المقال
حاجة المجتمع ستنجح قطارات الرياض !
عبدالرحمن بن ناصر الخريف
المقال الذي نشره الأخ محمد بن عودة العنزي يوم الجمعة 1428/4/10ه عن مشروع قطارات الرياض تضمن عدة تساؤلات حول مدى نجاح هذا المشروع الحيوي الهام، وشكك في نجاحه بسبب اصطدامه بثقافة المجتمع، ورأى انه سيقتصر استخدامه على العمالة الآسيوية.
وإذا كان الكاتب الكريم قد أوضح ما يؤيد وجهة نظره في هذا المشروع الذي طال انتظاره من سكان وزوار مدينة الرياض، والطرح الذي عرضه كان يمثل حقيقة وواقعاً نعايشه وثقافة مجتمع لن تتقبل هذه الخدمة الجديدة كما يعتقد، إلا إنني أرى ألا نستعجل بالحكم على أي مشروع جديد ومفيد لمدننا بالفشل لمجرد اعتقادنا بأن ثقافة المجتمع لن تتقبل هذا المشروع أو لان واقع خدماتنا المساندة الحالية غير مهيأة لذلك، فالمشروع يمثل رؤية مستقبلية لما يجب أن يكون عليه النقل داخل المدن الكبرى، وسيحضى بالتأكيد بدعم كبير لإنجاحه من كل الجهات ذات العلاقة، ولذلك يجب علينا العمل على تغيير تلك الثقافة، وان لا تقف عقبة أمام القرارات التطويرية لخدماتنا، فتطوير ثقافة المجتمع لتقبل تقنية او خدمة جديدة تتم إما من خلال دفع المجتمع للامام لمشاهدة تطور أمم أخرى بواقع جديد متقدم، وهذه مهمة صعبة وتستلزم الوقت الطويل، ولكن الأسهل والأسرع هو توفير التقنية او الخدمة الجديدة للجميع، وجعل المجتمع يتقدم ذاتيا استجابة لها، لأنه سيعايش واقعا جديدا يستفيد من مميزاته ويعلم أين تكمن سلبياته لتجنبها! فالخوف من التغيير وارد ولكنه هنا سينحسر، لان المجتمع هو من سعى إلى التطور وقبول الخدمة الجديدة وهذه الطريقة الأسرع لتقبل المجتمعات لكل ما هو جديد ومفيد لتنميتها.
إن أهم ما في هذا الموضوع هو أن نعامل مشروع قطارات الرياض كمشروع متكامل وكشبكة قطارات تغطي معظم مدينة الرياض، وشاملا لكل المتطلبات لإنجاحه كتعدد المحطات وتوفر الباصات الصغيرة للتوصيل وتحسين ارصفة الشوارع ..الخ، فالمرحلة الأولى من قطارات الرياض عبارة عن قطارات على مسارين على طريق البطحاء/العليا وطريق الملك عبدالله وستنجز بعد سنوات قليلة -إن شاء الله- وإذا كان البعض يتوقع أن لا تجد في البداية القبول من جميع شرائح المواطنين والمقيمين بشكل عام، لأنها عبارة عن مسارات ومحطات محددة، إلا انه يجب أن لا نجهض فكرة استخدام تلك القطارات بمدننا ونحكم على تلك القطارات بالفشل في بداية تجربة التشغيل لتلك المسارات، لان ذلك متوقع لمحدودية الخدمة التي قد تقتصر في البداية على من يرغب في الانتقال من شمال الى جنوب الرياض والعكس، او من شرق الى غرب الرياض والعكس، فالنجاح سيكون مؤكدا عند تشغيل عدة خطوط وإيجاد عدة محطات تغطي مدينة الرياض، فنحن نعلم استحالة البدء في تنفيذ شبكة متكاملة من القطارات في وقت واحد، ولكن المأمول أن يسرع في البدء في المراحل التالية من المسارات بغض النظر عن قبول المجتمع لتلك القطارات في بداية التجربة، ففي المستقبل لن يكون أمامنا خيار أفضل من استخدام القطارات، لأنه يجب أن نتذكر بأن الرياض مدينة تنمو بشكل كبير والازدحام بطرقها وشوارعها أصبح يعاني منه المواطن والمقيم معظم ساعات اليوم، على الرغم من تنفيذ العديد من مشاريع الطرق والجسور والأنفاق بمدينة الرياض والتي اعتمدت للتغلب على مشاكل قائمة حاليا للاختناقات المرورية، إلا أن المتوقع هو زيادة حجم الحركة بشكل أكثر في السنوات القادمة ولن تحل تلك الطرق والتقاطعات الحرة هذه المشكلة مستقبلا، فأعداد السيارات الخاصة للمواطنين والمقيمين في ازدياد، كما انه لا يمكننا أن نجبر المقيمين مثلا على عدم استخدام المركبات الخاصة إذا لم تتوفر لهم وسائل النقل العام التي تؤمن تنقلاتهم داخل المدينة، ولذلك فان الإنفاق على تلك القطارات سيساهم في التخفيف مستقبلا من إنشاء الطرق الجديدة او توسيع الطرق القائمة لاستيعاب الحجم الهائل المتوقع من السيارات، فالإنفاق على مشاريع القطارات يمثل إنفاقا استثماريا على مدى السنوات القادمة.
ولذلك يجب أن نقوم مع اقتراب تشغيل مشروع القطارات بتهيئة المجتمع إعلاميا لتقبل استخدام تلك القطارات باعتبارها الوسيلة الآمنة والأقل كلفة على المواطن والوطن، خاصة وان المجتمع اصبح اكثر وعيا ومطلعا على تجارب المجتمعات الأخرى بل إن كثيرا من أفراده استخدموا تلك الخدمة في بعض الدول، فلذلك فان تقبل المجتمع لثقافة استخدام القطارات تمثل مسالة وقت لا أكثر! أما فيما يتعلق بخصوصية العائلات السعودية فان وجود الكاميرات على سبيل المثال داخل العربات وبالمحطات كفيل بالمحافظة على سلامة العائلات وعدم تعرضهم لأي مضايقات مع العلم بأنه بعد مرور وقت على هذه التجربة سيصبح تنقل العائلات أمراً طبيعياً، فالمجتمع تكيف مع أمور أكثر تعقيدا من ذلك واستطعنا تجاوز العديد من المعوقات بارتفاع الوعي والحزم مع المسيء!.
@ كاتب اقتصادي
.