عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2007, 11:01 AM   #28
bosaleh
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: May 2005
المشاركات: 21,525

 
افتراضي

قروض التقاعد.. ملاحظات واقتراحات
نواف مشعل السبهان - كاتب وتربوي في التعليم الفني 14/04/1428هـ
nsabhan*************

لا بد لنا بداية من الإشادة بخطوة المؤسسة العامة للتقاعد بدخولها مجال التمويل الإسكاني، التي جاءت في وقتها ومكانها المناسبين، وتخصيصه لمنفعة شريحة محددة هي موظفي الدولة، التي تمثل الجزء الأكبر من الطبقة الوسطى والتي تشكل بدورها 90 في المائة من المجتمع، وهذه الطبقة الاجتماعية ومنها بالذات موظفو الدولة هي أكثر من يعاني مشكلة السكن بسبب ضيق برامج التمويل المتاحة أمامها، فقروض صندوق التنمية العقاري باتت صعبة المنال بسبب الانتظار الطويل والممل من ناحية، وعدم كفايتها حتى لإقامة بناء (عظم) بعد ارتفاع أسعار مواد البناء إلى ما نسبته 100 في المائة، مقارنة بما كانت عليه قبل عامين مثلا من ناحية أخرى. أما دور البنوك وإسهامها في مثل هذا التمويل فهو أشبه ما يكون بالحديث عن العنقاء والغول لصعوبة الحصول عليه أولا، ولفرضها عمولات وفوائد تجعل من الإقدام عليه كارثة مالية وحياتية على المقترض ثانيا، فالبنوك لا تفكر بمنطق الإسهام الوطني بقدر ما تعمل على حلب الجيوب بلا رحمة ولا هوادة، والحديث عن البنوك، على أية حال، لم يعد منه طائل في ظل نظام (خلي الدرعا ترعى).
لا أبالغ في القول إن جل موظفي الدولة وهم الفئة المستهدفة من قروض التقاعد، قد بنوا آمالا وأحلاما عريضة على هذا الإقراض، لكونه يوفر لهم مصدر تمويل مريح بغرض تأمين سكن، خصوصا أنه مقدم من جهة هي بالتأكيد لن تتعامل معهم بمنطق تجاري بحت فاقد لروح المسؤولية الوطنية، وهو ما سيسهم في تحقيق هذه الآمال والأحلام دون تحمل أعباء زائدة، ولهذا كان انتظارهم على أحرمن الجمر لبدء إعطاء هذه القروض بعد استكمال الشروط ووضع الآلية المطلوبة، وصاحب هذا الانتظار أمل وتوقع بأن تكون هذه الشروط ميسرة ومرنة بحيث تتيح لأكبر شريحة الاستفادة من فرص قروضها دون وضع قيود تصعب على جزء منهم الحصول على هذه القروض إلا من لا يكون من المستهدفين فعلا كمن يمتلك سكنا مثلا، إلا أن البوادر حسبما نشرت كل الصحف من تسريبات حول ملامح شروط الإقراض المتوقع إعلانه الشهر المقبل، أصابت كثيرين بخيبة أمل، وقلصت إن لم تقض فعلا على الأحلام الوردية التي عاشوها الأشهر الماضية منذ الإعلان عن نية مؤسسة التقاعد إقراض الموظفين.
دون شك من حق مؤسسة التقاعد أن تضمن توظيف هذه القروض للهدف منها مباشرة وهو تأمين السكن كونها ليست جهة تهدف إلى الربح المجرد من أي دور ومسؤولية، كما من حقها أيضا أن تضمن حقوقها المالية التي يمكن تأمينها بدون اشتراطات تضعف من الاستفادة من قروضها، وتقلل من نسبة المستفيدين منها. وهنا نسوق ملاحظات نعتقد أنها تعكس القلق من أن تتضمن الشروط المعلنة حتى الآن عوائق تحرم كثيرين من الاستفادة من هذا التمويل، وأولها أن يتم الإقراض "حسبما فهم حتى الآن" من خلال أحد البنوك الذي كلف من قبل مؤسسة التقاعد بذلك، وإدخال بنك هنا سيزيد من التكلفة لكون البنك سيطالب بعمولة ومصروفات كان يمكن الاستغناء عنها، إلا إذا تم الاتفاق معه على إجراءات مختلفة، بمعنى أن يكون التعامل مباشرة ما بين الموظف ومؤسسة التقاعد كما هو حاصل مع صندوق التنمية العقاري، ولضمان التسديد يربط راتب الموظف آليا من قبل البنك الذي يحول عليه راتب الموظف لحساب التقاعد، أو أن يحسم عليه مع حسمية المعاش التقاعدي، وثاني الملاحظات، وهي أهم، قصر التمويل على شراء السكن الجاهز، وفي هذا تضييق على المستفيد من ناحية، ودفع لرفع أسعارها من ناحية أخرى، وهذا ما سيحدث فعلا، فعندما يكون الهدف هو تمويل بغرض تأمين سكن، كان يجب أن تتعدد الوسائل لا أن تحصر في شراء سكن جاهز فقط، فأسعار المباني الجاهزة مرتفعة من الأساس، حتى إن المليون ريال، وهو الحد الأعلى للقرض، لن يؤمن سكنا لأسرة كبيرة ليس حلمها قاصرا على سكن تنحشر فيه، بل سكن يمثل الحد الأدنى من الرفاهية لمواطن في بلد مثل المملكة، ناهيك أن ذلك سيوجد أزمة مساكن جاهزة، تقود لزيادة الطلب على الأراضي وضغط على شركات البناء وينتهي بحدوث أزمة كاملة في قطاع الإسكان، أيضا تحديد السن بـ 55 سنة مما يقود لحرمان كثيرين هم في أمس الحاجة لتأمين سكن بعد هذه الخدمة والعمر.
نتمنى من مؤسسة التقاعد وهي تقدم على هذه الخطوة الاقتصادية والتي ستسهم حقا في حل جزء كبير من مشكلة الإسكان في المملكة، والتي تشير إحصائياتها إلى أن 80 في المائة من سكان المملكة لا يملكون مساكن، أن توسع من هذا الإسهام بأن تتعدد أوجه استخدام القرض في تمليك مساكن، وشراء سكن جاهز إحداها، ولكن هناك من يملكون أراضي يرغبون في بنائها ينقصهم التمويل، وهناك من شرع فعلا في البناء ولكنه توقف عند حد معين لعدم توافر سيولة، فما المانع بأن يشملوا بالإقراض لبناء سكن أو إكماله، وليس قصر القرض على شراء سكن جاهز ربما لا يفي باحتياجاتهم؟ وأظن أن في ذلك مكاسب عدة، أولها الإسهام في إنشاء أحياء وضواح جديدة في المدن وحولها. ثانيها أن تمويل بناء سكن على أرض يملكها المقترض يقلل من التكلفة ومن حجم القرض المطلوب، فمثلا من يريد إنشاء سكن بمساحة 600 متر، فلن يكلف أكثر من 700 ألف ريال بالحد الأقصى، وهذا مبلغ لا يؤمن سكنا بنصف هذه المساحة بالشراء، وبذلك يمكن توفير مبالغ يمكن أن تمكن من التوسع في الإقراض.
أيضا نأمل في فترة لاحقة أن تمنح قروضا محدودة لمن يملك سكنا فعلا ولكنه قديم يحتاج إلى ترميم وتجديد، أو إدخال إضافات عليه ليستوعب أبناءه الذين كبروا فهناك مساكن مر على إنشائها ما لا يقل عن 30 سنة، وقد باتت بالتأكيد في حاجة للتجديد والترميم.
نخلص بالتعبير عن التقدير البالغ لمؤسسة التقاعد على هذه الخطوة الرائدة، ونظرة المسؤولين فيها باستثمار ما لديها من مليارات مجمدة في تقديم خدمة وطنية، إلا أن هناك تطلعا بأن تكون مرنة وتخدم أكبر شريحة من الموظفين، وتذليل أي عقبات قد تحرم البعض وهم في أمس الحاجة، فالقيمة الكبرى والحقيقية هي حين نضع شروطا ونظاما يخدم الغالبية وأكبر شريحة ممكنة والله الموفق.
bosaleh غير متواجد حالياً