عرض مشاركة واحدة
قديم 16-01-2007, 03:20 AM   #1
اشراقة قلم
اشراقة قلم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 10,646

 

افتراضي o°°o°*الرشاقـة النفسيـة *°o°°o

[frame="6 80"]




قرأت هذا التعبير الجميل في أحد كُتب الأستاذ محمد قطب، ولا أتذكر المعاني التي استولدها منه
والأفكار التي استخرجها منه
ولا ماذاأراد به مَثَلاً، ولكنني أعبر في هذه الكلمة عما أوحى إلي


[grade="FF1493 800080 4B0082 4B0082"]إن الرشاقة التي يعرفها الناس، ووصفها الأدباء، وتغنى بها الشعراء هي
القد المياس، والجسم المستقيم، والأعضاء المتناسقة، والأجزاء المتناسبة، والقوام الظريف
فلا يشتكى منه قِصَر ولا طول، ولا يُعاب عليه تضخم ولا نُحُول
أما الرشاقة النفسية فهي كاسمها، تُحَس ولا تُلْمس، ولا تحكمها الأوزان والمقاييس
فقد يكون صاحب الرشاقة النفسية سمينا، كأنّ الشاعر عناه بقوله:
أنت والله، ثقيل وثقيل وثقيل أنت في المنظر إنسان وفي الميزان فِيلُ
كما قد يكون نحيلا، تستطيع ذُبَابَة أن تخطِفَه،"تُقَيِّده شعرة، وتحجزه بعرة"، كما يقال.[/grade]
[grade="008000 008000 008000 008000 008000"]إنني أعرف شخصين، أما أحدهما فضخم الجثة، يزنُ قنطارا وعشرا، له شِربٌ، ولسكان حَيِّه شِرْبُ يوم معلوم
تظن أنه لو ركب سفينة لأَغرقها، ولو اعترض سيْلاً لكوَّنَ سَدًّا، وإذا امتطى سيارة أفقدها توازنها
ولكنك إذا جلست إليه حسِبْتَه نسمة هواء منعشة في صحراء، وخِلْتَه غزالة ظريفة في بيداء
وذلك لما يتمتع به من دماثة الخلق، ولطافة المعشر، وطرافة القول، وحلاوة الحديث، وطلاوة الكلام، وطلاقة الوجه...
وأما الآخر فضعيف البنية، نحيف الجسم، رقيق العظم، يزن بملابس الشتاء الثقيلة والمبتلة بضعة أرطال، بحيث لا تراه إذا لم يتكلم
ولكنك إذا ابتلاك الله، وضَمَّكُما مجلس، حسِبْتَ ساعة معه دهرا، وكل كلمة يتفوه بها كفرا
وذلك لما يتميز به من خشونة الطبع، ورعونة السلوك، وكثافة الحس، وانعدام الذوق، وعبوس الوجه، وسلاطة اللسان..
كل أولئك مُغَلَّفٌ بغرور، وملفوف باستعلاء لا منتهى لهما.[/grade]
[grade="4169E1 4169E1 0000FF 4169E1 4169E1"]إن صاحب الرشاقة النفسية
لا تراه إلا "باسم الثغر، كالملائك أو كالطفل"، متهلل الوجه وضيئه، ولو كان لونه مثل حَلَك الغراب..
ولا تلقاه إلا مبتهج النفس، كأن الأرض حيزت له، وقد لا يملك منها شبرا، ولا يساوي ما عنده من متاع الدنيا جناح بعوضة.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام على حصير بال، يترك أثره في جنبه، وكانت الليالي ذوات العدد تمر ولا توقد النار في بيوته
ومع ذلك كان أكثر الناس رشاقة نفس، ورهافة حس، ورقة شعور، ونبالة سلوك، وحسن خلق، وعمق حب.[/grade]
[grade="0000FF 0000FF 0000FF 0000FF 0000FF"]وكان عمر بن عبد العزيز عندما كان قلبه معلقا بالرشاقة الجسمية، وهِمته مقصورة عليها، يؤتى بأفخر الثياب وألينها،
فإذا لمسه قال: ما أخشنه، فلما عَلَت همته، وسَمَا فكره، وعظُم عقله، كان يؤتى بأبسط الثياب وأخشنها، فيقول: ما ألينه.[/grade]
[grade="FF0000 FF0000 FF0000 DC143C DC143C"]إن أكثر الناس لا يحرصون إلا على الحصول على الرشاقة الجسمية
ولسنا ضدها، فينتقون من الأطعمة أجودها، ومن الأشربة أَلَذَّها وأنفعها، سعيا منهم لاكتساب الرشاقة الجسمية، أو استعادتها إن فقدوها
وإذا لزم الأمر طبقوا على أنفسهم ما سماه الإمام الإبراهيمي "رَجِيمًا" صارما، (أي رِجِيمًا)
ولجأوا إلى الأضيق من الألبسة، والعريض من الأحزمة، ليُلَمْلِمُوا شحوم أجسامهم، وأنفقوا الأموال الطائلة في العمليات التجميلية، لشفط الدهون،
وشد الجلود المترهلة، ومع ذلك لا تنزل الرشاقة النفسية بساحتهم. [/grade]
[grade="00008B 00008B 00008B 00008B 00008B"]
وأستسمح القارئ الكريم في أن أضرب مثلا بإحدى الحريصات على الرشاقة الجسمية، المحرومة من الرشاقة النفسية
وأعني الممثلة الفرنسية بريجيت باردو، التي فتنت برشاقتها أكثر رجال العالم، شبانا وكهولا وشيوخا، بمن فيهم الجنرال دوغول العجوز
وتصدرت ـ لرشاقة جسمها ـ صفحات الجرائد والمجلات 29345 مرة، ولكنها لم تشعر يوما بسعادة حقيقية
ولم تتمتع مرة واحدة برشاقة نفسية
ولذلك حاولت الانتحار عدة مرات، وهي الآن تعيش مع الكلاب..[/grade]


إن الحريصين على الرشاقة الجسمية ـ فقط ـ
ينطبق عليهم وصف القرآن الكريم في المنافقين: {وَإِذَا رَأَيــْـتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} ولكنهم في حقيقتهم {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}
وهم كما وصف أحمد حسن الزيات شخصا في قوله: »له معدة، وليس له قلب، وله شهوة، وليس له عقل«.


[grade="008000 008000 008000 008000 008000"]إن فيتامينات وبروتينات الرشاقة الجسمية هي ما تُخرج الأرض من بقلها وقثائها...
وما تنبت من فواكه، وما يؤكل من لحوم طرية
أما فيتامينات وبروتينات الرشاقة النفسية فهي التنزه عن الطمع، والتعفف من الجشع، والتطهر من الحسد، والزهد فيما عند الناس، والترفع عن التفاهات.
إن الإنسان الذي يجمع بين الرشاقتين النفسية والجسمية هو "كامل الأوصاف"
وإن أكمل الكاملين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .[/grade]

[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]
للكاتب محمد الهادي[/grade]
[/frame]
اشراقة قلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس