قراءة في قطاعات السوق السعودية
القطاع الزراعي: ماذا بعد مغامرة سوق الأسهم ؟
أ.د. ياسين عبد الرحمن الجفري - - - 19/04/1428هـ
لا تزال اتجاهات السوق غير واضحة ولا تزال الرغبة في تحقيق الربحية في نهج ما بعد الهبوط هي المسير والقائد للتعاملات في السوق. قبل الأزمة كانت الحركة تسود قطاعات السوق كافة وشركاتها على أساس وجود نوع من الاعتقاد الإيجابي في السوق مصدره تحسن الرؤية حول مستقبل الاستثمار، علاوة على تحقيق الشركات مستويات قياسية في الربح، وبعد الهبوط شغلت المتعاملين في السوق فكرة التعويض والتركيز على الشركات الصغيرة خلف مضاربين لسهولة السيطرة والتحريك وكان بالتالي القطاع الزراعي وشركاته هو المستهدف الأول بهذا التوجه. وأصبح ظاهرا تغير الأسعار وتذبذبها وتضاعفها بعيدا عن أن يكون هناك تأثير مباشر في السوق ضاربين بعرض الحائظ وفي جل السيولة الداخلة بالأسس المنطقية للاستثمار وأصبح التحليل الفني هو المسير للقرار. ومكمن الخطورة في هذا الاتجاه هو أن جعل القرار مستندا إلى التحليل الفني يجعل تنبؤات التحليل الفني تتحقق بسبب هذا التوجه وليس لكونها صحيحة مائة في المائة، الوضع الذي أثر في كفاءة السوق وبالتالي الانصياع للأسس الصحيحة والحقيقة في الاستثمار. فالمنطق لا يرى أبدا سببا لتحرك وصعود أسعار الشركات الخاسرة إلا بعد الإعلان عن خطط لإعادة الهيكلة أو استحواذ وانتظار حدوثه.
من المنطلق السابق نتناول بالتحليل القطاع الزراعي خلال الربع الأول الذي يواجه اختفاء القدرة على تحقيق الأرباح من التداول في السوق، وأصبح التشغيل هو المصدر الأساسي كما ينبغي. وتعتبر بالتالي قراءة الربع الأول هي الاتجاه الذي يجب أن نبني عليه تصورنا للقطاع خلال السنوات المقبلة. وكالعادة نهتم بالربط بين أداء الشركات والسوق من المنظور الجزئي بعد النظر له من زاوية المنظور الكلي.
ويجب ألا ننسى الموسمية وتأثر الشركات بها واعتمادها في بعض النشاط على الإعانات الحكومية وتوافق الفصل الأول مع الشتاء ولذلك تعتبر المقارنة بالربع الأول من عام 2006 أكثر منطقية من الربع الرابع.
المتغيرات المستخدمة
كالعادة سيتم التعامل مع السعر وربح الشركة وإيرادها من خلال النمو الربعي (نمو الربع الحالي مقارنة بالسابق) والنمو المقارن (نمو الربع الحالي بالربع المماثل من العام الماضي). كما سيتم الربط بين السعر والربح في مكرر الربح والربح والإيراد في هامش صافي الربح ودرجة التحسن فيه. وسيتم إلقاء الضوء على دور المصادر الأخرى في دعم الربحية للشركات. المتغيرات السابقة توجهنا للتعرف على كفاءة السوق وسلامة توجهها من خلال العلاقة بين الربح والإيراد والسعر وبالتالي توجهها نحو الاتجاه الصحيح من عدمه.
