عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-2007, 10:30 AM   #60
bosaleh
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: May 2005
المشاركات: 21,525

 
افتراضي

تحسين الجودة وضبط الأسعار من أسمى خدمات المجتمع
د. عبد العزيز الغدير - 08/09/1428هـ
Abdalaziz3000*************

إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، نعم فليس من المعقول أن يتقبل الله من رجل سرق مالا ليتصدق به في أوجه الخير والبر، ذلك أن الطريق إلى الخير لا يمكن أن ينطلق من حرام، هذا إذا كان في النفس بواقي خير بعد ما تجنيه من شرور تعم وتطم، بواق تنطلق من بقايا حياة في ضمير هو للموت أقرب منه للحياة، وإلا فالمعروف عن معظم من يجمع المال الحرام التقاعس عن فعل الخيرات.
وإذا كان هذا على مستوى الأفراد فالحال لا يختلف كثيرا على مستوى المؤسسات الربحية، حيث نرى أن المؤسسات الربحية التي تعمل على تحقيق أرباحها دون التقيد بالقيم والمبادئ على حساب عملائها وعلى حساب البيئة والمجتمع، أقول نرى مثل تلك المؤسسات تتقاعس عن القيام بدورها في خدمة المجتمع في أي صورة كانت، وإذا قامت بأي نوع من تلك الخدمات والتي عادة ما تكون على شكل مشاركات أو تبرعات لجهات محددة بهدف بناء علاقة تعينها على الاستمرارية في أساليبها الغير أخلاقية لتحقيق المزيد من الأرباح.
ماذا نريد إذا؟ ما نريده حقيقة أن يتطور مفهوم خدمة المجتمع لدى مؤسساتنا الوطنية إلى أبعد من التبرع القسري أو الإرضائي لأفراد أو لجهات معينة تقربا لمسؤوليها أو تقربا للداعين للتبرع لها، إلى حيث التبرع الطوعي لخدمة المجتمع النابع من قناعة بأهمية خدمة المجتمع في أي مجال من مجالات الخدمة على اعتبار أن المؤسسة المتبرعة جزء من كل وهو المجتمع الذي تنشط فيه، على أن يكون هذا التبرع منطلقا من مبادئ أخلاقية سامية تقول بضرورة عدم تحقيق أية أرباح على حساب البيئة الاستثمارية أو على حساب العملاء أو على حساب أي جهة ذات صلة بنشاط المؤسسة الربحية.
وأعتقد أن تطوير وتوفير المنتجات أو الخدمات التي تقدمها المؤسسات الربحية بجودة عالية وبأسعار مناسبة مستقرة تعد أفضل خدمة للمجتمع، حيث ينعم الجميع بمنتجات أو خدمات عالية الجودة مناسبة ومنضبطة الأسعار ترفع من مستوى معيشتهم، وذلك أفضل بكثير من دعم محدود لجهة معينة مقرون بسلخ جلود العملاء بمنتجات وخدمات رديئة الجودة متزايدة الأسعار بشكل لا قبل للمواطن العادي به.
ولنأخذ على ذلك مثالا واقعيا نعيشه اليوم جميعا، حيث نعيش مشكلة إسكانية تتمثل بالفجوة المتزايدة بين المطلوب والمعروض من الوحدات السكنية والمقرون بانخفاض القوة الشرائية للمواطن، هذه المشكلة التي تزايدت في ظل ندرة الشركات العقارية العاملة في مجال التطوير الإسكاني والقادرة على إنتاج كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكنية، أقول ماذا لو أن لدينا شركات متعددة عاملة في مجال التطوير الإسكاني عالي الجودة والمعزز بآليات تمويل ترفع من قدرات المواطنين الشرائية لتملك الملائم منها في الوقت المناسب، بالتأكيد أن المشكلة ستنخفض حتى تتلاشى على اعتبار أن هذه الشركات العقارية والشركات الممولة قادرة على تحقيق التوازن بين المطلوب والمعروض الذي سينعكس إيجابا على استقرار السوق الإسكانية وتوفير المأوى المناسب للمواطن في الوقت المناسب من العمر.
وهنا يتضح لنا أن هذه الشركات مجتمعة قدمت خدمة كبيرة للمجتمع بإنتاجها مساكن عالية الجودة مناسبة التكلفة، جنبت المواطن معاناة المساكن المؤجرة وتكاليفها المهدورة إلى غير رجعة، حيث وفرت هذه الشركات للمواطن وأفراد أسرته مسكنا ملائما يحقق له الاستقرار النفسي والاجتماعي ويعزز إمكانياته الاقتصادية بما يرفع من جودة حياته وأبنائه، وهذه الخدمة الاجتماعية أفضل بكثير من التبرع لأي جهة خيرية أو تنموية كانت، حتى وإن كانت تقوم ببناء مساكن شعبية للمساكين، وإن كان التبرع لمثل تلك الجهات أيضا مهما وضروريا للتصدي لبعض المشاكل التي يعاني منها المجتمع بصورة أو بأخرى.
وللمزيد من الإيضاح أقول ماذا لو أن لدينا شركة أدوية قادرة على تطوير أدوية ناجعة لمعالجة الأمراض بجودة عالية وبأسعار مناسبة، ألا يعتبر ذلك خدمة أكثر من رائعة لأفراد المجتمع الذين يعانون من الأمراض ومن تكلفة الدواء العالية، بالتأكيد نعم وألف نعم، وهكذا هو الحال لبقية المنتجات والخدمات، فكل مؤسسة تتقن عملها وتقدمه لعملائها وفق المبادئ الأخلاقية القائلة بأهمية تحقيق المصالح الخاصة بتحقيق مصالح كافة الأطراف ذات الصلة لا حساب أي طرف منها، بالتأكيد هي مؤسسة تقدم أرقى الخدمات للمجتمع.
ختاما، أود أن أقول للقائمين على المؤسسات الربحية في بلادنا إننا نعاني من ضعف في الجودة مقرون بارتفاع في التكاليف تمثل في غلاء فاحش نخر نفوس المواطنين قبل جيوبهم، وأننا نرى فيكم الأمل الكبير في تخفيف المعاناة من خلال تحملكم مسؤولياتكم بتوفير منتجات وخدمات عالية الجودة بأسعار معقولة تحقق لكم الأرباح وتساهم في استقرار السوق التي تعملون بها، وتوفر للمواطن الخدمة والسلعة المناسبة بالسعر الأمثل، وإن فعلتم ذلك فإنكم تكونون بذلك قد قدمتم للمجتمع أفضل خدمة يرغب فيها، وإن زدتم على ذلك بالتبرع لجهات تتصدى لقضايا ومشكلات أخرى فذلك خير على خير، وأنتم أهل لذلك.
bosaleh غير متواجد حالياً