عرض مشاركة واحدة
قديم 21-11-2006, 08:22 AM   #33
msazb
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 2,423

 
افتراضي

هل تعلمنا درس التدخل الاصطناعي لوقف نزيف الأسواق؟


د. أحمد مفيد السامرائي
المليارات التي تبخرت خلال الاسابيع القليلة الماضية ليست بالقليلة، وان هذه المليارات بالآخر تعود الى افراد ومؤسسات، وستؤثر سلبا على العديد من المحاور الاقتصادية الاخرى، ان كان في معدل انفاق المستهلكين او في ثقة المستثمرين. كبار المستثمرين يمكن ان يعوضوا هذه الخسائر او جزءا منها، من خلال ما يمتلكه اغلبيتهم من مشاريع عقارية، وهو ما افسره بارتفاع حمى الاستثمار العقاري وارتفاع وتيرة اطلاق المشاريع العقارية في الاشهر القليلة الماضية. اما المستثمر الصغير، فهو عادة ما يمكن تسميته بالمستثمر المسكين، الذي يدفع اعلى الاسعار في الاسهم عند الشراء ويبيعها بارخص الاثمان عندما يقرر الاستسلام والبيع. ذكرت في الكثير من التقارير السابقة، بالاخص مع الاسابيع الاولى بعد موجات التصحيح الاولى، التي عمت اسواق المنطقة، بان التدخل الاصطناعي، ان كان من الحكومات او المستثمرين الكبار والمؤسسات لن يفيد، والواجب ترك الاسواق تأخذ دورتها الطبيعية. الا انه، وكما جرت العادة، فإن ما من أحد يسمع او يقرأ في اسواقنا، وتدفقت السيولة المؤسساتية الحكومية وشبه الحكومية من جهة، وارتفعت اصوات كبار المستثمرين، ومن هم ضمن قائمة اغنى الاغنياء على الصعيد العالمي، ليعلنوا امام وسائل الاعلام المختلفة وفي المنتديات والمجالس، بأنهم سيضخون المليارات في اسواق المال، ولا اخفي عليكم، فقد كنت اتفرج مذهولا لما يجري، ليس للانخفاض الحاصل في الاسواق، وهو امر كنت احذر منه طيلة عام 2006 وبشكل شبه يومي، وانما وقفت مذهولا لأجد هذا الحشد من الجهد للتدخل لوقف هبوط الاسعار، وكأن هبوط الاسهم هو امر معيب او يمس السيادة الوطنية للبلدان العربية، وتحول الى واجب وطني وقومي، ويجب على كافة الشرائح ان تتحدث ايجابا لدعم الاسواق! وهكذا تدفقت اموال وسيولة ضمن تسميات مختلفة، لترتفع الاسعار نوعا ما من مستويات القاع ضمن الجزء الاول من موجة التصحيح، وهو ارتفاع مصطنع، ادى الى عودة المضاربين والمستثمرين ليمارسوا اغلبيتهم عمليات شراء عشوائية، ادت الى تذبذب كبير في الاسواق وعدم فهم شامل لمعطياته واتجاهاته، فماذا يفسر ارتفاع اسهم قيادية لأكثر من 40% في غضون عشرة ايام فقط، ومن ثم اعادة انخفاضه، وليعود بالارتفاع وهكذا، ففي كافة اسواق العالم، ارتفاع 5 او 10% يعتبر تذبذبا هامشيا كبيرا يقلق المستثمرين، بينما نجد نسبة التذبذب تصل الى 40% وفي اسهم قيادية، وهو امر غير مقبول ويحول الاستثمار المحفظي الى استثمار محفوف بالمخاطر. التدخل الاصطناعي من جهات متعددة في موجة التصحيح الاولى، كان الفخ الذي وقع فيه الكثيرون، وهو ما يجب مساءلة من خلق هذا الارتفاع المصطنع، الذي ادى الى تدفق المستثمرين، وبالاخص صغارهم، في محاولة شراء لغرض التعويض، بينما كان الحل المثالي القيام بعمليات انتقاء للاسهم والتسوق بكل راحة بال لأسهم معينة ضمن كميات صغيرة لغرض التجميع وبناء محفظة متكاملة بأسعار اكثر عقلانية للمدى البعيد. ولا يمكن ان ننسى، أن لكل