أداء القطاع الزراعي الربع في الأول من عام 2007
يلزم التنويه هنا إلى أن عدد الشركات الخاسرة في القطاع شركتان في حين كان الباقون رابحين. وخلال الربع الأول من عام 2007 كان الأداء الربحي الربعي هو هبوط بنحو 27 في المائة وأصبح ربح القطاع 34.244 مليون ريال والهبوط المقارن (الربح في الربع الأول من عام 2006 كان 120.7 مليون ريال) لندرك حجم الهبوط ولقطاع بأكمله استثماراته حسب السوق 10.8 مليار ريال. الإيرادات أعطت صورة مختلفة حيث أوضحت السبب في تدهور الربحية في القطاع حيث نمت في فترة المقارنة سلبا بنسبة بسطة -0.4 في المائة وعند 392.79 مليون ريال وهبطت ربعيا بنحو 35.56 في المائة. النتيجة كما توحي لنا الأرقام أن توسع الشركات في النشاط الأساسي لا ينجم عنه زيادة في الربحية وأن الإيرادات الأخرى هي المتسبب في النمو والتحسن الربحي، ويقع هنا عبء على الشركات في أهمية التوسع وإعادة الهيكلة لخفض المصروفات وجعل النشاط أكثر اقتصادية إذا ما رغبت الشركات في تعديل أوضاعها.. ماذا يحدث في القطاع وكيف تهبط الإيرادات بمعدل بسيط وتهبط الأرباح بنسبة عالية من خلال هامش الربح؟ تتضح لنا الصورة وهي ارتفاع هيكل المصروفات بسبب اعتماد الشركات على نشاطها الإنتاجي في مواجهة الأرباح السهلة وتدنيها كما سنرى على مستوي الإيرادات الأخرى للشركات. تفاعل المؤشر لم يتماش مع الربحية والإيراد حيث ارتفع في فترة المقارنة ليعكس حجم المضاربة ونما بنسبة 16.56 في المائة ونما ربعيا بنحو 13.81 في المائة. الارتباط بين رؤية السوق من خلال المؤشر والأداء يفسر الاستهداف للقطاع كوسيلة للمضاربة وعدم منطقية الحركة فقيمة القطاع السوقية متدنية وتجعلها هدفا للمغامرة.
شركة الأسماك السعودية
تعمل في حقل يمتاز بتوفر موارده فالسعودية محاطة بشواطئ طويلة وفي مجال ينتج سلعا مطلوبة ولكن يبدو أن ممارسة الشركة للنشاط المباشر محل نظر. في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم هبوط إيرادات الشركة الربعي -0.63 في المائة وفي الفترة المقارنة نمت الإيرادات بنحو 19.46 في المائة، في حين ارتفعت خسائر الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 19.02 في المائة وتدهورت في الفترة المقارنة بنحو 155.75 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي والمقارن كان إيجابيا وبأحجام كبيرة وخارج نطاق المنطق وتعتبر معاكسة لما تحققه الشركة من أداء ولكن يعتمد على المعلومات التي تتسرب حول الاندماجات المتوقعة. مكرر الربح لم يخرج في النتيجة عن السابق حيث لا يزال غير جذاب. ولا تزال مساهمة الإيرادات الأخرى مهمة وبنحو 10.62 في المائة مع أن نموها كان سلبيا -23.51 في المائة.
شركة الجوف الزراعية
تعمل في واحدة من المناطق الزراعية وتنتج مجموعة كبيرة من المنتجات الزراعية مما يجعلها نوعا ما تدرج كمتنوعة ومخاطر أعمالها أقل من غيرها. في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم هبوط إيرادات الشركة الربعي -83 في المائة وفي الفترة المقارنة هبطت الإيرادات بنحو 5.24 في المائة، في حين هبطت أرباح الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 79.81 في المائة وتدهورت في الفترة المقارنة بنحو 37.29 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي والمقارن كان إيجابيا ويعتبر معاكسا لما تحققه الشركة من أداء. مكرر الربح لم يخرج في النتيجة عن السابق حيث لا يزال غير جذاب نتيجة لارتفاعه بالضعف تقريبا. وتعتبر مساهمة الإيرادات الأخرى منخفضة وبنحو 3.32 في المائة مع أن نموها كان إيجابيا 70 في المائة.
شركة تبوك الزراعية
تعتبر من الشركات الرابحة في القطاع، التي ركزت على مجالها الأساسي منذ بدء تكوينها وكان خطها واضحا. في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم تحسن إيرادات الشركة الربعي 2.78 في المائة وفي الفترة المقارنة ارتفعت الإيرادات بنحو 2.78 في المائة، في حين تحسنت أرباح الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 40.48 في المائة وانخفضت في الفترة المقارنة بنحو 8.97 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي كان إيجابيا والمقارن كان سلبيا ويعتبر مخالفا لما تحققه الشركة من أداء. مكرر الربح لم يخرج في النتيجة عن السابق حيث أصبح جذابا نتيجة لانخفاضه إلى النصف تقريبا. وتعتبر مساهمة الإيرادات الأخرى منخفضة وبنحو 2.74 في المائة مع أن نموها كان سلبيا 66.11 في المائة.
شركة جازان القابضة
من الشركات التي واجهت صعابا في البدء مع عدم تمتعها كغيرها بمنحة الأرض ولكن رب ضارة نافعة. في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم هبوط إيرادات الشركة الربعي -14.34 في المائة وفي الفترة المقارنة هبطت الإيرادات بنحو 80.72 في المائة والسبب الإيرادات الأخرى كما سنرى، في حين ارتفعت أرباح الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 106.22 في المائة وتدهورت في الفترة المقارنة بنحو 89.61 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي والمقارن كان سلبيا ويعتبر إلى حد ما معاكسا لما تحققه الشركة من أداء. مكرر الربح لم يخرج في النتيجة عن السابق حيث أصبح غير جذاب نتيجة لارتفاعه بأكثر من ثلاثة أضعاف. وتعتبر مساهمة الإيرادات الأخرى مرتفعة وبنحو 104.64 في المائة وكان نموها سلبيا 76.58 في المائة.
