بعد التداول
المساهمون في الكهرباء: أسئلة على طريقة "المعنى في بطن الشاعر"
خالد العويد
تحفل الجمعية العمومية السنوية التي تعقدها شركة الكهرباء السعودية، سنويا بحضور ملفت من كبار السن "الشيبان"، كون اسهم الكهرباء من الشركات المحببة لديهم في الاستثمار، حيث كانت الدولة في السنوات الماضية تضمن توزيعات ربحية تبلغ 7% سنويا.
يوم السبت قبل الماضي ، كان المساهمون في شركة الكهرباء على موعد مع اجتماع الجمعية، وحرصت على الحضور للاستمتاع بالنقاشات والأسئلة التي يوجهها كبار السن لمجلس الشركة وإدارتها ، و تتميز عادة بالحدة والصراحة وبدون مقدمات، بخلاف الكثير من جمعيات شركات الأخرى حيث التكلف في طرح الاسئلة والنقاش والمجاملات وعبارات المديح والثناء، التي تسبق الاسئلة المطروحة، لدرجة ان البعض يقرا رسائل مكتوبة ومعدة سلفا ومليئة بعبارات الشكر والثناء لمجلس الادارة.
في جمعية الكهرباء حيث يتواجد الكثير من كبار السن، فالوضع مختلف عن الجمعيات الاخرى. فقد بدا النقاش الحاد بين المساهمين أنفسهم قبل ان يحضر أعضاء مجلس الإدارة الى منصة الاجتماع، ومن شدة حماسهم بدا كل شخص يطرح الاسئلة عن الشركة على المساهم الاخر، وإذا لم يجد الإجابة الشافية طرح السؤال على الذي يجلس خلفه او أمامه ، ووصل الأمر الى التحريض على الاعتراض على احد البنود الاجتماع، ويتمثل في توصية قدمتها لجنة المراجعة في الشركة بان يختار المساهمون مراجعا للحسابات حدد بالاسم، وهو إجراء تقوم به كل الشركات كتوصية غير ملزمة من اللجنة، مع ان اعتراضهم لا يقدم ولا يؤخر، كونهم لا يمتلكون سوى أسهما قليلة مقارنة بحصة الدولة مع ارامكو البالغة 81% من رأس المال، ولذلك فلم يظهر اثر اعتراضهم على نتيجة التصويت النهائية البالغة 100% .
استمر النقاش الحاد وتواصل دخول المزيد من المساهمين الى القاعة، واعترض احدهم على عدم السماح له بالجلوس في احد المقاعد الأمامية لكونه محجوز كما اخبره احد المنظمين، ولم يقتنع المسن بالسبب وعزى منعه من الجلوس لأنه لم يلبس "البشت".
هدأ النقاش الجانبي بين المساهمين قليلا مع دخول أعضاء مجلس الادارة الى القاعة، ولتهدئة النقاش بدا الاجتماع بقراءة آيات قرآنية من صورة النحل قصد منها تهدئة حدة النقاشات تبدأ بقوله تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
توقف النقاش تماما، وعندما انتهى القارئ من تلاوة الآيات تعالت الأصوات من جديد ولم تهدأ ، وانبرى احد المسنين بصوته الجهوري الذي لم يحتاج الى الميكرفون، ليؤكد على عدم تهميش مطالبهم ووجهات نظرهم كون حصصهم قليلة مقارنة بحصة الدولة وضرورة ايصال أرائهم الى الدولة لدعم الشركة، مشيرا ان الحكومة تحرص على سماع جميع الآراء والملاحظات . بعد ذلك طلب احد كبار السن من المجلس توزيع أرباح الشركة كاملة عليهم وهدفه التعبير عن عدم رضاه عن الأرباح الموزعة، واخبره الرئيس ان هذا غير ممكن وان هناك احتياطيات مالية وتوسعات يجب دعمها ، ثم طالب أخر بتمديد فترة تنازل الدولة عن أرباحها لعشر سنوات أخرى قادمة.
مساهم اخر طالب بوضع تسعيرة جديدة لتعرفة الكهرباء على أسس اقتصادية، بمعنى رفع التسعيرة الحالية وتسديد الدولة للفرق بين تكلفة الحقيقة للكيلوات وبين سعر بيعه للمستهلك لكون التكلفة الحقيقة اعلى من سعر البيع، وحاول المجلس إقناعه انه لتخفيض سعر الكهرباء على المستهلك فقد تنازلت الدولة عن أرباحها وهناك هيئة مسئولة عن التعرفة وهي التي تقترح تغيير الاسعار وليس الشركة.
ومساهم في الصف الاخير يطالب الشركة بعدم الموافقة على وضع عدادات منفصلة في ادوار الفلل السكنية، ودمجها في عداد واحد حتى ترتفع شريحة الاستهلاك ، واخبره المجلس بوجود موظفين للتأكد من دمج عدادات الفلة الواحدة إلا اذا كانت معزولة الأدوار.
تنوعت الأسئلة المطروحة حول اداء الشركة ومستقبلها ، ونتائجها ومصروفاتها وموظفيها، وضرورة الاستفادة من عقاراتها وعلاقاتها المالية مع البلديات، وديونها وطالت حتى موقع إدارتها في برج الفيصلية بالرياض، الذي لم يروق للمساهمين كونه في منطقة مزدحمة ومرتفعة الإيجارات ويصعب على كبار السن الوصول اليه ، ووصل النقاش الى أسلوب توزيع الارباح، وكشف المساهمين ان البنك يطلب من بعضهم، مراجعة احد فروعة لاستلامها بينما المفترض ان يودعها في حساب المساهم. بعد انتهاء الجمعية ونقاشاتها تمنيت ان ترزق جميع شركاتنا بمساهمين على مستوى "شيبان" الكهرباء، لتكون الجمعيات فرصة لفتح ملفات الأداء لعام كامل، وكشف الأخطاء ومعالجتها، بدلا من مظاهر المجاملات والتكتلات والغياب عن حضور الجمعيات، التي تدفع أداء الشركة الى الاسفل.