة وما له من أثر سلبي في فاتورة الاستيراد وفي المزارع المحلي الذي يلاحظ الدعم المستمر والمتزايد للمزارع في الدول الأخرى وتقليصه عليه نتيجة لهاجس المياه الذي يهم كل مواطن. وحتى تاريخه لم تظهر دراسة علمية توضح أن جميع مناطق المملكة غير مجدية لزراعة القمح، الشعير وغيره من المنتجات الزراعية المهمة للأمن الغذائي الوطني.
باختصار انضمام المملكة للمنظمة ليس له علاقة بتقليص الدعم عن القمح والشعير المحلي بل لمواجهة هاجس الاستهلاك غير المرشد للمياه في الزراعة والذي أعتقد أنه توجد بدائل للترشيد والاستمرار في الانتاج في بعض مناطق المملكة الغنية بالمياه. بل نلاحظ تحسنا في مستوى جودة المنتجات الزراعيه والمتتبع لمهرجانات التمور يلحظ ذلك جليا في هذا المنتج المستهدف للاستهلاك المحلي والتصدير.
بالنسبة لدعم التمور وغيرها من المنتجات الزراعية مثل الدواجن والألبان والخضار فإن المجال لا يزال مفتوحا لاستمرار الدعم وزيادته والانضمام للمنظمة لا يعوق ذلك إلا في حالة تجاوز الدعم نسبة 10 في المائة من قيمة الناتج المحلي الاجمالي لتلك السلع منفردة.
بالنسبة لاستيراد المنتجات الزراعية الأخرى (نباتية أو حيوانية) فإن التزام المملكة بما يسمى اتفاقية الصحة والصحة النباتيه SPS لا يسمح لها بحظر استيراد تلك المنتجات إلا بدليل قاطع علمي يثبت أن هناك وباء أو مرض أو غيره في البلد المصدر أو منطقة معينة فيه. ومثال على ذلك استيراد الأبقار من دولة يوجد مرض جنون البقر في منطقة محددة فيها، فان للملكة حظر الاستيراد من ذلك الجزء من تلك الدولة ولا يحق لها حظر الاستيراد من الأجزاء الأخرى السليمة في تلك الدولة.
وأخيرا كون المملكة عضو فاعل في منظمة التجارة العالمية, وللاستفادة من هذه العضوية, بدأت المملكة مفاوضات ثنائية مع الدول التي لا تزال في مرحلة الانضمام لتحقيق مكاسب مع الدول التي تعد أسواقها مستهدفة للصادرات السعودية. وما يهم التنويه عنه الآن هو أهمية تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص الذي يجب أن يوضح المنتجات المحلية المجدية للتصدير والأسواق المستهدفة حتى يكون دور المفاوض السعودي مبنيا على ما يحتاج إليه القطاع الخاص، وفي القطاع الزراعي على سبيل المثال نركز على سلعة التمور للتصدير ونسعى لفتح أسواق في الدول الأعضاء حاليا والاستفادة من مبدأ الدولة الأولى بالرعاية MFN والتفاوض مع الدول التي تسعى للانضمام كما يجري حاليا مع روسيا. سلعة الروبيان أيضا مجدية اقتصاديا للتصدير وننتظر من القطاع الخاص الزراعي تزويدنا بأي سلع أخرى مجدية للتصدير مع الأخذ في الحسبان الموارد الطبيعية وحتى لا يلحق بالقطاع تهمة تصدير المياه وتزداد المعاناة سوءا. وكل عام وأنت بخير يا وطني.
bosaleh غير متواجد حالياً