خلال آذار (مارس) الماضي، اكتتب مساهمو الشركة السعودية للصناعات المتطورة (المتطورة) في أسهم حقوق الأولوية لرفع رأسمال الشركة بنسبة 300 في المائة من 108 ملايين ريال إلى 432 مليون ريال من خلال إصدار 32،4 مليون سهم جديد بقيمة 20 ريالا للسهم الواحد، حيث بلغ صافي متحصلات الاكتتاب مبلغ 633 مليون ريال، وهو مبلغ كبير يتجاوز خمسة أضعاف إجمالي حقوق المساهمين قبل عملية رفع رأس المال.
في نشرة الإصدار، بررت الشركة عملية رفع رأس المال بأنها ترغب في استثمار 300 مليون ريال في مشروع للمواد العطرية، 112 مليون ريال في مشروع للزجاج، 63 مليون ريال في مشروع لإطارات السيارات، 44 مليون ريال في شركة التصنيع وخدمات الطاقة، أما المبلغ المتبقي بقيمة 114 مليون ريال فإن الشركة ستحتفظ به لاستثماره في فرص مجدية أخرى حسب تقدير إدارة الشركة في تصرف غير مفهوم قياساً على قيمة المبلغ والأهداف غير الواضحة!!
قبل انقضاء أسبوعين فقط على إغلاق الاكتتاب (تحديداً في 10 أبريل الماضي)، أعلنت الشركة عن توقيع مذكرة تفاهم للاستحواذ على 100 في المائة من حقوق الملكية في شركة مجموعة العبيكان للاستثمار وجميع شركاتها التابعة والشقيقة، في خطوة مفاجئة تدل على وجود انحراف كامل عن الخطط المعلنة في نشرة الإصدار وخلال فترة زمنية بسيطة جداً، حيث يبدو لنا أن هذه الخطط أصبحت حبراً على ورق لانتهاء الغرض منها!!!
ما يؤكد ذلك، أن الشركة لم تعلن رسمياً حتى تاريخه عن أي من مشاريعها المعلنة في نشرة الإصدار باستثناء استثمارها في شركة التصنيع وخدمات الطاقة خلال العام الماضي، في حين أن نتائجها المالية للربع الثاني (أي بعد أربعة أشهر من انقضاء الاكتتاب) توضح أن الشركة لا تزال تحتفظ بمبلغ 600 مليون ريال تقريباً على شكل "مرابحات إسلامية" و "نقدية و شبه نقدية" طوال هذه الفترة. هنا يحق لنا أن نتساءل: هل دفع المساهمون هذه المبالغ لتقوم الشركة باستثمارها في "مرابحات إسلامية" و"نقدية"؟
إن انحراف شركة المتطورة عن خططها المعلنة في نشرة الإصدار يذكرنا كثيراً بانحراف شركة جازان للتنمية عن خططها المعلنة في نشرة الإصدار الخاصة بأسهم حقوق الأولوية التي مكنت الشركة في شباط (فبراير) 2006م من جمع مبلغ 375 مليون ريال، في حين أن قوائمها المالية تظهر احتفاظ الشركة تحت بند "النقدية وما في حكمها" مبلغ 445 مليون ريال بتاريخ كانون الأول (ديسمبر) 2006م ومبلغ 252 مليون ريال بتاريخ حزيران (يونيو) الماضي.
نحن نعلم أنه في حال إتمام عملية استحواذ "المتطورة" على مجموعة العبيكان (والتي يبدو أنها عملية استحواذ عكسية)، ستقوم شركة "المتطورة" بتمويل هذه العملية من خلال إصدار أسهم جديدة للمرة الثانية ستكون هذه المرة لصالح المساهمين في شركة مجموعة العبيكان، لكن السؤال المهم يبقى: لمن سيذهب مبلغ 600 مليون ريال الموجود حالياً على شكل "نقدية و شبه نقدية" و"مرابحات إسلامية" في حال إتمام عملية الاستحواذ؟