محللون: أسواق العالم لا تكترث بانخفاض الدولار .. لم تحدث أزمة ولم تثر ضجة
- مايك دولان وجيمي مكجيفر من لندن - رويترز - 11/04/1428هـ
كان الهدوء الذي هبط به الدولار إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع عاملا أساسيا في السماح لبقية أسواق المال العالمية بالمضي قدما في نشاطها المعتاد دون أن تأبه لنزوله. فلم تحدث أزمة ولم تثر ضجة.
وبالنظر إلى ارتفاع أسعار الأسهم العالمية واستقرار أسواق الائتمان يمكن بسهولة ألا يتنبه المرء لهبوط العملة الأمريكية إلى أدنى مستوياتها أمام العملات الرئيسية منذ انهيار نظام بريتون وودز لأسعار الصرف في 1973. ويتناقض تماما الهدوء الذي استقبلت به أسواق الأسهم والسندات الانخفاض التاريخي في سعر الدولار مساء الأربعاء الماضي مع حالة الذعر التي كانت في الماضي تصيب الأسواق عندما يبلغ الدولار مستويات غير مسبوقة.
ويقول بعض المستثمرين إن الهدوء قد يبرره النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يفرض إعادة التفكير في المبادئ العامة القديمة بما فيها العبء المالي الكبير الذي ينتج عن التحركات الحادة في سعر الدولار عملة الاحتياطيات العالمية.
وحذر بيل جروس كبير مسؤولي الاستثمار في باسيفيك إنفستمنت مانجمنت وهو صندوق عملاق للاستثمار في السندات الإثنين الماضي من أثر اقتراب الدولار من مستواه القياسي البالغ 1.3670 دولار لليورو.
وقال جروس "الدولار يقترب من النزول دون مستويات الدعم وإذا فعل فإن ذلك سيكون له أثر كبير في جميع الأسواق" مؤكدا الضرر الذي سيلحق بأسواق السندات من تزايد المخاوف من التضخم الأمريكي والتمويل الخارجي.
وجروس ليس الوحيد الذي يرى ذلك فقد قال نيل ماكينون كبير الاقتصاديين في مجموعة إي.سي.يو وهى صندوق تحوط في لندن يدير أصولا تقدر قيمتها بنحو 1.3 مليار دولار "ثمن انهيار الدولار سيكون كبيراً".
وأضاف أن تسارعا حادا في خسائر الدولار قد يرفع رايات الخطر فيما يتعلق بالتضخم الأمريكي وأسعار الفائدة ويقلق الأصول المالية الأمريكية بإضعاف مشتريات الأجانب الضخمة التي تعتمد عليها هذه الأصول ويحد من الإقبال على المخاطر في كل مكان.
وإذا صدقت تحليلاتهما فإن ارتفاع تكاليف الاقتراض واتساع الفروق بين أسعار الفائدة وتزايد الاضطرابات المالية بشكل عام تهدد بأن تخفض بسرعة أسعار الأسهم المرتفعة للغاية التي كان من أسباب ارتفاعها إقبال مديرين على شراء حصص مسيطرة في شركاتهم بأموال مقترضة وتوقعات استمرار النمو الاقتصادي العالمي، لكن لا يبدو أن الأسواق تشعر بأي قلق.
ففي الوقت الذي سجل فيه الدولار أدنى مستوياته يوم الأربعاء الماضي حققت أسواق الأسهم العالمية ارتفاعات قياسية فارتفع مؤشر داو جونز الأمريكي متجاوزا مستوى 13000 لأول مرة وسجلت المؤشرات الأوروبية أعلى مستوياتها في ست سنوات ونصف السنة.
وتأرجحت سندات الخزانة الأمريكية داخل نطاقها القائم بارتياح وظل عائد السندات العشرية أقل بأكثر من نصف نقطة مئوية من ذروته التي سجلها العام الماضي.
وسجل الدولار انخفاضه القياسي يوم الأربعاء أمام سلة عملات يتابعها مجلس الاحتياطي الاتحادي وتضم اليورو، الين الياباني، الجنيه الإسترليني، الفرنك السويسري، الدولار الكندي، الدولار الأسترالي، والكرونة السويدية.
وانخفض سعر الدولار أمام هذه السلة بأقل من 3 في المائة هذا العام وبأعلى قليلا من أربعة في المائة على مدى 12 شهرا.
وهناك مؤشر آخر يطلق عليه مجلس الاحتياطي الاتحادي المؤشر "الأوسع نطاقا" الذي يقيس الدولار أمام 26 عملة منها عشرات العملات المربوطة بالدولار في دول نامية عملاقة في آسيا وقد يكون هذا المؤشر بلغ أدنى مستوياته في عشر سنوات لكنه أعلى بنسبة 25 في المائة عن المستوى المتدني الذي هبط إليه بعد 1973.
وهذه الرؤية الأشمل لضعف الدولار هي الأهم في تقييم أي أثر على التضخم وبالتالي على أسعار الفائدة وأسواق الأسهم.
فدول آسيا ذات الاقتصادات الصاعدة على سبيل المثال تمثل 31 في المائة من التجارة الأمريكية بزيادة عشر نقاط تقريبا عن منطقة اليورو وبريطانيا مجتمعتين. واستقرار الدولار أمام هذا المؤشر أكثر أهمية في كبح التضخم في أسعار الواردات من استقراره أمام اليورو والجنيه الإسترليني.
وقال اقتصاديون من كريدي سويس إن أسواق أصول أخرى لن تلحظ انخفاض الدولار إلا عندما يثير قلق مجلس الاحتياطي الاتحادي من التضخم.
وكتبوا يقولون في مذكرة للعملاء هذا الأسبوع "في رأينا أن ضعف الدولار لا يمثل مشكلة إلى أن يتسبب في رفع الفائدة... لكننا نعتقد أن ذلك لن يحدث ما لم ينخفض الدولار إلى 1.50 دولار" لليورو.
وأشار كريدي سويس إلى أن أقل من 18 في المائة من الواردات الأمريكية يأتي من منطقة اليورو وشكك في قوة العلاقة التاريخية بين خسائر الدولار وأسواق الأسهم العالمية.
وكذلك فإن التمويل الأجنبي للسندات الأمريكية يرتبط بدرجة كبيرة بالطلب من الاقتصادات التي تربط عملاتها بالدولار في آسيا والدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط إذ إن هذه الدول تعيد ضخ الدولارات التي تشتريها بنوكها المركزية للإبقاء على نظام ربط العملة بالاقتصاد.
ومادامت هذه الدول غير مستعدة لخفض قيمة الدولار أمام عملاتها بما يحد من الصادرات فإنه من المستبعد حدوث اضطراب مفاجئ في الطلب على السندات الأمريكية.
وتفيد بيانات وزارة الخزانة الأمريكية أن الدول المصدرة للنفط والدول الآسيوية تملك أكثر من نصف ما بحوزة جميع البنوك المركزية في العالم من سندات خزانة أمريكية. وبالنسبة للكثيرين فإن هذا الوضع الذي يطلق عليه "بريتون وودز 2" والقائم معظم سنوات العقد الحالي يمثل عاملا محوريا.
وقال ماكينون "ما يربط كل هذه الأمور ببعضها هو استمرار البنوك المركزية الآسيوية في شراء الأصول المالية المقومة بالدولار واستمرار إيمانها بالنظام".
|