شركة القصيم الزراعية
من الشركات التي ركزت على الاندماج كوسيلة لتصحيح وضعها ولا تزال العملية تحت التقييم. في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم هبوط إيرادات الشركة الربعي -19.05 في المائة وفي الفترة المقارنة ارتفعت الإيرادات بنحو 53.28 في المائة. في حين ارتفعت أرباح الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 102.34 في المائة وتدهورت في الفترة المقارنة بنحو 89.61 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي والمقارن كان سلبيا وتعتبر معاكسة لما تحققه الشركة من أداء. مكرر الربح لم يخرج في النتيجة عن السابق حيث لا يزال غير جذاب نتيجة لتحقيق الشركة لإرباح منخفضة. وتعتبر مساهمة الإيرادات الأخرى منخفضة عن السابق وبلغت 25.98 في المائة خاصة وأن نموها كان سلبيا 72.33 في المائة.
شركة الشرقية الزراعية
على الرغم من وجودها في منطقة صناعية ويتوافر الطلب المرتفع على منتجاتها لكن الاستفادة لا تزال محدودة. في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم هبوط إيرادات الشركة الربعي 7.62 في المائة وفي الفترة المقارنة هبطت الإيرادات بنحو 0.36 في المائة. في حين ارتفعت أرباح الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 9.5 في المائة وتدهورت في الفترة المقارنة بنحو 64.11 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي والمقارن كان إيجابيا ويعتبر غير متفق مع ما تحققه الشركة من أداء. نتيجة لذلك مكرر الربح لم يخرج عن السابق حيث لا يزال غير جذاب نتيجة لتحقيق الشركة خسائر. وتعتبر مساهمة الإيرادات الأخرى منخفضة وبنحو -4.84 في المائة (سلبية) وبالتالي كان نموها سلبيا 108 في المائة.
شركة نادك
تعتبر من أكثر الشركات الزراعية تنوعا في النشاط ومن أقدمها إنشاء مما أعطاها قوة في الدعم الحكومي كابن بار لوزارة الزراعة السعودية. في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم هبوط إيرادات الشركة الربعي -23.42 في المائة وفي الفترة المقارنة ارتفعت الإيرادات بنحو 44.87 في المائة. في حين هبطت أرباح الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 30.12 في المائة وتحسنت في الفترة المقارنة بنحو 23.14 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي والمقارن كان إيجابيا ويعتبر إلى حد ما مقبولا مع ما تحققه الشركة من أداء. مكرر الربح تأثر سلبا بالتغير السعري وأصبح غير جذاب نتيجة لارتفاعه بالضعف تقريبا (ولكن مع نتائج الربحية في الأرباع الباقية من العام قد يتعدل ليعكس مكررا أفضل). وتعتبر مساهمة الإيرادات الأخرى منخفضة وبنحو 3.32 في المائة وكان نموها سلبيا 63.17 في المائة.
شركة حائل الزراعية
في الربع الأول من عام 2007 بلغ حجم هبوط إيرادات الشركة الربعي -60 في المائة وفي الفترة المقارنة ارتفعت الإيرادات بنحو 0.2 في المائة، في حين هبطت أرباح الشركة ربعيا وخلال الربع الأول من عام 2007 بنحو 81 في المائة وتحسنت في الفترة المقارنة بنحو 31.08 في المائة. الملاحظ أن نمو السعر الربعي والمقارن كان إيجابيا ويعتبر أكبر حجما مما تحققه الشركة من أداء. مكرر الربح لم يخرج في النتيجة عن السابق حيث لا يزال غير جذاب نتيجة لارتفاعه بالضعف تقريبا. وتعتبر مساهمة الإيرادات الأخرى منخفضة وبنحو 15.37 في المائة مع أن نموها كان إيجابيا 32 في المائة.
مسك الختام
عدد من شركات القطاع في حاجة لإعادة الهيكلة من خلال التخلص من الأصول غير المنتجة ومعالجة نقاط الخلل فيه والاستحواذ على أصول منتجة لدفع القدرة الإنتاجية فيه والدخول في القطاع الإنتاجي الصناعي الزراعي أو الاستزراع، خاصة في المجال السمكي ربما يعتبر نقطة مهمة وحيوية للشركة.
|