عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2007, 10:08 AM   #29
bosaleh
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: May 2005
المشاركات: 21,525

 
افتراضي

ميثاق شرف للمحللين الماليين
نبيل بن عبد الله المبارك - 15/04/1428هـ
بداية وكجملة اعتراضية أود تقديم كامل الاعتذار كمحلل مالي لكل من قد أكون أخطأت في حقه سواء مسؤولا حكوميا أو مسؤولا في شركة أو متعاملا أو مضاربا أو أيا من العاملين في الإعلام وسواء مقروءا أو مشاهدا أو مسموعا، وذلك منذ بدأت قبل ما يزيد على أربع سنوات تقريباً في هذه المهنية شبه المجانية لدينا، التي أكثر ما كنت أطمح إليه، كأضعف الإيمان الشكر والدعاء، وبالذات من عامة الناس الذين أعلم علم اليقين أنهم بحاجة إلى من يرشدهم ويضيء لهم دروب الادخار والاستثمار التي هي حق كل إنسان لتأمين مستقبله ومستقبل أبنائه في بلد حديث النشأة، وحتى وقت قريب كان التفكير في قوت اليوم والليلة ولا يتعداهما. ومن يعتقد أنني مدين له بحق فإني على استعداد لتحمل خطئي أيا كان، إن شاء الله، وليسامحني الله وجميع خلقه.
وكنت قد كتبت في 27 شعبان 1425هـ الموافق 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2004 في جريدة "الرياض" العدد 13261 تحت عنوان "من يحمي المحللين الماليين من سطوة مسؤولي الشركات المساهمة"، وتحدثنا في ذلك المقال عن خمس نقاط جوهرية. وقد تلقيت بعد ذلك المقال اتصالا من أحد المسؤولين يؤكد أن هناك مشروعا لإيجاد هيئة أو جمعية للمحللين الماليين. وقد أسعدني ذلك الخبر، رغم تشكيكي حينها، وهو يذكر ذلك جيدا "أي المسؤول" في أنها سترى النور قريباً. والآن وبعد مرور ما يقرب من أربعة أعوام على المقال والحال كما هو عليه، وأعتقد أني نادم أشد ما يكون الندم أنني لم أراهن هذا المسؤول بأن ذلك لن يحدث قريباً، كما قال، لكان خسر الرهان وصدقت تنبؤاتي أن ذلك لا يزال في الأحلام. وأستطيع أن أتفهم لماذا هو في مرحلة الأحلام وسيظل في المدى المنظور كذلك!
والسبب في إعادة الموضوع ليس للتذكير فنحن لا نتمتع بذاكرة قوية، ولله الحمد، وإلا لكان الكثيرون في خبر كان نتيجة تصريحاتهم الرنانة من خلال سوف وبإذن الله قريباً، وأعتقد أن الكثيرين منهم درس علم الاجتماع المحلي ويفهم النفسيات جيداً، ولكن الهدف من إثارته مرة أخرى هو ملاحظة أنه وفي الآونة الأخيرة بالذات هناك هجمة شرسة على المحليين باختلاف مسمياتهم فنيين وماليين واقتصاديين ومتطفلين أو حتى تجار شنطة. وقد جاءت تلك الحملة والهجوم من الجميع، كُتاب محترفون وكُتاب شؤون عامة متورطون في سوق الأسهم، وحتى كُتاب النقد الأدبي وكُتاب الشؤون الصحية والاجتماعية شجبوا واستنكروا أفعال هؤلاء المحليين، وذلك بعد أن انتهوا من هجمتهم على الإدارات الاقتصادية المسؤولة عن إدارة اقتصادنا. وأنا هنا لست ضد ما قيل ويقال حول المحليين بتصنيفاتهم كافة، رغم أن المجتمع يتعاطى معهم بتصنيف واحد وهذا خطأ. فحرية الرأي مصونة، إن شاء الله، والاختلاف رحمة. وقد يكون كثير مما ذكره بعض المنصفين وليس المتورطون في سوق الأسهم صحيح، فقد وجدنا أنفسنا فجأة في زحمة المحللين الذين يتسابقون على قراءة السوق وفي تحديد توجهاته وأصبحت القنوات الإعلامية بحاجة إلى حجز موعد مع سكرتير المحلل المالي اللامع للحصول منه على تصريح أو تعليق. وأصبحت الأعين فجأة معلقة بما تتفوه به شفاه هؤلاء المحللين "أنا منهم"، إلى الدرجة التي دفعت بعضا من حملة الدكتوراة من أساتذة الجامعات للخروج السريع من أبراجهم العاجية "جامعاتهم" بعد مرور 15 سنة والبعض أكثر من ذلك، في محاولة منهم لمنافسة هؤلاء الشباب الذين أصبحوا يجلسون في صدور المجالس ويقُربون من الجميع. وكأن المسألة فلم قصير جدا أو قصة قصيرة جدا، ولكنها مليئة بالأحداث والتشويق. والآن يقولون إن الوهج زال، وأصبحوا يمشون "متلطمين" وهو ما يعني بالعربي "متحجبين".
ولكن ما حدث هو في مجمله، في تصوري، أنه صحي ومنطقي في الوقت نفسه. صحي لأنه خلق حراكا قويا وحيويا رغم السلبيات التي صاحبت ذلك ورغم أن الغث والسمين تداخلا بشكل أفقد الإيجابيات وأبقى على السلبيات. وبسبب هذا التداخل خسرنا الجيد من المحللين وخسرنا مساهمتهم في الرفع من كفاءة سوق الأسهم وسوق المال عموماً. وبقي من يحاول تسجيل موقف أو مستفيد، أو مناضل. وهي قضية على جانب كبير من الحساسية بالنسبة للمجتمع قبل المحللين أنفسهم، فهم يتحدثون عن اقتصاد وليس سوق أنعام! فالذين غادروا الميدان ارتاحوا وخسرهم المجتمع في هذا المجال المهم. والذين بقوا أصبحت هناك علامات استفهام كبيرة على أسباب وجودهم إلى الآن وما المصلحة من وجودهم، ولماذا وكيف وكم؟
الحقيقة التي لا غبار عليها أن عيون المجتمع تشكك في كل من يحاول قراءة السوق حالياً، وقد يكون أحد أهم الأسباب هو كما ذكرنا وجود الدخلاء الذين سبق ومنذ أربع سنوات تحدثنا عنها ولا داعي للإعادة. والسبب الآخر أن المسؤولين عن السوق، وأرجو أن تضعوا تحتها خطين، وبعد مرور أكثر من سنة وشهرين على التراجع الحاد كلهم بلا استثناء اتخذوا الحكمة المشهورة عنواناً وتطبيقاً "لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم"، وبالتالي عندما يستمر المحلل في التحدث كتابة أو مشاهدة عن سوق الأسهم وبطريقة أظُن وأعتقد يكون السؤال الرئيس في شفاه الجميع: لماذا تضع نفسك في هذا الموقف، إلا إذا كان هناك واجب تسويقي تقوم به أو أهداف أخرى غير واضحة؟ وهذا كله يزيد من علامات الاستفهام، نحن نعيش هاجسا يوميا وضغطا في الوقت نفسه، والإعلام يريد أن يشغل بثه وصفحاته وأصبح المحلل بين كفي رحى!
أؤمن أنه من الضروري حماية المحللين الماليين الرسميين، وأعني الرسميين وإن لم يحُموا فالنتيجة كما شرحنا، الجميع سيكون خاسرا. وأعتقد أن أضعف الإيمان أن يكون هناك ميثاق شرف برعاية رسمية سواء من هيئة سوق المال أو من لجان الأوراق المالية في الغرف التجارية أو من أي مؤسسة مدنية يمكن أن تقبل بالمحلل المالي الرسمي "لديه الوثائق الرسمية"، التي تؤكد أنه يقع في هذه الخانة بدلاً من أن يكون "ملطشة"، حتى يستطيع أن يتحدث ويحاسب وأيضا يميز الغث من الدخلاء في هذه المهنية التي لا يمكن أن تكتسب في يوم وليلية، ولكنها بسهر الليالي الطوال وفهم عميق لعمل الأسواق والهياكل الاقتصادية التي تعمل فيها تلك الأسواق، وهي مهمة صدقوني ليست سهلة ولا يجب أن يتصدى لها إلا المتمكن، فهي تتطلب أن تكون طالب علم طوال حياتك المهنية، لأن التوقف عن التزود بالمعرفة يعنى التخلف عن معرفة حركة الأسواق والأسس التي تبنى عليها وهي حركة ديناميكية لا تتوقف حتى تتوقف الحياة. لذلك نجد أنهم "المحللين الماليين بالذات" في البلاد الأخرى من أكثر العملات ندرة وتكلفة، أما لدينا وبسبب التداخل كما قلنا .. فلا تعليق!!!
bosaleh غير متواجد حالياً