عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2006, 04:22 AM   #25
msazb
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 2,423

 
افتراضي

المقال
العلاقة بين السعودة والوظيفة الحكومية؟


صالح السلطان*
استوقفتني كلمة "أسف" في بيان لوزارة العمل جاء فيه:
"وأوضحت الوزارة ان الفرصة مواتية لتوظيف أعداد أكبر من طالبي العمل في القطاع الخاص. لأن هناك وظائف كثيرة لا تزال متاحة لدى مكاتب العمل في جميع مناطق المملكة، كما لاحظت الوزارة وبكل أسف أن كثيرا من المواطنين لا يسعون إلى الاستفادة من هذه الفرص مفضلين الانتظار للحصول على وظائف في القطاع الحكومي، بدلاً من القطاع الخاص، بمبررات مثل مستوى الأجر والاستقرار الوظيفي وغير ذلك من المبررات الأخرى ...".

البيان نشرته جريدة "الرياض" في عددها الصادر يوم الثلاثاء 14جمادى الأولى 1426( 21يونيو 2005). ومن يقرأ أو يستمع إلى تصريحات مسؤولي الوزارة اللاحقة يفهم أن التفكير لم يتغير، وهذا مبرر لإثارة الموضوع رغم مرور اكثر من سنة عليه.

علام الأسف؟ صدور الأسف يدل على جهل أو تجاهل لمبادئ بسيطة للسلوك الاقتصادي.

يسعى كل فرد إلى الحصول على أفضل الأسعار. هذا المبدأ البديهي، لا ينطبق فقط على المستهلكين، بل ينطبق على أصحاب الأعمال والشركات والمؤسسات عند وضعها سياسات التوظيف، واستئجار القوى البشرية، وينطبق أيضا على الراغبين في الحصول على عمل. الجميع يبحث عن أفضل الأسعار.

البحث عن أفضل الأسعار بالنسبة للأخيرين (أعني الراغبين في الحصول على وظيفة) يعني البحث عن أفضل المستحقات من رواتب وغيرها، مأخوذا بعين الاعتبار عوامل ذات صلة في تقييم المستحقات مثل مقدار الأجر، ودرجة الاستقرار الوظيفي، وطول الدوام ونوعية العمل...الخ.

أفضل سعر لا يكون في العادة متاحا فورا، بل يتطلب بعض الوقت للبحث عنه، وكلما كان التفاؤل أكبر بالحصول على هذه السعر الأفضل كلما كان الحافز على البحث والانتظار أقوى. هذه مبادئ تحكم سوق العمل (تماما مثلما تحكم سوق السلع والخدمات الأخرى).

فهم هذه المبادئ والاقتناع بها لا يتطلب دراسة أكاديمية في الاقتصاد، ولا خبرات علمية، لانها تصرفات تتفق مع السلوك البشري العادي، ونمارسها يوميا في حياتنا.

وباختصار فإن البحث عن أفضل الأسعار ليس مجرد نظرية، بل هو تصرف طبيعي، وقانون يحكم سلوك الانسان العاقل.

ماذا يعني ذلك بالنسبة لبيان وزارة العمل؟

المبررات التي تأسف عليها بيان وزارة العمل هي مبررات أساسية عند البشر حال البحث عن وظيفة، وليس من المقبول بتاتا من الوزارة أن تتأسف على سلوكيات منطقية يمارسها الجميع بما ذلك من ساهموا في صياغة البيان من موظفي الوزارة.

من عوامل نجاح سياسات واستراتيجيات وسياسات العمل والتوظيف مراعاتها للسلوك الطبيعي أو المتوقع، وابتعادها عن المثاليات.

تكالب كثير من المواطنين على الوظيفة الحكومية يتفق مع السلوك الطبيعي، وهذا التكالب يدل على وجود تجزئة في سوق العمل.

تجزئة سوق العمل تعني وجود سوق عمل مجزأ إلى جزئين أو أكثر، لكل جزء ظروف سوقية (أجور وساعات عمل وأمان وظيفي ...الخ)، تتفاوت فيما بينها تفاوتا جوهريا دون مبرر. وتستند التجزئة على أساس قطاعي أو جنسي أو عرقي أو اقليمي أو ديني ونحو ذلك. من أوضح أمثلة تجزئة سوق العمل وجود قطاع حكومي بظروف سوقية تختلف اختلافا بينا عن ظروف سوق العمل في القطاعات الأخرى غير الحكومية.

التحليل الاقتصادي لسوق العمل يبين أن تجزئة سوق العمل تضر بالاقتصاد أكثر مما تنفع، فهي على سبيل المثال تخلق أو تعمق مشكلات اقتصادية هيكلية تأثيرها بعيد المدى على الانتاجية والتوظيف (وعكسها البطالة) وتوزيع الموارد وعدالة الفرص. ونظرا لهذه الأضرار فإن دولا كثيرة تسن تشريعات للحد منها.

المطلوب تقليل الفروق بين نظامي العمل والخدمة المدنية.


متخصص في الاقتصاد الكلي والمالية العامة - دكتوراه
msazb غير متواجد حالياً