اقتصاد، اسهم، مشتقات مالية، عقارا، وغيرها من الادوات الاستثمارية، يكون لها دورات خاصة بها، قد تطول او تقصر، الا انها يجب ان تمر بها جميعا، ما بين نمو وهبوط، كساد وانتعاش، انفجار وانكماش، وهي تصحح نفسها بنفسها، وعلى المستثمرين ان يقرأوا ويحللوا معطيات كل حالة ومرحلة ليتمكنوا في اي جزء من الدورة، التي يمرون بها والتي تعقبها، الا ان المشكلة الكبرى في اسواقنا هي عدم وجود كثيرين يمكنهم القراءة، والقلة المتبقية لا ترغب بالقراءة وتفضل الاعتماد على حظها بدلا من بذل بعض الجهد للتدقيق والاستقراء. الانخفاضات الكبيرة التي شهدتها الاسواق، في المرحلة التصحيحية الاولى، كانت اكثر منطقية وحاجة عن المرحلة التصحيحية الثانية، التي حدثت في الآونة الاخيرة، والتي لا يمكن ان نقول انها غير مقنعة تماما، لكن كان يمكن تفاديها. فالاولى كانت من اجل اعادة اسعار قيم الاسهم الى مستويات منطقية، بعدما وصلت الى حدود غير طبيعية، ولا تتناسب مع محددات النمو والارباح والانتعاش الاقتصادي الحاصل. فتراجعت الاسعار الى مستويات اكثر عقلانية بعدها، منها اسواق وصلت الى مستويات دون المستويات العادلة، اخرى ظلت فوق القيم العادلة لكنها افضل من الفترات التي سبقتها، فيما تداولت اسواق اخرى ضمن مستويات عادلة اكثر عقلانية. وبعد عدة اسابيع من السكون، عاد المضاربون ليرفعوا الاسعار مجددا، مما دفع الاسواق الى ركوب الموجة مرغمة، مدعومة باموال حكومية وضغط مؤسساتي، وبعد فترة انقطاع تلك المؤثرات، ذهبت الاسواق الى الاتجاه الطبيعي التي تأخذها في اي مجرى ودورة اقتصادية في اي بقعة من العالم. مديرو المحافظ، اعانهم الله، فالمحترفون منهم، الذين اعرف الكثير منهم شخصيا والعاملون في كبريات مؤسسات بيوت الاستثمار في المنطقة، يدركون ان التصحيح كان امرا لا محال منه، وان هبوط الاسواق قد يستمر لعدة اشهر واحيانا سنوات، خاصة بعد موجة ارتفاع حادة يومية لمدة ثلاث سنوات متتالية. بالتالي، هناك خطط استثمارية محفظية دفاعية، والدفاعية في العالم الغربي يعني تقليل الخسائر والمحافظة قدر الامكان على قيمة المحفظة، بينما في منطقتنا، وبالنظر لما تعود عليه المستثمرون من ارباح مستمرة مرتفعة، فإن حصولهم على عائد 5% كنتاج استثمار دفاعي لا يعتبر مقبولا، فيريدون ان يحققوا 20-30% على الاقل في حالة الدفاع! واغلبية مستثمري اسواقنا يعتقدون انهم الافضل في ادارة اموالهم في الاسواق، بالتالي يتخذون ويضغطون على مديري المحافظ للقيام بخطوات غير صحيحة بناء على مؤشرات السوق اليومية، متناسين اهمية النظر الى الاستثمار المحفظي كجزء من محفظة اكبر تضم استثماراتهم العقارية، البنكية،التجارية وغيرها. وماذا عن الغد؟ فإن الغد القريب قبل 2006 لن يتغير، واي تغيير سيظل ضمن هوامش اعتيادية، اما الغد الابعد فهو الاكثر اشراقا، ومن اجل الحصول على بريق منه، يجب التقاط بعض الاسهم بشكل انتقائي ومدروس مبني على بحوث صادرة من مؤسسات مالية ريادية، وان تكون دراسة نتائج الاستثمار ليس باداء هذا السهم او ذاك خلال يوم او يومين، انما بعد ستة اشهر، على اقل تقدير، للنظر ودراسة نتائج ما تم شراؤه اليوم.
* خبير مالي واقتصادي

.
msazb غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس