لكل متعلق بالسوق نصيحة ؟ ارجوا الدخول؟
يامن خسرت مالك واثقلتك الهموم اقرأ هذه الكلمات عسى الله ان يفرج همك:
رسالة لكل مهموم ومغموم ومحزون، تقول له: لا تحزن.
وهي خطاب لكل مصاب ومبتلى، وكل من سحقته المشقة والعناء، تقول له: لا تحزن!
وهي نداء لكل من أحدقت به المصائب، وأحاطت به النكبات، وخنقته الأزمات، تقول له: لا تحزن!
وهي أمل لكل من أثقلته الديون، وعضَّه الفقر، وأمضته الحاجة، وأحاطت به البأساء، تقول له: لا تحزن!
وهي سلوة لمن أشرف على الانتحار، ومل الحياة، وسئم العيش، وعاف البقاء، تقول له: لا تحزن!
(إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)
يا إنسانُ! بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ رِي، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، وبعد الفقر غنى، وبعد السجن حرية، سوف يصل الغائب، ويهتدي الضال، ويُفك العاني، وينقشع الظلام: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [المائدة:52].
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رءوس الجبال ومسارب الأودية، بشر المهموم بفرج مفاجئ يصل في سرعة الضوء ولمح البصر، بشر المنكوب بلطف خفي وكف حانية وادعة.
إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد فاعلم أن وراءها رياض خضراء وارفة الظلال، وإذا رأيت الحبل يشتد ويشتد فاعلم أنه سوف ينقطع.إذاً فلا تضِقْ ذرعاً فمن المحال دوام الحال،
وأفضل العبادة: انتظار الفرج، الأيام دُوَل، والدهر قُلَّب، والليالي حُبالَى، والغيب مستور، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً: وإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح:6].
دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البالِ
ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حالِ
فكِّر واشكُر
المعنى: أن تذكر نعم الله عليك، فإذا هي تغمرك من فوقك، ومن تـحت قدميك: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34] صحة في بدن، أمن في وطن، غذاء وكساء، هواء وماء، لديك الدنيا وأنت لا تشعر، تملك الحياة وأنت لا تعلم: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان:20] عندك عينان، ولسان وشفتان، ويدان ورجلان، وأمن في أوطان: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] هل هي مسألة سهلة أن تمشي على قدميك وقد بُتِرَت أقدام؟! وأن تعتمد على ساقيك وقد قطعت سوق؟! أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير؟! وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عُكِّر عليه الطعام، ونغِّص عليه المنام بأمراض وأسقام؟!
إن الذي يعود للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلاً، وكالذي ينشر نشارة الخشب، وقديماً قالوا لمن يبكي على الماضي: (لا تخرجوا الأموات من قبورهم).
وقد ذكر من يتحدث على ألسنة البهائم، أنهم قالوا للحمار: لم لا تجتر؟ قال: أكره الكذب.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتون إلى الخلف؛ لأن الريح تتجه إلى الأمام، والماء ينحدر إلى الأمام، والقافلة تسير إلى الأمام، فلا تخالف سنة الحياة.
اصنع من الليمون شراباً حلواً
الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين.
إذا وجدت الطريق إلى ربك فقد وجدت كل شيء، وإن فقدت الإيمان به؛ فقد فقدت كل شيء، إن دعاءك ربك عبادة أخرى، وطاعة عظمى ثانية فوق حصول المطلوب، وإن عبداً يجيد فن الدعاء حري ألا يهتم ولا يغتم، ولا يحزن، ولا يقلق: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التوبة:51].
العوض من الله
لا تأسف على مصيبة، فإن الذي قدرها عنده جنة وثواب وعوض وأجر عظيم، إن أولياء الله المصابين المبتلين ينوه بهم في الفردوس سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24].
وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها، وفي خلفها الخيِّر أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157] هنيئاً للمصابين، بشرى للمنكوبين، سلام على المضطهدين.
إن عمر الدنيا قصير، وكنزها حقير، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى:17] فمن أصيب هنا كوفئ هناك، ومن تعب هنا ارتاح هناك، ومن افتقر هنا اغتنى هناك، أما المتعلقون بالدنيا، العاشقون لها، الراكنون إليها، فأشد ما على قلوبهم فوت حظوظهم منها، وتنغيص راحتهم فيها؛ لأنهم يريدونها وحدها، فلذلك تعظم عليهم المصائب، وتكبر عندهم النكبات؛ لأنهم ينظرون تحت أقدامهم، فلا يرون إلا الدنيا الفانية الزهيدة الرخيصة.
أيها المصابون: ما فات شيءٌ وأنتم الرابحون، فقد بعث لكم برسالة بين أسطرها لطف وعطف وثواب وحسن اختيار.التحلي بالصبر من شيم الأفذاذ الذين يتلقون المكاره برحابة صدر، وبقوة إرادة، وبمناعة أبية، وإن لم أصبر أنا وأنت فماذا نصنع؟!
هل عندك حل لنا غير الصبر؟! هل تعلم لنا زاداً غيره؟!
كان أحد العظماء مسرحاً تركض فيه المصائب، وميداناً تتسابق فيه النكبات، كلما خرج من نكبة دخل في أخرى، وكلما نجا من كربة تعرض لثانية، وهو متترس بالصبر، متدرع بالثقة بالله، حتى قال:
إن كان عندك يا زمان بقيةٌ مما يُهان بها الكرام فهاتِها
فجعل الله له فرجاً ومخرجا لا تحزن! لأنك بحزنك تريد إيقاف الزمن، وحبس الشمس، وإعادة عقارب الساعة، والمشي إلى الخلف، ورد النهر من مصبه.
لا تحزن! لأن الحزن كالريح الهوجاء، تفسد الهواء، وتبعثر الماء، وتغير السماء، وتهلك الحديقة الغَنَّاء.
لا تحزن! لأن المحزون كنهرٍ أحمق، ينحدر من البـحر، ويصب في البـحر، وكَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً [النحل:92] وكالنافخ في قربة مثقوبة، وكالكاتب بأُصبُعه على الماء.
لا تحزن! فإن عمرك الحقيقي سعادتك وراحة بالك، فلا تنفق أيامك في الحزن، ولا تبذر لياليك في الهم، ولا توزع ساعاتك على الغم، ولا تسرف في إضاعة حياتك، فإن الله لا يحب المسرفين.
عَسى فرجٌ يكون عَسى نعلِّل نفسَنا بِعَسى
فلا تقنط وإن لاقيت هماً يقضب النفَسا
فأقرب ما يكون المرء من فرج إذا يئسا
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح:6].
مقتطفات د/ عايض القرني
لاتنسوني من الدعاء
|